المؤلفات » مناسك الحج و ملحقاتها ـ الطبعة الجديدة (1431 هـ) النجف الأشرف
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وآله الطيبين الطاهرين الغر الميامين.
وبعد: فان هذه رسالة (مناسك الحج) لسماحة السيد السيستاني (دام ظله) ومعها مجموعة من الأسئلة الفقهية المتعلقة بالنسكين (الحج والعمرة) مع أجوبتها في ضوء فتاوى سماحته (دام ظله).
وهي مجموعة مختارة من عدد كبير من الاستفتاءات التي وجهت إلى سماحته (دام ظله) خلال السنوات الماضية وقد روعي في اختيارها ــ في الغالب ــ ان تتكفل الاجابة عن المسائل المستجدة وبعض ما لم يذكر حكمها صريحاً في رسالة (مناسك الحج).
وقد ارتأينا ونحن نعدها للطبع ــ استجابة لطلب جمع من الاخوة المؤمنين ــ ان نتصرف في تعابير بعض الاسئلة ونعيد صياغتها بما يجعلها اكثر وضوحاً وأوفى مضموناً، كما اختصرنا بعضها الآخر ـــ بحذف بعض الخصوصيات غير الدخيلة في الجواب ــ لتكون اقرب إلى العمومية والشمول مع عدم المساس بجوهرها البتة.
آملين ان يجعل الله تبارك وتعالى عملنا هذا خالصاً لوجهه الكريم وينفع به اخواننا المؤمنين انه نعم المولى ونعم الوكيل.
مكتب
سماحة السيد السيستاني
النجف الأشرف
27/جمادى الآخرة/1430هـ
القسم {1} وجوب الحج وشؤونه وواجباته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين.
وجوب الحجّ
يجب الحجّ على كلّ مكلّف جامع للشرائط الآتية، ووجوبه ثابت بالكتاب والسنة القطعية.
والحجّ ركن من أركان الدين، ووجوبه من الضروريات، وتركه - مع الاعتراف بثبوته - معصية كبيرة ، كما أن إنكار أصل الفريضة - إذا لم يكن مستنداً إلى شبهة- كفر.
قال الله تعالى في كتابه المجيد :[وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حجّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ومَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ].
وروى الشيخ الكليني - بطريق معتبر - عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: من مات ولم يحجّ حجّة الاسلام، لم يمنعه من ذلك حاجة تجحف به، أو مرض لا يطيق فيه الحجّ، أو سلطان يمنعه، فليمت يهودياً أو نصرانياً.
وهناك روايات كثيرة تدل على وجوب الحجّ والاهتمام به لم نتعرّض لها طلباً للاختصار(1)، وفيما ذكرناه من الآية الكريمة والرواية كفاية للمراد .
واعلم أن الحجّ الواجب على المكلّف - في أصل الشرع(2) - إنما هو مرّة واحدة، ويسمّى ذلك بـ"حجّة الاسلام" .
مسألة 1: وجوب الحجّ بعد تحقق شرائطه فوريّ(3)، فيلزم الإتيان به في العام الأول للاستطاعة، فإن تركه فيه ففي العام الثاني وهكذا.
ولكن في كون فوريّته شرعية - كما لعلّه المشهور- أو عقليّة من باب الاحتياط- لئلاّ يلزم الإخلال بالواجب من دون عذر فيستحق عليه العقاب- وجهان: أحوطهما الأول، وأقواهما الثاني، فإذا لم يبادر إليه من دون الوثوق بإتيانه بعد ذلك كان متجرّياً إذا أتى به من بعدُ، وعاصياً ومرتكباً للكبيرة إذا لم يُوفّق له أصلاً.
مسألة 2: إذا وجب الخروج إلى الحجّ وجب تحصيل مقدّماته وتهيئة وسائله على وجهٍ يتمكّن من إدراكه في وقته، ولو تعدّدت الرفقة ووثق بإدراك الحجّ لو خرج مع أي منها تخيّر، وإن كان الأولى أن يختار أوثقها إدراكاً.
ولو وجد واحدة يثق بإدراك الحجّ معها، لم يجز له التأخير في الخروج إلاّ مع الوثوق بحصول أُخرى، وتمكّنه من المسير وإدراك الحجّ معها أيضاً.
وهكذا الحال في سائر خصوصيات الخروج، ككونه من طريق البرّ أو الجوّ أو البحر ونحو ذلك.
مسألة 3 : إذا حصلت الاستطاعة ووجبت المبادرة إلى أداء الحجّ في عام حصولها فتأخّر في الخروج للوثوق بإدراكه مع التأخير أيضاً، ولكن اتّفق أنه لم يدركه بسبب ذلك، كان معذوراً في تأخيره، ولا يستقرّ عليه الحجّ على الأظهر.
وهكذا الحال في سائر موارد حصول العجز عن إدراك الحجّ بسبب الطوارئ والمصادفات الخارجية من دون تفريط منه.
[فصل 1] شرائط وجوب حجّة الإسلام
[فصل 1]
شرائط وجوب حجّة الإسلام
الشرط الأول: البلوغ.
فلا يجب الحجّ على غير البالغ، وإن كان مراهقاّ، ولو حجّ الصبيّ لم يجزئه عن حجّة الاسلام وإن كان حجّه صحيحاً على الأظهر.
مسألة 4: إذا خرج الصبيّ إلى الحجّ فبلغ قبل أن يحرم من الميقات وكان مستطيعاً - ولو من موضعه- فلا إشكال في أن حجّه حجّة الاسلام .
وإذا أحرم فبلغ بعد إحرامه قبل الوقوف بالمزدلفة أتمّ حجّه وكان حجّة الاسلام أيضاً على الأقوى.
مسألة 5: إذا حجّ ندباً معتقداً بأنّه غير بالغ، فبان بعد أداء الحجّ أو في أثنائه بلوغه، كان حجّه حجّة الاسلام فيجتزئ به.
مسألة 6: يستحبّ للصبيّ المميّز أن يحجّ، ولكنّ المشهور أنّه يشترط في صحته إذن الوليّ، وهو غير بعيد(1).
مسألة 7: لا يعتبر إذن الأبوين في صحّة حجّ البالغ مطلقاً.
نعم، إذا أوجب خروجه إلى الحجّ المندوب أذيّة أبويه أو أحدهما شفقةً عليه من مخاطر الطريق مثلاً لم يجز له الخروج.
مسألة 8: يستحبّ للوليّ إحجاج الصبيّ غير المميّز- وكذا الصبيّة غير المميّزة - وذلك بأن يلبسه ثوبي الإحرام ويأمره بالتلبية ويلقّنه إيّاها - إن كان قابلاً للتلقين وإلاّ لبّى عنه- ويجنّبه عمّا يجب على المحرم الاجتناب عنه، ويجوز أن يؤخّر تجريده عن المخيط وما بحكمه إلى فخ- إذا كان سائراً من ذلك الطريق - ويأمره بالاتيان بكل ما يتمكّن منه من أفعال الحجّ، وينوب عنه فيما لا يتمكّن(2)، ويطوف به، ويسعى به بين الصفا والمروة، ويقف به في عرفات والمشعر، ويأمره بالرمي إن قدر عليه، وإلاّ رمى عنه، وكذلك صلاة الطواف، ويحلق رأسه، وكذلك بقية الأعمال.
مسألة 9: لا بأس بأن يحرم الوليّ بالصبيّ وإن كان نفسه مُحلاً.
مسألة 10: الأظهر أن الوليّ الذي يستحبّ له إحجاج الصبيّ غير المميّز هو كلّ من له حقّ حضانته من الأبوين أو غيرهما بتفصيل مذكور في كتاب النكاح(3).
مسألة 11: نفقة حجّ الصبيّ فيما يزيد على نفقة الحضر على الوليّ لا على الصبيّ. نعم، إذا كان حفظ الصبيّ متوقفاً على السفر به، أو كان السفر مصلحة له، كانت نفقة أصل السفر في ماله لا نفقة الحجّ به لو كانت زائدة عليه.
مسألة 12: ثمن هدي الصبيّ غير المميّز على الوليّ ، وكذا كفّارة صيده، وأما الكفّارات التي تجب عند الإتيان بموجبها عمداً فالظاهر أنّها لا تجب بفعل الصبيّ - وإن كان مميّزاً - لا على الوليّ ولا في مال الصبيّ.
الشرط الثاني: العقل.
فلا يجب الحجّ على المجنون(4)، نعم إذا كان جنونه أدوارياً ووفى دور إفاقته بالاتيان بمناسك الحجّ ومقدّماتها غير الحاصلة، وكان مستطيعاً، وجب عليه الحجّ وإن كان مجنوناً في بقيّة الأوقات، كما أنّه لو علم بمصادفة دور جنونه لأيّام الحجّ دائماّ وجبت عليه الاستنابة له حال إفاقته.
الشرط الثالث: الحريّة.
الشرط الرابع: الاستطاعة.
ويعتبر فيها أمور:
الأول: السعة في الوقت، ومعنى ذلك وجود القدر الكافي من الوقت للذهاب إلى الأماكن المقدّسة والقيام بالأعمال الواجبة فيها.
وعليه، فلا يجب الحجّ إذا كان حصول المال أو توفر سائر الشرائط في وقت لا يسع للذهاب إليها وأداء مناسك الحجّ، أو أنّه يسع ذلك ولكن بمشقّة شديدة لا تتحمل عادة.
وحكم ذلك من حيث وجوب التحفّظ على المال إلى السنة القادمة وعدمه يظهر مما يأتي في المسألة39.
الثاني : صحّة البدن وقوّته، فلو لم يقدر- لمرض أو هرم - على قطع المسافة إلى الأماكن المقدّسة، أو لم يقدر على البقاء فيها بمقدار أداء أعمالها لشدّة الحرّ مثلاً، أو كان ذلك حرجيّاً عليه، لم يجب عليه الحجّ مباشرة، ولكن تجب عليه الاستنابة على ما سيجئ تفصيله في المسألة 63.
الثالث: تخلية السرب(5)، ويقصد بها أن يكون الطريق مفتوحاً ومأموناً، فلا يكون فيه مانع لا يمكن معه من الوصول إلى الميقات أو إلى الأراضي المقدّسة، وكذا لا يكون خطراً على النفس أو المال أو العرض، وإلاّ لم يجب الحجّ.
هذا في الذهاب، وأما الإياب ففيه تفصيل يأتي نظيره في نفقة الإياب في المسألة 22.
وإذا عرض على المكلّف بعد تلبّسه بالاحرام ما يمنعه من الوصول إلى الأماكن المقدّسة من مرض أو عدوّ أو نحوهما فله أحكام خاصّة ستأتي إن شاء الله تعالى في بحث المصدود والمحصور.
مسألة 13: إذا كان للحجّ طريقان أبعدهما مأمون والأقرب غير مأمون لم يسقط وجوب الحجّ ، بل وجب الذهاب من الطريق المأمون وإن كان أبعد.
نعم، إذا استلزم ذلك الدوران في البلاد كثيراً بحيث لا يصدق عرفاً أنّه مخلّى السرب، لم يجب عليه الحجّ.
مسألة 14: إذا كان له في بلده مال يتلف بذهابه إلى الحجّ، وكان ذلك مجحفاً بحاله، لم يجب عليه الحجّ.
وإذا استلزم الإتيان بالحجّ ترك واجب أهم من الحجّ - كإنقاذ غريق أو حريق - أو مساوٍ له، تعيّن ترك الحجّ والإتيان بالواجب الأهمّ في الصورة الأولى، ويتخيّر بينهما في الصورة الثانية، وكذلك الحال فيما إذا توقّف أداء الحجّ على ارتكاب محرّم كان الاجتناب عنه أهمّ من الحجّ أو مساوياً له.
مسألة 15: إذا حجّ مع استلزام حجّه ترك واجب أهمّ أو ارتكاب محرّم كذلك، فهو وإن كان عاصياً من جهة ترك الواجب أو فعل الحرام، إلاّ أن الظاهر أنّه يجزئ عن حجّة الاسلام إذا كان واجداً لسائر الشرائط، ولا فرق في ذلك بين من كان الحجّ مستقرّاً عليه ومن كان أول سنة استطاعته(6).
مسألة 16: إذا كان في الطريق عدوّ لا يمكن دفعه إلا ببذل المال له، فإن كان بذله مجحفاً بحاله لم يجب عليه ذلك، وسقط وجوب الحجّ، وإلاّ وجب.
نعم، لا يجب بذل المال لأجل استعطافه حتى يفتح الطريق ويخلّي السرب.
مسألة 17: لو انحصر الطريق بالبحر مثلاً، واحتمل في ركوبه الغرق أو المرض أو نحوهما احتمالاً عقلائياً، أو كان موجباً للقلق والخوف الذي يعسر عليه تحمّله ولا يتيسّر له علاجه، سقط عنه وجوب الحجّ، ولكن لو حجّ مع ذلك صحّ حجّه على الأظهر(7).
الرابع: النفقة، ويعبّر عنها بالزاد والراحلة(8)، ويقصد بالزاد: كلّ ما يحتاج إليه في سفره من المأكول والمشروب وغيرهما من ضروريات ذلك السفر، ويراد بالراحلة: الوسيلة النقليّة التي يستعان بها في قطع المسافة، ويعتبر فيهما أن يكونا ممّا يليق بحال المكلّف، ولا يشترط وجود أعيانهما، بل يكفي وجود مقدار من المال ( النقود أو غيرها ) يمكن أن يصرف في سبيل تحصيلهما.
مسألة 18: يختصّ اشتراط وجود الراحلة بصورة الحاجة إليها، لا مطلقاً ولو مع عدم الحاجة، كما إذا كان قادراً على المشي من دون مشقة ولم يكن منافياً لشرفه.
مسألة 19 : العبرة في الزاد والراحلة بوجودهما فعلاً، فلا يجب على من كان قادراً على تحصيلهما بالاكتساب ونحوه، ولا فرق في اشتراط وجود الراحلة مع الحاجة إليها بين القريب والبعيد.
مسألة 20: الاستطاعة المعتبرة في وجوب الحجّ إنما هي الاستطاعة من مكانه لا من بلده، فإذا ذهب المكلّف إلى بلد آخر للتجارة أو لغيرها وكان له هناك ما يمكن أن يحجّ به من الزاد والراحلة، أو ما يفي بتحصيلهما من النقود ونحوها، وجب عليه الحجّ، وإن لم يكن مستطيعاً من بلده(9).
مسألة 21: إذا كان للمكلّف ملك ولم يوجد من يشتريه بثمن المثل، وتوقّف الحجّ على بيعه بأقل منه وجب البيع وإن كان أقلّ منه بمقدار معتدّ به إلاّ أن يكون مجحفاً بحاله.
وإذا ارتفعت الأسعار فكانت أجرة المركوب مثلاً في سنة الاستطاعة أكثر منها في السنة الآتية، لم يجز التأخير لمجرّد ذلك بعد فرض وجوب المبادرة فيها إلى الحجّ.
مسألة 22: إنّما يعتبر وجود نفقة الإياب(10) في وجوب الحجّ فيما إذا أراد المكلّف العود إلى وطنه، وأمّا إذا لم يرد العود وأراد السكنى في بلد آخر غير وطنه، فلا بُدّ من وجود النفقة إلى ذلك البلد، ولا يعتبر وجود مقدار العود إلى وطنه.
نعم، إذا كان الذهاب إلى البلد الذي يريد السكنى فيه أكثر نفقة من الرجوع إلى وطنه، لم يعتبر وجود النفقة إلى ذلك المكان، بل يكفي في الوجوب وجود مقدار العود إلى وطنه إلاّ مع الاضطرار إلى السكنى فيه.
الخامس: الرجوع إلى الكفاية، وهو التمكن بالفعل أو بالقوّة من إعاشة نفسه وعائلته بعد الرجوع إذا خرج إلى الحجّ وصرف ما عنده في نفقته، بحيث لا يحتاج إلى التكفّف ولا يقع في الشدّة والحرج(11).
وبعبارة واضحة: يلزم أن يكون المكلّف على حالة لا يخشى معها على نفسه وعائلته من العوز والفقر بسبب الخروج إلى الحجّ أو صرف ما عنده من المال في سبيله.
وعليه، فلا يجب الحجّ على من كان كسوباً في خصوص أيّام الحجّ، بحيث لو ذهب إلى الحجّ لا يتمكّن من الكسب ويتعطّل أمر معاشه في سائر أيّام العام أو بعضها.
كما لا يجب على من يملك مقداراً من المال يفي بمصارف الحجّ وكان ذلك وسيلة لإعاشته وإعاشة عائلته، مع العلم بأنّه لا يتمكّن من الإعاشة عن طريق آخر يناسب شأنه.
فبذلك يظهر أنّه لا يجب بيع ما يحتاج إليه في ضروريّات معاشه من أمواله، ولا ما يحتاج إليه منها ممّا يكون لائقاً بحاله لا أزيد- كمّاً أو كيفاً(12)- فلا يجب بيع دار سكناه وثياب تجمّله وأثاث بيته إذا كانت كذلك، ولا آلات الصنائع التي يحتاج إليها في معاشه، ونحو ذلك مثل الكتب بالنسبة إلى أهل العلم ممّا لا بُدّ منه في سبيل تحصيله.
وعلى الجملة، لا يكون الانسان مستطيعاً للحجّ إذا كان يملك فقط ما يحتاج إليه في حياته، وكان صرفه في سبيل الحجّ موجباً للعسر والحرج.
نعم، لو زادت الأموال المذكورة عن مقدار الحاجة بقدر نفقة الحجّ - ولو بضميمة ما لديه من غيرها- لكان مستطيعاً، فيجب عليه أداء الحجّ ولو ببيع الزائد وصرف ثمنه في نفقته.
بل من كان عنده دار قيمتها عشرة آلاف دينار - مثلاً -ويمكنه بيعها وشراء دار أُخرى بأقلّ منها من دون عسر وحرج وجب عليه الحجّ إذا كان الزائد- ولو بضميمة غيره - وافياً بمصارف الحجّ ذهاباً وإياباً وبنفقة عياله.
[مسائل في الاستطاعة المالية]
[مسائل في الاستطاعة المالية]
مسألة 23: إذا كان عنده مال لا يجب بيعه في سبيل الحجّ لحاجته إليه ثم استغنى عنه وجب عليه الذهاب إلى الحجّ ولو ببيعه وصرف ثمنه في نفقته، مثلاً: إذا كان للمرأة حلي تحتاج إليه ولا بُدّ لها منه، ثم استغنت عنه لكبرها أو لأمرٍ آخر، وجب عليها أداء فريضة الحجّ ولو توقّف ذلك على بيعها.
مسألة 24: إذا كانت له دار مملوكة، وكانت بيده دار أُخرى يمكنه السكنى فيها - كما إذا كانت موقوفة تنطبق عليه- ولم يكن في ذلك حرج عليه، ولا في معرض قصر يده عنها، وجب عليه أداء الحجّ ولو ببيع الدار المملوكة، وصرف ثمنها في نفقته إذا كان وافياً بمصارف الحجّ ولو بضميمة ما عنده من المال، ويجري ذلك في الكتب العلمية وغيرها ممّا يحتاج إليه في حياته.
مسألة 25: إذا كان عنده مقدار من المال يفي بمصارف الحجّ وكان بحاجة إلى الزواج أو شراء دار لسكناه أو غير ذلك ممّا يحتاج إليه، فإن كان صرف ذلك المال في الحجّ موجباً لوقوعه في الحرج لم يجب عليه الحجّ، وإلاّ وجب عليه(1).
مسألة 26: إذا كان ما يملكه دَيناً على ذمّة شخص، وكان محتاجاً إليه في تمام نفقة الحجّ أو في بعضها، فإن كان الدَين حالاً والمدين باذلاً عُدّ مستطيعاً، ووجب عليه أداء الحجّ ولو بمطالبة دَينه وصرفه في نفقته.
وكذا إذا كان المدين مماطلاً وأمكن إجباره على الأداء ولو بالرجوع إلى المحاكم الحكومية، أو كان جاحداً وأمكن إثباته وأخذه أو التقاصّ منه، أو كان الدَين مؤجّلاً وبذله المدين من قبل نفسه قبل حلول الأجل، دون ما إذا توقّف بذله على مطالبة الدائن مع فرض كون التأجيل لمصلحة المدين كما هو الغالب.
وأما إذا كان المدين معسراً أو مماطلاً ولا يمكن إجباره، أو كان الاجبار حرجيّاً عليه، أو كان منكراً ولا يمكن إثباته ولا التقاصّ منه، أو كان ذلك مستلزماً للحرج والمشقّة، أو كان الدَين مؤجّلاً والتأجيل لمصلحة المدين ولم يبذل الدَين قبل حلول الأجل، ففي جميع ذلك إن أمكن بيع الدَين بأقلّ منه- ما لم يكن مجحفاً بحاله- بشرط وفائه بمصارف الحجّ ولو بضميمة ما عنده من المال، وجب عليه الحجّ، وإلاّ لم يجب.
مسألة 27: كلّ ذي حرفة كالحدّاد والبنّاء والنجّار وغيرهم ممّن يفي كسبهم بنفقتهم ونفقة عوائلهم يجب عليهم الحجّ إذا حصل لهم مقدار من المال بإرثٍ أو غيره وكان وافياً بالزاد والراحلة ونفقة العيال مدّة الذهاب والإياب.
مسألة 28: من كان يرتزق من الوجوه الشرعية كالخمس والزكاة وغيرهما(2)، وكانت نفقاته بحسب العادة مضمونة من دون مشقّة، لا يبعد وجوب الحجّ عليه فيما إذا ملك مقداراً من المال يفي بذهابه وإيابه ونفقة عائلته، وكذلك من قام أحد بالانفاق عليه طيلة حياته، وكذلك كلّ من لا يتفاوت حاله قبل الحجّ وبعده من جهة المعيشة إن صرف ما عنده في سبيل الحجّ.
مسألة 29: إذا انتقل إليه ما يفي بمصارف الحجّ بملكيّة متزلزلة فالظاهر كفاية ذلك في تحقّق الاستطاعة المعتبرة في وجوب الحجّ، إذا كان قادراً على إزالة حق المنتقل عنه في الفسخ بالتصرّف الناقل أو المغيّر في المال- كما في موارد الهبة الجائزة- وإلاّ فالاستطاعة تكون مراعاةً بعدم فسخ من انتقل عنه، فلو فسخ قبل تمام الأعمال أو بعده كشف ذلك عن عدم تحقق الاستطاعة من الأول والظاهر أنّه لا يجب الخروج إلى الحجّ في هذا النحو من الملكيّة المتزلزلة إلاّ مع الوثوق بعدم طروء الفسخ، ولا يكفي مجرّد احتمال عدمه.
مسألة 30: لا يجب على المستطيع أن يحجّ من ماله، فلو حجّ متسكّعاً أو من مال شخص آخر ولو غصباً أجزأه.
نعم، إذا كان ساتره في الطواف أو في صلاة الطواف مغصوباً فالأحوط وجوباً أن لا يجتزئ به، ولو كان ثمن هديه مغصوباً لم يجزئه إلاّ إذا اشتراه بثمن في الذمّة ووفاه من المغصوب.
مسألة 31: لا يجب على المكلّف تحصيل الاستطاعة بالاكتساب أو غيره، فلو وهبه أحد مالاً هبة مطلقة يستطيع به لو قبله لم يلزمه القبول، وكذلك لو طلب منه أن يؤجر نفسه للخدمة بما يصير به مستطيعاً ولو كانت الخدمة لائقة بشأنه.
نعم، لو آجر نفسه للخدمة في طريق الحجّ واستطاع بذلك وجب عليه الحجّ.
مسألة 32: إذا آجر نفسه للنيابة عن الغير في الحجّ واستطاع بمال الإجارة(3) قدّم الحجّ النيابي إذا كان مقيّداً بالسنة الحالية، فإن بقيت الاستطاعة إلى السنة القادمة وجب عليه الحجّ وإلاّ فلا، وإن لم يكن الحجّ النيابي مقيّداً بالسنة الفعلية قدّم الحجّ عن نفسه إلاّ إذا وثق بأدائه في عام لاحق.
مسألة 33: إذا اقترض مقداراً من المال يفي بمصارف الحجّ لم يجب عليه الحجّ وإن كان قادراً على وفائه بعد ذلك، إلاّ إذا كان مؤجّلاً بأجل بعيد جداً لا يعتني العقلاء بمثله.
مسألة 34: إذا كان عنده ما يفي بنفقات الحجّ وكان عليه دَين مستوعب لما عنده من المال أو كالمستوعب - بأن لم يكن وافياً لنفقاته لو اقتطع منه مقدار الدَين - لم يجب عليه الحجّ على الأظهر(4).
ولا فرق في الدَين بين أن يكون حالاً(5) أو مؤجّلاً، إلاّ إذا كان مؤجّلاً بأجل بعيد جداً(6) - كخمسين سنة مثلاً - ممّا لا يعتني بمثله العقلاء، كما لا فرق فيه بين أن يكون سابقاً على حصول المال، أو بعد حصوله بلا تقصير منه.
مسألة 35: إذا كان عليه خمس أو زكاة وكان عنده مقدار من المال ولكن لا يفي بمصارف الحجّ لو أدّاهما وجب عليه أداؤهما، ولم يجب عليه الحجّ، ولا فرق في ذلك بين أن يكون الخمس والزكاة في عين المال أو يكونا في ذمته.
مسألة 36: إذا وجب عليه الحجّ وكان عليه خمس أو زكاة أو غيرهما من الحقوق الواجبة(7) لزمه أداؤها ولم يجــــز له تأخيره لأجل السفر إلى الحجّ(8)، ولو كان ساتـره في الطــــواف أو في صلاة الطواف أو ثمن هديه من المال الذي تعـــلّق به الخمس أو نحوه من الحقوق فحكمه حكم المغصوب وقد تقـــدّم في المسألة 30(9).
مسألة 37: إذا كان عنده مقدار من المال ولكنه لا يعلم بوفائه بنفقات الحجّ وجب عليه الفحص على الأحوط.
مسألة 38: إذا كان له مال غائب يفي بنفقات الحجّ منفرداً أو منضمّاً إلى المال الموجود عنده، فإن لم يكن متمكّناً من التصرّف في ذلك المال ولو بتوكيل من يبيعه هناك لم يجب عليه الحجّ، وإلاّ وجب.
مسألة 39: إذا حصل عنده ما يفي بمصارف الحجّ وجب عليه الحجّ إذا كان متمكّناً من المسير إليه في أوانه ، فلو تصرف فيه بما يخرجه عن الاستطاعة ولا يمكنه التدارك استقرّ الحجّ في ذمّته، إذا كان محرزاً لتمكنه من المسيرإليه في وقته دون ما إذا لم يكن محرزاً لذلك على الأظهر(10).
وفي الصورة الأولى إذا تصرف في المال على النحو المذكور، كما لو باعه محاباة أو وهبه بلا عوض حكم بصحة التصرّف ، وإن كان آثماً بتفويته الاستطاعة إذا لم يكن قادراً على أداء الحجّ ولو متسكّعاً.
مسألة 40: الظاهر أنّه لا يعتبر في الزاد والراحلة ملكيتهما، فلو كان عنده مال أُبيح له التصرّف فيه وجب عليه الحجّ إذا كان وافياً بنفقات الحجّ مع وجدان سائر الشروط.
نعم، لا يجب الخروج إلاّ إذا كانت الإباحة لازمة أو وثق باستمرارها.
مسألة 41: كما يعتبر في وجوب الحجّ وجود الزاد والراحلة حدوثاً، كذلك يعتبر بقاءاً إلى إتمام الأعمال، فإن تلف المال قبل خروجه أو في أثناء الطريق لم يجب عليه الحجّ، وكشف ذلك عن عدم الاستطاعة من أول الأمر، ومثل ذلك ما إذا حدث عليه دَين قهري، كما إذا أتلف مال غيره خطأ فصار ضامناً له ببدله.
نعم، الاتلاف العمدي لا يسقط وجوب الحجّ، بل يبقى الحجّ في ذمته مستقرّاً، فيجب عليه أداؤه ولو متسكّعاً.
هذا، وإذا تلفت بعد تمام الأعمال أو في أثنائها(11) مؤونة عوده إلى بلده، أو تلف ما به الكفاية من ماله في بلده، فهو لا يكشف عن عدم الاستطاعة من أول الأمر، بل يجتزئ حينئذٍ بحجّه، ولا يجب عليه الحجّ بعد ذلك.
مسألة 42: إذا كان عنده ما يفي بمصارف الحجّ لكنه جهل ذلك، أو غفل عنه، أو كان جاهلاً بوجوب الحجّ، أو غافلاً عنه، ثم علم أو تذكّر بعد أن تلف المال وزالت استطاعته، فإن كان معذوراً في جهله أو غفلته بأن لم يكن ذلك ناشئاً عن تقصيره، لم يستقر عليه الحجّ، وإلاّ فالظاهر استقرار وجوبه عليه إذا كان واجداً لسائر الشرائط حين وجوده(12).
[الاستطاعة البذلية]
[الاستطاعة البذلية]
مسألة 43: كما تتحقّق الاستطاعة بوجدان الزاد والراحلة تتحقّق ببذلهما عيناً أو ثمناً(1)، ولا فرق في ذلك بين أن يكون الباذل واحداً أو متعدّداً، فإذا عرض عليه الحجّ والتزم بزاده وراحلته ونفقة عياله ووثق بجريه على وفق التزامه وجب عليه الحجّ، وكذلك لو أُعطي مالاً ليصرفه في الحجّ وكان وافياً بمصارف ذهابه وإيابه وعياله، سواء كان ذلك على وجه الإباحة أم التمليك.
نعم، يجري في التمليك المتزلزل والإباحة غير اللازمة ما تقدم في المسألتين 29 و40.
ولو كان له بعض نفقة الحجّ فبُذل له الباقي وجب عليه الخروج أيضاً، ولو بذل له نفقة الذهاب فقط ولم يكن عنده نفقة العود لم يجب، على تفصيل تقدم في المسألة 22 وكذا إذا لم يبذل له نفقة عياله إلاّ إذا كان عنده ما يكفيهم إلى أن يعود، أو كان لا يتمكّن من نفقتهم مع ترك الحجّ أيضاً، أو لم يكن يقع في الحرج من تركهم بلا نفقة ولم يكونوا من واجبي النفقة عليه.
مسألة 44: لو أُوصي له بمال ليحجّ به وجب الحجّ عليه بعد موت الموصي إذا كان المال وافياً بمصارف الحجّ وكذا بنفقة عياله- على التفصيل المتقدم في المسألة السابقة- وكذلك لو وقف شخص لمن يحجّ أو نذر أو أوصى بذلك، وبذل له المتولّي أو الناذر أو الوصيّ وجب عليه الحجّ.
مسألة 45: لا يعتبر الرجوع إلى الكفاية - بالمعنى المتقدم - في الاستطاعة البذلية. نعم، إذا كان كسوباً في خصوص أيام الحجّ ويعيش بربحه سائر أيام السنة أو بعضها بحيث يعجز عن إدارة معاشه فيه لو خرج إلى الحجّ بالاستطاعة البذلية لم يجب عليه ذلك، إلاّ إذا بذل له نفقته فيه أيضاً. ولو كان له مال لا يفي بمصارف الحجّ وبذل له ما يتمم ذلك فالأظهر اعتبار الرجوع إلى الكفاية - بالمعنى المتقدم - في وجوب الحجّ عليه .
مسألة 46: إذا أُعطي مالاً هبة على أن يحجّ وجب عليه القبول(2)، وأما لو خيّره الواهب بين الحجّ وعدمه، أو أنه وهبه مالاً من دون ذكر الحجّ - لا تعييناً ولا تخييراً - لم يجب عليه القبول.
مسألة 47: لا يمنع الدَين من الاستطاعة البذلية(3). نعم، إذا كان الخروج إلى الحجّ منافياً لأداء الدَين في وقته، سواء كان حالاً أو مؤجّلاً، لم يجب عليه الحجّ.
مسألة 48: إذا بُذل مال لجماعة ليحجّ أحدهم فإن سبق أحدهم بقبض المال المبذول وجب عليه الحجّ دون الآخرين، ولو ترك الجميع مع تمكّن كلّ واحد منهم من القبض فالظاهر عدم استقرار الحجّ على أيّ منهم.
مسألة 49: لا يجب بالبذل إلاّ الحجّ الذي هو وظيفة المبذول له على تقدير استطاعته، فلو كانت وظيفته حجّ التمتّع فبذل حجّ القِران أو الإفراد لم يجب عليه القبول، وبالعكس، وكذلك الحال لو بذل لمن حجّ حجّة الاسلام.
وأما من استقرّت عليه حجّة الاسلام وصار معسراً فبُذل له وجب عليه القبول إذا لم يتمكّن من أدائه إلاّ بذلك، وكذلك من وجب عليه الحجّ لنذر أو شبهه ولم يتمكّن منه.
مسألة 50: لو بذل له مال ليحجّ به فتلف المال أثناء الطريق سقط الوجوب. نعم، لو كان متمكّناً من الاستمرار في السفر من ماله بأن كان مستطيعاً من موضعه وجب عليه الحجّ وأجزأه عن حجّة الاسلام، إلاّ أن الوجوب حينئذٍ مشروط بالرجوع إلى الكفاية.
مسألة 51: لو وكّله في أن يقترض له ويحجّ به لم يجب عليه الاقتراض. نعم، لو اقترض له وجب عليه الحجّ .
مسألة 52: الظاهر أن ثمن الهدي على الباذل، ولو لم يبذله وبذل بقية المصارف ففي وجوب الحجّ على المبذول له إشكال، إلاّ إذا كان متمكّناً من شرائه من ماله. نعم، إذا كان صرف ثمن الهدي فيه موجباً لوقوعه في الحرج لم يجب عليه القبول، وأمّا الكفّارات فالظاهر أنّها واجبة على المبذول له دون الباذل.
مسألة 53: الحجّ البذلي يجزئ عن حجّة الاسلام، ولا يجب عليه الحجّ ثانياً إذا استطاع بعد ذلك.
مسألة 54: يجوز للباذل الرجوع عن بذله قبل الدخول في الإحرام أو بعده، لكن إذا رجع بعد الدخول في الإحرام وجب على المبذول له إتمام الحجّ إن لم يكن في ذلك حرج عليه وإن لم يكن مستطيعاً فعلاً على الأظهر، وعلى الباذل ضمان ما صرفه للإتمام والعود، وإذا رجع الباذل في أثناء الطريق وجبت عليه نفقة العود(4).
مسألة 55: إذا أُعطي من الزكاة من سهم سبيل الله على أن يصرفها في الحجّ، وكان في ذلك مصلحة عامة ، وأذن فيه الحاكم الشرعي - على الأحوط وجوباً- وجب عليه الحجّ ، وإن أُعطي من سهم السادة أو من الزكاة من سهم الفقراء واشترط عليه أن يصرفه في سبيل الحجّ لم يصحّ الشرط، ولا تحصل به الاستطاعة البذلية.
مسألة 56: إذا بذل له مال فحجّ به ثم انكشف أنه كان مغصوباً لم يجزئه عن حجّة الإسلام(5) وللمالك أن يرجع إلى الباذل أو إلى المبذول له، لكنّه إذا رجع إلى المبذول له كان له الرجوع إلى الباذل إن كان جاهلاً بالحال، وإلاّ فليس له الرجوع إليه.
[مسائل أُخرى حول شرائط الحجّ]
[مسائل أُخرى حول شرائط الحجّ]
مسألة 57: إذا لم يكن مستطيعاً فحجّ تطوّعاً أو حجّ عن غيره تبرّعاً أو بإجارة لم يكفه عن حجّة الاسلام، فيجب عليه الحجّ إذا استطاع بعد ذلك.
مسألة 58: إذا اعتقد أنه غير مستطيع فحجّ ندباً قاصداً امتثال الأمر الفعلي ثم بان أنه كان مستطيعاً أجزأه ذلك، ولا يجب عليه الحجّ ثانياً.
مسألة 59: لا يشترط إذن الزوج للزوجة في الحجّ إذا كانت مستطيعة، كما لا يجوز للزوج منع زوجته عن غير حجّة الاسلام من الحجّ الواجب عليها.
نعم، يجوز له منعها من الخروج في أول الوقت مع سعة الوقت، والمطلقة الرجعية كالزوجة ما دامت في العدة(1).
مسألة 60: لا يشترط في وجوب الحجّ على المرأة وجود المحرم لها إذا كانت مأمونة على نفسها، ومع عدم الأمن يلزمها استصحاب من تأمن معه على نفسها ولو بأُجرة إذا تمكنت من ذلك، وإلاّ لم يجب الحجّ عليها(2).
مسألة 61: إذا نذر أن يزور الحسين عليه السلام في كلّ يوم عرفة- مثلاً- واستطاع بعد ذلك وجب عليه الحجّ وانحل نذره، وكذلك كلّ نذر يزاحم الحجّ.
مسألة 62: يجب على المستطيع الحجّ بنفسه إذا كان متمكّناً من ذلك، ولا يجزئ عنه حجّ غيره تبرّعاً أو بإجارة.
مسألة 63: إذا استقرّ عليه الحجّ ولم يتمكّن من الحجّ بنفسه لمرض أو حصر أو هرم، أو كان ذلك حرجاً عليه ولم يرج تمكنه من الحجّ بعد ذلك من دون حرج ، وجبت عليه الاستنابة.
وكذلك من كان مـــوسراً ولــــم يتمكّن من المباشــــــرة أو كانت حرجية(3)، ووجـــوب الاستنابة فـــوري كفوريّــة الحجّ المباشري.
مسألة 64: إذا حجّ النائب عمّن لم يتمكّن من المباشرة فمات المنوب عنه مع بقاء العذر أجزأه حجّ النائب وإن كان الحجّ مستقرّاً عليه.
وأما إذا اتفق ارتفاع العذر قبل الموت فالأحوط وجوباً أن يحجّ هو بنفسه عند التمكّن.
وإذا كان قد ارتفع العذر بعد أن أحرم النائب وجب على المنوب عنه الحجّ مباشرة وإن وجب على النائب إتمام عمله على الأحوط.
مسألة 65: إذا لم يتمكّن المعذور من الاستنابة سقط الوجوب، ولكن يجب القضاء عنه بعد موته إن كان الحجّ مستقرّاً عليه، وإلاّ لم يجب، ولو أمكنه الاستنابة ولم يستنب حتى مات وجب القضاء عنه.
مسألة 66: إذا وجبت الاستنابـة ولـــم يســتنب ولكن تبـــرّع متبرّع عنه لم يجزئه ذلك ووجبت عليه الاستنابة على الأحوط.
مسألة 67: يكفي في الاستنابة: الاستنابة من الميقات، ولا تجب الاستنابة من البلد.
مسألة 68: من استقرّ عليه الحجّ إذا مات بعد الإحرام للحجّ في الحرم أجزأه عن حجّة الاسلام، سواء في ذلك حجّ التمتّع والقِران والإفراد، وإذا كان موته في أثناء عمرة التمتّع أجزأ عن حجّه أيضاً ولا يجب القضاء عنه، وإن مات قبل ذلك وجب القضاء عنه وإن كان موته بعد الإحرام وقبل دخول الحرم أو بعد الدخول في الحرم من دون إحرام.
والظاهر اختصاص الحكم بحجّة الاسلام فلا يجري في الحجّ الواجب بالنذر أو الإفساد، بل لا يجري في العمرة المفردة أيضاً، فلا يحكم بالاجزاء في شيء من ذلك.
ومن مات بعد الإحرام مع عدم استقرار الحجّ عليه فإن كان موته بعد دخوله الحرم فلا إشكال في إجزائه عن حجّة الاسلام، وأمّا إذا كان قبل ذلك فالظاهر عدم وجوب القضاء عنه.
مسألة 69: الكافر المستطيع يجب عليه الحجّ وإن لم يصح منه ما دام كافراً، ولو زالت استطاعته ثم أسلم لم يجب عليه.
مسألة 70: المرتد يجب عليه الحجّ لكن لا يصحّ منه حال ارتداده، فإن تاب صحّ منه، وإن كان مرتدّاً فطرياً على الأقوى.
مسألة 71: إذا حجّ من يتّبع بعض المذاهب الاسلامية غير مذهبنا، ثم تبع مذهبنا لم يجب عليه إعادة الحجّ إذا كان ما أتى به صحيحاً في مذهبه، أو كان صحيحاً في مذهبنا مع تمشّي قصد القربة منه.
مسألة 72: إذا وجب الحجّ وأهمل المكلّف في أدائه حتى زالت استطاعته وجب الإتيان به بأيّ وجه تمكّن، وإذا مات وجب القضاء من تركته، ويصحّ التبرّع عنه بعد موته من دون أجرة(4).
[فصل 2] [الوصيّة بالحجّ]
[فصل 2]
[الوصيّة بالحجّ]
مسألة 73: من كانت عليه حجّة الاسلام وقرب منه الموت فإن كان له مال يفي بمصارف الحجّ لزمه الاستيثاق من أدائها عنه بعد مماته ولو بالوصيّة بها والاستشهاد عليها، وإن لم يكن له مال واحتمل أن يتبرع شخص بالحجّ عنه مجّاناً وجبت عليه الوصيّة أيضاً(1).
وإذا مات من استقرّت عليه حجّة الاسلام وجب قضاؤها من أصل تركته وإن لم يوصِ بذلك، وكذلك إن أوصى بها ولم يقيّدها بالثلث، وإن قيّدها بالثلث فإن وفى الثلث بها وجب إخراجها منه، وتُقدّم على سائر الوصايا، وإن لم يفِ الثلث بها لزم تتميمه من الأصل(2).
مسألة 74: من مات وعليه حجّة الاسلام وكان له عند شخص وديعة، قيل إن الودعي إذا احتمل أن الورثة لا يؤدّونها إن ردّ المال إليهم جاز له بل وجب عليه أن يحجّ بها عنه بنفسه أو باستيجار غيره لذلك، فإذا زاد المال عن أجرة الحجّ ردّ الزائد إلى الورثة، ولكن هذا الحكم لا يخلو عن إشكال.
مسألة 75: من مات وعليه حجّة الاسلام، وكان عليه خمس أو زكاة فقصرت التركة، فإن كان المال المتعلق به الخمس أو الزكاة موجوداً بعينه لزم تقديمهما، وإن كانا في الذمة يتقدم الحجّ عليهما، وإذا كان عليه دَين فلا يبعد تقدم الدَين على الحجّ.
مسألة 76: من مات وعليه حجّة الاسلام لم يجز لورثته التصرّف في تركته بما ينافي أداء الحجّ منها ما دامت ذمته مشغولة بالحجّ، ولا فرق في ذلك بين أن يكون مصرف الحجّ مستغرقاً أم لم يكن مستغرقاً.
نعم، لا يعدّ التصرّف المتلف فيما عدا مقدار مصرف الحجّ-¬في الصورة الثانية- تصرّفاً منافياً لأدائه، فلا بأس به مطلقاً.
مسألة 77: من مات وعليه حجّة الاسلام، ولم تكن تركته وافية بمصارفها، وجب صرفها في الخمس أو الزكاة إن كان عليه شيء من ذلك، وإلاّ فهي للورثة، ولا يجب عليهم تتميمها من مالهم لاستئجار الحجّ.
مسألة 78: من مات وعليه حجّة الاسلام يكفي في تفريغ ذمّته أن يحجّ عنه من بعض المواقيت، بل من أقربها إلى مكّة، ولا يختصّ ذلك بالحجّ من البلد وإن كان هو الأحوط استحباباً.
وإذا ترك الميّت ما يفي بمصارف الحجّ عنه كفى الاستئجار عنه من بعض المواقيت، بل من أقلّها أُجرة، وإن كان الأحوط الأولى الاستئجار من البلد إذا وسع المال له ولغيره ممّا يجب تفريغ ذمته منه، ولكن الزائد على أجرة الميقات إنما يحسب من حصص كبار الورثة -برضاهم- ولا يحسب على الصغار.
مسألة 79: من مات وعليه حجّة الاسلام وكانت تركته وافية بمصارفها فالأحوط وجوباً المبادرة إلى تفريغ ذمته ولو بالاستئجار من تركته، ولو لم يمكن الاستئجار في السنة الأولى من الميقات فالأحوط لزوماً الاستئجار من البلد وعدم التأخير إلى السنة اللاحقة - ولو مع العلم بإمكان الاستئجار فيها من الميقات- ولكن الزائد على أجرة الميقات لا يحسب حينئذٍ على الصغار من الورثة.
مسألة 80: من مات وعليه حجّة الاسلام وترك ما يفي بمصارفها، إذا لم يوجد من يستأجر عنه إلا بأكثر من أُجرة المثل فالأحوط وجوباً الاستئجار عنه وعدم التأخير إلى السنة اللاحقة توفيراً على الورثة، ولكن الزائد على أجرة المثل لا يحسب حينئذٍ على الصغار منهم.
مسألة 81: من مات وأقرّ بعض ورثته بأن عليه حجّة الاسلام، وأنكره الآخرون(3)، لم يجب على المقرّ إلا دفع ما يخصّ حصّته بالنسبة، فإن وفى بمصارف الحجّ ولو بتتميم الأجرة من قبل متبرّع أو بنحو آخر وجبت الاستنابة عنه وإلاّ لم تجب، ولا يجب على المقرّ تتميمه من حصّته أو من ماله الشخصي.
مسألة 82: من مات وعليه حجّة الاسلام وتبرّع متبرّع عنه بالحجّ كفى، ولم يجب إخراجها من صلب ماله، وكذا لو أوصى بإخراج حجّة الاسلام من ثلثه فتبرّع عنه متبرّع لم تخرج من ثلثه، ولكن لا يرجع بدلها حينئذٍ إلى ورثته، بل يصرف فيما هو الأقرب إلى نظره من وجوه الخير.
مسألة 83: من مات وعليه حجّة الاسلام وأوصى بالاستئجار من البلد وجب ذلك، ولكن الزائد على أجرة الميقات يخرج من الثلث، ولو أوصى بالحجّ ولم يعيّن شيئاً اكتفى بالاستئجار من الميقات، إلاّ إذا كانت هناك قرينة على إرادة الاستئجار من البلد، كما إذا عيّن مقداراً يناسب الحجّ البلدي(4).
مسألة 84: إذا أوصى بالحجّ البلدي ولكن الوصيّ أو الوارث استأجر من الميقات، بطلت الإجارة إن كانت الإجارة من مال الميّت، ولكن ذمّة الميّت تفرغ من الحجّ بعمل الأجير.
مسألة 85: إذا أوصى بالحجّ البلدي من غير بلده، كما إذا أوصى أن يستأجر من النجف- مثلاً- وجب العمل بها ويخرج الزائد عن أجرة الميقاتية من الثلث.
مسألة 86: إذا أوصى بالاستئجار عنه لحجّة الاسلام وعيّن الأجرة لزم العمل بها، وتخرج من الأصل إن لم تزد على أُجرة المثل، وإلاّ كان الزائد من الثلث(5).
مسألة 87: إذا أوصى بالحجّ بمال معين وعلم الوصيّ أن المال الموصى به فيه الخمس أو الزكاة وجب عليه إخراجه أولاً، وصرف الباقي في سبيل الحجّ، فإن لم يفِ الباقي بمصارفه لزم تتميمه من أصل التركة، إن كان الموصى به حجّة الاسلام، وإلاّ صرف الباقي فيما هو الأقرب إلى غرض الموصي من وجوه الخير إن كانت الوصيّة على نحو تعدّد المطلوب، وإلاّ كان ميراثاً لورثته.
مسألة 88: إذا وجب الاستئجار للحجّ عن الميّت بوصيّة أو بغير وصيّة، وأهمل من يجب عليه الاستئجار فتلف المال ضمنه، ويجب عليه الاستئجار من ماله.
مسألة 89: إذا علم استقرار الحجّ على الميّت، وشكّ في أدائه وجب القضاء عنه، ويخرج من أصل المال.
مسألة 90: لا تبرأ ذمّة الميّت بمجرّد الاستئجار، فلو علم أن الأجير لم يحجّ لعذر أو من دونه وجب الاستئجار ثانياً ويخرج من الأصل، وإن أمكن استرداد الأُجرة من الأجير تعيّن ذلك، إذا كانت الأُجرة مال الميّت.
مسألة 91: إذا تعدّد الأُجراء تعيّن استئجار من لا تكون استنابته منافية لشأن الميّت وإن كان غيره أقلّ أُجرة، حتّى إذا لم يكن الاستئجار من الثلث وكان في الورثة قاصرُ أو غير راض بذلك على الأظهر.
نعم، يشكل الاستئجار كذلك فيما إذا كان مزاحماً لأداء بعض الواجبات المالية المتعلّقة بذمّة الميّت كالدَين والزكاة أو غير الواجبات المالية ممّا أوصى بتنفيذه.
مسألة 92: العبرة في وجوب الاستئجار من البلد أو الميقات بتقليد الوارث أو اجتهاده، لا بتقليد الميّت أو اجتهاده، فلو كان الميّت يعتقد وجوب الحجّ البلدي والوارث يعتقد جواز الاستئجار من الميقات لم يلزم على الوارث الاستئجار من البلد.
مسألة 93: إذا كانت على الميّت حجّة الاسلام ولم تكن له تركة لم يجب الاستئجار عنه على الوارث، نعم يستحبّ - ولا سيما لقرابته- تفريغ ذمته.
مسألة 94: إذا أوصى بالحجّ(6) فإن عُلم أن الموصى به هو حجّة الاسلام أخرج من أصل التركة إلا فيما إذا عيّن إخراجه من الثلث، وأما إذا علم أن الموصى به غير حجّة الاسلام، أو شكّ في ذلك فهو يخرج من الثلث.
مسألة 95: إذا أوصى بالحجّ وعين شخصاً معيناً(7) لزم العمل بالوصيّة، فإن لم يقبل إلا بأزيد من أجرة المثل أُخرج الزائد من الثلث إن كان الموصى به حجّة الاسلام، فإن لم يمكن ذلك أيضاً استؤجر غيره بأجرة المثل إذا كانت الوصيّة على نحو تعدّد المطلوب أو كان الموصى به حجّة الإسلام.
مسألة 96: إذا أوصى بالحجّ وعين أجرة لا يرغب فيها أحد(8)، فإن كان الموصى به حجّة الاسلام لزم تتميمها من أصل التركة، وإن كان الموصى به غيرها لزم صرف الأجرة فيما هو الأقرب إلى غرض الموصي من وجوه البر إذا كانت الوصيّة على وجه تعدّد المطلوب، وإلاّ بطلت وكانت الأجرة ميراثاً.
مسألة 97: إذا باع داره بمبلغ - مثلاً - واشترط على المشتري أن يصرفه في الحجّ عنه بعد موته كان الثمن من التركة، فإن كان الحجّ حجّة الاسلام لزم الشرط ووجب صرفه في أُجرة الحجّ إن لم يزد على أُجرة المثل، وإلاّ فالزائد يخرج من الثلث، وإن كان الحجّ غير حجّة الاسلام لزم الشرط أيضاً، ويخرج تمامه من الثلث، وإن لم يفِ الثلث لم يلزم الشرط في المقدار الزائد.
مسألة 98: إذا صالحه على داره - مثلاً - وشرط عليه أن يحجّ عنه بعد موته صحّ ولزم، وخرجت الدار عن ملك المصالِح الشارط، ولا تحسب من التركة، وإن كان الحجّ ندبياً، ولا يشملها حكم الوصيّة.
وكذلك الحال إذا ملّكه داره بشرط أن يبيعها ويصرف ثمنها في الحجّ عنه بعد موته، فجميع ذلك صحيح لازم وإن كان العمل المشروط عليه ندبياً، ولا يكون للوارث حينئذٍ حق في الدار. ولو تخلّف المشروط عليه عن العمل بالشرط لم يكن الخيار للوارث، بل لوليّ الميّت من الوصيّ أو الحاكم الشرعي، فإذا فسخ رجع المال إلى ملك الميّت فيكون ميراثاً لورثته.
مسألة 99: لو مات الوصيّ ولم يُعلم أنه استأجر للحجّ - قبل موته - وجب الاستئجار من التركة، فيما إذا كان الموصى به حجّة الاسلام، ومن الثلث إذا كان غيرها.
وإذا كان المال قد قبضه الوصيّ - وكان موجوداً - أُخذ وإن احتمل أن الوصيّ قد استأجر من مال نفسه وتملّك ذلك بدلاً عمّا أعطاه، وإن لم يكن المال موجوداً فلا ضمان على الوصيّ، لاحتمال تلفه عنده بلا تفريط.
مسألة 100: إذا تلف المال في يد الوصيّ بلا تفريط لم يضمنه، ووجب الاستئجار من بقيّة التركة، إذا كان الموصى به حجّة الاسلام، ومن بقيّة الثلث إن كان غيرها، فإن كانت البقيّة موزّعة على الورثة استرجع منهم بدل الايجار بالنسبة.
وكذلك الحال إن استؤجر أحد للحجّ ومات قبل الإتيان بالعمل ولم يكن له تركة، أو لم يمكن الأخذ من تركته.
مسألة 101: إذا تلف المال في يد الوصيّ قبل الاستئجار، ولم يعلم أن التلف كان عن تفريط، لم يجز تغريم الوصيّ.
مسألة 102: إذا أوصى بمقدار من المال لغير حجّة الاسلام، واحتمل أنه زائد على ثلثه لم يجز صرف جميعه إلا برضا ورثته.
[فصل 3] في النيابة
[فصل 3]
في النيابة
1- ما يعتبر في النائب
مسألة 103: يعتبر في النائب أمور:
الأول: البلوغ، فلا يجزئ حجّ الصبيّ عن غيره في حجّة الإسلام وغيرها من الحجّ الواجب وإن كان الصبيّ مميّزاً على الأحوط.
نعم، لا يبعد صحّة نيابته في الحجّ المندوب بإذن الوليّ.
الثاني: العقل، فلا تجزئ استنابة المجنون، سواء في ذلك ما إذا كان جنونه مطبقاً، أم كان أدوارياً إذا كان العمل في دور جنونه، وأما السفيه فلا بأس باستنابته.
الثالث: الإيمان، فلا عبرة بنيابة غير المؤمن وإن أتى بالعمل على طبق مذهبنا على الأحوط(1).
الرابع: أن لا يكون النائب مشغول الذمة بحجّ واجب عليه في عام النيابة إذا تنجّز الوجوب عليه(2)، ولا بأس باستنابته فيما إذا كان جاهلاً بالوجوب أو غافلاً عنه، وهذا الشرط شرط في صحّة الإجارة لا في صحّة حجّ النائب، فلو حجّ ـ والحالة هذه ـ برئت ذمّة المنوب عنه، ولكنه لا يستحق الأجرة المسمّاة، بل يستحق أُجرة المثل(3).
مسألة 104: لا يعتبر في النائب أن يكون عادلاً، ولكن يعتبر أن يكون موثوقاً به في أصل إتيانه العمل نيابة عن المنوب عنه، وفي كفاية إخباره مع عدم الوثوق إشكال.
مسألة 105: يعتبر في فراغ ذمّة المنوب عنه إتيان النائب بالعمل صحيحاً، فلا بُدّ من معرفته بأعمال الحجّ وأحكامه وإن كان ذلك بإرشاد غيره عند كلّ عمل، ومع الشكّ في إتيانه بها على الوجه الصحيح - ولو لأَجل الشكّ في معرفته بأحكامها - فلا يبعد البناء على الصحّة.
2- ما يعتبر في المنوب عنه
مسألة 106: لا بأس بالنيابة عن الصبيّ المميّز، كما لا بأس بالنيابة عن المجنون، بل إذا كان مجنوناً أدوارياً وعلم بمصادفة جنونه لأيّام الحجّ دائماً وجبت عليه الاستنابة حال إفاقته، كما يجب الاستئجار عنه إذا استقرّ عليه الحجّ في حال إفاقته وإن مات مجنوناً.
مسألة 107: لا تشترط المماثلة بين النائب والمنوب عنه، فتصحّ نيابة الرجل عن المرأة وبالعكس.
مسألة 108: لا بأس باستنابة الصرورة عن الصرورة وغير الصرورة، سواء كان النائب أو المنوب عنه رجلاً أم امرأة، وقيل بكراهة استنابة الصرورة ولم تثبت، بل لا يبعد أن يكون الأَولى فيمن عجز عن مباشرة الحجّ وكان موسراً أن يستنيب الصرورة في ذلك، كما أنّ الأَولى فيمن استقرّ عليه الحجّ فمات أن يحجّ عنه الصرورة (4).
مسألة 109: يشترط في المنوب عنه الاسلام، فلا تصحّ النيابة عن الكافر، فلو مات الكافر مستطيعاً وكان الوارث مسلماً لم يجب عليه استئجار الحجّ عنه، وأما الناصب فلا تجوز النيابة عنه إلاّ إذا كان أباً، وفي غيره من ذوي القربى إشكال. نعم، لا بأس بالإتيان بالحجّ وإهداء الثواب إليه(5).
مسألة 110: لا بأس بالنيابة عن الحيّ في الحجّ المندوب تبرعاً كان أو بإجارة، وكذلك لا بأس بالنيابة عنه- باستنابة- في الحجّ الواجب إذا كان معذوراً عن الإتيان بالعمل مباشرة على ما تقدّم، ولا تجوز النيابة عن الحيّ في غير ذلك، وأما النيابة عن الميّت فهي جائزة مطلقاً، سواء كانت إجارة أم بتبرع، وسواء كان الحجّ واجباً أم مندوباً.
3- ما يعتبر في صحّة النيابة وما لا يعتبر فيها
مسألة 111: يعتبر في صحّة النيابة قصد النيابة، كما يعتبر فيها تعيين المنوب عنه بوجه من وجوه التعيين، ولا يشترط ذكر اسمه، وإن كان يستحبّ ذلك في جميع المواطن والمواقف(6).
مسألة 112: كما تصحّ النيابة بالتبرّع(7) وبالإجارة تصحّ بالجعالة وبالشرط في ضمن العقد ونحو ذلك.
مسألة 113: الظاهر أن حال النائب حال من حجّ عن نفسه فيما إذا طرأ عليه العجز عن أداء بعض المناسك مطلقاً أو على النهج المقرّر لها، فيصحّ حجّه ويجزئ عن المنوب عنه في بعض الموارد(8)، ويبطل في البعض الآخر، مثلاً: إذا طرأ عليه العجز عن الوقوف الاختياري بعرفات اجتزأ بالوقوف الاضطراري فيها وصحّ حجّه وتفرغ ذمّة المنوب عنه، بخلاف ما لو عجز عن الوقوفين جميعاً فإنه يبطل حجّه. ولا يجوز استئجار من يعلم مسبقاً عجزه عن أداء العمل الاختياري مطلقاً على الأحوط وجوباً، بل لو تبرّع وناب عن غيره يشكل الاكتفاء بعمله(9).
نعم، لا بأس باستئجار من يعلم ارتكابه لما يحرم على المحرم كالتظليل ونحوه- لعذر أو بدونه- وكذا من يترك بعض واجبات الحجّ ممّا لا يضرّ تركه- ولو متعمداً- بصحّة الحجّ، كطواف النساء والمبيت بمنى ليلة الحادي عشر والثاني عشر.
مسألة 114: إذا مات النائب قبل أن يحرم لم تبرأ ذمّة المنوب عنه، فتجب الاستنابة عنه ثانيةً في ما تجب الاستنابة فيه، وإن مات بعد الإحرام أجزأ عنه إذا كان موته بعد دخول الحرم على الأحوط وجوباً، ولا فرق في ذلك بين حجّة الاسلام وغيرها، هذا إذا كانت النيابة بأجرة، ولو كانت بتبرع فالحكم بالإجزاء لا يخلو عن إشكال.
4- أحكام الإجارة والأجرة والأجير للحجّ النيابي
مسألة 115: إذا مات الأجير بعد الإحرام ودخول الحرم استحقّ تمام الأجرة إذا كان أجيراً على تفريغ ذمّة الميّت(10).
وأما إذا كان أجيراً على الإتيان بالأعمال وكانت ملحوظة في الإجارة على نحو تعدّد المطلوب استحقّ من الأجرة بنسبة ما أتى به.
وإن مات الأجير قبل الإحرام لم يستحق شيئاً. نعم، إذا كانت المقدّمات داخلة في الإجارة على نحو تعدّد المطلوب استحقّ من الأجرة بقدر ما أتى به منها.
مسألة 116: إذا استأجر للحجّ البلدي(11) ولم يعيّن الطريق كان الأجير مخيّراً في ذلك، وإذا عيّن طريقاً لم يجز العدول منه إلى غيره، فإن عدل وأتى بالأعمال فإن كان اعتبار الطريق في الإجارة على نحو الشرطية دون الجزئية استحقّ الأجير تمام الأجرة وكان للمستأجر خيار الفسخ، فإن فسخ يرجع إلى أجرة المثل.
وإن كان اعتباره على نحو الجزئية(12) كان للمستأجر الفسخ أيضاً، فإن فسخ استحقّ الأجير أجرة المثل لما قام به من الأعمال دون ما سلكه من الطريق، وإن لم يفسخ كان له تمام الأجرة المسماة، ولكن للمستأجر مطالبته بقيمة ما خالفه فيه من سلوك الطريق المعين.
مسألة 117: إذا آجر نفسه للحجّ عن شخص مباشرة في سنة معينة لم تصحّ إجارته عن شخص آخر في تلك السنة مباشرة أيضاً، وتصحّ الإجارتان مع اختلاف السنتين، أو مع عدم تقيّد إحدى الإجارتين أو كلتيهما بالمباشرة.
مسألة 118: إذا آجر نفسه للحجّ في سنة معيّنة لم يجز له التأخير ولا التقديم- إلاّ مع رضا المستأجر- ولو أخّر كان للمستأجِر خيار الفسخ وإن برئت ذمّة المنوب عنه، فلو فسخ لم يستحقّ الأجير شيئاً إذا كان التعيين على وجه التقييد، وإن كان على وجه الشرطية استحقّ أجرة المثل، ولو لم يفسخ استحقّ الأجير تمام الأجرة المسمّاة، وكان للمستأجر مطالبته بقيمة ما فوّته عليه من الزمان المعيّن إذا كان التعيين على وجه التقييد.
ولو قدّم الأجير فإن كان العمل المستأجَر عليه من قبيل حجّة الاسلام عن الميّت- حيث تفرغ ذمّة المنوب عنه بما أتى به مسبقاً، ولا يمكن استيفاء العمل المستأجر عليه في وقته المعيّن- كان حكمه ما تقدّم في التأخير، وإلاّ كما إذا آجره على الحجّ المندوب عن نفسه في العام المقبل فأتى به في العام الحالي، فإن كان التعيين على وجه التقييد لم يستحقّ الأجير على ما أتى به شيئاً، ووجب عليه الإتيان بالعمل المستأجَر عليه في وقته المعيّن.
وكذا إذا كان التعيين على وجه الشرطية ولم يلغِ المستأجِر شرطه، وإن ألغاه استحق تمام الأجرة المسمّاة.
مسألة 119: إذا صدّ الأجير أو أُحصِر فلم يتمكّن من الإتيان بالأعمال كان حكمه حكم الحاج عن نفسه، ويأتي بيان ذلك إن شاء الله تعالى، وانفسخت الإجارة إذا كانت مقيّدة بتلك السنة، ويبقى الحجّ في ذمته إذا لم تكن مقيّدة بها، ولكن للمستأجِر خيار التخلّف إذا كان اعتبار تلك السنة على وجه الشرطية.
مسألة 120: إذا أتى النائب بما يوجب الكفّارة فهي من ماله، سواء كانت النيابة بإجارة أو بتبرّع.
مسألة 121: إذا استأجره للحجّ بأجرة معيّنة فقصرت الأجرة عن مصارفه لم يجب على المستأجر تتميمها، كما أنّها إذا زادت عنها لم يكن له استرداد الزائد(13).
مسألة 122: إذا استأجره للحجّ الواجب أو المندوب فأفسد الأجير حجّه بالجماع قبل المشعر، وجب عليه إتمامه وأجزأ المنوب عنه، وعلى الأجير الحجّ من قابل وكفّارة بدنة، والظاهر أنه يستحقّ الأجرة وإن لم يحجّ من قابل لعذر أو غير عذر، وتجري الأحكام المذكورة في المتبرّع أيضاً إلا أنّه لا يستحقّ الأجرة(14).
مسألة 123: الظاهر أنّه يحقّ للأجير للحجّ أن يطالب بالأجرة قبل الإتيان بالعمل وإن لم يشترط التعجيل صريحاً، من جهة وجود القرينة على الاشتراط، وهي جريان العادة بالتعجيل، حيث إن الغالب أنّ الأجير لا يتمكّن من الذهاب إلى الحجّ والإتيان بالأعمال قبل أخذ الأجرة.
مسألة 124: إذا آجر نفسه للحجّ فليس له أن يستأجِر غيره إلاّ مع إذن المستأجِر(15).نعم،
إذا كانت الإجارة على عمل في الذمة ولم يشترط عليه المباشرة جاز له أن يستأجِر غيره لذلك.
مسألة 125: إذا استأجر شخصاً لحجّ التمتّع مع سعة الوقت، واتّفق أن الوقت قد ضاق فعدل الأجير عن عمرة التمتّع إلى حجّ الإفراد، وأتى بعمرة مفردة بعده برئت ذمّة المنوب عنه، ولكن الأجير لا يستحقّ الأجرة إذا كانت الإجارة على نفس الأعمال.
نعم إذا كانت الإجارة على تفريغ ذمّة الميّت استحقّها.
5- سائر أحكام النيابة
مسألة 126: لا بأس بنيابة شخص عن جماعة في الحجّ المندوب(16)، وأما في الواجب فلا يجوز فيه نيابة الواحد عن اثنين وما زاد، إلاّ إذا كان وجوبه عليهما أو عليهم على نحو الشركة، كما إذا نذر شخصان أن يشترك كلّ منهما مع الآخر في الاستئجار في الحجّ، فحينئذٍ يجوز لهما أن يستأجرا شخصاً واحداً للنيابة عنهما.
مسألة 127: لا بأس بنيابة جماعة في عام واحد عن شخص واحد ميّت أو حيّ - تبرّعاً أو بالإجارة - فيما إذا كان الحجّ مندوباً، وكذلك في الحجّ الواجب فيما إذا كان متعدّداً، كما إذا كان على الميّت أو الحيّ حجّان واجبان بنذر - مثلاً - أو كان أحدهما حجّة الاسلام وكان الآخر واجباً بالنذر، فيجوز - حينئذٍ - استئجار شخصين أحدهما لأحد الواجبين والآخر للآخر.
وكذلك يجوز استئجار شخصين عن واحد أحدهما للحجّ الواجب والآخر للمندوب.
بل لا يبعد جواز استئجار شخصين لواجب واحد، كحجّة الاسلام من باب الاحتياط، لاحتمال نقصان حجّ أحدهما.
مسألة 128: الطواف مستحبّ في نفسه، فتجوز النيابة فيه عن الميّت، وكذا عن الحيّ إذا كان غائباً عن مكّة أو كان حاضراً فيها ولم يتمكّن من الطواف مباشرة(17).
مسألة 129: لا بأس للنائب بعد فراغه من أعمال الحجّ النيابي أن يأتي بالعمرة المفردة عن نفسه أو عن غيره، كما لا بأس أن يطوف عن نفسه أو عن غيره(18).
[فصل 4] الحجّ المندوب
[فصل 4]
الحجّ المندوب(1)
مسألة 130: يستحبّ لمن يمكنه الحجّ أن يحجّ وإن لم يكن مستطيعاً(2)، أو أنّه أتى بحجّة الإسلام، ويستحبّ الإتيان به في كلّ سنة لمن يتمكّن من ذلك(3).
مسألة 131: ينبغي نيّة العود إلى الحجّ لمن رجع من مكّة، بل نيّة عدم العود من قواطع الأجل كما ورد في بعض الروايات.
مسألة 132: يستحبّ إحجاج من لا استطاعة له، كما يستحبّ الاستقراض للحجّ إذا كان واثقاً بالوفاء بعد ذلك، ويستحبّ كثرة الإنفاق في الحجّ.
مسألة 133:يجوز للفقير إذا أُعطــي الزكاة من سهم الفقراء أن يصرفها في الحجّ المندوب.
مسألة 134: يشترط في حجّ المرأة إذن الزوج، إذا كان الحجّ مندوباً(4)، وكذلك المعتدة بالعدّة الرجعيّة، ولا يعتبر ذلك في البائنة، ويجــوز للمتوفّى عنها زوجها أن تحجّ في عدّتها.
[فصل 5] في أقسام العمرة وحكم الدخول في الحرم
[فصل 5]
في أقسام العمرة وحكم الدخول في الحرم
1- أقسام العمرة
مسألة 135:العمرة كالحجّ، فقد تكون واجبة وقد تكون مندوبة، وقد تكون مفردة وقد تكون متمتعاً بها.
مسألة 136:تجب العمرة كالحجّ على كلّ مستطيع واجد للشرائط، ووجوبها فوريّ(1) كفوريّة وجوب الحجّ، فمن استطاع لها - ولو لم يستطع للحجّ - وجبت عليه.
نعم، الظاهر عدم وجوب العمرة المفردة على من كانت وظيفته حجّ التمتّع(2) ولم يكن مستطيعاً له ولكنه استطاع لها.
وعليه، فلا يجب الاستئجار لها من مال الشخص إذا استطاع ومات قبل الموسم، كما لا تجب على الأجير للحجّ بعد فراغه من عمل النيابة، وإن كان مستطيعاً من الإتيان بها، ولكن الاحتياط بذلك كله مما لا ينبغي تركه.
وأما من أتى بحجّ التمتّع فلا يجب عليه الإتيان بالعمرة المفردة جزماً.
مسألة 137:يستحبّ الإتيان بالعمرة المفردة في كلّ شهر من شهور العام، ولا يعتبر الفصل بين عمرة وأخرى بثلاثين يوماً(3)، فيجوز الإتيان بعمرة في شهر وإن كان في آخره وبعمرة أخرى في شهر آخر وإن كان في أوله.
ولا يجوز الإتيان بعمرتين في شهر واحد(4) فيما إذا كانت العمرتان عن نفس المعتمر أو عن شخص آخر، وإن كان لا بأس بالاتيان بالثانية رجاءاً، ولا يعتبر هذا فيما إذا كانت إحدى العمرتين عن نفسه والأخرى عن غيره، أو كانت كلتاهما عن شخصين غيره.
وفي اعتبار ما ذكر من الفصل بين العمرة المفردة وعمرة التمتّع(5) إشكال، فالأحوط وجوباً لمن اعتمر عمرة التمتّع في ذي الحجّة وأراد الإتيان بالعمرة المفردة بعد أعمال الحجّ أن يؤخرها إلى محرّم، ولمن أتى بعمرة مفردة في شوال مثلاً وأراد الإتيان بعمرة التمتّع بعدها أن لا يأتي بها في نفس الشهر.
وأما الإتيان بالعمرة المفردة بين عمرة التمتّع والحجّ(6) فالظاهر أنه يوجب بطلان عمرة التمتّع، فتلزم إعادتها.
نعم، إذا بقي في مكّة إلى يوم التروية(7) قاصداً للحجّ كانت العمرة المفردة متعته فيأتي بحجّ التمتّع بعدها.
مسألة 138:كما تجب العمرة المفردة بالاستطاعة، كذلك تجب بالنذر أو الحلف أو العهد أو غير ذلك(8).
مسألة 139:تشترك العمرة المفردة مع عمرة التمتّع في أعمالها، وسيأتي بيان ذلك(9)، وتفترق عنها(10) في أمور:
( 1 ) أن العمرة المفردة يجب لها طواف النساء، ولا يجب ذلك لعمرة التمتّع.
( 2 ) أن عمرة التمتّع لا تقع إلا في أشهر الحجّ، وهي: شوال، وذو القعدة، وذو الحجّة، وتصحّ العمرة المفردة في جميع الشهور، وأفضلها شهر رجب.
(3) ينحصر الخروج عن الإحرام في عمرة التمتّع بالتقصير فقط، ولكن الخروج عن الإحرام في العمرة المفردة يتحقق بالتقصير وبالحلق، والحلق أفضل.
هذا بالنسبة إلى الرجال، وأما النساء فيتعيّن عليهنّ التقصير مطلقاً.
(4) يجب أن تقع عمرة التمتّع والحجّ في سنة واحدة على ما يأتي، وليس كذلك في العمرة المفردة، فمن وجب عليه حجّ الإفراد والعمرة المفردة صحّ منه أن يأتي بالحجّ في سنة، والعمرة في سنة أخرى.
(5) أن من جامع في العمرة المفردة عالماً عامداً قبل الفراغ من السعي فسدت عمرته بلا إشكال، ووجبت عليه الإعادة بأن يبقى في مكّة إلى الشهر القادم فيعيدها فيه، وأما من جامع في عمرة التمتّع فحكمه غير ذلك، وسيأتي في المسألة 220.
مسألة 140: يجب الإحرام للعمرة المفردة من نفس المواقيت التي يحرم منها لعمرة التمتّع ويأتي بيانها. نعم، إذا كان المكلّف في مكّة وأراد الإتيان بالعمرة المفردة جاز له أن يحرم من أدنى الحل، كالحديبية والجعرانة والتنعيم، ولا يجب عليه الرجوع إلى المواقيت والاحرام منها، ويستثنى من ذلك من أفسد عمرته المفردة بالجماع قبل السعي، فإنه يجب عليه الإحرام للعمرة المعادة من أحد المواقيت، ولا يجزيه الإحرام من أدنى الحل على الأحوط، كما سيأتي في المسألة 223.
2- حكم الدخول في مكّة او الحرم المكي
مسألة 141:لا يجوز دخول مكّة بل ولا دخول الحرم إلاّ محرماً(11)، فمن أراد الدخول فيهما في غير أشهر الحجّ وجب عليه أن يحرم للعمرة المفردة، ويستثنى من ذلك من يتكرر منه الدخول والخروج(12) لحاجة كالحطّاب والحشّاش ونحوهما، وكذلك من خرج من مكّة بعد إتمامه أعمال عمرة التمتّع والحجّ(13)، أو بعد العمرة المفردة، فإنه يجوز له العود إليها من دون إحرام قبل مضي الشهر الذي أدّى فيه عمرته، ويأتي حكم الخارج من مكّة بعد عمرة التمتّع وقبل الحجّ في المسألة 154.
مسألة 142:من أتى بعمرة مفردة في أشهر الحجّ وبقي في مكّة إلى يوم التروية وقصد الحجّ كانت عمرته متعة، فيأتي بحجّ التمتّع، ولا فرق في ذلك بين الحجّ الواجب والمندوب(14).
[فصل 6] أقسام الحجّ
[فصل 6]
أقسام الحجّ
مسألة 143: أقسام الحجّ ثلاثة: تمتع، وإفراد، وقِران.
والأول فرض من كان البعد بين أهله ومكّة(1) أكثر من ستة عشر فرسخاً.
والآخران فرض أهل مكّة ومن يكون البعد بين أهله ومكة أقلّ من ستة عشر فرسخاً.
مسألة 144: لا يجزي حجّ التمتّع عمن فرضه الإفراد(2) أو القِران، كما لا يجزي حجّ القِران أو الإفراد عمن فرضه التمتّع، نعم قد تنقلب وظيفة المتمتع إلى الإفراد كما سيأتي.
هذا بالنسبة إلى حجّة الاسلام، وأما بالنسبة إلى الحجّ المندوب والمنذور مطلقاً والموصى به كذلك من دون تعيين فيتخيّر فيها البعيد والحاضر بين الأقسام الثلاثة، وإن كان الأفضل التمتّع.
مسألة 145: إذا أقام البعيد في مكّة انتقل فرضه إلى حجّ الإفراد أو القِران(3) بعد الدخول في السنة الثالثة، وأما قبل ذلك فيجب عليه حجّ التمتّع، ولا فرق في ذلك بين أن تكون استطاعته ووجوب الحجّ عليه قبل إقامته في مكّة أو في أثنائها، كما لا فرق فيه بين أن تكون إقامته بقصد التوطّن أم لا، وكذلك الحال فيمن أقام في غير مكّة من الأماكن التي يكون البعد بينها وبين مكّة أقل من ستة عشر فرسخاً.
مسألة 146: إذا أقام في مكّة وأراد أن يحجّ حجّ التمتّع قبل انقلاب فرضه إلى حجّ الإفراد أو القِران، قيل: يجوز له أن يحرم لعمرة التمتّع من أدنى الحل، ولكنه لا يخلو عن إشكال، والأحوط وجوباً أن يخرج إلى أحد المواقيت فيحرم منه، بل الأحوط استحباباً أن يخرج إلى ميقات أهل بلده، والظاهر أن هذا حكم كلّ من كان في مكّة وأراد الإتيان بحجّ التمتّع ولو مستحباً.
1 - حجّ التمتّع
أجزاؤه وواجباته وشروطه
مسألة 147: يتألف هذا الحجّ من عبادتين: تسمى أولاهما بالعمرة، والثانية بالحجّ، وقد يطلق حجّ التمتّع على الجزء الثاني منهما، ويجب الإتيان بالعمرة فيه قبل الحجّ.
مسألة 148: تجب في عمرة التمتّع خمسة أمور:
الأمر الأول: الإحرام من أحد المواقيت، وستعرف تفصيلها.
الأمر الثاني: الطواف حول البيت.
الأمر الثالث: صلاة الطواف.
الأمر الرابع: السعي بين الصفا والمروة.
الأمر الخامس: التقصير وهو قصّ بعض شعر الرأس أو اللحية أو الشارب، فإذا أتى المكلّف به خرج من إحرامه، وحلت له الأمور التي كانت قد حرمت عليه بسبب الإحرام(4).
مسألة 149: يجب على المكلّف أن يتهيأ لأداء وظائف الحجّ فيما إذا قرب منه اليوم التاسع من ذي الحجّة الحرام، وواجبات الحجّ ثلاثة عشر، وهي كما يلي:
1 - الإحرام من مكّة، على تفصيل يأتي.
2 - الوقوف في عرفات في اليوم التاسع من ذي الحجّة الحرام من بعد ما يمضي من زوال الشمس مقدار الإتيان بالغسل وأداء صلاتي الظهر والعصر- جمعاً- إلى المغرب، وتقع عرفات على بعد أربعة فراسخ من مكّة.
3 - الوقوف في المزدلفة شطراً من ليلة العيد إلى قبيل طلوع الشمس، وتقع المزدلفة بين عرفات ومكة.
4 - رمي جمرة العقبة في منى يوم العيد، ومنى على بعد فرسخ واحد من مكّة تقريباً.
5 - النحر أو الذبح في منى يوم العيد أو في أيام التشريق.
6 - الحلق أو التقصير في منى، وبذلك يحلّ له ما حرم عليه من جهة الإحرام، ما عدا النساء والطيب، وكذا الصيد على الأحوط وجوباً.
7 - طواف الزيارة بعد الرجوع إلى مكّة.
8 - صلاة الطواف.
9 - السعي بين الصفا والمروة، وبذلك يحلّ الطيب أيضاً.
10 - طواف النساء.
11 - صلاة طواف النساء، وبذلك تحلّ النساء أيضاً.
12 - المبيت في منى ليلة الحادي عشر، وليّلة الثاني عشر، بل وليّلة الثالث عشر في بعض الصور كما سيأتي.
13 - رمي الجمار الثلاث في اليوم الحادي عشر والثاني عشر، بل وفي اليوم الثالث عشر أيضاً، فيما إذا بات المكلّف هناك على الأظهر.
مسألة 150: يشترط في حجّ التمتّع أمور:
1 - النيّة، بأن يقصد الإتيان بحجّ التمتّع بعنوانه، فلو نوى غيره أو تردّد في نيّته لم يصحّ حجّه.
2 - أن يكون مجموع العمرة والحجّ في أشهر الحجّ، فلو أتى بجزء من العمرة قبل دخول شوّال لم تصحّ العمرة.
3 - أن يكون الحجّ والعمرة في سنة واحدة، فلو أتى بالعمرة وأخّر الحجّ إلى السنة القادمة لم يصحّ التمتّع، ولا فرق في ذلك بين أن يقيم في مكّة إلى السنة القادمة وبين أن يرجع إلى أهله ثم يعود إليها، كما لا فرق بين أن يحلّ من إحرامه بالتقصير وبين أن يبقى محرماً إلى السنة القادمة.
4 - أن يكون إحرام حجّه من مكّة مع الاختيار، وأفضل مواضعها المسجد الحرام، وإذا لم يمكنه الإحرام من مكّة- لعذر- أحرم من أيّ موضع تمكّن منه.
5 - أن يؤدي مجموع عمرته وحجّه شخص واحد عن شخص واحد، فلو استؤجر اثنان لحجّ التمتّع عن ميّت أو حيّ أحدهما لعمرته والآخر لحجّه لم يصحّ ذلك، وكذلك لو حجّ شخص وجعل عمرته عن واحد وحجّه عن آخر لم يصحّ(5).
(خروج المعتمر للتمتّع من مكّة
قبل أداء أعمالها أو بعده قبل الإحرام للحجّ (6))
مسألة 151: إذا فرغ المكلّف من أعمال عمرة التمتّع لم يجز له الخروج(7) من مكّة لغير الحجّ على الأحوط، إلاّ أن يكون خروجه لحاجة - وإن لم تكن ضرورية - ولم يخف فوات أعمال الحجّ، وفي هذه الحالة إذا علم أنه يتمكّن من الرجوع إلى مكّة والإحرام منها للحجّ فالأظهر جواز خروجه مُحِلاً، وإن لم يعلم بذلك أحرم للحجّ وخرج لحاجته، والظاهر أنه لا يجب عليه حينئذٍ الرجوع إلى مكّة، بل له أن يذهب إلى عرفات من مكانه.
هذا، ولا يجوز لمن أتى بعمرة التمتّع أن يترك الحجّ اختياراً(8) ولو كان الحجّ استحبابياً، نعم إذا لم يتمكّن من الحجّ فالأحوط وجوباً أن يجعلها عمرة مفردة فيأتي بطواف النساء(9).
مسألة 152: يجوز للمتمتع أن يخرج من مكّة قبل إتمام أعمال(10) عمرته إذا كان متمكّناً من الرجوع إليها على الأظهر، وإن كان الأحوط استحباباً تركه.
مسألة 153: المحرم من الخروج عن مكّة بعد الفراغ من أعمال العمرة إنما هو الخروج عنها إلى محل آخر، وأما المحلاّت المستحدثة(11) التي تعدّ جزءاً من المدينة المقدسة في العصر الحاضر فهي بحكم المحلاّت القديمة في ذلك، وعليه فلا بأس للحاج أن يخرج إليها بعد الفراغ من عمرته لحاجة أو بدونها.
مسألة 154: إذا خرج من مكّة بعد الفراغ من أعمال العمرة من دون إحرام، ففيه صورتان(12):
الأولى: أن يكون رجوعه قبل مضي الشهر الذي اعتمر فيه، ففي هذه الصورة يلزمه الرجوع إلى مكّة من دون إحرام، فيحرم منها للحجّ، ويخرج إلى عرفات.
الثانية: أن يكون رجوعه بعد مضي الشهر الذي اعتمر فيه، ففي هذه الصورة يلزمه الإحرام بالعمرة للرجوع إليها.
(عدول من عليه التمتّع إلى الإفراد)
مسألة 155: من كانت وظيفته حجّ التمتّع لم يجزئه العدول(13) إلى غيره من إفراد أو قران، ويستثنى من ذلك من دخل في عمرة التمتّع، ثم ضاق وقته عن إتمامها، فإنه ينقل نيته إلى حجّ الإفراد ويأتي بالعمرة المفردة بعد الحجّ، وفي حد الضيق المسوّغ لذلك خلاف، والأظهر وجوب العدول لو لم يتمكّن من إتمام أعمال العمرة قبل زوال الشمس من يوم عرفة، وأما جواز العدول لو تمكّن من إتمامها قبل ذلك - في يوم التروية أو بعده - فلا يخلو عن إشكال.
مسألة 156: من كان فرضه حجّ التمتّع إذا علم قبل أن يحرم للعمرة ضيق الوقت عن إتمامها قبل زوال الشمس من يوم عرفة، لم يجزئه العدول إلى حجّ الإفراد أو القِران، بل يجب عليه الإتيان بحجّ التمتّع بعد ذلك إذا كان الحجّ مستقرّاً عليه(14).
مسألة 157: إذا أحرم لعمرة التمتّع في سعة الوقت، وأخّر الطواف والسعي
متعمّداً إلى زوال الشمس من يوم عرفة بطلت عمرته، ولا يجزئه العدول إلى الإفراد على الأظهر، وإن كان الأحوط الأولى الإتيان بأعماله رجاءاً، بل الأحوط استحباباً أن يأتي بالطواف وصلاته والسعي والحلق أو التقصير فيها بقصد الأعمّ من حجّ الإفراد والعمرة المفردة.
2- حجّ الإفراد
مرّ عليك أن حجّ التمتّع يتألف من جزئين، هما: عمرة التمتّع والحجّ، والجزء الأول منه متّصل بالثاني، والعمرة تتقدّم على الحجّ.
وأما حجّ الإفراد فهو عمل مستقل في نفسه، واجب مخيّراً بينه وبين حجّ القِران - كما علمت - على أهل مكّة، ومن يكون الفاصل بين منزله وبين مكّة أقلّ من ستة عشر فرسخاً، وفيما إذا تمكّن مثل هذا المكلّف من العمرة المفردة وجبت عليه بنحو الاستقلال أيضاً.
وعليه، فإذا تمكّن من أحدهما دون الآخر وجب عليه ما يتمكّن منه خاصة، وإذا تمكّن من أحدهما في زمان ومن الآخر في زمان آخر وجب عليه القيام بما تقتضيه وظيفته في كلّ وقت.
وإذا تمكّن منهما في وقت واحد وجب عليه - حينئذٍ - الإتيان بهما، والمشهور بين الفقهاء في هذه الصورة وجوب تقديم الحجّ على العمرة المفردة، وهو الأحوط وجوباً.
مسألة 158: يشترك حجّ الإفراد مع حجّ التمتّع في جميع أعماله، ويفترق عنه في أمور:
أولاً: يعتبر في حجّ التمتّع وقوع العمرة والحجّ في أشهر الحجّ من سنة واحدة - كما مرّ - ولا يعتبر ذلك في حجّ الإفراد.
ثانياً: يجب النحر أو الذبح في حجّ التمتّع - كما مرّ - ولا يعتبر شيء من ذلك في حجّ الإفراد.
ثالثاً: الأحوط عدم تقديم الطواف والسعي على الوقوفين في حجّ التمتّع إلاّ لعذر - كما سيأتي في المسألة 412 - ويجوز ذلك في حجّ الإفراد.
رابعاً: إن إحرام حجّ التمتّع يكون بمكّة، وأما الإحرام في حجّ الإفراد فيختلف الحال فيه بالنسبة إلى أهل مكّة وغيرهم كما سيأتي في فصل المواقيت.
خامساً: يجب تقديم عمرة التمتّع على حجّه، ولا يعتبر ذلك في حجّ الإفراد.
سادساً: لا يجوز بعد إحرام حجّ التمتّع الطواف المندوب على الأحوط وجوباً، ويجوز ذلك في حجّ الإفراد.
مسألة 159: إذا أحرم لحجّ الإفراد ندباً جاز له أن يعدل إلى عمرة التمتّع فيقصّر ويحلّ، إلاّ فيما إذا لبّى(15) بعد السعي، فليس له العدول - حينئذٍ - إلى التمتّع.
مسألة 160: إذا أحـــرم لحـــجّ الإفـــراد ودخـــل مكّة جاز له أن يطــوف بالبيت نــدباً، ولكنّ الأحوط الأولى أن يجدّد التلبية بعد الفراغ من صلاة الطواف إذا لم يقصد العدول إلى التمتّع في مورد جوازه، وهذا الاحتياط يجري في الطواف الواجب أيضاً(16).
3- حجّ القِران
مسألة 161: يتّحد هذا العمل مع حجّ الإفراد في جميع الجهات، غير أن المكلّف يصحب معه الهدي وقت الإحرام، وبذلك يجب الهدي عليه، والاحرام في هذا القسم من الحجّ كما يكون بالتلبية يكون بالاشعار أو بالتقليد، وإذا أحرم لحجّ القِران لم يجز له العدول إلى حجّ التمتّع.
القسم {2} واجبات عمرة التمتّع (1) ـ الإحرام وشؤونه [فصل 1] مواقيت الإحرام
القسم {2}
تفصيل واجبات عمرة التمتّع(1)
(1) ـ الإحرام وشؤونه
[فصل 1]
مواقيت الإحرام
هناك أماكن خصّصتها الشريعة الاسلامية المطهّرة للإحرام منها، ويجب أن يكون الإحرام من تلك الأماكن، ويسمّى كلّ منها ميقاتاً، وهي تسعة:
1 - ذو الحليفة، وتقع بالقرب من المدينة المنورة، وهي ميقات أهل المدينة وكل من أراد الحجّ من طريق المدينة.والأحوط وجوباً الإحرام من مسجدها(2) المعروف بـ (مسجد الشجرة) وعدم كفاية الإحرام من خارج المسجد- لغير الحائض ومن بحكمها(3)- وإن كان محاذياً له.
مسألة 162: لا يجوز تأخير الإحرام من ذي الحليفة إلى الجحفة إلاّ لضرورة من مرض أو ضعف أو غيرهما من الأعذار.
2 - وادي العقيق، وهو ميقات أهل العراق ونجد، وكل من مرّ عليه من غيرهم، وهذا الميقات له أجزاء ثلاثة.
(المسلخ) وهو اسم لأوّله، و(الغمرة) وهو اسم لوسطه، و(ذات عرق) وهو اسم لآخره.
والأحوط الأولى أن يحرم المكلّف قبل أن يصل ذات عرق، فيما إذا لم تمنعه عن ذلك تقيّة أو مرض.
مسألة 163: قيل: يجوز الإحرام في حال التقيّة قبل ذات عرق سراً من غير نزع الثياب إلى ذات عرق، فإذا وصل ذات عرق نزع ثيابه ولبس ثوبي الإحرام هناك ولا كفّارة عليه، ولكن هذا القول لا يخلو عن إشكال.
3 - الجحفة، وهي ميقات أهل الشام ومصر والمغرب، بل كلّ من يمرّ عليها حتى من مرّ بذي الحليفة ولم يحرم منها لعذر أو من دونه على الأظهر.
4 - يلملم، وهو ميقات أهل اليمن، وكل من يمرّ من ذلك الطريق، ويلملم اسم لجبل.
5 - قرن المنازل، وهو ميقات أهل الطائف(4)، وكل من يمرّ من ذلك الطريق.
ولا يختصّ الميقات في هذه الأربعة الأخيرة بالمساجد الموجودة فيها(5)، بل كلّ مكان يصدق عليه أنه من العقيق أو الجحفة أو يلملم أو قرن المنازل يجوز الإحرام منه، وإذا لم يتمكّن المكلّف من إحراز ذلك فله أن يتخلص بالاحرام نذراً قبل ذلك كما هو جائز اختياراً.
6 - محاذاة أحد المواقيت المتقدمة(6)، فإن من سلك طريقاً لا يمرّ بشيء من المواقيت السابقة إذا وصل إلى موضع يحاذي أحدها أحرم من ذلك الموضع، والمراد بمحاذي الميقات: المكان الذي إذا استقبل فيه الكعبة المعظمة يكون الميقات على يمينه أو شماله بحيث لو جاوز ذلك المكان يتمايل الميقات إلى ورائه، ويكفي في ذلك الصدق العرفي ولا يعتبر التدقيق العقلي. وإذا كان الشخص يمرّ في طريقه بموضعين يحاذي كلّ منهما ميقاتاً فالأحوط الأولى له اختيار الإحرام عند محاذاة أوّلهما.
7 - مكّة، وهي ميقات حجّ التمتّع، وكذا حجّ القِران والإفراد(7) لأهل مكّة والمجاورين بها- سواء انتقل فرضهم إلى فرض أهل مكّة أم لا- فإنه يجوز لهم الإحرام لحجّ القِران أو الإفراد من مكّة ولا يلزمهم الرجوع إلى سائر المواقيت، وإن كان الأولى- لغير النساء- الخروج إلى بعض المواقيت- كالجعرانة- والاحرام منها.
والأحوط الأولى الإحرام من مكّة القديمة التي كانت على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله، وإن كان الأظهر جواز الإحرام من المحلاّت المستحدثة(8) بها أيضاً إلاّ ما كان خارجاً من الحرم.
8 - المنزل الذي يسكنه المكلّف، وهو ميقات من كان منزله دون الميقات إلى مكّة(9)، فإنه يجوز له الإحرام من منزله، ولا يلزم عليه الرجوع إلى المواقيت.
9 - أدنى الحل- كالحديبية والجعرانة والتنعيم(10)- وهو ميقات العمرة المفردة لمن أراد الإتيان بها بعد الفراغ من حجّ القِران أو الإفراد، بل لكل عمرة مفردة لمن كان بمكة(11) وأراد الإتيان بها، ويستثنى من ذلك صورة واحدة تقدمت في المسألة 140.
أحكام المواقيت
(تقديم الإحرام على الميقات أو تأخيره عنه أو تركه)
حكم تقديمه
مسألة 164: لا يجوز الإحرام قبل الميقات، ولا يكفي المرور عليه محرماً، بل لا بُدّ من إنشاء الإحرام من نفس الميقات، ويستثنى من ذلك موردان:
1 - أن ينذر الإحرام قبل الميقات(12)، فإنه يصح ولا يلزمه التجديد في الميقات، ولا المرور عليه، بل يجوز له الذهاب إلى مكّة من طريق لا يمرّ بشيء من المواقيت، ولا فرق في ذلك بين الحجّ الواجب والمندوب، والعمرة المفردة.
نعم، إذا كان إحرامه للحجّ أو عمرة التمتّع فلا بُدّ أن يراعى فيه عدم تقدّمه على أشهر الحجّ كما علم ممّا تقدّم.
2 - إذا قصد العمرة المفردة في رجب، وخشي عدم إدراكها- إذا أخّر الإحرام إلى الميقات- جاز له الإحرام قبل الميقات، وتحسب له عمرة رجب وإن أتى ببقية الأعمال في شعبان، ولا فرق في ذلك بين العمرة الواجبة والمندوبة.
مسألة 165: يجب على المكلّف اليقين بوصوله إلى الميقات والإحرام منه، أو يكون ذلك عن اطمئنان أو حجّة شرعيّة، ولا يجوز له الإحرام عند الشكّ في الوصول إلى الميقات.
مسألة 166: لو نذر الإحرام قبل الميقات وخالف وأحرم من الميقات لم يبطل إحرامه، ووجبت عليه كفّارة مخالفة النذر إذا كان متعمّداً.
(تأخير الإِحرام عن الميقات)
مسألة 167: كما لا يجوز تقديم الإحرام على الميقات لا يجوز تأخيره عنه(13)، فلا يجوز لمن أراد الحجّ أو العمرة أو دخول الحرم أو مكّة أن يتجاوز الميقات اختياراً إلاّ محرماً، وإن كان أمامه ميقات آخر، فلو تجاوزه(14) وجب العود إليه مع الامكان، ويستثنى من ذلك من تجاوز ذا الحليفة إلى الجحفة لا لعذر، فإنه يجزيه الإحرام من الجحفة على الأظهر وإن كان آثماً.
والأحوط(15) عدم التجاوز عن محاذاة الميقات إلاّ محرماً، وإن كان لا يبعد جواز التجاوز عنها إذا كان أمامه ميقات آخر أو محاذاة أخرى.
وإذا لم يكن المسافر قاصداً للنسك أو دخول الحرم أو مكّة، بأن كان له شغل خارج الحرم ثم بدا له دخول الحرم بعد تجاوز الميقات، جاز له الإحرام للعمرة المفردة من أدنى الحلّ.
(ترك الاحرام من الميقات)
مسألة 168: إذا ترك المكلّف الإحرام من الميقات عن علم وعمد حتى تجاوزه - في غير الفرض المتقدم - ففي المسألة صورتان:
الأولى: أن يتمكّن من الرجوع إلى الميقات، ففي هذه الصورة يجب عليه الرجوع والاحرام منه، سواء أكان رجوعه من داخل الحرم أم كان من خارجه، فإن أتى بذلك صحّ عمله من دون إشكال.
الثانية: أن لا يتمكّن من الرجوع إلى الميقات، سواء كان خارج الحرم أم كان داخله، متمكّناً من الرجوع إلى الحل أم لا، والأظهر في هذه الصورة بطلان الحجّ وعدم الاكتفاء بالاحرام من غير الميقات ولزوم الإتيان بالحجّ في عام آخر إذا كان مستطيعاً.
مسألة 169: إذا ترك الإحرام من الميقات عن نسيان أو إغماء أو ما شاكل ذلك، أو تركه عن جهل بالحكم أو جهل بالميقات - في غير الفرض المتقدم - فللمسألة صور أربع(16):
الصورة الأولى: أن يتمكّن من الرجوع إلى الميقات، فيجب عليه الرجوع والإحرام من هناك.
الصورة الثانية: أن يكون في الحرم ولم يمكنه الرجوع إلى الميقات لكن أمكنه الرجوع إلى خارج الحرم، وعليه حينئذٍ الرجوع إلى الخارج والاحرام منه(17).
والأولى في هذه الصورة الابتعاد عن الحرم بالمقدار الممكن ثم الإحرام من هناك.
الصورة الثالثة: أن يكون في الحرم ولم يمكنه الرجوع إلى الخارج، وعليه في هذه الصورة أن يحرم من مكانه، وإن كان قد دخل مكّة.
الصورة الرابعة: أن يكون خارج الحرم ولم يمكنه الرجوع إلى الميقات، والأحوط وجوباً له في هذه الصورة أن يرجع بالمقدار الممكن ثم يحرم.
وفي جميع هذه الصور الأربع يحكم بصحة عمل المكلّف إذا قام بما ذكرناه من الوظائف، وفي حكم تارك الإحرام من أحرم قبل الميقات أو بعده ولو كان عن جهل أو نسيان.
مسألة 170: إذا تركت الحائض الإحرام من الميقات لجهلها بالحكم إلى أن دخلت الحرم، فالأحوط وجوباً أن تخرج إلى خارج الحرم وتحرم منه إذا لم تتمكّن من الرجوع إلى الميقات، بل الأحوط لزوماً لها - في هذه الصورة - أن تبتعد عن الحرم بالمقدار الممكن ثم تحرم، على أن لا يكون ذلك مستلزماً لفوات الحجّ، وفيما إذا لم يمكنها إنجاز ذلك فهي وغيرها على حد سواء.
مسألة 171: إذا فسدت العمرة - ولو لفساد إحرامها - وجبت إعادتها مع التمكّن، ومع عدم الإعادة - ولو من جهة ضيق الوقت - يفسد حجّه، وعليه الإعادة في سنة أخرى.
مسألة 172: قال جمع من الفقهاء (رض) بصحّة العمرة فيما إذا أتى المكلّف بها من دون إحرام لجهل أو نسيان، ولكن هذا القول لا يخلو من إشكال، والأحوط وجوباً- في هذه الصورة - الإعادة على النحو الذي ذكرناه فيما إذا تمكّن منها.
(كيفية إحرام النائي الذي لا يمرّ بالمواقيت)
مسألة 173: قد تقدّم أن النائي يجب عليه الإحرام لعمرته من أحد المواقيت الخمسة الأولى، فإن كان طريقه منها فلا إشكال، وإن كان طريقه لا يمرّ بها كما هو الحال في زماننا هذا، حيث إن أغلب الحجّاج يردون مطار جدّة ابتداءً، وقسم منهم يريدون تقديم أعمال العمرة والحجّ على الذهاب إلى المدينة المنورة، ومن المعلوم أن جدّة ليست من المواقيت، ومحاذاتها لأحد المواقيت غير ثابتة، بل المطمأن به عدمها(18)، فلهم أن يختاروا أحد الطرق الثلاثة:
الأول: أن يحرم بالنذر من بلده أو من الطريق قبل المرور جوّاً على بعض المواقيت، وهذا لا إشكال فيه فيما إذا لم يستلزم الاستظلال من الشمس- كما إذا كان الطيران في الليل - أو الاتّقاء من المطر.
الثاني: أن يمضي من جدّة إلى بعض المواقيت أو إلى ما يحاذيه فيحرم منه، أو يذهب إلى مكان يقع خلف أحد المواقيت فيحرم منه بالنذر ك (رابغ) الذي يقع قبل الجحفة، وهو بلد مشهور يربطه بجدة طريق عام فيسهل الوصول إليه، بخلاف الجحفة التي ربما يصعب الذهاب إليها.
الثالث: أن يحرم من جدّة بالنذر، ويجوز هذا فيما لو علم - ولو إجمالاً - بأنّ بين جدّة والحرم موضعاً يحاذي أحد المواقيت كما لا يبعد ذلك بلحاظ المحاذاة مع الجحفة، وأما إذا احتمل وجود موضع المحاذاة ولم يحرزه فلا يمكنه الإحرام من جدّة بالنذر.
نعم، إذا وردها عازماً على الذهاب إلى أحد المواقيت أو ما بحكمها ثم لم يتيسّر له ذلك جاز له الإحرام منها بالنذر أيضاً، ولا يلزمه في هذه الصورة أن يجدّد إحرامه خارج الحرم قبل الدخول فيه على الأظهر.
(ترك الإحرام من مكّة في حجّ التمتّع)
مسألة 174: تقدّم أن المتمتّع يجب عليه أن يحرم لحجّه من مكّة، فلو أحرم من غيرها - عالماً عامداً - لم يصحّ إحرامه وإن دخل مكّة محرماً، بل وجب عليه الاستئناف من مكّة مع الامكان وإلاّ بطل حجّه.
مسألة 175: إذا نسي المتمتّع الإحرام للحجّ بمكّة(19) وجب عليه العود مع الامكان، وإلاّ أحرم في مكانه -ولو كان في عرفات- وصحّ حجّه، وكذلك الجاهل بالحكم.
مسألة 176: لو نسي إحرام الحجّ ولم يذكر حتى أتى(20) بجميع أعماله صحّ حجّه، وكذلك الجاهل.
[فصل 2] كيفيّة الإحرام
[فصل 2]
كيفيّة الإحرام
واجبات الإحرام ثلاثة أمور:
الأمر الأول: النيّة، ومعنى النيّة أن يعقد العزم على الإتيان بالحجّ أو العمرة متقرباً إلى الله تعالى، ولا يعتبر فيها المعرفة التفصيلية بما يشتمل عليه نسكه، بل تكفي المعرفة الاجمالية أيضاً، فلو لم يعلم المكلّف حين النيّة بتفاصيل ما يجب عليه في العمرة- مثلاً- كفاه أن يتعلمه شيئاً فشيئاً من الرسالة العملية أو ممن يثق به من المعلِّمين.
ويعتبر في النيّة أمور:
1 - القربة والاخلاص كما في سائر العبادات.
2 - حصولها في مكان خاص، وقد تقدم بيانه في مبحث المواقيت.
3 - تعيين المنوي(1) وأنه الحجّ أو العمرة، وأن الحجّ حجّ تمتّع أو قِران أو إفراد، وإذا كان عن غيره فلا بُدّ من قصد ذلك، ويكفي في وقوعه عن نفسه عدم قصد الوقوع عن الغير، والأظهر أنه يكفي في سقوط الواجب بالنذر انطباق المنذور على المأتي به، ولا يتوقف على قصد كونه حجّاً نذرياً مثلاً، كما يكفي في كونه حجّة الاسلام انطباق الواجب بالأصالة عليه ولا يحتاج إلى قصد زائد.
مسألة 177: لا يعتبر في صحّة النيّة التلفظ(2) بها وإن كان مستحباً، كما لا يعتبر في قصد القربة الإخطار بالبال، بل يكفي الداعي على حد سائر العبادات.
مسألة 178: لا يعتبر في صحّة الإحرام العزم على ترك محرّماته(3)- حدوثاً وبقاءً- فيصحّ الإحرام حتى مع العزم على ارتكابها.
نعم، إذا كان عازماً حين الإحرام في العمرة المفردة على أن يجامع زوجته قبل الفراغ من السعي أو تردّد في ذلك، فالظاهر بطلان إحرامه، وكذلك الحال في الاستمناء على الأحوط وجوباً.
وأما لو عزم على الترك حين الإحرام ولم يستمرّ عزمه، بأن نوى بعد تحقق الإحرام الإتيان بشيء منهما لم يبطل إحرامه.
الأمر الثاني: التلبية، وصورتها (4) أن يقول: " لبّيك اللهم لبّيك، لبّيك لا شريك لك لبّيك " والأحوط الأولى إضافة هذه الجملة: " إنّ الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك " ويجوز إضافة " لبّيك " إلى آخرها بأن يقول: " لا شريك لك لبّيك ".
مسألة 179: على المكلّف أن يتعلّم ألفاظ التلبية ويحسن أداءها بصورة صحيحة(5) كتكبيرة الإحرام في الصلاة، ولو كان ذلك من جهة تلقينه هذه الكلمات من قِبَلِ شخص آخر، فإذا لم يتعلّم تلك الألفاظ ولم يتيسّر له التلقين اجتزأ بالتلفّظ بها ملحوناً إذا لم يكن اللحن بحدّ يمنع من صدق التلبية عليها عرفاً، وإلاّ فالأحوط وجوباً الجمع بين الإتيان بمرادفها وبترجمتها(6) والاستنابة في ذلك.
مسألة 180: الأخرس لعارض مع التفاته إلى لفظة التلبية يأتي بها على قدر ما يمكنه، فإن عجز حرّك بها لسانه وشفتيه حين إخطارها بقلبه وأشار بإصبعه إليها على نحو يناسب تمثيل لفظها.
وأما الأخرس الأصمّ من الأول ومن بحكمه، فيحرّك لسانه وشفتيه تشبيهاً بمن يتلفّظ بها، مع ضمّ الإشارة بالإصبع إليها أيضاً.
مسألة 181: الصبيّ غير المميّز يُلبّى عنه(7).
مسألة 182: لا ينعقد إحرام حجّ التمتّع وإحرام عمرته، وإحرام حجّ الإفراد، وإحرام العمرة المفردة إلاّ بالتلبية.
وأما حجّ القِران فكما يتحقق إحرامه بالتلبية يتحقق بالإشعار أو التقليد، والإشعار مختصّ بالبُدن، والتقليد مشترك بين البُدن وغيرها من أنواع الهدي، والأولى الجمع بين الإشعار والتقليد في البُدن، والأحوط الأولى أن يلبِّي القارن وإن كان عقد إحرامه بالإشعار أو التقليد.
ثم إن الإشعار: هو طعن صفحة سنام البُدنة وتلطيخها بالدم ليعلم أنها هدي، والأحوط وجوباً أن يكون الطعن في الصفحة اليمنى.
نعم، إذا كانت البدن كثيرة، جاز أن يدخل الرجل بين كلّ بدنتين فيشعر إحداهما من الصفحة اليمنى والأخرى من اليسرى.
والتقليد: هو أن يعلّق في رقبة الهدي خيطاً أو سيراً أو نعلاً ونحوها ليعلم أنه هدي، ولا يبعد كفاية التجليل بدلاً عن التقليد، وهو ستر الهدي بثوب ونحوه ليكون علامة على كونه هدياً.
مسألة 183: لا يشترط الطهارة عن الحدث الأصغر والأكبر في صحّة الإحرام(8)، فيصح الإحرام من المحدث بالأصغر أو الأكبر، كالمجنب والحائض والنفساء وغيرهم.
مسألة 184: التلبية وكذا الاشعار والتقليد لخصوص القارن بمنزلة تكبيرة الإحرام في الصلاة، فلا يتحقق الإحرام بدونها، فلو نوى الإحرام ولبس الثوبين وفعل شيئاً من المحرّمات قبل أن يلبّي لم يأثم وليس عليه كفّارة.
مسألة 185: الأفضل لمن عقد الإحرام من مسجد الشجرة أن يؤخّر التلبية إلى أول البيداء(9) عند آخر ذي الحليفة حين تستوي به الأرض، وإن كان الأحوط استحباباً التعجيل بها وتأخير رفع الصوت بها إلى البيداء، هذا للرجل(10)، وأما المرأة فليس عليها رفع الصوت بالتلبية أصلاً.
والأولى لمن عقد الإحرام من سائر المواقيت(11) تأخير التلبية إلى أن يمشي قليلاً، ولمن عقده من المسجد الحرام تأخيرها إلى الرقطاء، وهو موضع دون الردم، ( والردم موضع بمكة، قيل: يسمّى الآن ب (مدعى) بالقرب من مسجد الراية قبيل مسجد الجن).
مسألة 186: الواجب من التلبية مرة واحدة، نعم يستحبّ الاكثار منها وتكرارها ما استطاع، والأحوط وجوباً لمن اعتمر عمرة التمتّع قطع التلبية عند مشاهدة موضع بيوت مكّة القديمة، وحدّه لمن جاء من أعلى مكّة عن طريق المدينة ( عقبة المدنيين )، ولمن جاء من أسفلها ( عقبة ذي طوى ).
كما أن الأحوط وجوباً لمن اعتمر عمرة مفردة قطعها عند دخول الحرم إذا جاء من خارج الحرم، وعند مشاهدة موضع بيوت مكّة إذا كان إحرامه من أدنى الحل، ولمن حجّ بأي نوع من أنواع الحجّ قطعها عند الزوال من يوم عرفة.
مسألة 187: إذا شكّ بعد لبس الثوبين وقبل التجاوز من المكان الذي لا يجوز تأخير التلبية عنه في أنه أتى بها أم لا بنى على عدم الإتيان، وإذا شكّ بعد الإتيان بالتلبية أنه أتى بها صحيحة أم لا بنى على الصحّة.
الأمر الثالث: لبس الثوبين(12) ( الإزار والرداء ) بعد التجرد عمّا يجب على المحرم اجتنابه، ويستثنى من ذلك الصبيّان فيجوز تأخير تجريدهم إلى فخ إذا ساروا من ذلك الطريق.
والظاهر أنه لا يعتبر في لبسهما كيفيّة خاصّة، فيجوز الاتزار بأحدهما كيف شاء، والارتداء بالآخر أو التوشح به أو غير ذلك من الهيئات، وإن كان الأحوط استحباباً لبسهما على الطريق المألوف.
مسألة 188: لبس الثوبين للمحرم واجب استقلالي وليس شرطاً في تحقق الإحرام على الأظهر.
مسألة 189: الأحوط وجوباً في الإزار أن يكون ساتراً من السرّة إلى الركبة، وفي الرداء(13) أن يكون ساتراً للمنكبين والعضدَين وقدراً معتداً به من الظهر.
والأحوط وجوباً كون اللبس قبل النيّة والتلبية، ولو قدّمهما عليه فالأحوط الأولى إعادتهما بعده(14).
مسألة 190: لو أحرم في قميص - جاهلاً أو ناسياً - نزعه وصحّ إحرامه، بل الأظهر صحّة إحرامه حتى فيما إذا أحرم فيه عالماً عامداً، وأما إذا لبسه - بعد الإحرام - فلا إشكال في صحّة إحرامه، ولكن يلزم عليه شقّه وإخراجه من تحت.
مسألة 191: لا بأس بالزيادة على الثوبين في ابتداء الإحرام وبعده للتحفّظ من البرد أو الحرّ أو لغير ذلك.
مسألة 192: يعتبر في الثوبين نفس الشروط المعتبرة في لباس المصلي(15)، فيلزم أن لا يكونا من الحرير الخالص، ولا من أجزاء السباع، بل مطلق ما لا يؤكل لحمه على الأحوط، ولا من المذهّب، ويلزم طهارتهما كذلك، نعم لا بأس بتنجسهما بنجاسة معفو عنها في الصلاة.
مسألة 193: الأحوط وجوباً في الإزار أن يكون جميعه ساتراً للبشرة غير حاكٍ عنها، ولا يعتبر ذلك في الرداء.
مسألة 194: الأحوط الأولى في الثوبين أن يكونا من المنسوج، ولا يكونا من قبيل الجلد والملبّد.
مسألة 195: يختصّ وجوب لبس الإزار والرداء بالرجال دون النساء(16)، فيجوز لهنّ أن يحرمن في ألبستهن العاديّة على أن تكون واجدة للشرائط المتقدّمة.
مسألة 196: إن حرمة لبس الحرير وإن كانت تختصّ بالرجال ولا يحرم لبسه على النساء، إلاّ أن الأحوط وجوباً للمرأة أن لا يكون ثوبها من الحرير، بل الأحوط لزوماً أن لا تلبس شيئاً من الحرير الخالص في جميع أحوال الإحرام إلاّ في حال الضرورة كالاتّقاء من البرد والحرّ.
مسألة 197: إذا تنجّس أحد الثوبين(17) أو كلاهما بعد التلبّس بالإحرام فالأحوط وجوباً المبادرة إلى التبديل أو التطهير.
مسألة 198: لا تجب الاستدامة في لباس الإحرام(18)، فلا بأس بإلقائه عن متنه لضرورة أو غير ضرورة، كما لا بأس بتبديله على أن يكون البدل واجداً للشرائط.
[فصل 3] تروك الإحرام
[فصل 3]
تروك الإحرام
قلنا فيما سبق: إنّ الإحرام لا ينعقد من دون التلبية أو ما بحكمها وإن حصلت نيّته، وإذا أحرم المكلّف حرمت عليه أُمور، وهي خمسة وعشرون كما يلي:
( 1 ) الصيد البرّي.
( 2 ) مجامعة النساء.
( 3 ) تقبيل النساء.
( 4 ) لمس المرأة.
( 5 ) النظر إلى المرأة وملاعبتها.
( 6 ) الاستمناء.
( 7 ) عقد النكاح.
( 8 ) استعمال الطيب.
( 9 ) لبس المخيط أو ما بحكمه للرجل.
( 10 ) التكحّل.
( 11 ) النظر في المرآة.
( 12 ) لبس الخفّ والجورب للرجال.
( 13 ) الفسوق.
( 14 ) المجادلة.
( 15 ) قتل هوام الجسد.
( 16 ) التزيّن.
( 17 ) الادّهان.
( 18 ) إزالة الشعر من البدن.
(19) ستر الرأس للرجال، وهكذا الارتماس في الماء حتى على النساء.
(20) ستر الوجه للنساء.
( 21 ) التظليل للرجال.
( 22 ) إخراج الدم من البدن.
( 23 ) التقليم.
( 24 ) قلع الضرس على قول.
(25) حمل السلاح.
1 - الصيد البرّي
مسألة 199: لا يجوز للمحرم استحلال شيء من صيد البرّ، سواء في ذلك اصطياده وقتله وجرحه وكسر عضو منه، بل ومطلق إيذائه، كما لا يجوز ذلك للمحل في الحرم أيضاً، والمراد بالصيد الحيوان الممتنع بالطبع وإن تأهل لعارض، ولا فرق فيه بين أن يكون محلل الأكل أم لا على الأظهر.
مسألة 200: تحرم على المحرم إعانة غيره - محلاً كان أو محرماً - على صيد الحيوان البري، حتى بمثل الإشارة إليه، بل الأحوط وجوباً عدم إعانته في مطلق ما يحرم على المحرم استحلاله من الصيد.
مسألة: 201: لا يجوز للمحرم إمساك الصيد البري والاحتفاظ به(1)، سواء اصطاده هو - ولو قبل إحرامه - أم غيره في الحل أم في الحرم.
مسألة 202: لا يجوز للمحرم أكل شيء من الصيد(2) وإن كان قد اصطاده المُحلّ في الحلّ، كما يحرّم على المُحلّ - على الأحوط - ما اصطاده المحرم في الحل فقتله بالاصطياد أو ذبحه بعد اصطياده، وكذلك يحرم على المُحلّ ما اصطاده أو ذبحه المحرم أو المٌحلّ في الحرم.
مسألة 203: يثبت لفرخ الصيد البري حكم نفسه، وأما بيضه فلا يبعد حرمة أخذه وكسره وأكله على المحرم، والأحوط وجوباً أن لا يعين غيره على ذلك أيضاً.
مسألة 204: الأحكام المتقدمة - كما ذكرنا - إنما تختص بصيد البر، ومنه الجراد، وأما صيد البحر فلا بأس به، والمراد بصيد البحر ما يعيش في الماء فقط كالسمك، وأما ما يعيش في الماء وخارجه فملحق بالبرّي، ولا بأس بصيد ما يشك في كونه بريّاً على الأظهر.
مسألة 205: كما يحرم على المحرم صيد البر كذلك يحرم عليه قتل شيء من الدواب وإن لم يكن من الصيد، ويستثنى من ذلك موارد:
1 - الحيوانات الأهلية - وإن توحشت- كالغنم والبقر والإبل، وما لا يستقل بالطيران من الطيور كالدجاج حتى الدجاج الحبشي (الغرغر)، فإنه يجوز له ذبحها، كما لا بأس بذبح ما يشك في كونه أهلياً.
2 - ما خشيه المحرم على نفسه أو أراده من السباع والحيّات وغيرهما، فإنه يجوز له قتله.
3 - سباع الطيور إذا آذت حمام الحرم، فيجوز قتلها أيضاً.
4 - الأفعى والأسود الغدر وكل حيّة سوء والعقرب والفأرة، فإنه يجوز قتلها مطلقاً(3).
ولا كفّارة في قتل شيء مما ذكر، كما لا كفّارة في قتل السباع مطلقاً- إلا الأسد- على المشهور.
وقيل بثبوت الكفّارة - وهي القيمة - في قتل ما لم يرده منها.
مسألة 206: لا بأس للمحرم أن يرمي الغراب والحدأة، ولا كفّارة لو أصابهما الرمي وقتلهما.
كفّارات الصيد
مسألة 207: في قتل النعامة بدنة، وفي قتل بقرة الوحش بقرة، وكذا في قتل حمار الوحش على الأحوط لزوماً، وفي قتل الظبي والأرنب شاة، وكذلك في الثعلب على الأحوط وجوباً.
مسألة 208: من أصاب شيئاً من الصيد فإن كان فداؤه بدنة ولم يجد ما يشتريها به فعليه إطعام ستين مسكيناً، لكل مسكين مد، فإن لم يقدر صام ثمانية عشر يوماً، وإن كان فداؤه بقرة ولم يجد فليطعم ثلاثين مسكيناً، فإن لم يقدر صام تسعة أيام، وإن كان فداؤه شاة ولم يجد فليطعم عشرة مساكين، فإن لم يقدر صام ثلاثة أيام.
مسألة 209: في قتل القطاة والحجّل والدرّاج ونظيرها حمل قد فطم من اللبن وأكل من الشجر، وفي العصفور والقبّرة والصعوة مدّ من الطعام على الأظهر، وفي قتل غير ما ذكر من الطيور- كالحمامة ونحوها- شاة، وفي فرخه حمل أو جدي، وحكم بيضه إذا كان فيه فرخ يتحرك حكم الفرخ، وإذا كان فيه فرخ لا يتحرك ففيه درهم، وكذا إذا كان مجرّداً عن الفرخ على الأحوط وجوباً. وفي قتل جرادة(4) واحدة تمرة أو كفّ من الطعام، والثاني أفضل، ومع التعدّد تتعدّد الكفّارة إلا إذا كان كثيراً عرفاً فإن فيه شاة.
مسألة 210: في قتل اليربوع والقنفذ والضب جديُ، وفي قتل العظاية كف من الطعام.
مسألة 211: في قتل الزنبور- متعمداً- اطعام شيء من الطعام، وإذا كان القتل دفعاً لايذائه فلا شيء عليه.
مسألة 212: إذا أصاب المحرم الصيد في خارج الحرم فعليه الفداء، أو قيمته السوقية فيما لا تقدير لفديته، وإذا أصابه المحل في الحرم فعليه القيمة، إلا في الأسد فإن فيه كبشاً على الأظهر، وإذا أصابه المحرم في الحرم فعليه الجمع بين الكفّارتين.
مسألة 213: يجب على المحرم أن ينحرف عن الجادة إذا كان فيها الجراد، فإن لم يتمكّن فلا بأس بقتلها.
مسألة 214: لو اشترك جماعة محرمون في قتل صيد فعلى كلّ واحد منهم كفّارة مستقلة.
مسألة 215: كفّارة أكل الصيد ككفّارة الصيد نفسه، فلو صاده المحرم وأكله فعليه كفّارتان.
مسألة 216: إذا كان مع المحل صيد ودخل الحرم وجب عليه إرساله، فإن لم يرسله حتى مات لزمه الفداء، ومن أحرم ومعه صيد حرم عليه إمساكه مطلقاً كما تقدم، وإن لم يرسله حتى مات لزمه الفداء ولو كان ذلك قبل دخول الحرم على الأحوط وجوباً.
مسألة 217: لا فرق في وجوب الكفّارة في قتل الصيد وأكله بين العمد والسهو والجهل.
مسألة 218: تتكرر الكفّارة بتكرر الصيد لخطأ أو نسيان أو اضطرار أو جهل يعذر فيه، وكذلك في العمد إذا كان الصيد من المحل في الحرم، أو من المحرم مع تعدّد الإحرام، وأما إذا تكرر الصيد عمداً من المحرم في إحرام واحد فلا تجب الكفّارة بعد المرّة الأولى، بل هو ممن قال الله تعالى فيه: [وَ مَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ].
2 - مجامعة النساء
مسألة 219: يحرم على المحرم الجماع أثناء عمرة التمتّع، وكذا أثناء العمرة المفردة وأثناء الحجّ قبل الإتيان بصلاة طواف النساء.
مسألة 220: إذا جامع المتمتّع أثناء عمرته قبلا أو دبراً، عالماً عامداً(5)، فإن كان بعد الفراغ من السعي لم تفسد عمرته، ووجبت عـليه الكــفّارة، وهي على الأحوط لزوماً جزور أو بقرة، وإن كان قبل الفراغ من السعي فكفّارته كما تقدم، والأحوط وجوباً أن يتم عمرته ويأتي بالحجّ بعدها ثم يعيدهما في العام القابل.
مسألة 221: إذا جامع المحرم للحجّ امرأته قبلاً أو دبراً، عالماً عامداً، قبل الوقوف بالمزدلفة، وجبت عليه الكفّارة وإتمام الحجّ وإعادته في العام القابل، سواء كان الحجّ فرضاً أم نفلاً، وكذلك المرأة إذا كانت محرمة وعالمة بالحال ومطاوعة له على الجماع، ولو كانت المرأة مكرهة على الجماع فلا شيء عليها، وتجب على الزوج المكرِه كفّارتان.
وكفّارة الجماع بدنة(6)، ومع العجز عنها شاة، ويجب التفريق بين الرجل والمرأة في حجّتهما- بأن لا يجتمعا إلا إذا كان معهما ثالث- إلى أن يفرغا من مناسك الحجّ حتى أعمال منى ويرجعا إلى نفس المحل الذي وقع فيه الجماع، ولو رجعا من غير ذلك الطريق جاز أن يجتمعا إذا قضيا المناسك.
كما يجب التفريق بينهما أيضاً في الحجّة المعادة من حين الوصول إلى محل وقوع الجماع إلى وقت الذبح بمنى، بل الأحوط وجوباً استمرار التفريق إلى الفراغ من تمام الأعمال والرجوع إلى المكان الذي وقع فيه الجماع.
مسألة 222: إذا جامع المحرم امرأته عالماً عامداً بعد الوقوف بالمزدلفة، فإن كان ذلك قبل طواف النساء وجبت عليه الكفّارة على النحو المتقدم، ولكن لا تجب عليه الإعادة، وكذلك إذا كان جماعه قبل إتمام الشوط الرابع من طواف النساء، وأما إذا كان بعده فلا كفّارة عليه أيضاً(7).
مسألة 223: من جامع امرأته عالماً(8) عامداً في العمرة المفردة، وجبت عليه الكفّارة على النحو المتقدم، ولا تفسد عمرته إذا كان الجماع بعد السعي، وأما إذا كان قبله بطلت عمرته، ووجب عليه أن يقيم بمكة إلى شهر آخر ثم يخرج إلى أحد المواقيت الخمسة المعروفة ويحرم منه للعمرة المعادة، ولا يجزئه الإحرام من أدنى الحل على الأحوط، والأحوط وجوباً له إتمام العمرة الفاسدة أيضاً.
مسألة 224: إذا جامع المحل زوجته المحرمة، فإن كانت مطاوعة وجبت عليها كفّارة بدنة، وإن كانت مكرهة فلا شيء عليها(9) ووجبت الكفّارة على زوجها على الأحوط. بل الأحوط لزوماً أن يغرم الكفّارة عنها في الصورة الأولى أيضاً.
مسألة 225: إذا جامع المحرم امرأته جهلاً أو نسياناً صحّت عمرته وحجّه، ولا تجب عليه الكفّارة.
وهذا الحكم يجري أيضاً في المحرّمات الآتية التي توجب الكفّارة، بمعنى أن ارتكاب المحرم أي عمل منها لا يوجب الكفّارة عليه إذا كان صدوره منه ناشئاً عن جهل أو نسيان، ويستثنى من ذلك موارد:
1 - ما إذا نسي الطواف في الحجّ أو العمرة حتى رجع إلى بلاده وواقع أهله.
2 - ما إذا نسي شيئاً من السعي في عمرة التمتّع فأحل باعتقاد الفراغ منه.
3 - من أمرّ يده على رأسه أو لحيته عبثاً فسقطت شعرة أو أكثر.
4 - ما إذا ادّهن بالدهن الطيّب أو المطيّب عن جهل، ويأتي جميع ذلك في محالها.
3 - تقبيل النساء
مسألة 226: لا يجوز للمحرم تقبيل زوجته عن شهوة، فلو قبّلها كذلك وخرج منه المني فعليه كفّارة بدنة، وإذا لم يخرج منه المني فلا يبعد كفاية التكفير بشاة، وإذا قبّلها لا عن شهوة(10) وجبت عليه الكفّارة أيضاً على الأحوط وهي شاة.
مسألة 227: إذا قبّل المحل زوجته المحرمة فالأحوط لزوماً أن يكفّر بدم شاة.
4 - مس النساء
مسألة 228: لا يجوز للمحرم أن يمسّ زوجته أو يحملها أو يضمّها إليه عن شهوة(11)، فإن فعل ذلك فأمنى أو لم يمنِ لزمه كفّارة شاة(12)، فإذا لم يكن المسّ والحمل والضمّ عن شهوة فلا شيء عليه.
5 - النظر إلى المرأة وملاعبتها
مسألة 229: لا يجوز للمحرم أن يلاعب زوجته، وإن فعل ذلك فأمنى لزمته كفّارة بدنة، ومع العجز عنها فشاة، وعليه أن يجتنب النظر إليها بشهوة إذا كان مستتبعاً للامناء، بل مطلقاً على الأحوط الأولى.
ولو نظر إليها بشهوة فأمنى وجبت عليه الكفّارة على الأحوط وهي بدنة.
وأما إذا نظر إليها بشهوة ولم يمنِ، أو نظر إليها بغير شهوة فأمنى فلا كفّارة عليه.
مسألة 230: إذا نظر المحرم إلى غير أهله نظراً لا يحلّ له، فإن لم يمن فلا كفّارة عليه، وإن أمنى وجبت عليه الكفّارة، والأحوط وجوباً إن كان موسراً أن يكفّر ببدنة، وإن كان متوسط الحال أن يكفّر ببقرة، وأما الفقير فتجزئه الشاة على الأظهر.
مسألة 231: يجوز استمتاع المحرم من زوجته بالتحدث إليها ومجالستها(13) ونحو ذلك، وإن كان الأحوط استحباباً ترك الاستمتاع منها مطلقاً.
6 - الاستمناء
مسألة 232: الاستمناء على أقسام(14):
1 - الاستمناء بدلك العضو التناسلي باليد أو غيرها، وهو حرام مطلقاً، وحكمه في الحجّ حكم الجماع، وكذا في العمرة المفردة على الأحوط وجوباً، فلو استمنى كذلك في إحرام الحجّ قبل الوقوف بالمزدلفة وجبت عليه الكفّارة، ولزمه إتمامه وإعادته في العام القابل، ولو فعل ذلك في عمرته المفردة قبل الفراغ من السعي وجبت عليه الكفّارة، وإتمام العمرة وإعادتها في الشهر اللاحق على الأحوط.
2 - الاستمناء بتقبيل الزوجة أو مسها أو ملاعبتها أو النظر إليها، وحكمه ما تقدم في المسائل السابقة.
3 - الاستمناء بالاستماع إلى حديث امرأة أو نعتها أو بالخيال أو ما شاكل ذلك، وهذا محرّم على المحرم أيضاً، ولكن الأظهر عدم ثبوت الكفّارة عليه بسببه.
7 - عقد النكاح
مسألة 233: يحرم على المحرم التزويج لنفسه، أو لغيره، سواء أكان ذلك الغير محرماً أم كان محلاً، وسواء أكان التزويج تزويج دوام أم كان تزويج انقطاع، ويفسد(15) العقد في جميع هذه الصور.
مسألة 234: إذا عُُقد لمحرم امرأة فدخل بها، فعلى كلّ من العاقد والرجل والمرأة كفّارة بدنة، إذا كانوا عالمين بالحال- حكماً وموضوعاً- وإذا كان بعضهم عالماً دون بعض فلا كفّارة على الجاهل، ولا فرق فيما ذكر بين أن يكون العاقد والمرأة محلّين أو محرمين.
مسألة 235: لا يجوز للمحرم أن يشهد عقد النكاح ويحضر وقوعه على المشهور، والأحوط الأولى أن يتجنب أداء الشهادة عليه أيضاً وإن تحملها محلاًً.
مسألة 236: الأحوط الأولى أن لا يتعرض المحرم لخطبة النساء، نعم يجوز له الرجوع إلى مطلّقته الرجعية، كما يجوز له طلاق زوجته.
8 - استعمال الطيب
مسألة 237: يحرم على المحرم استعمال الطيب شماً(16) وأكلاً(17) وإطلاءاً وصبغاً وبخوراً، وكذلك لبس ما يكون عليه أثر منه، والمراد بالطيب(18) كلّ مادة يطيب بها البدن أو الثياب أو الطعام أو غيرها، مثل المسك والعنبر والورس والزعفران ونحوها، حتى العطور المتعارفة- كعطر الورد والياس والرازقي وما يشبهها- على الأظهر.
ويستثنى من الطيب (خلوق الكعبة)(19) وهو طيب كان يتخذ من الزعفران وغيره يطلى به الكعبة المعظمة، فلا يجب على المحرم أن يجتنب شمه وإصابته لثيابه وبدنه، وإن أصابهما لم تجب إزالته بغسل أو نحوه.
مسألة 238: يحرم على المحرم شمّ الرياحين وهي نباتات تفوح منها رائحة طيّبة وتتخذ للشمّ، سواء التي يصنع منها الطيب -كالياسمين والورد- وغيرها، ويستثنى منها بعض أقسامها البرّيّة كالشيح والقيصوم والخزامي والإذخر وأشباهها، فإنه لا بأس بشمّها على الأظهر.
وأما الفواكه والخضروات الطيّبة الرائحة- كالتفاح والسفرجل والنعناع- فيجوز للمحرم أكلها، ولكن الأحوط وجوباً الامساك عن شمّها(20) حين الأكل.
وكذلك الحال في الأدهان الطيّبة(21)، فإن الأظهر جواز أكل ما يطعم منها ولا يعد من الطيب عرفاً، ولكن الأحوط لزوماً أن يمسك عن شمّها حين الأكل.
مسألة 239: لا يجب على المحرم أن يمسك على أنفه من الرائحة الطيبة حال سعيه بين الصفا والمــــروة، إذا كـــان هناك من يبيع العطور، وعليه أن يمسك على أنفه من الرائحة الطيبة في غير هذا الحال(22)، نعم لا بأس بشمّ خلوق الكعبة على ما تقدم.
مسألة 240: إذا تعمّد المحرم أكل شيء من الطيب، أو لبس ما يكون عليه أثر منه، فعليه كفّارة شاة على الأحوط لزوما(23)، ولا كفّارة عليه في استعمال الطيب فيما عدا ذلك، وإن كان التكفير أحوط استحباباً.
مسألة 241: يحرم على المحرم أن يمسك على أنفه من الروائح الكريهة(24)، نعم لا بأس بالاسراع في المشي للتخلص منها.
9 - لبس المخيط أو ما بحكمه للرجل
مسألة 242: لا يجوز للمحرم أن يلبس ثوباً يزره ( أي يربط بعضه بالبعض الآخر بأزرار أو ما يفيد فائدتها ) أو يتدرّعه ( أي يلبسه كما يلبس الدرع بأن يخرج رأسه ويديه من الفتحات المخصصة لها ) كما لا يجوز له لبس السراويل(25) وما يشبهه في ستر العورتين كالبنطلون إلا إذا لم يكن له أزرار، والأحوط لزوماً أن يجتنب لبس الثياب المتعارفة كالقميص والقباء والجبّة والسترة والثوب العربي (الدشداشة) مطلقاً وإن لم يزرها أو يتدرعها.
نعم، يجوز له في حال الاضطرار أن يطرح القميص أو ما يشبهه على عاتقه، ويلبس القباء أو نحوه مقلوباً(26) ولا يدخل يديه في يدي القباء، ولا فرق فيما ذكر كله بين أن يكون الثوب مخيطاً أو منسوجاً أو ملبداً أو غير ذلك.
ويجوز للمحرم أن يربط على وسطه محفظة نقوده وإن كانت من قسم المخيط كالهميان(27) والمنطقة، كما يجوز له التحزم بالحزام المخيط الذي يستعمله المبتلى بالفتق لمنع نزول الأمعاء في الأنثيين.
ويجوز له أيضاً أن يغطي بدنه- ما عدا الرأس- في حالة الاضطجاع أو غيره باللحاف ونحوه من أقسام المخيط(28).
مسألة 243: الأحوط وجوباً أن لا يعقد المحرم الإزار في عنقه، بل لا يعقده مطلقاً، ولو بعضه ببعض، ولا يغرزه بإبرة ونحوها، والأحوط لزوماً أن لا يعقد الرداء أيضاً، ولا بأس بغرزه بالإبرة وأمثالها(29).
مسألة 244: يجوز للمرأة لبس المخيط مطلقاً عدا القفّازين- أي الكفوف(30)- فإنه لا يجوز لها أن تلبسها في يديها.
مسألة 245: إذا لبس المحرم متعمداً شيئاً يحرم عليه لبسه، وجبت عليه كفّارة شاة حتى ولو كان مضطراً إلى ذلك على الأحوط، ولو تعدّد اللبس تعدّدت الكفّارة، وكذا لو تعدّد الملبوس(31) - بأن جعل بعض الألبسة في بعض ولبس الجميع دفعة واحدة - مع اختلافها في الصنف، بل وكذا مع اتحادها على الأحوط لزوماً.
10 - الاكتحال
مسألة 246: الاكتحال على قسمين:
1 - أن يكون الاكتحال بالكحل الأسود، أو أي كحل آخر يعد الاكتحال به زينة عرفاً، وهذا حرام على المحرم إذا قصد به الزينة على الأظهر، بل مطلقاً على الأحوط، نعم لا بأس بالاكتحال به في حال الاضطرار لغرض التداوي والعلاج.
2 - أن يكون الاكتحال بغير الكحل الأسود وما يعدّ مثله في التزيّن به، وهذا لا بأس به إذا لم يقصد به الزينة، وإلاّ فالأحوط لزوماً تركه، ولا كفّارة في الاكتحال مطلقاً، وإن كان الأولى التكفير بشاة إذا اكتحل بما لا يحلّ له.
11 - النظر في المرآة
مسألة 247: لا يجوز للمحرم أن ينظر في المرآة للزينة، ويجوز إذا كان لغرض آخر(32) كتضميد جرح الوجه أو استعلام وجود حاجب عليه، أو كنظر السائق فيها لرؤية ما خلفه من السيارات ونحو ذلك، وقد تلحق بالمرآة سائر الأجسام الصقيلة(33) التي تفيد فائدتها.
ويستحب لمن نظر في المرآة للزينة أن يجدّد التلبية.
وأما النظر عبر النظّارة الطبيّة فلا بأس به، نعم الأحوط وجوباً الاجتناب عن لبسها إذا عدت زينة عرفاً.
12 - لبس الخف والجورب للرجال
مسألة 248: يحرم على الرجل المحرم أن يلبس ما يغطّي تمام ظهر قدمه(34) كالجورب والخف، إلا في حال الاضطرار، كما إذا لم يتيسر له نعل أو شبهه فدعت الضرورة إلى لبس الخف، فإنه يجوز له ذلك ولكن بعد شق ظهره على الأحوط وجوباً.
ويجوز له لبس ما يستر بعض ظهر القدم، كما يجوز له ستر تمامه من دون لبس كأن يلقي طرف ردائه عليها حال الجلوس، ولا كفّارة في لبس الخف وشبهه مطلقاً.
وأما لبس الجورب وما يماثله فتجب الكفّارة فيه على المتعمد على الأحوط، والكفّارة دم شاة.
ولا بأس بلبس الجورب والخف وغيرهما مما يغطي تمام ظهر القدم للنساء.
13 - الفسوق
مسألة 249: الفسوق- ويشمل الكذب والسب والمفاخرة المحرمة- وإن كان محرّماً في جميع الأحوال، إلا أن حرمته مؤكدة في حال الإحرام.
والمقصود بالمفاخرة: التباهي أمام الآخرين بالنسب أو المال أو الجاه وما أشبهها، وهي محرّمة إذا كانت مشتملة على إهانة المؤمن والحط من كرامته، وإلاّ فلا بأس بها ولا تحرم لا على المحرم ولا على غيره.
ولا كفّارة في الفسوق إلا الاستغفار، وإن كان الأحوط استحباباً التكفير ببقرة.
14 - الجدال
مسألة 250: يحرم الجدال على المحرم، ويختص بما كان مشتملاً على الحلف بالله تعالى في الاخبار عن ثبوت أمر أو نفيه، والأظهر عدم اعتبار أن يكون بأحد اللفظين ( بلى والله، ولا والله) بل يكفي مطلق اليمين بالله سواء كانت بلفظ الجلالة أم بغيره، وسواء كانت مصدّرة ب ( لا ) وب ( بلى ) أم لا، وسواء كانت باللغة العربية أم بغيرها من اللغات.
وأما الحلف بغير الله تعالى من المقدسات فلا أثر له فضلاً عن مثل قولهم: " لا لعمري وبلى لعمري ".
كما لا أثر للحلف بالله تعالى لغير الاخبار، كما في يمين المناشدة، كقول السائل: "أسألك بالله أن تعطيني" ويمين العقد - أي ما يقع تأكيداً لما التزم به من إيقاع أمر أو تركه في المستقبل- كقوله: " والله لأعطينك كذا ".
وهل يعتبر في تحقق الجدال في اليمين الصادقة تكرارها ثلاث مرات ولاءاً، فلا يتحقق شرعاً إذا لم تكن كذلك أم لا؟ اختار بعض الفقهاء ذلك، وهو لا يخلو عن وجه، وإن كان الأحوط استحباباً خلافه، وأما الجدال في اليمين الكاذبة فلا يعتبر فيه التعدّد بلا إشكال.
مسألة 251: يستثنى من حرمة الجدال كلّ مورد يتضرر المكلّف من تركه، كما لو كان مؤدّياً إلى ذهاب حقه.
مسألة 252: إذا حلف المجادل صادقاً ثلاث مرات ولاءاً فعليه كفّارة شاة، ولو زاد على الثلاث لم تتكرر الكفّارة.
نعم، لو كفّر بعد الثلاث أو الزائد عليها أو انقطع التتابع ثم حلف ثلاثاً فما فوقها وجبت عليه كفّارة أخرى.
وإذا حلف كاذباً فعليه كفّارة شاة للمرة الواحدة، وشاتين لمرتين، وبقرة لثلاث مرات، ولو زاد على الثلاث ولم يكفّر لم تتكرر الكفّارة. ولو كفّر ثم جدّد الحلف كاذباً وجبت عليه الكفّارة على النحو المتقدم.
ولو حلف كاذباً مرّتين فكفّر، ثم حلف كذلك مرّة ثالثة، وجبت عليه كفّارة شاة لا بقرة.
15- قتل هوام الجسد
مسألة 253: لا يجوز للمحرم قتل القمّل، وكذا لا يجوز له إلقاؤه من جسمه أو ثوبه على الأحوط ، ولا بأس بنقله من مكان إلى مكان آخر، وإذا قتله أو ألقاه فالأحوط الأولى التكفير عنه بكفّ من الطعام، أما البقّ والبرغوث وأمثالهما فالأحوط لزوماً عدم قتلها(35) إذا لم يكن هناك ضرر يتوجه منها على المحرم.
وأما دفعها(36) فالأظهر جوازه وإن كان الترك أحوط استحباباً.
16 - التزيّن
مسألة 254: الأحوط وجوباً أن يجتنب المحرم والمحرمة عن كلّ ما يعدّ زينة عرفاً سواء بقصد التزيّن(37) أم بدونه، ومن ذلك استعمال الحناء على الطريقة المتعارفة.
نعم، لا بأس باستعماله إذا لم يكن زينة، كما إذا كان لعلاج ونحوه، وكذلك لا بأس باستعماله قبل الإحرام وإن بقي أثره(38) إلى حين الإحرام.
مسألة 255: يجوز التختّم في حال الإحرام لا بقصد الزينة، كما إذا قصد به الاستحباب الشرعي، أو التحفظ على الخاتم من الضياع، أو إحصاء أشواط الطواف به ونحو ذلك، وأما لبسه بقصد الزينة فالأحوط لزوماً تركه.
مسألة 256: يحرم على المرأة(39) المحرمة لبس الحلي للزينة، بل الأحوط وجوباً أن تترك لبسها إن كان زينة وإن لم تقصدها، ويستثنى من ذلك ما كانت تعتاد لبسه قبل إحرامها، لكنها لا تظهره لزوجها ومحارمها من الرجال على الأحوط الأولى.
ولا كفّارة في التزيّن في جميع الموارد المذكورة.
17 - الادّهان
مسألة 257: يحرم الادّهان على المحرم وإن كان مما ليست فيه رائحة طيّبة، نعم يجوز له أكل(40) الدهن الخالي من الطيب وإن كان ذا رائحة طيبة كما تقدم في المسألة 238، ويجوز للمحرم استعمال الأدهان غير الطيبة للتداوي(41)، وكذا الأدهان الطيبة أو المطيبة عند الضرورة.
مسألة 258: كفّارة الادّهان بالدهن الطيّب أو المطيّب شاة إذا كان عن علم وعمد، وإذا كان عن جهل فإطعام فقير(42) على الأحوط وجوباً في كليهما.
18 - إزالة الشعر عن البدن
مسألة 259: لا يجوز للمحرم أن يزيل الشعر عن بدن نفسه أو بدن غيره- ولو كان محلاً- بحلق أو نتف أو غيرهما، بلا فرق في ذلك بين قليل الشعر وكثيره حتى بعض الشعرة الواحدة(43).
نعم، إذا تكاثر القمّل في رأسه فتأذى من ذلك جاز له حلقه، وكذا تجوز له إزالة الشعر عن جسده إذا كانت هناك ضرورة تدعو إليها، ولا بأس بسقوط الشعر من بدن المحرم غير قاصد له حال الوضوء(44)، أو الغسل، أو التيمم، أو الطهارة من الخبث، أو إزالة الحاجب اللاصق المانع من إحدى الطهارتين، ونحو ذلك.
مسألة 260: إذا حلق المحرم رأسه من دون ضرورة فكفّارته شاة، وإذا حلقه لضرورة فكفّارته شاة، أو صوم ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين، لكل واحد مدّان من الطعام.
وإذا نتف المحرم شعره النابت تحت إبطيه فكفّارته شاة، وكذا إذا نتف أحد إبطيه على الأحوط وجوباً.
وإذا نتف شيئاً من شعر لحيته أو غيرها فعليه أن يطعم مسكيناً بكفّ من الطعام.
ويجري مجرى الحلق والنتف في الموارد المتقدمة ما يفيد فائدتهما من سائر طرق الإزالة على الأحوط لزوماً.
ولا كفّارة في حلق المحرم رأس غيره محرماً كان أم محلاً(45).
مسألة 261: لا بأس بحك المحرم رأسه ما لم يقطع الشعر عن رأسه وما لم يدمه، وكذلك البدن، وإذا أمرّ المحرم يده على رأسه أو لحيته عبثاً فسقطت شعرة أو أكثر فليتصدق بكفّ من طعام، وأما إذا كان في الوضوء ونحوه فلا شيء عليه.
19 - ستر الرأس للرجال
مسألة 262: لا يجوز للرجل المحرم ستر رأسه ولو جزء منه، بالقناع(46) أو الخمار أو الثوب ونحوها، بل الأحوط وجوباً أن لا يستره أيضاً بمثل الطين أو الحشيش أو بحمل شيء عليه.
نعم، لا بأس بوضع عصام القربة على الرأس(47) عند حملها، وكذا لا بأس بتعصيبه بالمنديل ونحوه لمرض(48) كالصداع.
والمراد بالرأس هنا منبت الشعر، ويلحق به الأذنان على الأقرب.
مسألة 263: يجوز ستر الرأس بشيء من البدن كاليد، والأولى تركه.
مسألة 264: لا يجوز للمحرم رمس تمام رأسه في الماء، وكذلك في غير الماء على الأحوط، والظاهر أنه لا فرق في ذلك بين الرجل والمرأة(49).
والمقصود بالرأس هنا ما فوق الرقبة بتمامه.
مسألة 265: إذا ستر المحرم رأسه فكفّارته شاة(50) على الأحوط لزوماً، والظاهر عدم وجوب الكفّارة في موارد جواز الستر والاضطرار.
20 - ستر الوجه للنساء
مسألة 266: لا يجوز للمرأة المحرمة أن تستر وجهها بالبُرْقُع أو النقاب أو المروحة أو ما شابه ذلك، والأحوط وجوباً أن لا تستر وجهها بأي ساتر(51) كان، كما أن الأحوط لزوماً أن لا تستر بعض وجهها أيضاً.
نعم، يجوز لها أن تغطي وجهها حال النوم، ولا بأس بستر بعض وجهها مقدمة(52) لستر الرأس في الصلاة إذا لم يتيسر لها ستره بإسدال ثوبها عليه.
مسألة 267: للمرأة المحرمة أن تتحجّب من الأجنبي(53) بإسدال ثوبها على وجهها(54)، بأن تنزل ما على رأسها من الخمار أو نحوه إلى ما يحاذي أنفها بل نحرها، والأظهر عدم لزوم تباعد الساتر عن الوجه(55) بواسطة اليد أو غيرها وإن كان ذلك أحوط استحباباً.
مسألة 268: كفّارة ستر الوجه شاة(56) على الأحوط الأولى.
21 - التظليل للرجال
مسألة 269: التظليل على قسمين:
الأول: أن يكون بالأجسام السائرة كالمظلة وسقف المحمل أو السيارة أو الطائرة ونحوها. وهذا محرم على الرجل المحرم، راكباً كان أم راجلاً، إذا كان ما يظلله فوق رأسه كالأمثلة المتقدمة، نعم لا بأس بالاستظلال بالسحابة(57) السائرة.
وأما إذا كان ما يظلله على أحد جوانبه، فالظاهر أنه لا بأس به للراجل مطلقاً، فيجوز له السير في ظل المحمل والسيارة ونحوها. وأما الراكب فالأحوط وجوباً أن يجتنبه إلا إذا كان بحيث لا يمنع من صدق الاضحاء(58) ( أي البروز للشمس ) عرفاً، كأن كان قصيراً لا يستتر به رأسه وصدره كجدران بعض السيارات المكشوفة.
الثاني: أن يكون بالأجسام الثابتة كالجدران والانفاق والأشجار والجبال ونحوها، وهذا جائز للمحرم، راكباً كان أم راجلاً على الأظهر، كما يجوز له أن يستتر عن الشمس بيديه وإن كان الأحوط استحباباً ترك ذلك.
مسألة 270: المراد من التظليل التستّر من الشمس، ويلحق بها المطر على الأحوط وجوباً، وأما الريح والبرد(59) والحر ونحوها فالأظهر جواز التستّر منها، وإن كان الأحوط استحباباً تركه، فلا بأس للمحرم أن يركب السيارة المسقفة ونحوها في الليل(60)- فيما إذا لم تكن السماء ممطرة على الاحوط لزوماً- وإن كانت تحفظه من الرياح مثلاً.
مسألة 271: ما تقدم من حرمة التظليل يختص بحال السير وطي المسافة، وأما إذا نزل المحرم في مكان سواء اتخذه منزلاً أم لا، كما لو جلس في أثناء الطريق للاستراحة أو لملاقاة الأصدقاء أو لغير ذلك فلا إشكال في جواز الاستظلال له.
وهــل يجـــوز له الاستظلال بالأجســـام السائرة حال تردده في حوائجه في المكان الذي ينزل فيه أو لا؟ مثلاً إذا نزل مكّة(61) وأراد الذهاب إلى المسجد الحرام لأداء الطواف والسعي، أو نزل منى وأراد الذهاب إلى المذبح أو مرمى الجمار، فهل يجوز له ركوب السيارة المسقّفة أو رفع المظلّة فوق رأسه أو لا؟ الحكم بالجواز مشكل جداً، فالاحتياط لا يترك.
مسألة 272: لا بأس بالتظليل للنساء والأطفال، وكذلك للرجال عند الضرورة(62).
مسألة 273: إذا ظلّل المحرم على نفسه من المطر أو الشمس(63) لزمته الكفّارة، والظاهر أنه لا فرق في ذلك بين حالتي الاختيار والاضطرار(64)، وإذا تكرر التظليل فالأحوط(65) التكفير عن كلّ يوم، وإن كان الأظهر كفاية كفّارة واحدة في كلّ إحرام(66).
ويجزئ في الكفّارة دم شاة(67).
22 - إخراج الدم من البدن
لا يجوز للمحرم إخراج الدم(68) من جسده على الأحوط - إلا لضرورة - وإن كان ذلك بفصد أو حجّامة أو قلع ضرس أو حك أو غيرها.
نعم، الأظهر جواز الاستياك وإن لزم منه الادماء(69)، وكفّارة إخراج الدم- لغير ضرورة- شاة(70) على الأحوط الأولى.
23 - التقليم
لا يجوز للمحرم تقليم ظفره ولو بعضه، إلاّ أن تدعو ضرورة إلى ذلك أو يتأذّى(71) ببقائه، كما إذا انكسر بعض ظفره وتألّم من بقاء الباقي فيجوز له حينئذٍ قطعه.
مسألة 274: كفّارة تقليم(72) كلّ ظفر من اليد أو الرجل مدّ من الطعام ما لم يبلغ في كلّ منهما العشرة، فإذا بلغها - ولو في مجالس متعدّدة- كانت كفّارته شاة لكل من أظافير اليدَين وأظافير الرجلين.
نعم، إذا كان تقليم أظافير اليدَين والرجلين جميعاً في مجلس واحد فالكفّارة شاة واحدة.
مسألة 275: إذا قلّم المحرم ظفره فأدمى إصبعه اعتماداً على فتوى من جوّزه خطأ، وجبت الكفّارة على المفتي على الأحوط وجوباً.
24 - قلع الضرس
مسألة 276: ذهب بعض الفقهاء إلى حرمة قلع الضرس على المحرم وإن لم يخرج به الدم، وأوجبوا له كفّارة شاة، ولكن في دليله تأمّلاً، بل لا يبعد جوازه(73).
25 - حمل السلاح
مسألة 277: لا يجوز للمحرم لبس السلاح، بل ولا حمله على وجه يعدّ مسلّحاً على الأحوط، والمراد بالسلاح كلّ ما يصدق عليه لفظه عرفاً، كالسيف والبندقية والرمح دون آلات التحفّظ كالدرع والمغفر ونحوهما.
مسألة 278: لا بأس بوجود السلاح عند المحرم، ولا بحمله إذا لم يعد مسلّحاً عرفاً، ومع ذلك فالترك أحوط استحباباً.
مسألة 279: تختص حرمة التسلّح بحال الاختيار، ولا بأس به عند الاضطرار كالخوف من العدوّ أو السرقة.
مسألة 280: كفّارة التسلّح- لغير ضرورة- شاة على الأحوط لزوماً.
إلى هنا انتهت الأمور التي تحرم على المحرم.
[فصل 4] (محرمات الحرم وحدوده)
[فصل 4]
(محرمات الحرم وحدوده)
محرمات الحرم
الأول: صيد البر، كما تقدم في المسألة 199(1).
الثاني: قلع كلّ شيء نبت في الحرم(2) أو قطعه من شجر وغيره، ولا بأس بما يقطع عند المشي على النحو المتعارف، كما لا بأس بأن تترك الدواب في الحرم لتأكل من حشيشه، ولكن لا ينزع لها حتى علوفة الإبل على الأصحّ، ويستثنى من حرمة القلع والقطع موارد:
( 1 ) الإذخر، وهو نبت معروف.
( 2 ) النخل وشجر الفاكهة.
( 3 ) ما غرسه الشخص من الشجر أو زرعه من العشب بنفسه، سواء في ملكه أم في ملك غيره.
( 4 ) الأشجار أو الأعشاب التي تنمو في دار الشخص ومنزله بعد ما صارت داره ومنزله، وأما ما كان موجوداً منهما قبل ذلك فحكمه حكم سائر الأشجار والأعشاب.
مسألة 281: الشجرة التي يكون أصلها في الحرم وفرعها في خارجه أو بالعكس، حكمها حكم الشجرة التي يكون جميعها في الحرم.
مسألة 282: كفّارة قلع الشجرة قيمة تلك الشجرة، وفي القطع(3) منها قيمة المقطوع على الأحوط وجوباً فيهما، ولا كفّارة في قلع الأعشاب وقطعها.
الثالث: إقامة الحد أو القصاص أو التعزير على من جنى في غير الحرم ثم لجأ إليه، فإنها غير جائزة، ولكن لا يطعم الجاني ولا يُسقى ولا يُكلّم ولا يُبايع ولا يُؤوى حتى يضطر إلى الخروج منه فيُؤخذ ويُعاقب على جنايته.
الرابع: أخذ لقطة الحرم على قول، والأظهر كراهته كراهة شديدة، فإن أخذها ولم تكن ذات علامة يمكن الوصول بها إلى مالكها جاز له تملّكها وإن بلغت قيمتها درهماً أو زادت عليه، وأما إذا كانت ذات علامة كذلك، فإن لم تبلغ درهماً لم يجب تعريفها، والأحوط لزوماً أن يتصدق بها عن مالكها، وإن كانت قيمتها درهماً فما زاد عرفها سنة كاملة، فإن لم يظهر مالكها تصدق بها عنه على الأحوط وجوباً(4).
حدود الحرم
للحرم المكّي حدود مضروبة المنار قديمة، ولها نصب معلومة مأخوذة يداً بيد، ويحدّه من الشمال ( التنعيم ) ومن الشمال الغربي (الحديبية " الشميسى" ) ومن الشمال الشرقي (ثنية جبل المقطع) ومن الشرق ( طرف عرفة من بطن نمرة ) ومن الجنوب الشرقي (الجعرانة) ومن الجنوب الغربي ( إضاءة لبن ).
تذييل: للمدينة المنوّرة أيضاً حرم، ومن حدوده جبلا ( عائر ) و ( وعير ) وحرّتا ( واقم ) و ( ليلى )، وهو وإن كان لا يجب الإحرام له، إلا أنه لا يجوز قطع شجره ولا سيّما الرطب منه- إلاّ ما تقدّم استثناؤه في الحرم المكّي- كما يحرم صيده مطلقاً على الأحوط.
[فصل 5] (محل التكفير ومصرف الكفارة)
[فصل 5]
(محل التكفير ومصرف الكفارة)
محل التكفير
مسألة 283: إذا وجبت على المحرم كفّارة دم لأجل الصيد في العمرة المفردة فمحل ذبحها مكّة المكرمة، وإذا كان الصيد في إحرام عمرة التمتّع أو الحجّ فمحل ذبح الكفّارة منى(1)، وهكذا الحال لو وجبت الكفّارة على المحرم بسبب غير الصيد على الأحوط وجوباً.
مسألة 284: إذا وجبت الكفّارة على المحرم بسبب الصيد أو غيره فلم يذبحها في مكّة أو منى- لعذر أو بدونه(2)- حتى رجع، جاز له ذبحها أين شاء على الأظهر(3).
مصرف الكفّارة(4)
الكفّارات التي تلزم المحرم يجب أن يتصدّق بها على الفقراء والمساكين(5)، والأحوط وجوباً أن لا يأكل(6) منها المكفّر نفسه، ولو فعل ذلك فالأحوط لزوماً أن يتصدّق بثمن المأكول على الفقراء.
(2) - الطواف
(2) - الطواف:
الطواف هو الواجب الثاني في عمرة التمتّع.
ويفسد الحجّ بتركه عمداً سواء(1) أكان عالماً بالحكم أم كان جاهلاً به، وعلى الجاهل كفّارة بدنة على الأحوط وجوباً، ويتحقق الترك بالتأخير إلى زمان لا يمكنه إتمام أعمال العمرة قبل زوال الشمس من يوم عرفة.
ثم إنه إذا بطلت العمرة بطل إحرامه أيضاً على الأظهر، ولا يجزئ العدول بها إلى حج الافراد وإن كان ذلك أحوط استحباباً، بأن يأتي بأعمال حج الافراد رجاءاً، بل الأحوط استحباباً أن يأتي بالطواف وصلاته والسعي والحلق أو التقصير منها بقصد الأعم من حج الافراد والعمرة المفردة.
شرائط الطواف:
يشترط في الطواف أمور:
الأول: النيّة(2)، بأن يقصد الطواف متعبّداً به بإضافته إلى الله تعالى إضافة تذللية مع تعيين المنوي كما مرّ في نيّة الاحرام.
الثاني: الطهارة من الحدثين(3) الأكبر والأصغر، فلو طاف المحدث عمداً أو جهلاً أو نسياناً لم يصحّ طوافه.
مسألة 285: إذا أحدث المحرم(4) أثناء طوافه فللمسألة صور:
الأولى: أن يكون ذلك قبل إتمام الشوط الرابع، ففي هذه الصورة يبطل طوافه وتلزمه إعادته بعد الطهارة، حتى فيما إذا كان صدور الحدث بعد بلوغ النصف على الأظهر.
الثانية: أن يكون الحدث بعد إتمامه الشوط الرابع ومن دون اختياره، ففي هذه الصورة يقطع طوافه ويتطهّر، ويتمّه(5) من حيث قطعه.
الثالثة: أن يكون الحدث بعد تمام الشوط الرابع مع صدور الحدث منه بالاختيار، والأحوط وجوباً(6) في هذه الصورة أن يتمّ طوافه بعد الطهارة من حيث قطع، ثم يعيده.
مسألة 286: إذا شكّ في الطهارة قبل الشروع في الطواف، فإن علم أن الحالة السابقة كانت هي الطهارة، وكان الشكّ في صدور الحدث بعدها لم يعتن بالشكّ، وإلا وجبت عليه الطهارة قبل الطواف.
وإذا شكّ في الطهارة في الأثناء، فإن كانت الحالة السابقة هي الطهارة فحكمه ما تقدّم، وإلا فإن كان الشكّ قبل تمام الشوط الرابع تطهّر ثم استأنف الطواف، وإن كان الشكّ بعده أتمّه بعد تجديد الطهارة.
مسألة 287: إذا شكّ في الطهارة بعد الفراغ من الطواف(7) لم يعتن بالشكّ، وإن كانت الإعادة أحوط استحباباً، ولكن تجب الطهارة لصلاة الطواف.
مسألة 288: إذا لم يتمكّن المكلف من الوضوء لعذر، فمع اليأس من زواله يتيمّم ويأتي بالطواف، وإذا لم يتمكّن من التيمّم(8) أيضاً جرى عليه حكم من لم يتمكّن من أصل الطواف، فإذا حصل له اليأس من التمكّن لزمته الاستنابة للطواف، والأحوط الأولى أن يأتي هو أيضاً بالطواف من غير طهارة.
مسألة 289: يجب على الحائض والنفساء- بعد انقضاء أيامهما - وعلى المجنب الاغتسال للطواف(9)، ومع تعذر الاغتسال واليأس من التمكّن منه يجب الطواف مع التيمّم، والأحوط الأولى حينئذ الاستنابة أيضاً، ومع تعذر التيمّم واليأس من التمكّن منه تتعيّن الاستنابة.
مسألة 290: إذا حاضت المرأة في عمرة التمتّع حين الاحرام أو قبله أو بعده قبل الشروع في الطواف(10)، فإن وسع الوقت لأداء أعمالها قبل موعد الحجّ صبرت إلى أن تطهر فتغتسل وتأتي بأعمالها، وإن لم يسع الوقت لذلك فللمسألة صورتان:
الأولى: أن يكون حيضها حين إحرامها أو قبل أن تحرم، ففي هذه الصورة ينقلب حجها إلى الافراد(11)، وبعد الفراغ من الحجّ تجب عليها العمرة المفردة إذا تمكّنت منها.
الثانية: أن يكون حيضها بعد الاحرام، ففي هذه الصورة الأحوط(12) أن تعدل إلى حج الافراد أيضاً كما في الصورة الأولى، وإن كان الظاهر أنه يجوز لها الابقاء على عمرتها بأن تأتي بأعمالها من دون الطواف وصلاته، فتسعى وتقصّر ثم تحرم للحجّ، وبعد ما ترجع إلى مكة بعد الفراغ من أعمال منى تقضي طواف العمرة وصلاته قبل طواف الحجّ.
وإذا تيقنت المرأة ببقاء حيضها وعدم تمكّنها من الطواف حتى بعد رجوعها من منى، ولو لعدم صبر الرفقة، استنابت لطوافها وصلاته، ثم أتت بالسعي بنفسها.
مسألة 291: إذا حاضت المحرمة أثناء طوافها، فإن كان طروء الحيض قبل تمام الشوط الرابع بطل طوافها وكان حكمها ما تقدم في المسألة السابقة، وإذا كان بعده صحّ ما أتت به، ووجب عليها إتمامه بعد الطهر والاغتسال، والأحوط الأولى إعادته بعد الاتمام أيضاً.
هذا فيما إذا وسع الوقت، وإلا سعت وقصّرت وأحرمت للحجّ، ولزمها الاتيان بقضاء ما بقي من طوافها بعد الرجوع من منى وقبل طواف الحجّ على النحو الذي ذكرناه.
مسألة 292: إذا حاضت المرأة بعد الفراغ من الطواف وقبل الاتيان بصلاة الطواف(13)،صحّ طوافها وأتت بالصلاة بعد طهرها واغتسالها، وإن ضاق الوقت سعت وقصّرت وقضت الصلاة قبل طواف الحجّ.
مسألة 293: إذا طافت المرأة وصلت ثم شعرت بالحيض ولم تدر أنه قبل الطواف أو في أثنائه، أو قبل الصلاة أو في أثنائها، أو أنه حدث بعد الصلاة بنت على صحة الطواف والصلاة.
وإذا علمت أن حدوثه كان قبل الصلاة أو في أثنائها جرى عليها ما تقدم في المسألة السابقة.
مسألة 294: إذا أحرمت المرأة لعمرة التمتّع وكانت متمكّنة من أداء أعمالها، وعلمت أنها لا تتمكّن منه بعد ذلك لطروء الحيض عليها وضيق الوقت، ومع ذلك لم تأت بها حتى حاضت وضاق الوقت عن أدائها قبل موعد الحجّ، فالظاهر فساد عمرتها، ويجري عليها ما تقدم في أول الطواف.
مسألة 295: الطواف المندوب لا تعتبر فيه الطهارة عن الحدث الأصغر وكذا عن الحدث الأكبر على المشهور(14)، وأما صلاته فلا تصحّ إلا عن طهارة.
مسألة 296: المعذور يكتفي بطهارته العذرية، كالمجبور والمسلوس والمبطون(15)، وإن كان الأحوط استحباباً للمبطون أن يجمع مع التمكّن بين الاتيان بالطواف وركعتيه بنفسه وبين الاستنابة لهما.
وأما المستحاضة(16) فالأحوط وجوباً لها أن تتوضأ لكلٍ من الطواف وصلاته إن كانت الاستحاضة قليلة، وأن تغتسل غسلاً واحداً لهما وتتوضأ لكلٍ منهما إن كانت الاستحاضة متوسطة، وأما الكثيرة فتغتسل لكلٍ منهما مطلقاً على الاحوط وجوباً من دون حاجة إلى الوضوء إن لم تكن محدثة بالأصغر، وإلا فالأحوط الأولى ضمّ الوضوء إلى الغسل.
الثالث من الأمور المعتبرة في الطواف: الطهارة من الخبث، فلا يصحّ الطواف مع نجاسة البدن أو اللباس، والدم الأقلّ من الدرهم(17) المعفوّ عنه في الصلاة لا يكون معفوّاً عنه في الطواف على الأحوط وجوباً، وكذا نجاسة ما لا تتمّ الصلاة فيه، نعم لا بأس بحمل المتنجس(18) حال الطواف مطلقاً.
مسألة 297: لا بأس بنجاسة البدن أو اللباس بدم القروح أو الجروح قبل البرء إذا كان التطهير أو التبديل حرجياً، وإلا وجبت إزالتها على الأحوط ، وكذا لا بأس بكل نجاسة في البدن أو الثياب في حال الاضطرار(19).
مسألة 298: إذا لم يعلم بنجاسة بدنه أو ثيابه ثم علم بها بعد الفراغ من الطواف صحّ طوافه، فلا حاجة إلى إعادته، وكذلك تصحّ صلاة الطواف(20) إذا لم يعلم بالنجاسة إلى أن فرغ منها إذا لم يكن شاكّاً في وجودها قبل الصلاة، أو شكّ ففحص ولم يحصل له العلم بها، وأما الشاك غير المتفحص إذا وجدها بعد الصلاة فتجب عليه الإعادة على الأحوط وجوباً.
مسألة 299: إذا نسي نجاسة بدنه أو ثيابه ثم تذكّرها بعد طوافه صحّ طوافه على الأظهر، وإن كانت إعادته أحوط استحباباً، وإذا تذكّرها بعد صلاة الطواف أعادها على الأحوط وجوباً إذا كان نسيانه ناشئاً عن إهماله، وإلا فلا حاجة إلى الإعادة على الأظهر.
مسألة 300: إذا علم بنجاسة بدنه أو ثيابه أثناء الطواف، أو طرأت النجاسة عليه قبل فراغه منه، فإن تمكّن من إزالتها من دون الاخلال بالموالاة العرفية- ولو بنزع الثوب إذا لم يناف الستر المعتبر حال الطواف، أو بتبديله بثوب طاهر مكانه إن تيسر ذلك- أتمّ طوافه بعد الإزالة ولا شيء عليه، وإلا فالأحوط استحباباً إتمام الطواف وإعادته بعد إزالة النجاسة إذا كان العلم بها أو طروؤها عليه قبل إكمال الشوط الرابع، وإن كان الظاهر عدم وجوب الإعادة مطلقاً.
الرابع: الختان(21) للرجال، والأحوط وجوباً بل الأظهر اعتباره في الصبيّ المميّز أيضاً، وأما الصبيّ غير المميّز الذي يطوّفه وليّه فاعتبار الختان في طوافه غير ظاهر وإن كان الاعتبار أحوط استحباباً.
مسألة 301: إذا طاف المحرم غير مختون بالغاً كان أو صبياً مميّزاً فلا يجتزئ بطوافه، فإن لم يعده مختوناً فهو كتارك الطواف مطلقاً على الأحوط وجوباً(22)، فيجري فيه ماله من الأحكام الآتية.
مسألة 302: إذا استطاع المكلّف وهو غير مختون، فإن أمكنه الختان والحجّ في سنة الاستطاعة فلا إشكّال، وإلا أخّر الحجّ حتى يختتن.
فإن لم يمكنه الختان أصلاً لضرر أو حرج(23) أو نحو ذلك لم يسقط الحجّ عنه، لكن الأحوط وجوباً أن يطوف بنفسه في عمرته وحجّه ويستنيب أيضاً من يطوف عنه، ويصلي هو صلاة الطواف بعد طواف النائب.
الخامس: ستر العورة حال الطواف(24) بالحدود المعتبرة في الصلاة على الأحوط وجوباً، والأولى بل الأحوط استحباباً رعاية جميع شرائط لباس المصلي في الساتر، بل مطلق لباس الطائف.
واجبات الطواف:
تعتبر في الطواف أمور ثمانية:
الأول والثاني: الابتداء من الحجر الأسود والانتهاء به في كل شوط، والظاهر حصول ذلك بالشروع من أي جزء منه والختم بذلك الجزء، وإن كان الأحوط استحباباً أن يمرّ بجميع بدنه على جميع الحجر في البدأ والختام.
ويكفي في تحقق الاحتياط أن يقف في الشوط الأول دون الحجر بقليل، وينوي الطواف من الموضع الذي تتحقّق فيه المحاذاة المعتبرة واقعاً، ثم يستمرّ في الدوران سبعة أشواط، وليتجاوز الحجر في نهاية الشوط الأخير قليلاً، قاصداً ختم الطواف في موضع تحقق المحاذاة المعتبرة في الواقع أيضاً، وبذلك يعلم بتحقق الابتداء والاختتام بالحجر الواجبين عليه واقعاً.
الثالث: جعل الكعبة على يساره في جميع أحوال الطواف(25)، فإذا استقبل الطائف الكعبة لتقبيل الأركان أو لغيره، أو ألجأه الزحام إلى استقبال الكعبة أو استدبارها أو جعلها على اليمين، فذلك المقدار لا يعدّ من الطواف.
والظاهر أن العبرة في جعل الكعبة على اليسار بالصدق العرفي كما يظهر ذلك من طواف النبي صلى الله عليه وآله وسلم راكباً، ولا حاجة إلى المداقّة في ذلك بتحريف البدن عند فتحتي حجر إسماعيل وعند الأركان الأربعة.
الرابع: إدخال حجر إسماعيل في المطاف، بمعنى أن يطوف خارج الحجر، لا من داخله ولا على جداره(26).
الخامس: خروج الطائف عن الكعبة وعن الصُفّة التي في أطرافها المسمّاة ب (شاذروان)(27).
السادس: أن يطوف بالبيت سبع مرات، ولا يجزئ الأقل من السبع، ويبطل الطواف بالزيادة على السبع عمداً كما سيأتي.
السابع: أن تكون الأشواط السبعة متواليات عرفاً، بأن يتابع بينها من دون فصل كثير(28)، ويستثنى من ذلك موارد ستأتي إن شاء الله تعالى في المسائل الآتية.
الثامن: أن تكون حركة الطائف حول الكعبة المعظّمة بإرادته واختياره(29)، فلو سلب الاختيار في الأثناء لشدّة الزحام ونحوها فطاف بلا اختيار منه لم يجتزئ به ولزمه تداركه.
مسألة 303: اعتبر المشهور في الطواف أن يكون بين الكعبة ومقام إبراهيم عليه السلام، ويقدر هذا الفاصل بستة وعشرين ذراعاً ونصف ذراع ( أي ما يقارب 12 متراً ) وبما أن حجر إسماعيل داخل في المطاف فمحل الطواف من جانب الحجر لا يتجاوز ستة أذرع ونصف ذراع ( أي ما يقارب 3 أمتار ).
ولكن لا يبعد جواز الطواف(30)- على كراهة- في الزائد على هذا المقدار أيضاً، ولا سيما لمن لا يقدر على الطواف في الحد المذكور، أو أنه حرج عليه، ورعاية الاحتياط مع التمكّن أولى.
حكم الخروج عن المطاف:(31)
مسألة 304: إذا خرج الطائف عن المطاف فدخل الكعبة بطل طوافه ولزمته الإعادة، والأولى إتمام الطواف ثم إعادته إذا كان الخروج بعد تجاوز النصف.
مسألة 305: إذا تجاوز عن مطافه إلى ( الشاذروان ) بطل طوافه بالنسبة إلى المقدار الخارج عن المطاف فيلزم تداركه(32)، والأحوط الأولى إعادة الطواف بعد تدارك ذلك المقدار وإتمامه.
كما أن الأحوط الأولى أن لا يمدّ الطائف يده(33) حال طوافه إلى جدار الكعبة لاستلام الأركان أو غيره.
مسألة 306: إذا اختصر الطائف حجر إسماعيل في طوافه- ولو جهلاً أو نسياناً(34)- بطل الشوط الذي وقع ذلك فيه، فلا بُدّ من إعادته، والأحوط الأولى إعادة الطواف بعد إتمامه أيضاً، وفي حكم اختصار الحجر الطواف على حائطه على الأحوط وجوباً، والأحوط الأولى أن لا يضع الطائف يده على حائط الحجر حال الطواف.
حكم قطع الطواف ونقصانه:
مسألة 307: يجوز قطع طواف النافلة(35) عمداً، وكذا يجوز قطع طواف الفريضة لحاجة أو ضرورة(36)، بل مطلقاً على الأظهر.
مسألة 308: إذا قطع الطائف طوافه اعتباطاً، فإن كان ذلك قبل إتمام الشوط الرابع بطل، ولزمته إعادته(37)، وإذا كان بعد تمام الشوط الرابع فالأحوط وجوباً إكمال الطواف ثم الإعادة.
هذا في طواف الفريضة، وأما في النافلة فيجوز البناء على ما أتى به وتكميل الطواف من محل القطع مطلقاً ما لم تفتْه الموالاة العرفية.
مسألة 309: إذا حاضت المرأة أثناء طوافها وجب عليها قطعه والخروج من المسجد الحرام فوراً، وقد مرّ حكم طوافها في المسألة 291.
كما مرّ حكم قطع الطواف وإتمامه إذا أحدث الطائف أثناءه أو التفت إلى نجاسة بدنه أو ثيابه قبل الفراغ منه في المسألة 285 و300.
مسألة 310: إذا قطع طوافه لمرض ألجأه إلى ذلك أو لقضاء حاجة لنفسه أو لأحد إخوانه المؤمنين، فإن كان ذلك قبل تمام الشوط الرابع فالظاهر بطلان الطواف ولزوم إعادته، وإن كان بعده فالأظهر الصحة، فيتمّه(38) من موضع القطع بعد رجوعه، والأحوط الأولى أن يعيده بعد الاتمام أيضاً، هذا في طواف الفريضة.
وأما في النافلة فيجوز البناء على ما أتى به وإن كان أقلّ من أربعة أشواط مطلقاً.
مسألة 311: يجوز الجلوس والاستلقاء أثناء الطواف للاستراحة، ولكن لا بد أن يكون مقداره بحيث لا تفوت به الموالاة العرفية، فإن زاد على ذلك بطل طوافه ولزمه الاستئناف.
مسألة 312: إذا قطع الطواف لدرك وقت فضيلة الفريضة أو لدرك صلاة الجماعة أو للاتيان بصلاة النافلة عند ضيق وقتها أتمه بعد الفراغ من صلاته من موضع القطع(39) مطلقاً، وإن كان الأحوط استحباباً إعادته بعد الاتمام أيضاً فيما إذا كان القطع في طواف الفريضة قبل تمام الشوط الرابع.
مسألة 313: إذا نقص من طوافه سهواً فإن تذكّره قبل فوات الموالاة أتى بالباقي وصحّ طوافه، وأما إذا كان تذكّره بعد فوات الموالاة فإن كان المنسي شوطاً أو شوطين أو ثلاثة أتى به وصحّ طوافه أيضاً.
وإن لم يتمكّن من الاتيان به بنفسه- ولو لأجل أن تذكّره كان بعد إيابه إلى بلده- استناب غيره، وإن كان المنسيّ أكثر من ثلاثة أشواط رجع وأتمّ ما نقص(40)، وأعاد الطواف بعد الاتمام على الأحوط وجوباً.
الزيادة في الطواف:
للزيادة في الطواف خمس صور:
الأولى: أن لا يقصد الطائف جزئية الزائد للطواف الذي بيده أو لطواف آخر، كما لو قصد الاتيان بشوط آخر بعد الأشواط السبعة بتوهّم استحبابه مثلاً، ففي هذه الصورة لا يبطل(41) الطواف بالزيادة.
الثانية: أن يقصد حين شروعه في الطواف الاتيان بالزائد على أن يكون جزءاً من طوافه الذي بيده، ولا إشكال في بطلان طوافه حينئذ ولزوم إعادته، وكذا لو بدا له القصد المذكور في الأثناء وأتى بالزائد، وإلا ففي بطلان(42) الأشواط السابقة على قصد الزيادة إشكال.
الثالثة: أن يأتي بالزائد على أن يكون جزءاً من طوافه الذي فرغ منه قبل فوات الموالاة العرفية، بمعنى أن يكون قصد الجزئية بعد فراغه من الطواف، والأظهر في هذه الصورة أيضاً البطلان.
الرابعة: أن يقصد جزئية الزائد لطواف آخر ويتمّ الطواف الثاني، والزيادة في هذه الصورة غير متحقّقة، فلا بطلان من جهتها.
نعم، قد يبطل من جهة القِران ( أي التتابع بين طوافين بلا فصل بينهما بصلاة الطواف ) لأنه غير جائز بين فريضتين، بل وكذا بين فريضة ونافلة، وأما القِران بين نافلتين فلا بأس به وإن كان مكروهاً.
الخامسة: أن يقصد حين شروعه في الطواف الاتيان بالزائد على أن يكون جزءاً من طواف آخر، ثم لا يتمّ الطواف الثاني أو لا يأتي بشيء منه أصلاً، وفي هذه الصورة لا زيادة ولا قِران، إلا أنه مع ذلك قد يبطل الطواف لعدم تأتّي قصد القربة، كما إذا كان قاصداً للقِران المحرم مع علمه ببطلان الطواف به، فإنه لا يتحقق قصد القربة حينئذ وإن لم يتحقق القِران خارجاً من باب الاتفاق.
مسألة 314: إذا زاد في طوافه سهواً(43) فإن تذكّر بعد بلوغ الركن العراقي أتمّ الزائد طوافاً كاملاً، والأحوط وجوباً أن يكون ذلك بقصد القربة المطلقة من غير تعيين الوجوب أو الاستحباب ثم يصلي أربع ركعات، والأفضل، بل الأحوط استحباباً أن يفرق بينها بأن يأتي بركعتين قبل السعي لطواف الفريضة وبركعتين بعده للنافلة.
وهكذا الحال فيما إذا كان تذكره قبل بلوغ الركن العراقي على الأحوط لزوماً.
الشك في عدد الأشواط:(44)
مسألة 315: إذا شكّ في عدد الأشواط أو في صحّتها بعد الفراغ من الطواف، أو بعد التجاوز من محله، لم يعتنِ بالشكّ(45)، كما إذا كان شكّه بعد فوات الموالاة أو بعد دخوله في صلاة الطواف.
مسألة 316: إذا تيقّن بالسبعة وشكّ في الزائد كما إذا احتمل أن يكون الشوط الأخير هو الثامن، لم يعتن بالشكّ وصحّ طوافه، إلا أن يكون شكّه هذا قبل تمام الشوط الأخير فإن الأظهر حينئذ بطلان الطواف، والأحوط استحباباً إتمامه رجاءاً وإعادته.
مسألة 317: إذا شكّ في نهاية الشوط أو في أثنائه بين الثلاث والأربع أو بين الخمس والستّ أو غير ذلك من صور النقصان(46)، حكم ببطلان طوافه حتى فيما إذا كان شكّه في نهاية الشوط بين الستّ والسبع على الأحوط.
وكذا يحكم ببطلان الطواف إذا شكّ في الزيادة والنقصان معاً، كما إذا شكّ في ان شوطه الأخير هو السادس أو السابع أو الثامن.
مسألة 318: إذا شكّ بين السادس والسابع وبنى على السادس جهلاً منه بالحكم وأتمّ طوافه، ثم استمر جهله إلى أن فاته زمان التدارك، لم تبعد صحّة طوافه.
مسألة 319: يجوز للطائف أن يتّكل على إحصاء صاحبه في حفظ عدد أشواطه إذا كان صاحبه على يقين(47) من عددها.
مسألة 320: إذا شكّ في الطواف المندوب(48) يبني على الأقلّ وصحّ طوافه.
حكم ترك الطواف عمداً:
مسألة 321: إذا ترك الطواف في عمرة التمتّع عمداً مع العلم بالحكم، أو مع الجهل به، ولم يتمكّن من تداركه وإتمام أعمال العمرة قبل زوال الشمس من يوم عرفة، بطلت عمرته، ولو كان جاهلاً وجبت عليه كفّارة بدنة أيضاً على الأحوط كما تقدّم ذلك كلّه في أول الطواف(49).
وإذا ترك الطواف في الحجّ متعمداً - سواء كان عالماً بالحكم أم جاهلاً به- ولم يمكنه التدارك بطل حجّه، وإذا كان ذلك من جهة الجهل بالحكم لزمته كفّارة بدنة أيضاً.
نسيان الطواف:
مسألة 322: إذا ترك الطواف نسياناً، فإن تذكّره قبل فوات الوقت تداركه وأعاد السعي بعده أيضاً على الأظهر.
ولو تذكّره بعد فوات الوقت، كما لو نسي طواف
عمرة التمتّع حتى وقف بعرفات، أو نسي طواف الحجّ حتى
خرج شهر ذي الحجة وجب عليه قضاؤه(50) ويعيد معه السعي على الأحوط الأولى.
وإذا تذكّره في وقت لا يتيسّر له القضاء بنفسه، كما إذا كان تذكّره بعد رجوعه إلى بلده وجبت عليه الاستنابة.
مسألة 323: إذا نسي الطواف حتى رجع إلى أهله وواقع أهله لزمه بعث هدي إلى منى إن كان المنسي طواف الحجّ، وإلى مكة إن كان المنسي طواف العمرة، ويكفي في الهدي أن يكون شاة(51).
مسألة 324: إذا نسي الطواف وتذكّره في زمان يمكنه القضاء بنفسه، قضاه وإن كان قد أحلّ من إحرامه من دون حاجة إلى تجديد الاحرام.
نعم، إذا كان ذلك بعد خروجه من مكة لزمه الاحرام للعود إليها إلا في الحالات التي تقدم بيانها في المسألة 141.
مسألة 325: لا يحل لناسي الطواف ما كان حلّه متوقّفاً عليه حتى يقضيه بنفسه أو بنائبه.
اعتبار المباشرة في الطواف:
مسألة 326: إذا لم يتمكّن من مباشرة الطواف في الوقت المحدد له، لمرض أو كسر أو أشباه ذلك حتى مع مساعدة غيره، وجب أن يطاف به(52) بأن يستعين بشخص آخر ليطوّفه ولو بأن يحمله على متنه أو على عربة أو نحوها، والأحوط الأولى أن يكون بحيث يخطّ برجليه الأرض، وإذا لم يتمكّن من ذلك أيضاً وجب أن يطاف عنه، فيستنيب غيره مع القدرة على الاستنابة، ولو لم يقدر عليها كالمغمى عليه(53) أتى به الولي أو غيره عنه.
وهكذا الحال بالنسبة إلى صلاة الطواف(54)، فيأتي المكلّف بها مع التمكّن، ويستنيب لها مع عدمه. ( وقد تقدم حكم الحائض والنفساء في شرائط الطواف ).
(3) - صلاة الطواف
(3) - صلاة الطواف:
وهي الواجب الثالث من واجبات عمرة التمتع.
وهي ركعتان يؤتى بهما عقيب الطواف، وصورتها كصلاة الفجر، ولكنّه مخيّر في قراءتها بين الجهر والاخفات، ويجب الاتيان بها قريباً من مقام إبراهيم(1) (ع)، والأظهر لزوم الاتيان بها خلف المقام.
فإن لم يتمكّن(2) من ذلك فالأحوط وجوباً أن يجمع بين الصلاة عنده في أحد جانبيه، وبين الصلاة خلفه بعيداً عنه.
ومع تعذّر الجمع كذلك يكتفي بالممكن منهما.
ومع تعذّرهما معاً يصلي في أي مكان من المسجد(3) مراعياً للأقرب فالأقرب إلى المقام على الأحوط الأولى.
ولو تيسّرت له إعادة الصلاة خلف المقام قريباً منه بعد ذلك إلى أن يضيق وقت السعي أعادها على الأحوط الأولى.
هذا في الطواف الفريضة، وأما في الطواف المستحب فيجوز الاتيان بصلاته في أي موضع من المسجد(4) اختياراً.
مسألة 327: من ترك صلاة الطواف عالماً عامداً بطل حجه(5) على الأحوط.
مسألة 328: الأحوط لزوماً المبادرة إلى الصلاة بعد الطواف(6)، بمعنى أن لا يفصل بين الطواف والصلاة عرفاً.
مسألة 329: إذا نسي صلاة الطواف وذكرها بعد الاتيان بالأعمال المترتّبة عليها- كالسعي- أتى بها ولم تجب إعادة تلك الأعمال بعدها(7) وإن كانت الإعادة أحوط استحباباً.
نعم، إذا ذكرها في أثناء السعي قطعه وأتى بالصلاة خلف المقام، ثم رجع وأتمّ السعي حيثما قطع.
وإذا ذكرها بعد خروجه من مكة فالأحوط وجوباً له الرجوع والإتيان بها في محلّها إذا لم يستلزم ذلك مشقّة(8)، وإلاّ أتى بها في أيّ موضع ذكرها فيه، ولا يجب عليه الرجوع لأدائها في الحرم وإن كان متمكّناً من ذلك.
وحكم التارك لصلاة الطواف جهلاً حكم الناسي، ولا فرق في الجاهل بين القاصر والمقصّر(9).
مسألة 330: إذا مات الشخص وعليه صلاة الطواف فالأحوط وجوباً أن يقضيها عنه ولده الأكبر(10) مع توفر الشرائط المذكورة في باب قضاء الصلوات.
مسألة 331: إذا كان في قراءة المصلي لحن فإن لم يكن متمكّناً من تصحيحها(11) أجزأه قراءة الحمد على الوجه الملحون، إذا كان يحسن منها مقداراً معتدّاً به(12)، وإلاّ فالأحوط وجوباً أن يضمّ إلى قراءته ملحونة قراءة شيء يحسنه من سائر القرآن، وإلاّ فالتسبيح(13). وإذا ضاق الوقت عن تعلّم جميعه فإن تعلّم بعضه بمقدار معتد به قرأه، وإن لم يتعلّم بعضه أيضاً قرأ من سائر القرآن بمقدار يصدق عليه ( قراءة القرآن ) عرفاً، وإن لم يعرف أجزأه أن يسبّح.
هذا في الحمد، وأما السورة فالظاهر سقوطها عن الجاهل بها مع العجز عن التعلّم.
ثم إن ما ذكر حكم كل من لم يتمكّن من القراءة الصحيحة وإن كان ذلك بسوء اختياره.
نعم، الأحوط الأولى في هذا الفرض أن يجمع بين الاتيان بالصلاة على الوجه المتقدّم والإتيان بها جماعة والاستنابة لها.
مسألة 332: إذا كان جاهلاً باللحن في قراءته وكان معذوراًًًً(14) في جهله صحّت صلاته، ولا حاجة إلى الإعادة وإن علم بذلك بعد الصلاة.
وأما إذا لم يكن معذوراً فاللازم عليه إعادتها بعد التصحيح، ويجري عليه حكم تارك صلاة الطواف نسياناً.
(4) - السعي
(4) - السعي:(1)
وهو الرابع من واجبات عمرة التمتّع.
ويعتبر فيه قصد القربة والخلوص، ولا يعتبر فيه ستر العورة، ولا الطهارة من الحدث أو الخبث، والأولى رعاية الطهارة فيه.
مسألة 333: محلّ السعي إنما هو بعد الطواف وصلاته، فلو قدّمه على الطواف أو على صلاته وجبت عليه الإعادة بعدهما(2)، وقد تقدّم حكم من نسي الطواف وتذكّره بعد سعيه.
مسألة 334: يعتبر في نيّة السعي التعيين، بأن يأتي به للعمرة إن كان في العمرة، وللحجّ إن كان في الحجّ.
مسألة 335: السعي سبعة أشواط، يبتدئ الشوط الأول من الصفا وينتهي بالمروة(3)، والشوط الثاني عكس ذلك، والشوط الثالث مثل الأول، وهكذا إلى أن يتمّ السعي في الشوط السابع بالمروة.
ويعتبر فيه استيعاب(4) تمام المسافة الواقعة بين الجبلين في كل شوط، ولا يجب الصعود عليهما وإن كان ذلك أولى وأحوط.
والأحوط وجوباً مراعاة الاستيعاب الحقيقي بأن يبدأ الشوط الأول مثلاً من أول جزء من الصفا ثم يذهب إلى أن يصل إلى أول جزء من المروة، وهكذا.
مسألة 336: لو بدأ بالمروة قبل الصفا ولو سهواً ألغى ما أتى به واستأنف السعي من الأول.
مسألة 337: لا يعتبر في السعي أن يكون ماشياً، فيجوز السعي راكباً(5) على حيوان أو غيره، ولكن المشي أفضل.
مسألة 338: يعتبر في السعي أن يكون ذهابه وإيابه- فيما بين الصفا والمروة- من الطريق المتعارف(6) فلا يجزئ الذهاب أو الإياب من المسجد الحرام أو أيّ طريق آخر، نعم لا يعتبر أن يكون ذهابه وإيابه بالخط المستقيم.
مسألة 339: يجب استقبال المروة(7) عند الذهاب إليها، كما يجب استقبال الصفا عند الرجوع من المروة إليه، فلو استدبر المروة عند الذهاب إليها أو استدبر الصفا عند الإياب من المروة لم يجزئه ذلك، ولا بأس بالالتفات بصفحة الوجه إلى اليمين واليسار أو الخلف عند الذهاب أو الإياب.
مسألة 340: الأحوط وجوباً مراعاة الموالاة العرفية في السعي كالطواف (8)، نعم لا بأس بالجلوس في أثنائه على الصفا أو المروة أو فيما بينهما للاستراحة، وإن كان الأحوط استحباباً ترك الجلوس فيما بينهما إلا لمن جهد.
كما لا بأس بقطعه لدرك وقت فضيلة الفريضة ثمّ البناء عليه من موضع القطع بعد الفراغ منها. ويجوز أيضاً قطع السعي لحاجة(9)، بل مطلقاً، ولكن الأحوط استحباباً- مع فوات الموالاة- أن يجمع بين تكميله وإعادته.
أحكام السعي (تركه. والنقيصة والزيادة فيه)
السعي(10) من أركان الحجّ، فمن تركه عمداً عالماً بالحكم أو جاهلاً به أو بالموضوع إلى زمان لا يمكنه إتمام أعمال العمرة قبل زوال الشمس من يوم عرفة بطل حجّه، وكان حكمه حكم من ترك الطواف كذلك، وقد تقدّم في أول الطواف.
مسألة 341: لو ترك السعي نسياناً أتى به متى ما ذكره وإن كان تذكّره بعد فراغه من أعمال الحجّ، ولو لم يتمكّن منه مباشرة، أو كان فيها حرج ومشقّة استناب غيره، ويصحّ حجّه في كلتا الصورتين.
مسألة 342: من لم يتمكّن من مباشرة السعي في الوقت المحدد له ولو بمساعدة شخص آخر، وجب أن يستعين بغيره ليسعى به، ولو بأن يحمله على متنه أو على عربة أو نحوها، وإن لم يتمكّن من هذا أيضا استناب غيره(11)، ومع عدم القدرة على الاستنابة كالمغمى عليه يسعى عنه وليّه أو غيره ويصحّ حجّه.
مسألة 343: الأحوط(12) المبادرة إلى السعي بعد الفراغ من الطواف وصلاته، وإن كان الظاهر جواز تأخيره إلى الليل لرفع التعب أو للتخفيف من شدّة الحر، بل مطلقاً على الأقوى، نعم لا يجوز تأخيره إلى الغد في حال الاختيار(13).
مسألة 344: حكم الزيادة في السعي حكم الزيادة في الطواف، فيبطل السعي إذا كانت الزيادة عن علم وعمد على ما تقدّم في الطواف.
نعم، إذا كان جاهلاً بالحكم فالأظهر عدم بطلان السعي بالزيادة وإن كانت الإعادة أحوط استحباباً(14).
مسألة 345: إذا زاد في سعيه خطأً(15) صحّ سعيه، ولكن الزائد إذا كان شوطاً أو أزيد يستحب له أن يكمله سبعة أشواط ليكون سعياً كاملاً غير سعيه الأول، فيكون انتهاؤه إلى الصفا.
مسألة 346: إذا نقص من أشواط السعي عامداً- عالماً بالحكم أو جاهلاً به- فحكمه حكم من ترك السعي كذلك وقد تقدّم.
وأما إذا كان النقص نسياناً(16) فيجب عليه تدارك المنسي متى ما تذكّر سواء كان شوطاً واحداً أم أزيد على الأظهر.
ولو كان تذكّره بعد مضي وقته- بأن تذكّر وقوع النقص في سعي عمرة التمتّع وهو بعرفات، أو التفت إلى وقوع النقص في سعي الحجّ بعد مضي شهر ذي الحجّة- فالأحوط وجوباً أن يعيد السعي بعد التدارك، وإذا لم يتمكّن منه مباشرة أو كان فيه حرج عليه استناب(17) غيره، والأحوط وجوباً أن يجمع النائب بين تدارك الأشواط المنسيّة وإعادة السعي.
مسألة 347: إذا نقص شيئاً من السعي في عمرة التمتّع نسياناً فأحلّ لاعتقاد الفراغ من السعي فالأحوط لزوماً التكفير(18) عن ذلك ببقرة، ويلزمه اتمام السعي على النحو الذي ذكرناه.
الشكّ في السعي
لا اعتبار بالشكّ في عدد أشواط السعي أو في صحّتها بعد التجاوز عن محلّه، كما لو كان الشكّ فيه في عمرة التمتّع بعد التقصير أو في الحجّ بعد الشروع في طواف النساء(19).
ولو شكّ في عدد الأشواط بعد الانصراف من السعي(20)، فإن كان شكّه في الزيادة بنى على الصحّة، وإن كان شكّه في النقيصة وكان ذلك قبل فوات الموالاة بطل سعيه، وكذا إذا كان بعده على الأحوط.
مسألة 348: إذا شكّ في الزيادة في نهاية الشوط، كما لو شكّ وهو على المروة في أن شوطه الأخير كان هو السابع أو هو التاسع فلا اعتبار بشكّه ويصحّ سعيه، وإذا كان هذا الشكّ أثناء الشوط بطل سعيه ووجب عليه الاستئناف.
مسألة 349: حكم الشكّ في عدد الأشواط في أثناء السعي حكم الشكّ في عدد أشواط الطواف(21) في أثنائه، فيبطل السعي به مطلقاً.
(5) - التقصير
(5) - التقصير:
وهو الواجب الخامس في عمرة التمتّع.
ويعتبر فيه قصد القربة والخلوص، ويتحقّق بقصّ شعر الرأس أو اللحية أو الشارب(1)، ولا يكفي فيه النتف بدلاً عن القصّ على الأظهر، والمشهور تحققه بأخذ شيء من ظفر اليد أو الرجل أيضاً، ولكن الأحوط وجوباً عدم الاكتفاء به وتأخير الاتيان به عن الأخذ من الشعر.
مسألة 350: يتعيّن التقصير في إحلال عمرة التمتّع ولا يجزئ عنه حلق الرأس، بل يحرم الحلق عليه، وإذا حلق لزمه التكفير عنه بشاة إذا كان عالماً عامداً، بل مطلقاً على الأحوط الأولى.
مسألة 351: إذا جامع بعد السعي وقبل التقصير، فإن كان عالماً عامداً فعليه كفّارة بدنة(2)- كما تقدّم في تروك الإِحرام- وإن كان جاهلاً فلا شيء عليه على الأظهر(3).
مسألة 352: محلّ التقصير بعد السعي(4)، فلا يجوز الاتيان به قبل الفراغ منه.
مسألة 353: لا تجب المبادرة إلى التقصير بعد السعي، ويجوز فعله في أيّ محلّ شاء، سواء كان في المسعى أم في منزله أم في غيرهما(5).
مسألة 354: إذا ترك التقصير عمداً فأحرم للحجّ(6)، فالظاهر بطلان عمرته وانقلاب حجّه إلى الافراد، فيأتي بعمرة مفردة بعده إن تمكّن، والأحوط استحباباً إعادة الحجّ في سنة أخرى أيضاً.
مسألة 355: إذا ترك التقصير نسياناً فأحرم للحجّ صحّت عمرته وصحّ إحرامه، والأحوط الأولى التكفير عن ذلك بشاة.
مسألة 356: إذا قصّر المحرم في عمرة التمتّع حلّ له (7) جميع ما كان يحرم عليه من جهة إحرامه حتى الحلق(8) على الأظهر، وإن كان الأحوط استحباباً تركه بعد مضي ثلاثين يوماً من يوم عيد الفطر، ولو فعله عن علم وعمد فالأحوط الأولى التكفير عنه بدم.
مسألة 357: لا يجب طواف النساء في عمرة التمتّع، ولا بأس بالاتيان به رجاءاً.
القسم {3} [تفصيل واجبات الحجّ] (1) - إحرام الحجّ
القسم {3}
[تفصيل واجبات الحجّ]
(1) - إحرام الحجّ
تقدّم في المسألة (149) أن واجبات الحجّ ثلاثة عشر، ذكرناها مجملة، وإليك تفصيلها:
الأول: الاحرام، وأفضل أوقاته يوم التروية عند الزوال، ويجوز التقديم عليه للشيخ الكبير والمريض إذا خافا من الزحام فيحرمان ويخرجان قبل خروج الناس، كما يجوز التقديم لمن له تقديم طواف الحجّ على الوقوفين كالمرأة التي تخاف الحيض.
وقد تقدّم جواز الخروج من مكّة محرماً بالحجّ لحاجة بعد الفراغ من عمرة التمتع في أيّ وقت كان.
ويجوز التقديم في غير ما ذكر أيضاً بثلاثة أيام، بل بأكثر على الأظهر.
مسألة 358: كما لا يجوز للمعتمر عمرة التمتع أن يحرم للحجّ قبل التقصير، كذلك لا يجوز للحاج أن يحرم للعمرة المفردة قبل أن يحلّ من إحرامه.
نعم إذا لم يبق عليه سوى طواف النساء جاز له ذلك, وإن كان الأحوط الأولى تركه أيضاً.
مسألة 359: من يتمكّن من إدراك الوقوف بعرفات يوم عرفة في تمام الوقت الاختياري لا يجوز له تأخير الاحرام إلى زمان يفوت منه ذلك.
مسألة 360: يتّحد إحرام الحجّ وإحرام العمرة في كيفيته وواجباته ومحرماته، والاختلاف بينهما إنما هو في النية فقط.
مسألة 361: يجب الاحرام من مكّة المكرّمة- كما تقدّم في بحث المواقيت- وأفضل مواضعها المسجد الحرام، ويستحب الاتيان به بعد صلاة ركعتين في مقام إبراهيم أو في حجر إسماعيل (عليه السلام).
مسألة 362: من ترك الاحرام نسياناً أو جهلاً منه بالحكم إلى أن خرج من مكّة، ثم تذكّر أو علم بالحكم وجب عليه الرجوع إلى مكّة- ولو من عرفات- والاحرام منها، فإن لم يتمكّن من الرجوع، لضيق الوقت أو لعذر آخر، يُحرِم من الموضع الذي هو فيه.
وكذلك لو تذكّر أو علم بالحكم بعد الوقوف بعرفات وإن تمكّن من العود إلى مكّة والاحرام منها.
ولو لم يتذكّر أو لم يعلم بالحكم إلى أن فرغ من الحجّ صحّ حجّه.
مسألة 363: من ترك الاحرام عالماً عامداً حتى فاته الوقوف الاختياري بعرفات بسبب ذلك فسد حجّه، ولو تداركه قبل أن يفوته الوقوف الركني لم يفسد وإن كان آثماً.
مسألة 364: الأحوط وجوباً أن لا يطوف المتمتّع بعد إحرام الحجّ قبل الخروج إلى عرفات(1) طوافاً مندوباً، فلو طاف جدد التلبية بعد الطواف على الأحوط الأولى.
(2) - الوقوف بعرفات
(2) - الوقوف بعرفات
الثاني - من واجبات حجّ التمتّع-: الوقوف بعرفات بقصد القربة والخلوص، والمراد بالوقوف هو الحضور بعرفات من دون فرق بين أن يكون راكباً أو راجلاً ساكناً أو متحركاً.
مسألة 365: حد عرفات(1) من بطن عُرنَة وثويّة ونمرة إلى ذي المجاز، ومن المأزمين إلى أقصى الموقف، وهذه حدود عرفات وهي خارجة عن الموقف.
مسألة 366: الظاهر أن جبل الرحمة موقف، ولكن الأفضل الوقوف على الأرض في السفح من ميسرة الجبل.
مسألة 367: يعتبر في الوقوف أن يكون عن قصد(2)، ولو قصد الوقوف في أول الوقت- مثلاً- ثم نام أو غُشي عليه إلى آخره كفى، ولو نام أو غشي عليه في جميع الوقت غير مسبوق بالقصد لم يتحقّق منه الوقوف، وإن كان مسبوقاً به ففيه إشكال(3).
مسألة 368: يجب الوقوف بعرفات في اليوم التاسع من ذي الحجّة مستوعباً من أول الزوال على الأحوط(4) إلى الغروب(5)، والأظهر جواز تأخيره عن الزوال بمقدار الاتيان بالغسل وأداء صلاتي الظهر والعصر جمعاً.
والوقوف في تمام هذا الوقت وإن كان واجباً يأثم المكلف بتركه اختياراً، إلا أنه ليس من الأركان، بمعنى أن من ترك الوقوف في مقدار من هذا الوقت لا يفسد حجّه.
نعم، لو ترك الوقوف رأساً باختياره فسد حجّه، فما هو الركن من الوقوف هو الوقوف في الجملة.
مسألة 369: من لم يدرك الوقوف الاختياري بعرفات (الوقوف في النهار) لنسيان أو لجهل يعذر فيه، أو لغيرهما من الأعذار، لزمه الوقوف الاضطراري فيه ( الوقوف برهة من ليلة العيد ) وصحّ حجّه، فإن تركه متعمّداً فسد حجّه.
هذا إذا أمكنه إدراك الوقوف الاضطراري على وجه لا يفوت معه الوقوف بالمشعر قبل طلوع الشمس، وأما مع خوف فوته في الوقت المذكور بسبب ذلك فيجب الاقتصار على الوقوف بالمشعر ويصحّ حجّه.
مسألة 370: تحرم الإفاضة من عرفات قبل غروب الشمس عالماً عامداً، لكنها لا تفسد(6) الحجّ، فإذا رجع إلى عرفات فلا شيء عليه، وإلا كانت عليه كفارة بدنة ينحرها يوم النحر، والأحوط وجوباً أن يكون بمنى دون مكّة، فإن لم يتمكّن منها صام ثمانية عشر يوماً بمكّة أو في الطريق أو عند أهله، والأحوط الأولى أن تكون متواليات.
ويجري هذا الحكم في من أفاض من عرفات نسياناً أو جهلاً منه بالحكم، فيجب عليه الرجوع بعد العلم أو التذكّر، فإن لم يرجع حينئذٍ فعليه الكفّارة على الأحوط الاولى.
مسألة 371: إن جملة من مناسك الحجّ كالوقوف في عرفات وفي المزدلفة ورمي الجمار والمبيت بمنى، بما أن لها أياماً وليالي خاصة من شهر ذي الحجّة الحرام، فوظيفة المكلّف أن يتحرى عن رؤية هلال هذا الشهر ليتسنى له الاتيان بمناسك حجّه في أوقاتها.
وإذا ثبت الهلال عند قاضي الديار المقدسة، وحكم على طبقه، وفرض مخالفته للموازين الشرعية، فقد يقال بحجيّة حكمه في حق من يحتمل مطابقته مع الواقع، فيلزمه متابعته وترتيب آثار ثبوت الهلال فيما يرتبط بمناسك حجّه من الوقوفين وغيرهما.
فإذا فعل ذلك حكم بصحّة حجّه وإلا كان محكوماً بالفساد.
بل قد يقال بالاجتزاء بمتابعة حكمه حتى فيما لم يحتمل مطابقته مع الواقع في خصوص ما تقتضي التقيّة الجري على وفقه.
ولكن كلا القولين في غاية الاشكال، وعلى هذا فإن تيسّر للمكلف أداء أعمال الحجّ في أوقاتها الخاصة حسبما تقتضيه الطرق المقررة لثبوت الهلال وأتى بها صحّ حجّه مطلقاً على الأظهر.
وإن لم يأتِ بها كذلك- ولو لعذر- فإن ترك أيضاً اتّباع رأي القاضي في الوقوفين فلا شكّ في فساد حجّه، وأما مع اتّباعه ففي صحّة حجّه إشكال(7).
(3) - الوقوف في المزدلفة
(3) - الوقوف في المزدلفة
وهو الثالث من واجبات حجّ التمتّع.
والمزدلفة اسم لمكان يقال له: المشعر الحرام، وحدّ الموقف من المأزمين إلى الحياض إلى وادي محسّر.
وهذه كلها حدود المشعر وليست بموقف إلا عند الزحام(1) وضيق الموقف، فإنه يجوز حينئذٍ الارتفاع إلى المأزمين.
مسألة 372: يجب على الحاجّ- بعد الإفاضة من عرفات(2)- أن يبيت شطراً من ليلة العيد بمزدلفة حتى يصبح بها، والأحوط أن يبقى فيها إلى طلوع الشمس، وإن كان الأظهر جواز الإفاضة منها إلى وادي محسّر قبل الطلوع بقليل.
نعم، لا يجوز تجاوز الوادي إلى منى قبل أن تطلع الشمس.
مسألة 373: الوقوف في تمام الوقت المذكور وإن كان واجباً في حال الاختيار إلا أن الركن منه هو الوقوف في الجملة(3).
فإذا وقف بالمزدلفة مقداراً من ليلة العيد ثم أفاض قبل طلوع الفجر صحّ حجّه على الأظهر وعليه كفارة شاة إن كان عالماً، وإن كان جاهلاً فلا شيء عليه.
وإذا وقف مقداراً ممّا بين الطلوعين ولم يقف الباقي ولو متعمّداً صحّ حجّه أيضاً ولا كفّارة عليه وإن كان آثماً(4).
مسألة 374: يستثنى من وجوب الوقوف بالمزدلفة بالمقدار المتقدّم الخائف والصبيان والنساء والضعفاء- كالشيوخ والمرضى- ومن يتولّى شؤونهم، فإنه يجوز لهؤلاء الاكتفاء بالوقوف فيها ليلة العيد والإفاضة منها إلى منى قبل طلوع الفجر(5).
مسألة 375: يعتبر في الوقوف بالمزدلفة نيّة القربة والخلوص، كما يعتبر فيه أن يكون عن قصدٍ نظير ما مرَّ في الوقوف بعرفات(6).
مسألة 376: من لم يدرك الوقوف الاختياري (الوقوف في الليل والوقوف فيما بين الطلوعين) في المزدلفة لنسيان أو لعذر آخر أجزأه الوقوف الاضطراري (الوقوف قليلاً فيما بين طلوع الشمس إلى زوالها يوم العيد)، ولو تركه عمداً فسد حجّه.
حكم إدراك الوقوفين أو أحدهما
تقدّم أن كُلاً من الوقوفين- الوقوف في عرفات والوقوف في المزدلفة- ينقسم إلى قسمين: اختياري واضطراري، فإذا أدرك المكلف الاختياري من الوقوفين كليهما فلا إشكال، وإن فاته ذلك لعذر فله صور:
الأولى: أن لا يدرك شيئاً من الوقوفين- الاختياري منهما والاضطراري- أصلاً، ففي هذه الصورة يبطل حجّه ويجب عليه الاتيان بعمرة مفردة بنفس إحرام الحجّ(7).
وإذا كان حجّه حجّة الاسلام وجب عليه أداء الحجّ بعد ذلك فيما إذا كانت استطاعته باقية أو كان الحجّ مستقرّاً في ذمّته.
الثانية: أن يدرك الوقوف الاختياري في عرفات والاضطراري في المزدلفة.
الثالثة: أن يدرك الوقوف الاضطراري في عرفات والاختياري في المزدلفة.
ففي هاتين الصورتين يصحّ حجّه بلا إشكال.
الرابعة: أن يدرك الوقوف الاضطراري في كل من عرفات والمزدلفة، والأظهر في هذه الصورة صحّة حجّه، وإن كان الأحوط استحباباً إعادته بعد ذلك كما في الحالة المتقدّمة في الصورة الأولى.
الخامسة: أن يدرك الوقوف الاختياري في المزدلفة فقط، ففي هذه الصورة يصح حجّه أيضاً.
السادسة: أن يدرك الوقوف الاضطراري في المزدلفة فقط، والأظهر في هذه الصورة بطلان الحجّ وانقلابه إلى عمرة مفردة.
السابعة: أن يدرك الوقوف الاختياري في عرفات فقط، والأظهر في هذه الصورة أيضاً بطلان الحجّ فينقلب حجّه إلى العمرة المفردة، ويستثنى من ذلك ما إذا مرَّ بمزدلفة في الوقت الاختياري في طريقه إلى منى، ولكن لم يقصد الوقوف بها جهلاً منه بالحكم، فإنه لا يبعد صحّة حجّه حينئذٍ إذا كان قد ذكر الله تعالى عند مروره بها(8).
الثامنة: أن يدرك الوقوف الاضطراري في عرفات فقط، ففي هذه الصورة يبطل حجّه وينقلب إلى العمرة المفردة.
منى وواجباتها (4) - رمي جمرة العقبة
منى وواجباتها (الثلاثة)
يجب على الحاج بعد الوقوف في المزدلفة الإفاضة إلى منى، لأداء الأعمال الواجبة هناك، وهي- كما نذكرها تفصيلاً ــ:
(4 / 1 ) - رمي جمرة العقبة
الرابع ــ من واجبات الحجّ ــ :
رمي جمرة العقبة يوم النحر(1)، ويعتبر فيه أمور:
( 1 ) نيّة القربة والخلوص.
( 2 ) أن يكون الرمي بسبع حصيات(2)، ولا يجزئ الأقل من ذلك، كما لا يجزئ رمي غيرها من الأجسام.
( 3 ) أن يكون رمي الحصيات واحدة بعد واحدة(3)، فلا يجزئ رمي اثنتين أو أكثر مرّة واحدة.
( 4 ) أن تصل الحصيات إلى الجمرة فلا يحسب ما لا يصل.
( 5 ) أن يكون وصولها إلى الجمرة بسبب الرمي، فلا يجزئ وضعها عليها.
( 6 ) أن يكون كل من الإصابة والرمي بفعله، فلو كانت الحصاة بيده فصدمه حيوان أو إنسان وألقيت إلى الجمرة لم يكفِ، وكذا لو ألقاها فوقعت على حيوان أو إنسان فتحرك فحصلت الإصابة بحركته.
نعم، إذا لاقت الحصاة في طريقها شيئاً ثم أصابت الجمرة- ولو بصدمته كما لو وقعت على أرض صلبة فطفرت فأصابتها- فالظاهر الاجزاء.
( 7 ) أن يكون الرمي بيده(4)، فلو رمى الحصيات بفمه أو رجله لم يجزئه، وكذا لو رماها بآلة- كالمقلاع- على الأحوط وجوباً(5).
( 8 ) أن يكون الرمي بين طلوع الشمس وغروبها، ويجزئ للنساء وسائر من رُخّص لهم الإفاضة من المشعر في الليل أن يرموا بالليل(6) ( ليلة العيد ).
مسألة 377: إذا شك في الإصابة وعدمها بنى على العدم إلا مع التجاوز عن المحلّ، كما إذا كان الشكّ بعد الذبح أو الحلق أو بعد دخول الليل(7).
مسألة 378: يعتبر في الحصيات أمران(8):
( 1 ) أن تكون من الحرم(9) سوى المسجد الحرام ومسجد الخيف، والأفضل أخذها من المشعر(10).
( 2 ) أن تكون أبكاراً(11) على الأحوط وجوباً، بمعنى أن لا تكون مستعملة في الرمي قبل ذلك. ويستحب فيها أن تكون ملوّنة ومنقّطة ورخوة، وأن يكون حجمها بمقدار أنملة. وأن يكون الرامي راجلاً، وعلى طهارة.
مسألة 379: إذا زيد على الجمرة في ارتفاعها ففي الاجتزاء برمي المقدار الزائد إشكال، فالأحوط وجوباً أن يرمي المقدار الذي كان سابقاً، فإن لم يتمكّن من ذلك رمى المقدار الزائد بنفسه واستناب شخصاً آخر لرمي المقدار المزيد عليه، ولا فرق في ذلك بين العالم والجاهل والناسي(12).
مسألة 380: إذا لم يرمِ يوم العيد لعارضٍ من نسيان أو جهل بالحكم أو غيرهما لــــزمه التدارك متى ارتفع العارض، ولو كان ارتفاعه في الليل أخّر التدارك إلى النهار، إذا لم يكن ممّن رُخّص له الرمي ليلاً كما سيأتي في رمي الجمار.
والظــاهر وجــوب التدارك عند ارتفاع العــارض ما دام الحاج بمنى، بل وفي مكّة، حتى ولو كان ذلك بعد اليوم الثالث عشر، وإن كان الأحوط استحباباً في هذه الصـــورة أن يعيد الـــرمي في الســنة القـــادمة بنفسه إن حجّ أو بنائبه إن لم يحجّ.
وأما إذا ارتفع العارض بعد خروجه من مكّة فلا يجب عليه الرجوع، بل يرمي في السنة القادمة بنفسه أو بنائبه على الأحوط الأولى(13).
مسألة 381: إذا لم يرمِ يوم العيد نسياناً أو جهلاً، فعلم أو تذكّر بعد الطواف فتداركه لم تجب عليه إعادة الطواف(14)، وإن كانت الإعادة أحوط استحباباً.
وأما إذا كان الترك لعارضٍ آخر- سوى الجهل أو النسيان- فالظاهر بطلان طوافه، فيجب عليه أن يعيده بعد تدارك الرمي.
(5) - الذبح أو النحر في منى
(5 / 2) - الذبح أو النحر في منى
وهو الخامس من واجبات حجّ التمتّع(1).
ويعتبر فيه قصد القربة والخلوص، وعدم تقديمه على نهار يوم العيد إلا للخائف(2)، فإنه يجوز له الذبح والنحر في ليلته، ويجب الاتيان به بعد الرمي على الأحوط ، ولكن لو قدّمه عليه جهلاً أو نسياناً صحّ ولم يحتج إلى الإعادة(3).
ويجب أن يكون الذبح أو النحر بمنى(4)، وإن لم يمكن ذلك لكثرة الحجّاج وضيق منى عن استيعاب جميعهم، فلا يبعد جواز الذبح أو النحر بوادي محسر(5)، وإن كان الأحوط استحباباً تركه ما لم يحرز عدم التمكّن من الذبح أو النحر بمنى إلى آخر أيام التشريق.
مسألة 382: الأحوط(6)ً أن يكون الذبح أو النحر يوم العيد، وإن كان الأقوى جواز تأخيره إلى آخر أيام التشريق، والأحوط وجوباً عدم الذبح في الليل مطلقاً حتى الليالي المتوسطات بين أيام التشريق إلا للخائف(7).
مسألة 383: لا يجزئ هدي واحد إلا عن شخص واحد مع التمكّن منه باستقلاله، وأما مع عدم التمكّن كذلك فسيأتي حكمه في المسألة 396(8).
مسألة 384: يجب أن يكون الهدي(9) من الإبل، أو البقر، أو الغنم، ولا يجزئ من الإبل إلا ما أكمل السنة الخامسة ودخل في السادسة، ولا من البقر والمعز إلا ما أكمل الثانية ودخل في الثالثة على الأحوط، ولا يجزئ من الضأن إلا ما أكمل الشهر السابع ودخل في الثامن، والأحوط استحباباً أن يكون قد أكمل السنة الأولى ودخل في الثانية.
وإذا تبيّن له بعد ذبح الهدي أنه لم يبلغ السن المعتبر فيه لم يجزئه ذلك،ولزمته الإعادة(10).
ويعتبر في الهدي أن يكون تام الأعضاء فلا يجزئ الأعور، والأعرج، والمقطوع أذنه، والمكسور قَرْنه الداخل، ونحو ذلك(11) والأظهر عدم كفاية الخصي أيضاً إلا مع عدم تيسّر غيره.
ويعتبر فيه أن لا يكون مهزولاً عرفاً، والأحوط الأولى أن لا يكون مريضاً ولا موجوءاً، ولا مرضوض الخصيتين، ولا كبيراً لا مخّ له(12).
ولا بأس بأن يكون مشقوق الأذن أو مثقوبها، وإن كان الأحوط استحباباً اعتبار سلامته منهما، والأحوط الأولى أن لا يكون الهدي فاقد القَرْن أو الذنب من أصل خلقته(13).
مسألة 385: إذا اشترى هدياً معتقداً سلامته فبان معيباً بعد نقد ثمنه فالظاهر جواز الاكتفاء به(14).
مسألة 386: إذا لم يجد شيئاً من الأنعام الثلاثة واجداً للشرائط المتقدّمة في أيام النحر ( يوم العيد وأيام التشريق ) فالأحوط وجوباً الجمع بين الفاقد لها وبين الصوم بدلاً عن الهدي.
وكذلك الحال فيما إذا لم يجد إلا ثمن الفاقد. وإذا تيسّر له تحصيل التام في بقيّة ذي الحجّة فالأحوط وجوباً ضمّه إلى ما تقدّم.
مسألة 387: إذا اشترى هدياً على أنه سمين فبان مهزولاً أجزأه، سواء كان ذلك قبل الذبح أم بعده.
وأما إذا كان عنده كبش مثلاً فذبحه بزعم أنه سمين فبان مهزولاً لم يجزئه على الأحوط.
مسألة 388: إذا ذبح ثم شكّ في أنه كان واجداً للشرائط لم يعتنِ بشكّه، ومنه ما إذا شكّ بعد الذبح أنه كان بمنى أم كان في محلّ آخر.
وأما إذا شكّ في أصل الذبح، فإن كان الشكّ بعد تجاوز محلّه، كما إذا كان بعد الحلق أو التقصير لم يعتنِ بشكّه، وإلا لزم الاتيان به.
وإذا شكّ في هزال الهدي فذبحه برجاء أن لا يكون مهزولاً مع قصد القربة، ثم ظهر له بعد الذبح أنه لم يكن مهزولاً اجتزأ به(15).
مسألة 389: إذا اشترى هدياً سليماً لحجّ التمتّع فمرض(16) بعد ما اشتراه أو أصابه كسر أو عيب ففي الاجتزاء به إشكال بل منع، والأحوط استحباباً أن يذبحه أيضاً، ويتصدق بثمنه لو باعه.
مسألة 390: لو اشترى هدياً فَضَلّ فلم يجده، ولم يعلم بذبحه عنه، وجب عليه تحصيل هدي آخر مكانه، فإن وجد الأول قبل ذبح الثاني ذبح الأول وهو بالخيار في الثاني، إن شاء ذبحه وإن شاء لم يذبحه، وهو كسائر أمواله، والأحوط الأولى ذبحه أيضاً، وإن وجده بعد ذبحه الثاني ذبح الأول أيضاً على الأحوط وجوباً(17).
مسألة 391: لو وجد أحد كبشاً مثلاً وعلم بكونه هدياً ضَلَّ عن صاحبه جاز له أن يذبحه عنه، وإذا علم بذلك صاحبه اجتزأ به، والأحوط وجوباً للواجد أن يعرفه قبل ذبحه إلى عصر اليوم الثاني عشر.
مسألة 392: من لم يجد الهدي في أيام النحر وكان عنده ثمنه فالأحوط(18) أن يجمع بين الصوم بدلاً عنه وبين الذبح في بقيّة ذي الحجّة إن أمكن - ولو بإيداع ثمنه عند من يطمئنّ به ليشتري به هدياً ويذبحه عنه إلى آخر ذي الحجّة، فإن مضى الشهر ذبحه في السنة القادمة- ولا يبعد جواز الاكتفاء بالصوم وسقوط الهدي بمضي أيام التشريق.
مسألة 393: إذا لم يتمكّن من الهدي ولا من ثمنه صام - بدلاً عنه - عشرة أيام، يأتي بثلاثة منها في شهر ذي الحجّة - والأحوط وجوباً أن يكون ذلك في اليوم السابع والثامن والتاسع(19) ولا يقدّمه عليها- ويأتي بالسبعة المتبقية إذا رجع إلى بلده، ولا يجزئه الاتيان بها في مكّة أو في الطريق(20). وإذا لم يرجع إلى بلده وأقام بمكّة فعليه أن يصبر حتى يرجع أصحابه إلى بلدهم أو يمضي شهر ثم يصوم بعد ذلك(21).
ويعتبر التوالي في الثلاثة الأولى، ولا يعتبر ذلك في السبعة وإن كان أحوط استحباباً.
كما يعتبر في الثلاثة الاتيان بها بعد التلبّس بإحرام عمرة التمتّع، فلو صامها قبل ذلك لم يجزئه.
مسألة 394: المكلّف الذي وجب عليه صوم ثلاثة أيام في الحجّ، إذا فاته صوم جميعها قبل يوم العيد لم يجزئه- على الأحوط - أن يصومها في اليوم الثامن والتاسع ويوماً آخر بعد رجوعه إلى منى، والأفضل أن لا يبدأ بها إلا بعد انقضاء أيام التشريق، وإن كان يجوز له البدء من اليوم الثالث عشر إذا كان رجوعه من منى قبله، بل وإن كان رجوعه فيه على الأظهر.
والأحوط الأولى المبادرة إلى الصوم بعد أيام التشريق وعدم تأخيره من دون عذر.
وإذا لم يتمكّن من الصيام بعد الرجوع من منى صام في الطريق أو صامها في بلده أيضاً، ولكن الأحوط الأولى أن لا يجمع بين الثلاثة والسبعة، فإن لم يصم الثلاثة حتى أهلَّ هلال محرم سقط الصوم وتعيّن الهدي للسنة القادمة(22).
مسألة 395: من لم يتمكّن من الهدي ولا من ثمنه وصام ثلاثة أيام في الحجّ، ثم تمكّن منه قبل مضي أيام النحر، وجب عليه الهدي على الأحوط لزوماً.
مسألة 396: إذا لم يتمكّن من الهدي باستقلاله، وتمكّن من الشركة فيه مع الغير، فالأحوط وجوباً الجمع بين الشركة في الهدي والصوم على الترتيب المذكور.
مسألة 397: إذا استناب غيره في الذبح عنه ثم شكّ في أنه ذبح عنه أم لا بنى على عدمه، وفي كفاية إخباره بذلك ما لم يوجب الاطمئنان إشكال(23).
مسألة 398: ما ذكرناه من الشرائط في الهدي لا تعتبر فيما يذبح كفّارة، وإن كان الأحوط استحباباً اعتبارها فيه.
مسألة 399: الذبح أو النحر الواجب هدياً أو كفّارة لا تعتبر فيه المباشرة، بل يجوز ذلك بالاستنابة ولو في حال الاختيار، ولا بد أن تكون النيّة من النائب، ولا يشترط نيّة صاحب الهدي وإن كانت أحوط استحباباً، ويعتبر في النائب أن يكون مسلماً(24).
مصرف هدي التمتّع
الأحوط الأولى أن يأكل المتمتّع من هديه، ولو قليلاً مع عدم الضرر، ويجوز له تخصيص ثلثه لنفسه أو إطعام أهله به، كما يجوز له أن يهدي ثلثاً منه إلى من يحب من المسلمين، وأما الثلث الآخر فالأحوط وجوباً أن يتصدّق به على فقراء المسلمين(25).
وإذا تعذّر التصدّق به أو كان حرجياً سقط، ولا يعتبر إيصاله إلى الفقير نفسه، بل يجوز الاعطاء إلى وكيله ( وإن كان الوكيل هو نفس من عليه الهدي ) ويتصرف الوكيل فيه حسب إجازة موكّله من الهبة أو البيع أو الاعراض، أو غير ذلك(26).
ويجوز إخراج لحم الهدي والأضاحي من منى مع عدم حاجة الموجودين فيها إليه.
مسألة 400: لا يعتبر الافراز في ثلث الصدقة ولا في ثلث الهدية، ولكن يعتبر فيهما القبض، فلو تصدّق بثلثه المشاع وأقبضه الفقير- ولو بقبض الكلّ- كفى، وكذلك الحال في ثلث الهدية.
مسألة 401: يجوز لقابض الصدقة أو الهدية أن يتصرّف فيما قبضه كيفما شاء، فلا بأس بتمليكه غير المسلم.
مسألة 402: إذا ذبح الهدي فَسُرِق أو أخذه متغلّب عليه قهراً قبل التصدّق فلا ضمان على صاحب الهدي بلا إشكال، ولو أتلفه هو باختياره ولو بإعطائه لغير أهله ضمن حصة الفقراء لهم على الأحوط وجوباً(27).
(6) - الحلق أو التقصير
(6 / 3) - الحلق أو التقصير
وهو الواجب السادس من واجبات الحجّ(1).
ويعتبر فيه قصد القربة والخلوص، ولا يجوز إيقاعه قبل يوم العيد حتى في ليلته إلا للخائف(2)، والأحوط وجوباً تأخيره عن رمي جمرة العقبة، وعن تحصيل الهدي بمنى(3)، والأحوط الأولى تأخيره من الذبح والنحر أيضاً، وعدم تأخيره عن نهار يوم العيد، ولو قدّمه على الرمي أو تحصيل الهدي نسياناً أو جهلاً منه بالحكم أجزأه ولم يحتج إلى الإعادة(4).
مسألة 403: لا يجوز الحلق للنساء، بل يتعيّن عليهنَّ التقصير.
مسألة 404: يتخيّر الرجل بين الحلق والتقصير، والحلق أفضل إلا من لبّد شعر رأسه بالصمغ أو العسل أو نحوهما لدفع القمّل، أو عقص شعر رأسه وعقده بعد جمعه ولفّه، أو كان صرورة، فإن الأحوط وجوباً لهؤلاء اختيار الحلق(5).
مسألة 405: من أراد الحلق وعلم أن الحلاّق يجرح رأسه بالموسى لم يجز له الحلق به(6)، بل يحلق بالماكينة الناعمة جدّاً، أو يقصّر أولاً ثم يحلق بالموسى- إن شاء- إذا كان مخيّراً بين الحلق والتقصير، ولو خالف أجزأه وإن كان آثماً.
مسألة 406: الخنثى المشكل يجب عليه التقصير إذا لم يكن ملبّداً أو معقوصاً أو صرورة، وإلا لزمه التقصير أولاً وضمّ إليه الحلق بعده أيضاً على الأحوط وجوباً.
مسألة 407: إذا حلق المحرم أو قصّر حلَّ له جميع ما حرم عليه بالاحرام(7) ما عدا النساء والطيب، بل والصيد أيضاً على الأحوط وجوباً. والظاهر أن ما يحرم عليه من النساء بعد الحلق أو التقصير لا يختصّ الجماع(8)، بل يعمّ سائر الاستمتاعات التي حرمت عليه بالاحرام.
نعم، يجوز له بعده العقد على النساء والشهادة عليه على الأقوى(9).
مسألة 408: يجب أن يكون الحلق أو التقصير بمنى(10)، فإذا لم يقصّر ولم يحلق فيها متعمّداً أو جهلاً منه بالحكم حتى نفر منها وجب عليه الرجوع إليها وتداركه، وهكذا الحكم في الناسي على الأحوط (11).
وإذا تعذّر عليه الرجوع أو تعسّر، حلق أو قصّر في مكانه، ويبعث بشعره إلى منى إن أمكنه ذلك.
ومن حلق رأسه في غير منى- ولو متعمّداً- يجتزئ به ولكن يجب عليه أن يبعث بشعر رأسه إليها مع الامكان.
مسألة 409: إذا لم يقصّر ولم يحلق نسياناً أو جهلاً فذكره، أو علم به بعد الفراغ من أعمال الحجّ تداركه، ولم تجب عليه إعادة الطواف والسعي على الأظهر، وإن كانت الإعادة أحوط استحباباً(12).
(7، 8، 9) - طواف الحجّ وصلاته والسعي
(7، 8، 9) - طواف الحجّ وصلاته والسعي
الواجب السابع والثامن والتاسع من واجبات الحجّ: الطواف وصلاته والسعي.
مسألة 410: كيفية طواف الحجّ وصلاته والسعي وشرائطها هي نفس الكيفية والشرائط التي ذكرناها في طواف العمرة وصلاته وسعيها.
مسألة 411: يستحب الاتيان بطواف الحجّ في يوم النحر، والأحوط(1) عدم تأخيره عن اليوم الحادي عشر، وإن كان الظاهر جوازه، بل جواز التأخير عن أيام التشريق قليلاً بل إلى آخر ذي الحجّة لا يخلو من قوة(2).
مسألة 412: الأحوط وجوبا عدم تقديم طواف الحجّ وصلاته والسعي على الوقوفين في حجّ التمتّع(3)، ولو قدّمها جهلاً ففي الاجتزاء بها إشكال، وإن كان لا يخلو عن وجه، ويستثنى من الحكم المذكور:
أ - المرأة التي تخاف الحيض أو النفاس(4).
ب - كبير السن والمريض والعليل وغيرهم ممّن يعسر عليه الرجوع إلى مكّة، أو يعسر عليه الطواف بعد الرجوع لشدة الزحام ونحوها(5).
ج- من يخاف أمراً لا يتهيأ له معه الرجوع إلى مكّة.
فيجوز لهؤلاء تقديم الطواف وصلاته والسعي على الوقوفين بعد الاحرام للحجّ، والأحوط الأولى إعادتها مع التمكن بعد ذلك إلى آخر ذي الحجّة.
مسألة 413: من يأتي بطواف الحجّ بعد الوقوفين يلزمه تأخيره عن الحلق والتقصير، فلو قدمه عالماً عامداً وجبت إعادته بعده(6)، ولزمته كفارة شاة.
مسألة 414: العاجز في الحجّ عن مباشرة الطواف وصلاته والسعي حكمه حكم العاجز عن ذلك في عمرة التمتع، وقد تقدّم في المسألتين 326 و342.
والمرأة التي يطرأ عليها الحيض أو النفاس ولا يتيسر لها المكث لتطوف بعد طهرها تلزمها الاستنابة للطواف وصلاته، ثم تأتي بالسعي بنفسها بعد طواف النائب.
مسألة 415: إذا طاف المتمتّع وصلّى وسعى حلّ له الطيب وبقي عليه من المحرمات النساء - بالحدّ المتقدّم- بل والصيد أيضاً على الأحوط وجوباً.
مسألة 416: من كان يجوز له تقديم الطواف والسعي إذا قدمهما على الوقوفين لا يحل له الطيب حتى يأتي بمناسك منى من الرمي والذبح والحلق أو التقصير.
(10، 11) - طواف النساء وصلاته
(10، 11) - طواف النساء وصلاته
الواجب العاشر والحادي عشر من واجبات الحجّ: طواف النساء وصلاته.
وهما وإن كانا من الواجبات إلا أنهما ليسا من أركان الحجّ(1)، فتركهما- ولو عمداً- لا يوجب فساد الحجّ.
مسألة 417: كما يجب طواف النساء على الرجال يجب على النساء(2)، فلو تركه الرجل حرمت عليه النساء، ولو تركته المرأة حرم عليها الرجال(3)، والنائب في الحجّ عن الغير يأتي بطواف النساء عن المنوب عنه لا عن نفسه(4).
مسألة 418: طواف النساء وصلاته كطواف الحجّ وصلاته في الكيفية والشرائط، وإنما الاختلاف بينهما في النية(4).
مسألة 419: حكم العاجز عن الاتيان بنفسه بطواف النساء وصلاته حكم العاجز عن ذلك في طواف العمرة وصلاته، وقد تقدّم في المسألة 326.
مسألة 420: من ترك طواف النساء سواء أكان متعمداً - مع العلم بالحكم أو الجهل به- أم كان ناسياً وجب عليه تداركه(5)، ولا تحلّ له النساء قبل ذلك.
ومع تعذّر المباشرة أو تعسرها تجوز له الاستنابة، فإذا طاف النائب عنه حلّت له النساء.
فإذا مات قبل تداركه فإن قضاه عنه وليه أو غيره فلا إشكال، وإلا فالأحوط وجوباً أن يقضى من تركته من حصص كبار الورثة برضاهم.
مسألة 421: لا يجوز تقديم طواف النساء على السعي(6)، فإن قدمه فإن كان عن علم وعمد لزمته إعادته بعد السعي، وإن كان عن جهل أو نسيان أجزأه على الأظهر، وإن كانت الإعادة أحوط استحباباً.
مسألة 422: يجوز تقديم طواف النساء على الوقوفين(7) للطوائف المذكورة في المسألة 412، ولكن لا تحل لهم النساء قبل الاتيان بمناسك منى من الرمي والذبح والحلق أو التقصير.
مسألة 423: إذا حاضت المرأة ولم تنتظر القافلة طهرها ولم تستطع التخلف عنها، جاز لها ترك طواف النساء والخروج مع القافلة، والأحوط وجوباً حينئذ أن تستنيب لطوافها ولصلاته(8).
وإذا كان حيضها بعد إتمام الشوط الرابع من طواف النساء، جاز لها ترك الباقي والخروج مع القافلة، والأحوط وجوباً الاستنابة لبقية الطواف ولصلاته.
مسألة 424: نسيان الصلاة في طواف النساء كنسيان الصلاة في طواف العمرة، وقد تقدّم حكمه في المسألة 329.
مسألة 425: إذا طاف المتمتّع طواف النساء وصلّى صلاته حلّت له النساء(9)، وإذا طافت المرأة وصلّت صلاته حلّ لها الرجال، فتبقى حرمة الصيد إلى الظهر من اليوم الثالث عشر على الأحوط ، وبعده يحلّ المحرم من كل ما أحرم منه، وأما محرّمات الحرم فقد تقدّم في الصفحة ( 151 ) أن حرمتها تعمّ المُحرم والمُحلّ.
(12) - المبيت في منى
(12) - المبيت في منى
الواجب الثاني عشر من واجبات الحج: المبيت بمنى(1) ليلة الحادي عشر والثاني عشر(2).
ويعتبر فيه قصد القربة والخلوص(3)، فإذا خرج الحاج إلى مكّة يوم العيد لأداء فريضة الطواف والسعي وجب عليه الرجوع ليبيت في منى، ومن لم يجتنب الصيد في إحرامه فعليه المبيت ليلة الثالث عشر أيضاً، وكذلك من أتى النساء(4) على الأحوط وجوباً.
وتجوز لغيرهما الإفاضة من منى بعد ظهر اليوم الثاني عشر، ولكن إذا بقي في منى إلى أن دخل الليل وجب عليه المبيت ليلة الثالث عشر أيضاً إلى طلوع الفجر(5).
مسألة 426: إذا تهيّأ للخروج وتحرّك من مكانه ولم يمكنه الخروج قبل الغروب للزحام ونحوه، فإن أمكنه المبيت وجب ذلك،وإن لم يمكنه أو كان المبيت حرجياً جاز له الخروج، وعليه دم شاة على الأحوط وجوباً.
مسألة 427: لا يعتبر في المبيت بمنى البقاء فيها تمام الليل إلاّ في المورد المتقدّم، فإذا مكث فيها من أول الليل إلى منتصفه جاز له الخروج بعده(6).
وإذا خرج منها أول الليل أو قبله لزمه الرجوع إليها قبل طلوع الفجر، بل قبل انتصاف الليل على الأحوط.
والأحوط الأولى لمن بات النصف الأول ثم خرج أن لا يدخل مكّة قبل طلوع الفجر.
مسألة 428: يستثنى ممّن يجب عليه المبيت بمنى عدة طوائف.
( 1 ) من يشقّ عليه المبيت بها أو يخاف على نفسه أو عرضه أو ماله إذا بات فيها(7).
( 2 ) من خرج من منى أول الليل أو قبله، وشَغَلَه عن العود إليها قبل انتصاف الليل إلى طلوع الفجر الاشتغال بالعبادة في مكّة في تمام هذه الفترة، إلاّ فيما يستغرقه الاتيان بحوائجه الضرورية كالأكل والشرب ونحوهما(8).
( 3 ) من خرج من مكّة للعود إلى منى فجاوز عقبة المدنيين، فإنه يجوز له أن ينام في الطريق قبل أن يصل إلى منى(9).
( 4 ) أهل سقاية الحاجّ بمكّة(10).
مسألة 429: من ترك المبيت بمنى فعليه دم شاة عن كل ليلة، ولا دم على الطائفة الثانية والثالثة والرابعة ممّن تقدّم، والأحوط وجوباً ثبوت الدم على الطائفة الأولى، وكذا على من ترك المبيت نسياناً أو جهلاً منه بالحكم(11).
مسألة 430: من أفاض من منى ثم رجع إليها بعد دخول الليل في الليلة الثالثة عشرة لحاجة، لم يجب عليه المبيت بها(12).
(13) - رمي الجمار
(13) - رمي الجمار
الثالث عشر من واجبات الحج: رمي الجمرات الثلاث: الأولى والوسطى وجمرة العقبة.
ويجب الرمي في اليوم الحادي عشر، والثاني عشر، وإذا بات ليلة الثالث عشر في منى وجب الرمي في اليوم الثالث عشر أيضاً على الأظهر.
ويعتبر في رمي الجمرات المباشرة، فلا تجوز الاستنابة اختياراً.
مسألة 431: يجب الابتداء برمي الجمرة الأولى، ثم الجمرة الوسطى، ثم جمرة العقبة، ولو خالف وجب الرجوع إلى ما يحصل به الترتيب، ولو كانت المخالفة عن جهل أو نسيان(1).
نعم، إذا نسي أو جهل فرمى جمرة بعد أن رمى سابقتها أربع حصيات أجزأه اكمالها سبعاً، ولا يجب عليه إعادة رمي اللاحقة.
مسألة 432: ما ذكرناه من واجبات رمي جمرة العقبة في الصفحة (344) يجري في رمي الجمرات الثلاث كلها.
مسألة 433: يجب أن يكون رمي الجمرات في النهار، ويستثنى من ذلك الرعاة وكل معذور عن المكث في منى نهاراً لخوف أو مرض أو علة أخرى، فيجوز له رمي كل نهار في ليلته، ولو لم يتمكّن من ذلك جاز الجمع في ليلة واحدة(2).
مسألة 434: من ترك الرمي في اليوم الحادي عشر نسياناً أو جهلاً وجب عليه قضاؤه(3) في اليوم الثاني عشر، ومن تركه في اليوم الثاني عشر كذلك قضاه في اليوم الثالث عشر، والمتعمد بحكم الناسي والجاهل على الأحوط وجوباً.
والأحوط لزوماً أن يفرق بين الأداء والقضاء، وأن يقدّم القضاء على الأداء، والأحوط الأولى أن يكون القضاء أول النهار والأداء عند الزوال.
مسألة 435: من ترك رمي الجمار نسياناً أو جهلاً فذكره أو علم به في مكّة وجب عليه أن يرجع إلى منى ويرمي فيها، وإذا كان المتروك رمي يومين أو ثلاثة فالأحوط وجوباً أن يقدّم الأقدم فواتاً، ويفصل بين وظيفة يوم ويوم بعده بمقدار من الوقت.
وإذا ذكره أو علم به بعد خروجه من مكّة لم يجب عليه الرجوع لتداركه، والأحوط الأولى أن يقضيه في السنة القادمة بنفسه إن حجّ أو بنائبه إن لم يحجّ.
مسألة 436: المعذور الذي لا يستطيع الرمي بنفسه
- كالمريض- يستنيب غيره، والأولى أن يحضر عند الجمار مع الامكان ويرمي النائب بمشهد منه، وإذا رمى عنه مع عدم اليأس من زوال عذره قبل انقضاء الوقت فاتفق زواله فالأحوط وجوباً أن يرمي بنفسه أيضاً، ومن لم يكن قادراً على الاستنابة- كالمغمى عليه- يرمي عنه وليّه أو غيره(4).
مسألة 437: من ترك رمي الجمار في أيام التشريق متعمّداً لم يبطل حجّه، الأحوط وجوباً أن يقضيه في العام القابل بنفسه إن حجّ أو بنائبه إن لم يحجّ(5).
فصل في أحكام المصدود والمحصور وما يلحق بهما
فصل في أحكام المصدود والمحصور وما يلحق بهما
أحكام المصدود
مسألة 438: المصدود: هو الذي يمنعه العدو أو نحوه من الوصول إلى الأماكن المقدسة لأداء مناسك الحجّ أو العمرة بعد تلبّسه بالاحرام(1).
مسألة 439: المصدود في العمرة المفردة إذا كان سائقاً للهدي جاز له التحلّل من إحرامه بذبح هديه(2) أو نحره في موضع الصد.
وإذا لم يكن سائقاً وأراد التحلّل لزمه تحصيل الهدي وذبحه أو نحره، ولا يتحلّل بدونه على الأحوط وجوباً.
والأحوط لزوماً ضمّ الحلق أو التقصير إلى الذبح أو النحر في كلتا الصورتين.
وأما المصدود في عمرة التمتّع، فإن كان مصدوداً عن الحجّ أيضاً فحكمه ما تقدّم، وإلا- كما لو منع من الوصول إلى البيت الحرام قبل الوقوفين خاصة- فلا يبعد انقلاب وظيفته إلى حجّ الافراد.
مسألة 440: المصدود في حجّ التمتّع إن كان مصدوداً عن الموقفين أو عن الموقف بالمشعر خاصة، فالأحوط وجوباً أن يطوف ويسعى ويحلق رأسه ويذبح(3) شاة فيتحلّل من إحرامه.
وإن كان مصدوداً عن الطواف والسعي فقط - بأن منع من الذهاب إلى المطاف والمسعى - فعندئذٍ إن لم يكن متمكّناً من الاستنابة وأراد التحلّل، فالأحوط لزوماً أن يذبح أو ينحر هدياً ويضمّ إليه الحلق أو التقصير.
وإن كان متمكّناً من الاستنابة فلا يبعد جواز الاكتفاء بها، فيستنيب لطوافه وسعيه ويأتي هو بصلاة الطواف بعد طواف النائب.
وإن كان مصدوداً عن الوصول إلى منى لأداء مناسكها فوقتئذٍ إن كان متمكّناً من الاستنابة استناب للرمي والذبح أو النحر، ثم حلق أو قصّر ويبعث بشعره إلى منى مع الامكان، ويأتي ببقية المناسك.
وإن لم يكن متمكّناً من الاستنابة سقط عنه الذبح والنحر فيصوم بدلاً عن الهدي، كما يسقط عنه الرمي أيضاً - وأن كان الأحوط استحباباً الاتيان به في السنة القادمة بنفسه إن حجّ أو بنائبه إن لم يحجّ- ثم يأتي بسائر المناسك من الحلق أو التقصير وأعمال مكة، فيتحلّل بعد هذه كلها من جميع ما يحرم عليه حتى النساء من دون حاجة إلى شيء آخر.
مسألة 441: المصدود من الحجّ أو العمرة إذا تحلّل من إحرامه بذبح الهدي لم يجزئه ذلك عنهما، فلو كان قاصداً أداء حجّة الاسلام فصد عنها وتحلّل بذبح الهدي، وجب عليه الاتيان بها لاحقاً إذا بقيت استطاعته أو كان الحجّ مستقرّاً في ذمته.
مسألة 442: إذا صُدّ عن الرجوع إلى منى للمبيت ورمي الجمار لم يضرّ ذلك بصحّة حجّه، ولا يجري عليه حكم المصدود، فيستنيب للرمي إن أمكنه في سنته، وإلا قضاه في العام القابل بنفسه إن حجّ أو بنائبه إن لم يحجّ على الأحوط الأولى.
مسألة 443: لا فرق في الهدي المذكور بين أن يكون بدنة أو بقرة أو شاة، ولو لم يتمكّن منه فالأحوط وجوباً أن يصوم بدلاً عنه عشرة أيام.
مسألة 444: إذا جامع المحرم للحجّ امرأته قبل الوقوف بالمزدلفة فوجب عليه إتمامه وإعادته- كما سبق في تروك الاحرام - ثم صُدّ عن الاتمام جرى عليه حكم المصدود، ولكن تلزمه كفارة الجماع زائداً على هدي التحلّل.
أحكام المحصور
مسألة 445: المحصور: هو الذي يمنعه المرض أو نحوه عن الوصول إلى الأماكن المقدّسة(4) لأداء أعمال العمرة أو الحجّ بعد تلبسه بالاحرام.
مسألة 446: المحصور إذا كان محصوراً في العمرة المفردة أو عمرة التمتّع وأراد
التحلّل، فوظيفته أن يبعث هدياً أو ثمنه ويواعد أصحابه أن يذبحوه أو ينحروه بمكة في وقت معين، فإذا جاء الوقت قصّر(5) أو حلق وتحلّل في مكانه.
وإذا لم يكن متمكّناً من بعث الهدي أو ثمنه لفقد من يبعثه معه، جاز له أن يذبح أو ينحر في مكانه ويتحلّل.
وإن كان محصوراً في الحجّ، فوظيفته ما تقدّم، إلا أن مكان الذبح أو النحر لهديه منى، وزمانه يوم النحر.
وتحلّل المحصور في الموارد المتقدمة إنما هو من غير النساء، وأما منها فلا يتحلّل إلا بعد الاتيان بالطواف والسعي(6) بين الصفا والمروة في حجّ أو عمرة.
مسألة 447: إذا مرض المعتمر فبعث هدياً، ثم خفّ مرضه وتمكّن من مواصلة السير
والوصول إلى مكة قبل أن يذبح أو ينحر هديه لزمه ذلك(7)، فإن كانت عمرته مفردة فوظيفته إتمامها ولا شيء عليه.
وإن كانت عمرة التمتّع، فإن تمكّن من إتمام أعمالها قبل زوال الشمس من يوم عرفة فلا إشكال، وإلا فالظاهر انقلاب حجّه إلى الافراد.
وكذلك الحال- في كلتا الصورتين- لو لم يبعث بالهدي وصبر حتى خفّ مرضه وتمكّن من مواصلة السير.
مسألة 448: إذا مرض الحاج فبعث بهديه، وبعد ذلك خف المرض، فإن ظن إدراك
الحجّ وجب عليه الالتحاق، وحينئذ فإن أدراك الموقفين أو الوقوف بالمشعر خاصة - حسبما تقدّم - فقد أدرك الحجّ، فيأتي بمناسكه وينحر أو يذبح هديه.
وإلا فإن لم يذبح أو ينحر عنه قبل وصوله انقلب حجّه إلى العمرة المفردة، وإن ذبح أو نحر عنه، قصّر أو حلق وتحلّل من غير النساء، وأما منها فلا يتحلّل إلا أن يأتي بالطواف والسعي في حجّ أو عمرة.
مسألة 449: إذا أحصر الحاج من الطواف والسعي، بأن منعه المرض أو نحوه من الوصول إلى المطاف والمسعى، جاز له أن يستنيب لهما ويأتي هو بصلاة الطواف بعد طواف النائب.
وإذا أحصر عن الذهاب إلى منى وأداء مناسكها استناب للرمي والذبح، ثم حلق أو قصّر ويبعث بشعره إلى منى مع الامكان، ويأتي بسائر المناسك فيتمّ حجّه.
مسألة 450: إذا أُحصِرَ الرجل فبعث بهديه، ثم آذاه رأسه قبل أن يبلغ الهدي محله، جاز له أن يحلق، فإذا حلق وجب عليه أن يذبح شاة في محله أو يصوم ثلاثة أيام أو يطعم ستة مساكين، لكل مسكين مدّان.
مسألة 451: المحصور في الحجّ أو العمرة إذا بعث بالهدي وتحلّل من إحرامه لم يجزئه ذلك عنهما، فلو كان قاصداً أداء حجّة الاسلام فأحصر، فبعث بهديه وتحلّل، وجب عليه الاتيان بها لاحقاً إذا بقيت استطاعته أو كان الحجّ مستقرّاً في ذمته.
مسألة 452: المحصور إذا لم يجد هدياً ولا ثمنه صام عشرة أيام بدلاً عنه.
(حكم من تعذّر عليه لغير حصر وصدّ)
مسألة 453: إذا تعذّر على المحرم مواصلة السير إلى الأماكن المقدسة لأداء مناسك العمرة أو الحجّ لمانع آخر غير الصدّ والاحصار، فإن كان معتمراً بعمرة مفردة جاز له التحلّل في مكانه بذبح هديه مع ضمّ الحلق أو التقصير إليه على الأحوط وجوباً.
وكذلك إذا كان معتمراً بعمرة التمتّع ولم يمكنه إدراك الحجّ أيضاً، وإلا فالظاهر انقلاب وظيفته إلى حجّ الافراد.
وإذا كان حاجّاً وقد تعذّر عليه إدراك الموقفين أو الموقف في المشعر خاصة، فعليه أن يتحلّل من إحرامه بعمرة مفردة.
وإذا تعذّر عليه الوصول إلى المطاف والمسعى لأداء الطواف والسعي، أو لم يتمكّن من الذهاب إلى منى للاتيان بمناسكها فحكمه ما تقدّم في المسألة 449.
مسألة 454: ذكر جماعة من الفقهاء: أن الحاج أو المعتمر إذا لم يكن سائقاً للهدي، واشترط في إحرامه على ربه تعالى أن يحلّه حيث حبسه، فعرض له عارض- من عدو أو مرض أو غيرهما- حبسه عن الوصول إلى البيت الحرام أو الموقفين، كان أثر هذا الاشتراط أنه يحل بمجرد الحبس من جميع ما أحرم منه، ولا يجب عليه الهدي ولا الحلق أو التقصير للتحلّل من إحرامه، كما لا يجب عليه الطواف والسعي للتحلّل من النساء إذا كان محصوراً.
وهذا القول وإن كان لا يخلو من وجه، إلا أن الأحوط لزوماً مراعاة ما سبق ذكره في المسائل المتقدمة في كيفية التحلّل عند الحصر والصدّ، وعدم ترتيب الأثر المذكور على اشتراط التحلّل.
إلى هنا فرغنا من واجبات الحجّ، فلنشرع الآن في آدابه، وقد ذكر الفقهاء من الآداب مال لا تسعه هذه الرسالة فنقتصر على يسير منها.
وليعلم أن استحباب جملة من المذكورات مبتنٍ على قاعدة التسامح في أدلة السنن، فلا بد من الاتيان بها برجاء المطلوبية لا بقصد الورود، وكذا الحال في المكروهات.
القسم {4} آداب الحج
القسم {4} آداب الحج
مستحبات الإحرام
يستحب في الاحرام أمور:
( 1 ) تنظيف الجسد، وتقليم الأظفار، وأخذ الشارب، وإزالة الشعر من الإبطين والعانة، كل ذلك قبل الاحرام.
( 2 ) تسريح شعر الرأس واللحية من أول ذي القعدة لمن أراد الحج، وقبل الشهر واحد لمن أراد العمرة المفردة.
وقال بعض الفقهاء بوجوب ذلك، وهذا القول وإن كان ضعيفا إلا أنه أحوط.
( 3 ) الغسل، ويصح من الحائض والنفساء أيضا على الأظهر، ويجوز تقديمه على الميقات خصوصاً لمن خاف عوز الماء في الميقات، فإن وجد الماء في الميقات يستحب أعادته(1). وإذا اغتسل ثم احدث بالاصغر أو اكل أو لبس ما يحرم على المحرم يستحب اعادة غسله ويجزي الغسل نهارا إلى اخر اللية الآتية ويجزي الغسل ليلاً إلى آخر النهار الآتي.
( 4 ) أن يدع عند الغسل على ما ذكره الصدوق ( ره ) ويقول:
(( بسم الله وبالله اللهم اجعله لي نورا وطهورا وحرزا وأمنا من كل خوف، وشفاء من كل داء وسقم. اللهم طهرني وطهر قلبي واشرح لي صدري، وأجر على لساني محبتك، ومدحتك، والثناء عليك، فإنه لا قوة لي إلا بك، وقد علمت أن قوام ديني التسليم لك، والاتباع لسنة نبيك صلواتك عليه وآله)).
( 5 ) أن يدعو عند لبس ثوبي الاحرام ويقول:
((الحمد لله الذي رزقني ما أواري به عورتي وأؤدي فيه فرضي، وأعبد فيه ربي: وأنتهي فيه إلى ما أمرني. الحمد لله الذي قصدته فبلغني، وإرادته فأعانني وقبلني ولم يقطع بي، ووجهه أردت فسلمني، فهو حصني، وكهفي، وحرزي، وظهري، وملاذي، ورجائي، ومنجاي، وذخري، وعدتي في شدتي ورخائي )).
( 6 ) أن يكون ثوباه للاحرام من القطن.
( 7 ) أن يكون إحرامه بعد فريضة الظهر. فإن لم يتمكن فبعد فريضة أخرى، وإلا فبعد ركعتين أو ست ركعات من النوافل، والست أفضل، يقرأ في الركعة الأولى الفاتحة وسورة التوحيد، وفي الثانية الفاتحة وسورة الجحد، فإذا فرغ حمد الله وأثنى عليه، وصلى على النبي وآله ثم يقول: ((اللهم إني أسألك أن تجعلني ممن استجاب لك، وآمن بوعدك، واتبع أمرك، فإني عبدك وفي قبضتك، لا أوقى إلا ما وقيت، ولا آخذ إلا ما أعطيت، وقد ذكرت الحج، فأسألك أن تعزم لي عليه على كتابك، وسنة نبيك صلى الله عليه وآله، وتقويني على ما ضعفت عنه، وتسلم مني مناسكي في يسر منك وعافية، واجعلني من وفدك الذي رضيت وارتضيت وسميت وكتبت.
اللهم إني خرجت من شقة بعيدة وأنفقت مالي ابتغاء مرضاتك.
اللهم إني أريد التمتع بالعمرة إلى الحج على كتابك وسنة نبيك، صلى الله عليه وآله، فإن عرض لي عارض يحبسني، فخلني حيث حبستني لقدرك الذي قدرت علي.
اللهم إن لم تكن حجة فعمرة. أحرم لك شعري، وبشري، ولحمي ودمي، وعظامي، ومخي، وعصبي، من النساء والثياب، والطيب، أبتغي بذلك وجهك والدار الآخرة )).
( 8 ) التلفظ بنية الاحرام مقارنا للتلبية.
( 9 ) رفع الصوت بالتلبية للرجال.
( 10 ) أن يقول في تلبيته: ( لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك لبيك ).
لبيك ذا المعارج لبيك، لبيك داعيا إلى دار السلام لبيك، لبيك غفار الذنوب لبيك، لبيك أهل التلبية لبيك، لبيك ذا الجلال والاكرام لبيك، لبيك تبدئ والمعاد إليك لبيك، لبيك نستغني ويفتقر إليك لبيك، لبيك مرهوبا ومرغوبا إليك لبيك، لبيك إله الحق لبيك لبيك ذا النعماء والفضل الحسن الجميل لبيك، لبيك كشاف الكرب العظام لبيك، لبيك عبدك وابن عبديك لبيك، لبيك يا كريم لبيك )).
ثم يقول:
((لبيك أتقرب إليك بمحمد وآل محمد صلوات الله عليه وعليهم لبيك، لبيك بحجة وعمرة معا لبيك، لبيك هذه متعة عمرة إلى الحج لبيك، لبيك تمامها وبلاغها عليك لبيك)).
( 11 ) تكرار التلبية حال الاحرام، عند الاستيقاظ من النوم، وبعد كل صلاة، وعند كل ركوب ونزول وكل علو أكمة أو هبوط واد منها، وعند ملاقاة الراكب، وفي الأسحار يستحب إكثارها ولو كان المحرم جنبا أو حائضا، ولا يقطعها في عمرة التمتع إلى أن يشاهد بيوت مكة القديمة، وفي حج التمتع إلى زوال يوم عرفة، كما تقدم في المسألة 186.
مكروهات الاحرام
يكره في الاحرام أمور:
( 1 ) الاحرام في ثوب أسود، بل الأحوط ترك ذلك، والأفضل الاحرام في ثوب أبيض.
( 2 ) النوم على الفراش الأصفر، وعلى الوسادة الصفراء.
( 3 ) الاحرام في الثياب الوسخة، ولو وسخت حال الاحرام فالأولى أن لا يغسلها ما دام محرما، ولا بأس بتبديلها.
( 4 ) الاحرام في الثياب المعلمة، أي: المشتملة على الرسم ونحوه.
( 5 ) استعمال الحناء قبل الاحرام إذا كان أثره باقيا إلى وقت الاحرام.
( 6 ) دخول الحمام، والأولى بل الأحوط أن لا يدلك المحرم جسده.
( 7 ) تلبية من يناديه، بل الأحوط ترك ذلك.
دخول الحرم ومستحباته
يستحب في دخول الحرم أمور:
( 1 ) النزول من المركوب عند وصوله الحرم، والاغتسال لدخوله.
( 2 ) خلع نعليه عند دخوله الحرم وأخذهما بيده تواضعا وخشوعا لله سبحانه.
( 3 ) أن يدعو بهذا الدعاء عند دخول الحرم:
((اللهم إنك قلت في كتابك المنزل، وقولك الحق: ( وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا، وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ) اللهم وإني أرجو أن أكون ممن أجاب دعوتك، وقد جئت من شقة بعيدة وفج عميق، سامعا لندائك ومستجيبا لك مطيعا لأمرك، وكل ذلك بفضلك علي وإحسانك إلي، فلك الحمد على ما وفقتني له أبتغي بذلك الزلفة عندك، والقربة إليك والمنزلة لديك، والمغفرة لذنوبي، والتوبة علي منها بمنك، اللهم صل على محمد وآل محمد وحرم بدني على النار، وآمني من عذابك وعقابك برحمتك يا أرحم الراحمين )).
( 4 ) أن يمضغ شيئا من الإذخر عند دخوله الحرم.
آداب دخول مكة المكرمة والمسجد الحرام
يستحب لمن أراد أن يدخل مكة المكرمة أن يغتس يغتسل قبل دخولها، وأن يدخلها بسكينة ووقار.
ويستحب لمن جاء من طريق المدينة أن يدخل من أعلاها، ويخرج من أسفلها.
ويستحب أن يكون حال دخول المسجد حافيا على سكينة ووقار وخشوع، وأن يكون دخوله من باب بني شيبة، وهذا الباب وإن جهل فعلا من جهة توسعة المسجد إلا أنه قال بعضهم: إنه كان بإزاء باب السلام، فالأولى الدخول من باب السلام، ثم يأتي مستقيما إلى أن يتجاوز الأسطوانات.
ويستحب أن يقف على باب المسجد ويقول:
((السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، بسم الله وبالله ومن الله، وما شاء الله، والسلام على أنبياء الله ورسله، والسلام على رسول الله، والسلام على إبراهيم خليل الله، والحمد لله رب العالمين )).
ثم يدخل المسجد متوجها إلى الكعبة رافعا يديه إلى السماء ويقول:
((اللهم إني أسألك في مقامي هذا في أول مناسكي أن تقبل توبتي، وأن تجاوز عن خطيئتي، وتضع عني وزري. الحمد لله الذي بلغني بيته الحرام. اللهم إني أشهدك أن هذا بيتك الحرام الذي جعلته مثابة للناس، وأمنا مباركا، وهدى للعالمين، اللهم إني عبدك والبلد بلدك والبيت بيتك، جئت أطلب رحمتك، وأؤم طاعتك، مطيعا لأمرك، راضيا بقدرك، أسألك مسألة الفقير إليك، الخائف لعقوبتك، اللهم افتح لي أبواب رحمتك، واستعملني بطاعتك ومرضاتك )).
وفي رواية أخرى يقف على باب المسجد ويقول:
بسم الله وبالله ومن الله وإلى الله، وما شاء الله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وآله، وخير الأسماء لله، والحمد لله، والسلام على رسول الله صلى الله عليه وآله، السلام على محمد بن عبد الله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام على أنبياء الله ورسله، السلام على إبراهيم خليل الرحمن، السلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.
اللهم صل على محمد وآل محمد، وبارك على محمد وآل محمد، وارحم محمدا وآل محمد، كما صليت وباركت وترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد.
اللهم صل على محمد [ وآل محمد ] عبدك ورسولك، وعلى إبراهيم خليلك، وعلى أنبيائك ورسلك، وسلم عليهم، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
اللهم افتح لي أبواب رحمتك، واستعملني في طاعتك ومرضاتك، واحفظني بحفظ الايمان أبدا ما أبقيتني جل ثناء وجهك، الحمد لله الذي جعلني من وفده وزواره، وجعلني ممن يعمر مساجده، وجعلني ممن يناجيه.
اللهم إني عبدك، وزائرك في بيتك، وعلى كل مأتي حق لمن أتاه وزاره، وأنت خير مأتي وأكرم مزور، فأسألك يا الله يا رحمن، وبأنك أنت الله لا إله إلا أنت، وحدك لا شريك لك، وبأنك واحد أحد صمد، لم تلد ولم تولد، ولم يكن له كفوا أحد، وأن محمدا عبدك ورسولك صلى الله عليه وعلى أهل بيته، يا جواد يا كريم، يا ماجد يا جبار يا كريم، أسألك أن تجعل تحفتك إياي بزيارتي إياك أول شئ تعطيني فكاك رقبتي من النار)).
ثم يقول ثلاثا:
((اللهم فك رقبتي من النار)).
ثم يقول:
((وأوسع علي من رزقك الحلال الطيب، وادرأ عني شر شياطين الإنس والجن، وشر فسقة العرب والعجم )).
ويستحب عندما يحاذي الحجر الأسود أن يقول:
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله، آمنت بالله، وكفرت بالطاغوت، وباللات والعزى، وبعبادة الشيطان وبعبادة كل ند يدعى من دون الله)).
ثم يذهب إلى الحجر الأسود ويستلمه ويقول:
((الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، أكبر من خلقه، أكبر ممن أخشى وأحذر، ولا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، ويميت ويحيي، بيده الخير، وهو على كل شئ قدير )).
ويصلي على محمد وآل محمد، ويسلم على الأنبياء كما كان يصلي ويسلم عند دخوله المسجد الحرام، ثم يقول:
((إني أو من بوعدك وأوفي بعهدك)).
وفي رواية صحيحة عن أبي عبد الله عليه السلام، إذا دنوت من الحجر الأسود فارفع يديك، واحمد الله وأثن عليه، وصل على النبي صلى الله عليه وآله، وأسأل الله أن يتقبل منك، ثم استلم الحجر وقبله، فإن لم تستطيع أن تقبله فاستلمه بيدك، فإن لم تستطع أن تستلمه بيدك فأشر إليه وقل:
((اللهم أمانتي أديتها، وميثاقي تعاهدته لتشهد لي بالموافاة. اللهم تصديقا بكتابك وعلى سنة نبيك، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، آمنت بالله، وكفرت بالجبت والطاغوت وباللات والعزى، وعبادة الشيطان وعبادة كل ند يدعى من دون الله تعالى )).
فإن لم تستطع أن تقول هذا كله فبعضه، وقل:
((اللهم إليك بسطت يدي، وفيما عندك عظمت رغبتي، فاقبل سبحتي، واغفر لي وارحمني، اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر ومواقف الخزي في الدنيا والآخرة )).
آداب الطواف
روى معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: تقول في الطواف:
((اللهم إني أسألك باسمك الذي يمشى به على طلل. الماء كما يمشى به على جدد الأرض، وأسألك باسمك الذي يهتز له عرشك، وأسألك باسمك الذي تهتز له أقدام ملائكتك، وأسألك باسمك الذي دعاك به موسى من جانب الطور فاستجبت له، وألقيت عليه محبة منك، وأسألك باسمك الذي غفرت به لمحمد صلى الله عليه وآله ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وأتممت عليه نعمتك أن تفعل بي كذا وكذا ((ما أحببت من الدعاء.
وكلما ما انتهيت إلى باب الكعبة فصل على النبي صلى الله عليه وآله، وتقول فيما بين الركن واليماني والحجر الأسود:
((ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار)).
وقل في الطواف:
((اللهم إني إليك فقير، وإني خائف مستجير، فلا تغير جسمي، ولا تبدل اسمي)).
وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان علي بن الحسين عليه السلام إذا بلغ الحجر قبل أن يبلغ الميزاب يرفع رأسه، ثم يقول وهو ينظر إلى الميزاب:
((اللهم أدخلني الجنة برحمتك، وأجرني برحمتك من النار، وعافني من السقم، وأوسع على من الرزق الحلال، ادرأ عني شر فسقة الجن والإنس، وشر فسقة العرب والعجم )).
وفي الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام أنه لما انتهى إلى ظهر الكعبة حتى يجوز الحجر قال: ((يا ذا المن والطول والجود والكرم إن عملي ضعيف فضاعفه لي، وتقبله مني إنك أنت السميع العليم )).
وعن أبي الحسن الرضا عليه السلام، أنه لما صار بحذاء الركن اليماني قام فرفع يديه ثم قال:
((يا الله يا ولي العافية، وخالق العافية ورازق العافية، والمنعم بالعافية، والمنان بالعافية، والمتفضل بالعافية علي وعلى جميع خلقك، يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما، صل على محمد وآل محمد وارزقنا العافية، ودوام العافية، وتمام العافية، وشكر العافية، في الدنيا والآخرة، يا أرحم الراحمين )).
وعن أبي عبد الله عليه السلام: إذا فرغت من طوافك وبلغت مؤخر الكعبة وهو بحذاء المستجار دون الركن اليماني بقليل فابسط يديك على البيت، والصق بدنك وخدك بالبيت وقل:
((اللهم البيت بيتك، والعبد عبدك، وهذا مكان العائذ بك من النار )).
ثم أقر لربك بما عملت، فإنه ليس من عبد مؤمن يقر لربه بذنوبه في هذا المكان إلا غفر الله له إن شاء الله. وتقول:
((اللهم من قبلك الروح والفرج والعافية، اللهم إن عملي ضعيف فضاعفه لي، واغفر لي ما اطلعت عليه مني، وخفي على خلقك )).
ثم تستجير بالله من النار وتخير لنفسك من الدعاء، ثم تستلم الركن اليماني ثم أئت الحجر الأسود.
وفي رواية أخرى عنه عليه السلام: ثم استقبل الركن اليماني والركن الذي فيه الحجر الأسود واختم به وتقول:
((اللهم قنعني بما رزقتني، وبارك لي فيما آتيتني )).
ويستحب للطائف في كل شوط أن يستلم الأركان كلها، وأن يقول عند استلام الحجر الأسود:
((أمانتي أديتها، وميثاقي تعاهدته، لتشهد لي بالموافاة )).
آداب صلاة الطواف
يستحب في صلاة الطواف أن يقرأ بعد الفاتحة سورة التوحيد في الركعة الأولى، وسورة الجحد في الركعة الثانية، فإذا فرغ من صلاته حمد الله وأثنى عليه وصلى على محمد وآل محمد، وطلب من الله تعالى أن يتقبل منه.
وعن الصادق عليه السلام، أنه سجد بعد ركعتي الطواف وقال في سجوده:
((سجد وجهي لك تعبدا ورقا، لا إله إلا أنت حقا حقا، الأول قبل كل شئ، والآخر بعد كل شئ، وها أنا ذا بين يديك ناصيتي بيدك، واغفر لي إنه لا يغفر الذنب العظيم غيرك، فاغفر لي فإني مقر بذنوبي على نفسي، ولا يدفع الذنب العظيم غيرك )).
ويستحب أن يشرب من ماء ( زمزم ) قبل أن يخرج إلى (الصفا) ويقول:
((اللهم اجعله علما نافعا، ورزقا واسعا، وشفاء من كل داء وسقم )).
وإن أمكنه أتى ( زمزم ) بعد صلاة الطواف، وأخذ منه ذنوبا أو ذنوبين، فيشرب فيه، ويصب الماء على رأسه وظهره وبطنه، ويقول:
((اللهم اجعله علما نافعا، ورزقا واسعا، وشفاء من كل داء وسقم )).
ثم يأتي الحجر الأسود فيخرج منه إلى الصفا.
آداب السعي
ويستحب الخروج إلى ( الصفا ) من الباب الذي يقابل الحجر الأسود مع سكينة ووقار، فإذا صعد على ( الصفا ) نظر إلى الكعبة، ويتوجه إلى الركن الذي فيه الحجر الأسود، ويحمد الله ويثني عليه، ويتذكر آلاء الله ونعمه ثم يقول: ( الله أكبر ) سبع مرات، ( الحمد لله ) سبع مرات ( لا إله إلا الله ) سبع مرات، ويقول ثلاث مرات:
((لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو حي لا يموت، وهو على كل شئ قدير )).
ثم يصلي على محمد وآل محمد، ثم يقول ثلاث مرات:
((الله أكبر الحمد لله على ما هدانا، والحمد لله على ما أولانا، والحمد لله الحي القيوم، والحمد لله الحي الدائم )).
ثم يقول ثلاث مرات:
((أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، لا نعبد إلا إياه، مخلصين له الدين ولو كره المشركون )).
ثم يقول ثلاث مرات:
((اللهم إني أسألك العفو واليقين في الدنيا والآخرة )).
ثم يقول ثلاث مرات:
))اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار)).
ثم يقول ( الله أكبر ) مائة مرة. ( لا إله إلا الله ) مائة مرة. (الحمد لله ) مائة مرة. (سبحان الله) مائة مرة، ثم يقول:
((لا إله إلا الله وحده، وحده، أنجز وعده ونصر عبده، وغلب الأحزاب وحده، فله الملك، وله الحمد، وحده وحده، اللهم بارك لي في الموت وفيما بعد الموت، اللهم إني أعوذ بك من ظلمة القبر ووحشته، اللهم أظلني في ظل عرشك يوم لا ظل إلا ظلك )).
ويستودع الله دينه ونفسه وأهله كثيرا، فيقول:
((أستودع الله الرحمن الرحيم الذي لا تضيع ودائعه ديني ونفسي وأهلي، اللهم استعملني على كتابك وسنة نبيك، وتوفني على ملته، وأعذني من الفتنة )).
ثم يقول: ( الله أكبر ) ثلاث مرات، ثم يعيدها مرتين، ثم يكبر واحدة، ثم يعيدها، فإن لم يستطع هذا فبعضه.
وعن أمير المؤمنين عليه السلام: أنه إذا صعد ( الصفا ) استقبل الكعبة، ثم يرفع يديه، ثم يقول:
((اللهم اغفر لي كل ذنب أذنبته قط، فإن عدت فعد علي بالمغفرة، فإنك أنت الغفور الرحيم، اللهم افعل بي ما أنت أهله، فإنك إن تفعل بي ما أنت أهله ترحمني، وإن تعذبني فأنت غني عن عذابي، وأنا محتاج إلى رحمتك، فيا من أنا محتاج إلى رحمته ارحمني، اللهم لا تفعل بي ما أنا أهله، فإنك إن تفعل بي ما أنا أهله تعذبني ولن تظلمني أصبحت أتقي عدلك ولا أخاف جورك، فيا من هو عدل لا يجور ارحمني )).
وعن أبي عبد الله عليه السلام: إن أردت أن يكثر مالك فأكثر الوقوف على (الصفا).
ويستحب أن يسعى ماشيا، وأن يمشي مع سكينة ووقار حتى يأتي محل المنارة الأولى فيهرول إلى محل المنارة الأخرى ولا هرولة على النساء.
ثم يمشي مع سكينة ووقار حتى يصعد على ( المروة ) فيصنع عليها كما صنع على ( الصفا ) ويرجع من المروة إلى الصفا على هذا النهج أيضا.
وإذا كان راكبا أسرع قليلا فيما بين المنارتين وينبغي أن يجد في البكاء ويتباكى ويدعو الله كثيرا ويتضرع إليه.
آداب الاحرام إلى الوقوف بعرفات
إذا أحرم للحج وخرج من مكة يلبي في طريقه غير رافع صوته حتى إذا أشرف على الأبطح رفع صوته، فإذا توجه إلى منى قال:
((اللهم إياك أرجو، وإياك أدعو، فبلغني أملي، وأصلح لي عملي )).
ثم يذهب إلى منى بسكينة ووقار مشتغلا بذكر الله سبحانه، فإذا وصل إليها قال:
((الحمد لله الذي أقدمنيها صالحا في عافية وبلغني هذا المكان)).
ثم يقول:
((اللهم وهذه منى، وهي مما مننت به على أوليائك من المناسك، فأسألك أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تمن علي فيها بما مننت على أوليائك وأهل طاعتك، فإنما أنا عبدك وفي قبضتك )).
ويستحب له المبيت في منى ليلة عرفة، يقضيها في طاعة الله تبارك وتعالى، والأفضل أن تكون عباداته ولا سيما صلواته في مسجد الخيف، فإذا صلى الفجر عقب إلى طلوع الشمس، ثم يذهب إلى عرفات، ولا بأس بخروجه منها قبل طلوع الشمس أيضا، فإذا توجه إلى عرفات قال:
اللهم إليك صمدت، وإياك اعتمدت، ووجهك أردت، فأسألك أن تبارك لي في رحلتي، وأن تقضي لي حاجتي، وأن تجعلني ممن تباهي به اليوم من هو أفضل مني )).
ثم يلبي إلى أن يصل إلى عرفات.
آداب الوقوف بعرفات
يستحب في الوقوف بعرفات أمور، وهي كثيرة نذكر بعضها منها:
( 1 ) الطهارة حال الوقوف.
( 2 ) الغسل عند الزوال.
( 3 ) تفريغ النفس للدعاء والتوجه إلى الله.
( 4 ) الوقوف بسفح الجبل في ميسرته.
( 5 ) الجمع بين صلاتي الظهرين بأذان وإقامتين.
( 6 ) الدعاء بما تيسر من المأثور وغيره. والأفضل المأثور، فمن ذلك:
دعاء الإمام الحسين (عليه السلام) يوم عرفة
روي أن بشرا وبشيرا ولدا غالب الأسدي قالا: لما كان عصر عرفة في عرفات، وكنا عند أبي عبد الله الحسين عليه السلام، خرج عليه السلام من خيمته مع جماعة من أهل بيته وأولاده وشيعته بحال التذلل والخشوع والاستكانة، فوقف في الجانب الأيسر من الجبل، وتوجه إلى الكعبة، ورفع يديه قبالة وجهه كمسكين يطلب طعاما، وقرأ هذا الدعاء:
دعاء الإمام الحسين (عليه السلام) يوم عرفة:
اَلْحَمْدُ للهِ الَّذى لَيْسَ لِقَضآئِهِ دافِعٌ، وَلا لِعَطائِهِ مانِعٌ، وَلا كَصُنْعِهِ صُنْعُ صانِع، وَهُوَ الْجَوادُ الْواسِعُ، فَطَرَ اَجْناسَ الْبَدائِعِ، واَتْقَنَ بِحِكْمَتِهِ الصَّنائِعَ، لا تَخْفى عَلَيْهِ الطَّلائِعُ، وَلا تَضيعُ عِنْدَهُ الْوَدائِعُ، جازى كُلِّ صانِع، وَرائِشُ كُلِّ قانع، وَراحِمُ كُلِّ ضارِع، وَمُنْزِلُ الْمَنافِعِ وَالْكِتابِ الْجامِعِ، بِالنُّورِ السّاطِعِ، وَهُوَ لِلدَّعَواتِ سامِعٌ، وَلِلْكُرُباتِ دافِعٌ، وَلِلدَّرَجاتِ رافِعٌ، وَلِلْجَبابِرَةِ قامِعٌ، فَلا اِلهَ غَيْرُهُ، وَلا شَىءَ يَعْدِلُهُ، وَلَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىءٌ، وَهُوَ السَّميعُ الْبَصيرُ، اللَّطيفُ الْخَبيرُ، وَهُوَ عَلى كُلِّ شَىء قَديرٌ، اَللّهُمَّ اِنّى اَرْغَبُ إِلَيْكَ، وَاَشْهَدُ بِالرُّبُوبِيَّةِ لَكَ، مُقِرّاً بِاَنَّكَ رَبّى، اِلَيْكَ مَرَدّى، اِبْتَدَأتَنى بِنِعْمَتِكَ قَبْلَ اَنْ اَكُونَ شَيْئاًمَذكوراً، وَخَلَقْتَنى مِنَ التُّرابِ، ثُمَّ اَسْكَنْتَنِى الاَْصْلابَ، آمِناً لِرَيْبِ الْمَنُونِ، وَاخْتِلافِ الدُّهُورِ والسِّنينَ، فَلَمْ اَزَلْ ظاعِناً مِنْ صُلْب اِلى رَحِم، فى تَقادُم مِنَ الاَْيّامِ الْماضِيَةِ، وَالْقُرُونِ الْخالِيَةِ، لَمْ تُخْرِجْنى لِرَأفَتِكَ بى، وَلُطْفِكَ لى، وَاِحْسانِكَ اِلَىَّ، فى دَوْلَةِ اَئِمَّةِ الْكُفْرِ الَّذينَ نَقَضُوا عَهْدَكَ، وَكَذَّبُوا رُسُلَكَ، لكِنَّكَ اَخْرَجْتَنى للَّذى سَبَقَ لى مِنَ الْهُدى، الَّذى لَهُ يَسَّرْتَنى، وَفيهِ اَنْشَأْتَنى، وَمِنْ قَبْلِ رَؤُفْتَ بى بِجَميلِ صُنْعِكَ، وَسَوابِغِ نِعَمِكَ، فابْتَدَعْتَ خَلْقى مِنْ مَنِىّ يُمْنى، وَاَسْكَنْتَنى فى ظُلُمات ثَلاث، بَيْنَ لَحْم وَدَم وَجِلْد، لَمْ تُشْهِدْنى خَلْقى، وَلَمْ تَجْعَلْ اِلَىَّ شَيْئاً مِنْ اَمْرى، ثُمَّ اَخْرَجْتَنى لِلَّذى سَبَقَ لى مِنَ الْهُدى اِلَى الدُّنْيا تآمّاً سَوِيّاً، وَحَفِظْتَنى فِى الْمَهْدِ طِفْلاً صَبِيّاً، وَرَزَقْتَنى مِنَ الْغِذآءِ لَبَناً مَرِيّاً، وَعَطَفْتَ عَلَىَّ قُلُوبَ الْحَواضِنِ، وَكَفَّلْتَنِى الاُْمَّهاتِ الرَّواحِمَ، وَكَلاْتَنى مِنْ طَوارِقِ الْجآنِّ، وَسَلَّمْتَنى مِنَ الزِّيادَةِ وَالنُّقْصانِ، فَتَعالَيْتَ يا رَحيمُ يا رَحْمنُ، حتّى اِذَا اسْتَهْلَلْتُ ناطِقاً بِالْكَلامِ، اَتْمَمْتَ عَلَىَّ سَوابِغَ الانْعامِ، وَرَبَّيْتَنى آيِداً فى كُلِّ عام، حَتّى إذَا اكْتَمَلَتْ فِطْرَتى، وَاعْتَدَلَتْ مِرَّتى، اَوْجَبْتَ عَلَىَّ حُجَتَّكَ، بِاَنْ اَلْهَمْتَنى مَعْرِفَتَكَ، وَرَوَّعْتَنى بِعَجايِبِ حِكْمَتِكَ، وَاَيْقَظْتَنى لِما ذَرَأتَ فى سَمآئِكَ وَاَرْضِكَ مِنْ بَدائِعِ خَلْقِكَ، وَنَبَّهْتَنى لِشُكْرِكَ، وَذِكْرِكَ، وَاَوجَبْتَ عَلَىَّ طاعَتَكَ وَعِبادَتَكَ، وَفَهَّمْتَنى ما جاءَتْ بِهِ رُسُلُكَ، وَيَسَّرْتَ لى تَقَبُّلَ مَرْضاتِكَ، وَمَنَنْتَ عَلَىَّ فى جَميعِ ذلِكَ بِعَونِكَ وَلُطْفِكَ، ثُمَّ اِذْ خَلَقْتَنى مِنْ خَيْرِ الثَّرى، لَمْ تَرْضَ لى يا اِلهى نِعْمَةً دُونَ اُخرى، وَرَزَقْتَنى مِنْ اَنواعِ الْمَعاشِ، وَصُنُوفِ الرِّياشِ بِمَنِّكَ الْعَظيمِ الاَْعْظَمِ عَلَىَّ، وَاِحْسانِكَ الْقَديمِ اِلَىَّ، حَتّى اِذا اَتْمَمْتَ عَلَىَّ جَميعَ النِّعَمِ، وَصَرَفْتَ عَنّى كُلَّ النِّقَمِ، لَمْ يَمْنَعْكَ جَهْلى وَجُرْأَتى عَلَيْكَ اَنْ دَلَلْتَنى اِلى ما يُقَرِّبُنى اِلَيْكَ، وَوفَّقْتَنى لِما يُزْلِفُنى لَدَيْكَ، فَاِنْ دَعْوَتُكَ اَجَبْتَنى، وَاِنْ سَأَلْتُكَ اَعْطَيْتَنى، وَاِنْ اَطَعْتُكَ شَكَرْتَنى، وَاِنْ شَكَرْتُكَ زِدْتَنى، كُلُّ ذلِكَ اِكْمالٌ لاَِنْعُمِكَ عَلَىَّ، وَاِحْسانِكَ اِلَىَّ، فَسُبْحانَكَ سُبْحانَكَ، مِنْ مُبْدِئ مُعيد، حَميد مجيد، تَقَدَّسَتْ اَسْمآؤُكَ، وَعَظُمَتْ آلاؤُكَ، فَأَىُّ نِعَمِكَ يا اِلهى اُحْصى عَدَداً وَذِكْراً، أَمْ اَىُّ عَطاياكَ أَقُومُ بِها شُكْراً، وَهِىَ يا رَبِّ اَكْثرُ مِنْ اَنْ يُحْصِيَهَا الْعآدّوُنَ، أَوْ يَبْلُغَ عِلْماً بِهَا الْحافِظُونَ، ثُمَّ ما صَرَفْتَ وَدَرَأْتَ عَنّى اَللّهُمَّ مِنَ الضُرِّ وَالضَّرّآءِ، أَكْثَرَ مِمّا ظَهَرَ لى مِنَ الْعافِيَةِ وَالسَّرّآءِ، وَاَنَا اَشْهَدُ يا اِلهى بِحَقيقَةِ ايمانى، وَعَقْدِ عَزَماتِ يَقينى، وَخالِصِ صَريحِ تَوْحيدى، وَباطِنِ مَكْنُونِ ضَميرى، وَعَلائِقِ مَجارى نُورِ بَصَرى، وَاَساريرِ صَفْحَةِ جَبينى، وَخُرْقِ مَسارِبِ نَفْسى، وَخَذاريفِ مارِنِ عِرْنَينى، وَمَسارِبِ سِماخِ سَمْعى، وَما ضُمَّتْ وَاَطبَقَتْ عَلَيْهِ شَفَتاىَ، وَحرِكاتِ لَفظِ لِسانى، وَمَغْرَزِ حَنَكِ فَمى وَفَكّى، وَمَنابِتِ اَضْراسى، وَمَساغِ مَطْعَمى وَمَشْرَبى، وَحِمالَةِ اُمِّ رَأْسى، وَبُلُوغِ فارِغِ حبائِلِ عُنُقى، وَمَا اشْتَمَلَ عَليْهِ تامُورُ صَدرى، وَحمائِلِ حَبْلِ وَتينى، وَنِياطِ حِجابِ قَلْبى، وَأَفْلاذِ حَواشى كَبِدى، وَما حَوَتْهُ شَراسيفُ اَضْلاعى، وَحِقاقُ مَفاصِلى، وَقَبضُ عَوامِلى، وَاَطرافُ اَنامِلى وَلَحْمى وَدَمى، وَشَعْرى وَبَشَرى، وَعَصَبى وَقَصَبى، وَعِظامى وَمُخّى وَعُرُوقى، وَجَميعُ جَوارِحى، وَمَا انْتَسَجَ عَلى ذلِكَ اَيّامَ رَِضاعى، وَما اَقلَّتِ الاَْرْضُ مِنّى، وَنَوْمى وَيقَظَتى وَسُكُونى وَحرَكاتِ رُكُوعى وَسُجُودى، اَنْ لَوْ حاوَلْتُ وَاجْتَهَدْتُ مَدَى الاَْعصارِ وَالاَْحْقابِ لَوْ عُمِّرْتُها اَنْ أُؤَدِّىَ شُكْرَ واحِدَة مِنْ أَنْعُمِكَ مَا اسْتَطَعْتُ ذلِكَ اِلاّ بِمَنِّكَ الْمُوجَبِ عَلَىَّ بِهِ شُكْرَكَ اَبَداً جَديداً، وَثَنآءً طارِفاً عَتيداً، اَجَلْ وَلوْ حَرَصْتُ اَنَا وَالْعآدُّونَ مِنْ اَنامِكَ، أَنْ نُحْصِىَ مَدى اِنْعامِكَ، سالِفِهِ وَآنِفِهِ ما حَصَرْناهُ عَدَداً، وَلا اَحْصَيناهُ اَمَداً، هَيْهاتَ أنّى ذلِكَ وَاَنْتَ الُْمخْبِرُ فى كِتابِكَ النّاطِقِ، وَالنَّبَأِ الصّادِقِ، وَاِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوها، صَدَقَ كِتابُكَ اَللّهُمَّ وَاِنْبآؤُكَ، وَبَلَّغَتْ اَنْبِيآؤُكَ وَرُسُلُكَ، ما اَنْزَلْتَ عَلَيْهِمْ مِنْ وَحْيِكَ، وَشَرَعْتَ لَهُمْ وَبِهِمْ مِنْ دينِكَ، غَيْرَ أَنّى يا اِلهى اَشْهَدُ بِجَُهْدى وَجِدّى، وَمَبْلَغِ طاعَتى وَوُسْعى، وَأَقُولُ مُؤْمِناً مُوقِناً، اَلْحَمْدُ للهِ الَّذى لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً فَيَكُونَُ مَوْرُوثاً، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَريكٌ فى مُلْكِهِ فَيُضآدَُّهُ فيَما ابْتَدَعَ، وَلا وَلِىٌّ مِنَ الذُّلِّ فَيُرْفِدَهُ فيما صَنَعَ، فَسُبْحانَهُ سُبْحانَهُ، لَوْ كانَ فيهِما آلِهَةٌ اِلاَّ الله لَفَسَدَتا وَتَفَطَّرَتا، سُبْحانَ اللهِ الْواحِدِ الاَْحَدِ الصَّمَدِ الَّذى لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً اَحَدٌ، اَلْحَمْدُ للهِ حَمْداً يُعادِلُ حَمْدَ مَلائِكَتِهِ الْمُقَرَّبينَ، وَاَنْبِيآئِهِ الْمُرْسَلينَ، وَصَلَّى اللهُ عَلى خِيَرَتِهِ مُحَمَّد خاتَمِ النَّبِيّينَ، وَآلِهِ الطَّيِبينَ الطّاهِرينَ الُْمخلَصينَ وَسَلَّمَ .
ثمّ اندفع في المسألة واجتهد في الدّعاء ، وقال وعيناه سالتا دموعاً :
اَللّهُمَّ اجْعَلْنى اَخْشاكَ كَاُنّى اَراكَ، وَاَسْعِدْنى بِتَقوايكَ، وَلا تُشْقِنى بِمَعْصِيَتِكَ، وَخِرْلى فى قَضآئِكَ، وَبارِكْ لى فى قَدَرِكَ، حَتّى لا أُحِبَّ تَعْجيلَ ما اَخَّرْتَ وَلا تَأخيرَ ما عَجَّلْتَ، اَللّهُمَّ اجْعَلْ غِناىَ فى نَفْسى، وَالْيَقينَ فى قَلْبى، وَالاِْخْلاصَ فى عَمَلى، وَالنُّورَ فى بَصَرى، وَالْبَصيرَةَ فى دينى، وَمَتِّعْنى بِجَوارِحى، وَاجْعَلْ سَمْعى وَبَصَرىَ الْوارِثَيْنِ مِنّى، وَانْصُرْنى عَلى مَنْ ظَلَمَنى، وَاَرِنى فيهِ ثَاْرى وَمَآرِبى، وَاَقِرَّ بِذلِكَ عَيْنى، اَللَّهُمَّ اكْشِفْ كُرْبَتى، وَاسْتُرْ عَوْرَتى، وَاغْفِرْ لى خَطيئَتى، وَاخْسَأْ شَيْطانى، وَفُكَّ رِهانى، وَاْجَعْلْ لى يا اِلهى الدَّرَجَةَ الْعُلْيا فِى الاْخِرَةِ وَالاُْوْلى، اَللّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ كَما خَلَقْتَنى فَجَعَلْتَنى سَميعاً بَصيراً، وَلَكَ الْحَمْدُ كَما خَلَقْتَنى فَجَعَلْتَنى خَلْقاً سَوِيّاً رَحْمَةً بى، وَقَدْ كُنْتَ عَنْ خَلْقى غَنِيّاً، رَبِّ بِما بَرَأْتَنْى فَعَدَّلْتَ فِطْرَتى، رَبِّ بِما اَنَشَأْتَنى فَاَحْسَنْتَ صُورَتى، رَبِّ بِما اَحْسَنْتَ اِلَىَّ وَفى نَفْسى عافَيْتَنى، رَبِّ بِما كَلاَتَنى وَوَفَّقْتَنى، رَبِّ بِما اَنَعْمَتَ عَلَىَّ فَهَدَيْتَنى، رَبِّ بِما اَوْلَيْتَنى وَمِنْ كُلِّ خَيْر اَعْطَيْتَنى، رَبِّ بِما اَطْعَمْتَنى وَسَقَيْتَنى، رَبِّ بِما اَغْنَيْتَنى وَاَقْنَيْتَنى، رَبِّ بِما اَعَنْتَنى وَاَعْزَزْتَنى، رَبِّ بِما اَلْبَسْتَنى مِنْ سِتْرِكَ الصّافى، وَيَسَّرْتَ لى مِنْ صُنْعِكَ الْكافى، صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد، وَاَعِنّى عَلى بَوائِقِ الدُّهُورِ، وَصُرُوفِ اللَّيالى وَالاَْيّامِ، وَنَجِّنى مِنْ اَهْوالِ الدُّنْيا وَكُرُباتِ الاْخِرَةِ، وَاكْفِنى شَرَّ ما يَعْمَلُ الظّالِمُونَ فِى الاَْرْضِ، اَللّهُمَّ ما اَخافُ فَاكْفِنى، وَما اَحْذَرُ فَقِنى، وَفى نَفْسى وَدينى فَاحْرُسْنى، وَفى سَفَرى فَاحْفَظْنى، وَفى اَهْلى وَمالى فَاخْلُفْنى، وَفى ما رَزَقْتَنى فَبارِكْ لى، وَفى نَفْسى فَذلِّلْنى، وَفى اَعْيُنِ النّاسِ فَعَظِّمْنى، وَمِنْ شَرِّ الْجِنِّ وَالاِْنْسِ فَسَلِّمْنى، وَبِذُنُوبى فَلا تَفْضَحْنى وَبِسَريرَتى فَلا تُخْزِنى، وَبِعَمَلى فَلا تَبْتَِلْنى، وَنِعَمَكَ فَلا تَسْلُبْنى، وَاِلى غَيْرِكَ فَلا تَكِلْنى، اِلهى اِلى مَنْ تَكِلُنى اِلى قَريب فَيَقطَعُنى، اَمْ اِلى بَعيد فَيَتَجَهَّمُنى، اَمْ اِلَى الْمُسْتَضْعَفينَ لى، وَاَنْتَ رَبّى وَمَليكُ اَمْرى، اَشْكُو اِلَيْكَ غُرْبَتى وَبُعْدَ دارى، وَهَوانى عَلى مَنْ مَلَّكْتَهُ اَمْرى، اِلهى فَلا تُحْلِلْ عَلَىَّ غَضَبَكَ، فَاِنْ لَمْ تَكُنْ غَضِبْتَ عَلَىَّ فَلا اُبالى سُبْحانَكَ غَيْرَ اَنَّ عافِيَتَكَ اَوْسَعُ لى، فَأَسْأَلُكَ يا رَبِّ بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذى اَشْرَقَتْ لَهُ الاَْرْضُ وَالسَّماواتُ، وَكُشِفَتْ بِهِ الظُّلُماتُ، وَصَلُحَ بِهِ اَمْرُ الاَْوَّلينَ وَالاْخِرِينَ، اَنْ لا تُميتَنى عَلى غَضَبِكَ، وَلا تُنْزِلْ بى سَخَطَكَ، لَكَ الْعُتْبى لَكَ الْعُتْبى حَتّى تَرْضى قَبْلَ ذلِك، لا اِلهَ اِلاّ اَنْتَ، رَبَّ الْبَلَدِ الْحَرامِ وَالْمَشْعَرِ الْحَرامِ، وَالْبَيْتِ الْعَتيقِ الَّذى اَحْلَلْتَهُ الْبَرَكَةَ، وَجَعَلْتَهُ لِلنّاسِ اَمْنَاً، يا مَنْ عَفا عَنْ عَظيمِ الذُّنُوبِ بِحِلْمِهِ، يا مَنْ اَسْبَغَ النَّعْمآءَ بِفَضْلِهِ، يا مَنْ اَعْطَى الْجَزيلَ بِكَرَمِهِ، يا عُدَّتى فى شِدَّتى، يا صاحِبى فى وَحْدَتى، يا غِياثى فى كُرْبَتى، يا وَلِيّى فى نِعْمَتى، يا اِلهى وَاِلهَ آبائى اِبْراهيمَ وَاِسْماعيلَ وَاِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ، وَرَبَّ جَبْرَئيلَ وَميكائيلَ وَاِسْرافيلَ، وَربَّ مُحَمَّد خاتَمِ النَّبِيّيينَ وَآلِهِ الْمُنْتَجَبينَ، مُنْزِلَ التَّوراةِ وَالاِْنْجيلَ، وَالزَّبُورِ وَالْفُرْقانِ، وَمُنَزِّلَ كهيعص، وَطه وَيس، وَالْقُرآنِ الْحَكيمِ، اَنْتَ كَهْفى حينَ تُعيينِى الْمَذاهِبُ فى سَعَتِها، وَتَضيقُ بِىَ الاَْرْضُ بِرُحْبِها، وَلَوْلا رَحْمَتُكَ لَكُنْتُ مِنَ الْهالِكينَ، وَاَنْتَ مُقيلُ عَثْرَتى، وَلَوْلا سَتْرُكَ اِيّاىَ لَكُنْتُ مِنَ الْمَفْضُوحِينَ، وَاَنْتَ مُؤَيِّدى بِالنَّصْرِ عَلى اَعْدآئى، وَلَوْلا نَصْرُكَ اِيّاىَ لَكُنْتُ مِنَ الْمَغْلُوبينَ، يا مَنْ خَصَّ نَفْسَهُ بِالْسُّمُوِّ وَالرِّفْعَةِ، فَاَوْلِيآؤهُ بِعِزِّهِ يَعْتَزُّونَ، يا مَنْ جَعَلَتْ لَهُ الْمُلُوكُ نَيرَ الْمَذَلَّةِ عَلى اَعْناقِهِمْ، فَهُمْ مِنْ سَطَواتِهِ 0 مُقِرّاً اَنّى لَمْ اُحْصِها لِكَثْرَتِها وَسُبوغِها، وَتَظاهُرِها وَتَقادُمِها اِلى حادِث، ما لَمْ تَزَلْ تَتَعَهَّدُنى بِهِ مَعَها مُنْذُ خَلَقْتَنى وَبَرَأتَنى مِنْ اَوَّلِ الْعُمْرِ، مِنَ الاِْغْنآءِ مِنَ الْفَقْرِ، وَكَشْفِ الضُّرِّ، وَتَسْبِيبِ الْيُسْرِ، وَدَفْعِ الْعُسْرِ، وَتَفريجِ الْكَرْبِ، وَالْعافِيَةِ فِى الْبَدَنِ، وَالسَّلامَةِ فِى الدّينِ، وَلَوْ رَفَدَنى عَلى قَدْرِ ذِكْرِ نِعْمَتِكَ جَميعُ الْعالَمينَ مِنَ الاَْوَّلينَ وَالاْخِرينَ،، ما قَدَرْتُ وَلاهُمْ عَلى ذلِكَ، تَقَدَّسْتَ وَتَعالَيْتَ مِنْ رَبٍّ كَريم، عَظيم رَحيم، لا تُحْصى آلاؤُكَ، وَلا يُبْلَغُ ثَنآؤُكَ، وَلا تُكافى نَعْمآؤُكَ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد، وَاَتْمِمْ عَلَيْنا نِعَمَكَ، وَاَسْعِدْنا بِطاعَتِكَ، سُبْحانَكَ لا اِلهَ اِلاّ اَنْتَ، اَللَّهُمَّ اِنَّكَ تُجيبُ الْمُضْطَرَّ، وَتَكْشِفُ السُّوءَ، وَتُغيثُ الْمَكْرُوبَ، وَتَشْفِى السَّقيمَ، وَتُغْنِى الْفَقيرَ، وَتَجْبُرُ الْكَسيرَ، وَتَرْحَمُ الصَّغيرَ، وَتُعينُ الْكَبيرَ، وَلَيْسَ دُونَكَ ظَهيرٌ، وَلا فَوْقَكَ قَديرٌ، وَانْتَ الْعَلِىُّ الْكَبيرُ، يا مُطْلِقَ الْمُكَبِّلِ الاَْسيرِ، يا رازِقَ الطِّفْلِ الصَّغيرِ، يا عِصْمَةَ الْخآئِفِ الْمُسْتَجيرِ، يا مَنْ لا شَريكَ لَهُ وَلا وَزيرَ، صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد، وَاَعْطِنى فى هذِهِ الْعَشِيَّةِ، اَفْضَلَ ما اَعْطَيْتَ وَاَنَلْتَ اَحَداً مِنْ عِبادِكَ، مِنْ نِعْمَة تُوليها، وَآلاء تُجَدِّدُها، وَبَلِيَّة تَصْرِفُها، وَكُرْبَة تَكْشِفُها، وَدَعْوَة تَسْمَعُها، وَحَسَنَة تَتَقَبَّلُها، وَسَيِّئَة تَتَغَمَّدُها، اِنَّكَ لَطيفٌ بِما تَشاءُ خَبيرٌ، وَعَلى كُلِّ شَىء قَديرٌ، اَللَّهُمَّ اِنَّكَ اَقْرَبُ مَنْ دُعِىَ، وَاَسْرَعُ مَنْ اَجابَ، وَاَكْرَمُ مَنْ عَفى، وَاَوْسَعُ مَنْ اَعْطى، وَاَسْمَعُ مَنْ سُئِلَ، يا رَحمنَ الدُّنْيا والاْخِرَةِ وَرحيمُهُما، لَيْسَ كَمِثْلِكَ مَسْؤولٌ، وَلا سِواكَ مَأمُولٌ، دَعَوْتُكَ فَاَجَبْتَنى، وَسَأَلْتُكَ فَاَعْطَيْتَنى، وَرَغِبْتُ اِلَيْكَ فَرَحِمْتَنى، وَوَثِقْتُ بِكَ فَنَجَّيْتَنى، وَفَزِعْتُ اِلَيْكَ فَكَفَيْتَنى، اَللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلى مُحَمَّد عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ وَنَبِيِّكَ، وَعَلى آلِهِ الطَّيِّبينَ الطّاهِرينَ اَجْمَعينَ، وَتَمِّمْ لَنا نَعْمآءَكَ، وَهَنِّئْنا عَطآءَكَ، وَاكْتُبْنا لَكَ شاكِرينَ، وَلاِلائِكَ ذاكِرينَ، آمينَ آمينَ رَبَّ الْعالَمينَ، اَللّهُمَّ يا مَنْ مَلَكَ فَقَدَرَ، وَقَدَرَ فَقَهَرَ، وَعُصِىَ فَسَتَرَ، وَاسْتُغْفِرَ فَغَفَرَ، يا غايَةَ الطّالِبينَ الرّاغِبينَ، وَمُنْتَهى اَمَلِ الرّاجينَ، يا مَنْ اَحاطَ بِكُلِّ شَىء عِلْماً، وَوَسِعَ الْمُسْتَقيلينَ رَأفَةً وَحِلْماً، اَللّهُمَّ اِنّا نَتَوَجَّهُ اِلَيْكَ فى هذِهِ الْعَشِيَّةِ الَّتى شَرَّفْتَها وَعَظَّمْتَها بِمُحَمَّد نَبِيِّكَ وَرَسُولِكَ، وَخِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ، وَاَمينِكَ عَلى وَحْيِكَ، الْبَشيرِ النَّذيرِ، السِّراجِ الْمُنيرِ، الَّذى اَنْعَمْتَ بِهِ عَلَى الْمُسْلِمينَ، وَجَعَلْتَهُ رَحْمَةً لِلْعالَمينَ، اَللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد، كَما مُحَمَّدٌ اَهْلٌ لِذلِكَ مِنْكَ يا عَظيمُ فَصَلِّ عَلَيْهِ وَعَلى آلِهِ، الْمُنْتَجَبينَ الطَّيِّبينَ الطّاهِرينَ اَجْمَعينَ، وَتَغَمَّدْنا بِعَفْوِكَ عَنّا، فَاِلَيْكَ عَجَّتِ الاَْصْواتُ بِصُنُوفِ اللُّغاتِ، فَاجْعَلْ لَنا اَللّهُمَّ فى هذِهِ الْعَشِيَّةِ نَصيباً مِنْ كُلِّ خَيْر تَقْسِمُهُ بَيْنَ عِبادِكَ، وَنُور تَهْدى بِهِ، وَرَحْمَة تَنْشُرُها، وَبَرَكَة تُنْزِلُها، وَعافِيَة تُجَلِّلُها، وَرِزْق تَبْسُطُهُ، يا اَرْحَمَ الرّاحِمينَ، اَللَّهُمَّ اقْلِبْنا فى هذَا الْوَقْتِ مُنْجِحينَ مُفْلِحينَ مَبْرُورينَ غانِمينَ، وَلا تَجْعَلْنا مِنَ الْقانِطينَ، وَلا تُخْلِنا مِنْ رَحْمَتِكَ، وَلا تَحْرِمْنا ما نُؤَمِّلُهُ مِنْ فَضْلِكَ، وَلا تَجْعَلْنا مِنْ رَحْمَتِكَ مَحْرُومينَ، وَلا لِفَضْلِ ما نُؤَمِّلُهُ مِنْ عَطآئِكَ قانِطينَ، وَلا تَرُدَّنا خائِبينَ وَلا مِنْ بابِكَ مَطْرُودينَ، يا اَجْوَدَ الاَجْوَدينَ، وَاَكْرَمَ الاَْكْرَمينَ، اِلَيْكَ اَقْبَلْنا مُوقِنينَ، وَلِبَيْتِكَ الْحَرامِ آمّينَ قاصِدينَ، فَاَعِنّا عَلى مَناسِكِنا، وَاَكْمِلْ لَنا حَجَّنا، وَاْعْفُ عَنّا وَعافِنا، فَقَدْ مَدَدْنا اِلَيْكَ اَيْديَنا فَهِىَ بِذِلَّةِ الاِْعْتِرافِ مَوْسُومَةٌ، اَللَّهُمَّ فَاَعْطِنا فى هذِهِ الْعَشِيَّةِ ما سَأَلْناكَ، وَاكْفِنا مَا اسْتَكْفَيْناكَ، فَلا كافِىَ لَنا سِواكَ، وَلا رَبَّ لَنا غَيْرُكَ، نافِذٌ فينا حُكْمُكَ، مُحيطٌ بِنا عِلْمُكَ، عَدْلٌ فينا قَضآؤُكَ، اِقْضِ لَنَا الْخَيْرَ، وَاجْعَلْنا مِنْ اَهْلِ الْخَيْرِ، اَللَّهُمَّ اَوْجِبْ لَنا بِجُودِكَ عَظيمَ الاَْجْرِ، وَكَريمَ الذُّخْرِ، وَدَوامَ الْيُسْرِ، وَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا اَجْمَعينَ، وَلا تُهْلِكْنا مَعَ الْهالِكينَ، وَلا تَصْرِفْ عَنّا رَأفَتَكَ وَرَحْمَتَك، يا اَرْحَمَ الرّاحِمينَ، اَللّهُمَّ اجْعَلْنا فى هذَا الْوَقْتِ مِمَّنْ سَاَلَكَ فَاَعْطَيْتَهُ، وَشَكَرَكَ فَزِدْتَهُ، وَتابَ اِلَيْكَ فَقَبِلْتَهُ وَتَنَصَّلَ اِلَيْكَ مِنْ ذُنُوبِهِ كُلِّها فَغَفَرْتَها لَهُ يا ذَالْجَلالِ وَالاِْكْرامِ، اَللّهُمَّ وَنَقِّنا وَسَدِّدْنا واقْبَلْ تَضَرُّعَنا، يا خَيْرَ مَنْ سُئِلَ، وَيا اَرْحَمَ مَنِ اسْتُرْحِمَ، يا مَنْ لا يَخْفى عَلَيْهِ اِغْماضُ الْجُفُونِ، َولا لَحْظُ الْعُيُونِ، وَلا مَا اسْتَقَرَّ فِى الْمَكْنُونِ، وَلا مَا انْطَوَتْ عَلَيْهِ مُضْمَراتُ الْقُلُوبِ، اَلا كُلُّ ذلِكَ قَدْ اَحْصاهُ عِلْمُكَ، وَوَسِعَهُ حِلْمُكَ، سُبْحانَكَ وَتَعالَيْتَ عَمّا يَقُولُ الظّالِمُونَ عُلُوّاً كَبيراً، تُسَبِّحُ لَكَ السَّماواتُ السَّبْعُ، وَالاَْرَضُونَ وَمَنْ فيهِنَّ، وَاِنْ مِنْ شَىء اِلاّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ، فَلَكَ الْحَمْدُ وَالَْمجْدُ، وَعُلُوُّ الْجَدِّ، يا ذَالْجَلالِ وَالاِْكْرامِ، وَالْفَضْلِ وَالاِْنْعامِ، وَالاَْيادِى الْجِسامِ، وَاَنْتَ الْجَوادُ الْكَريمُ، الرَّؤُوفُ الرَّحيمُ، اَللَّهُمَّ اَوْسِعْ عَلَىَّ مِنْ رِزْقِكَ الْحَلالِ، وَعافِنى فى بَدَنى وَدينى، وَآمِنْ خَوْفى، وَاعْتِقْ رَقَبَتى مِنَ النّارِ، اَللّهُمَّ لا تَمْكُرْ بى، وَلا تَسْتَدْرِجْنى، وَلا تَخْدَعْنى، وَادْرَأ عَنّى شَرَّ فَسَقَةِ الْجِنِّ وَالاِْنْسِ.
ثمّ رفع رأسه وبصره الى السّماء وعيناه ماطرتان كأنّهما مزادتان وقال بصوت عال:
يا اَسْمَعَ السّامِعينَ، يا اَبْصَرَ النّاظِرينَ، وَيا اَسْرَعَ الْحاسِبينَ، وَيا اَرْحَمَ الرّاحِمينَ، صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد السّادَةِ الْمَيامينَ، وَاَسْأَلُكَ اَللَّهُمَّ حاجَتِى اَّلتى اِنْ اَعْطَيْتَنيها لَمْ يَضُرَّنى ما مَنَعْتَنى، وَاِنْ مَنَعْتَنيها لَمْ يَنْفَعْنى ما اَعْطَيْتَنى، اَسْأَلُكَ فَكاكَ رَقَبَتى مِنَ النّارِ، لا اِلهَ اِلاّ اَنْتَ، وَحْدَكَ لا شَريكَ لَكَ، لَكَ الْمُلْكُ، وَلَكَ الْحَمْدُ، وَاَنْتَ عَلى كُلِّ شَىء قَديرٌ، يا رَبُّ يا رَبُّ .
وكان يكرّر قوله يا رَبُّ وشغل من حضر ممّن كان حوله عن الدّعاء لانفسهم واقبلوا على الاستماع له والتّأمين على دعائه، ثمّ علت أصواتهم بالبكاء معه وغربت الشّمس وأفاض النّاس معه .
أقول : الى هنا تمّ دعاء الحسين (عليه السلام) في يوم عرفة على ما أورده الكفعمي في كتاب البلد الامين وقد تبعه المجلسي في كتاب زاد المعاد ولكن زاد السّيد ابن طاووس (رحمه الله) في الاقبال بعد يا رَبِّ يا رَبِّ يا رَبِّ هذه الزّيادة :
اِلهى اَنَا الْفَقيرُ فى غِناىَ فَكَيْفَ لا اَكُونُ فَقيراً فى فَقْرى، اِلهى اَنَا الْجاهِلُ فى عِلْمى فَكَيْفَ لا اَكُونُ جَهُولاً فى جَهْلى، اِلهى اِنَّ اخْتِلافَ تَدْبيرِكَ، وَسُرْعَةَ طَوآءِ مَقاديرِكَ، مَنَعا عِبادَكَ الْعارِفينَ بِكَ عَنْ السُّكُونِ اِلى عَطآء، وَالْيأْسِ مِنْكَ فى بَلاء، اِلهى مِنّى ما يَليقُ بِلُؤُمى وَمِنْكَ ما يَليقُ بِكَرَمِكَ، اِلهى وَصَفْتَ نَفْسَكَ بِاللُّطْفِ وَالرَّأْفَةِ لى قَبْلَ وُجُودِ ضَعْفى، اَفَتَمْنَعُنى مِنْهُما بَعْدَ وُجُودِ ضَعْفى، اِلهى اِنْ ظَهَرَتِ الَْمحاسِنُ مِنّى فَبِفَضْلِكَ، وَلَكَ الْمِنَّةُ عَلَىَّ، وَاِنْ ظَهَرْتِ الْمَساوىُ مِنّى فَبِعَدْلِكَ، وَلَكَ الْحُجَّةُ عَلَىَّ اِلهى كَيْفَ تَكِلُنى وَقَدْ تَكَفَّلْتَ لى، وَكَيْفَ اُضامُ وَاَنْتَ النّاصِرُ لى، اَمْ كَيْفَ اَخيبُ وَاَنْتَ الْحَفِىُّ بى، ها اَنَا اَتَوَسَّلُ اِلَيْكَ بِفَقْرى اِلَيْكَ، وَكَيْفَ اَتَوَسَّلُ اِلَيْكَ بِما هُوَ مَحالٌ اَنْ يَصِلَ اِلَيْكَ، اَمْ كَيْفَ اَشْكُو اِلَيْكَ حالى وَهُوَ لا يَخْفى عَلَيْكَ، اَمْ كَيْفَ اُتَرْجِمُ بِمَقالى وَهُوَ مِنَكَ بَرَزٌ اِلَيْكَ، اَمْ كَيْفَ تُخَيِّبُ آمالى وَهِىَ قَدْ وَفَدَتْ اِلَيْكَ، اَمْ كَيْفَ لا تُحْسِنُ اَحْوالى وَبِكَ قامَتْ، اِلهى ما اَلْطَفَكَ بى مَعَ عَظيمِ جَهْلى، وَما اَرْحَمَكَ بى مَعَ قَبيحِ فِعْلى، اِلهى ما اَقْرَبَكَ مِنّى وَاَبْعَدَنى عَنْكَ، وَما اَرْاَفَكَ بى فَمَا الَّذى يَحْجُبُنى عَنْكَ، اِلهى عَلِمْتُ بِاِخْتِلافِ الاْثارِ، وَتَنقُّلاتِ الاَْطْوارِ، اَنَّ مُرادَكَ مِنّى اَنْ تَتَعَرَّفَ اِلَىَّ فى كُلِّ شَىء، حَتّى لا اَجْهَلَكَ فى شَىء، اِلهى كُلَّما اَخْرَسَنى لُؤْمى اَنْطَقَنى كَرَمُكَ، وَكُلَّما آيَسَتْنى اَوْصافى اَطْمَعَتْنى مِنَنُكَ، اِلهى مَنْ كانَتْ مَحاسِنُهُ مَساوِىَ، فَكَيْفَ لا تَكُونُ مُساويهِ مَساوِىَ، وَمَنْ كانَتْ حَقايِقُهُ دَعاوِىَ، فَكَيْفَ لا تَكُونُ دَعاوِيَهِ دَعاوِىَ، اِلهى حُكْمُكَ النّافِذُ، وَمَشِيَّتُكَ الْقاهِرَةُ لَمْ يَتْرُكا لِذى مَقال مَقالاً، وَلا لِذى حال حالاً، اِلهى كَمْ مِنْ طاعَة بَنَيْتُها، وَحالَة شَيَّدْتُها، هَدَمَ اِعْتِمادى عَلَيْها عَدْلُكَ، بَلْ اَقالَنى مِنْها فَضْلُكَ، اِلهى اِنَّكَ تَعْلَمُ اَنّى وَاِنْ لَمْ تَدُمِ الطّاعَةُ مِنّى فِعْلاً جَزْماً فَقَدْ دامَتْ مَحَبَّةً وَعَزْماً، اِلهى كَيْفَ اَعْزِمُ وَاَنْتَ الْقاهِرُ، وَكَيْفَ لا اَعْزِمُ وَاَنْتَ الاْمِرُ، اِلهى تَرَدُّدى فِى الاْثارِ يُوجِبُ بُعْدَ الْمَزارِ، فَاجْمَعْنى عَلَيْكَ بِخِدْمَة تُوصِلُنى اِلَيْكَ، كَيْفَ يُسْتَدَلُّ عَلَيْكَ بِما هُوَ فى وُجُودِهِ مُفْتَقِرٌ اِلَيْكَ، اَيَكُونُ لِغَيْرِكَ مِنَ الظُّهُورِ ما لَيْسَ لَكَ، حَتّى يَكُونَ هُوَ الْمُظْهِرَ لَكَ، مَتى غِبْتَ حَتّى تَحْتاجَ اِلى دَليل يَدُلُّ عَليْكَ، وَمَتى بَعُدْتَ حَتّى تَكُونَ الاْثارُ هِىَ الَّتى تُوصِلُ اِلَيْكَ، عَمِيَتْ عَيْنٌ لا تَراكَ عَلَيْها رَقيباً، وَخَسِرَتْ صَفْقَةُ عَبْد لَمْ تَجْعَلْ لَهُ مِنْ حُبِّكَ نَصيباً، اِلهى اَمَرْتَ بِالرُّجُوعِ اِلَى الاْثارِ فَاَرْجِعْنى اِلَيْكَ بِكِسْوَةِ الاَْنْوارِ، وَهِدايَةِ الاِْسْتِبصارِ، حَتّى اَرْجَعَ اِلَيْكَ مِنْها كَما دَخَلْتُ اِلَيْكَ مِنْها، مَصُونَ السِّرِّ عَنِ النَّظَرِ اِلَيْها، وَمَرْفُوعَ الْهِمَّةِ عَنِ الاِْعْتِمادِ عَلَيْها، اِنَّكَ عَلى كُلِّ شَىء قَديرٌ، اِلهى هذا ذُلّى ظاهِرٌ بَيْنَ يَدَيْكَ، وَهذا حالى لا يَخْفى عَلَيْكَ، مِنْكَ اَطْلُبُ الْوُصُولُ اِلَيْكَ، َوِبَكَ اَسْتَدِلُّ عَلَيْكَ، فَاهْدِنى بِنُورِكَ اِلَيْكَ، وَاَقِمْنى بِصِدْقِ الْعُبُودِيَّةِ بَيْنَ يَدَيْكَ، اِلهى عَلِّمْنى مِنْ عِلْمِكَ الَْمخْزُونِ، وَصُنّى بِسِتْرِكَ الْمَصُونِ، اِلهى حَقِّقْنى بِحَقائِقِ اَهْلِ الْقُرْبِ، وَاسْلُكْ بى مَسْلَكَ اَهْلِ الْجَذْبِ، اِلهى اَغْنِنى بِتَدْبيرِكَ لى عَنْ تَدْبيرى، وَبِاخْتِيارِكَ عَنِ اخْتِيارى، وَاَوْقِفْنى عَلى مَراكِزِ اضْطِرارى، اِلهى اَخْرِجْنى مِنْ ذُلِّ نَفْسى، وَطَهِّرْنى مِنْ شَكّى وَشِرْكى قَبْلَ حُلُولِ رَمْسى، بِكَ اَنْتَصِرُ فَانْصُرْنى، وَعَلَيْكَ اَتَوَكَّلُ فَلا تَكِلْنى، وَاِيّاكَ اَسْأَلُ فَلا تُخَيِّبْنى، وَفى فَضْلِكَ اَرْغَبُ فَلا تَحْرِمْنى، وَبِجَنابِكَ اَنْتَسِبُ فَلا تُبْعِدْنى، وَبِبابِكَ اَقِفُ فَلا تَطْرُدْنى، اِلهى تَقَدَّسَ رِضاكَ اَنْ يَكُونَ لَهُ عِلَّةٌ مِنْكَ، فَكَيْفَ يَكُونُ لَهُ عِلَّةٌ مِنّى، اِلهى اَنْتَ الْغِنىُّ بِذاتِكَ اَنْ يَصِلَ اِلَيْكَ النَّفْعُ مِنْكَ، فَكَيْفَ لا تَكُونُ غَنِيّاً عَنّى، اِلهى اِنَّ الْقَضآءَ وَالْقَدَرَ يُمَنّينى، وَاِنَّ الْهَوى بِوَثائِقِ الشَّهْوَةِ اَسَرَنى، فَكُنْ اَنْتَ النَّصيرَ لى، حَتّى تَنْصُرَنى وَتُبَصِّرَنى، وَاَغْنِنى بِفَضْلِكَ حَتّى اَسْتَغْنِىَ بِكَ عَنْ طَلَبى، اَنْتَ الَّذى اَشْرَقْتَ الاَْنْوارَ فى قُلُوبِ اَوْلِيآئِكَ حَتّى عَرَفُوكَ وَوَحَّدوكَ، وَاَنْتَ الَّذى اَزَلْتَ الاَْغْيارَ عَنْ قُلُوبِ اَحِبّائِكَ حَتّى لَمْ يُحِبُّوا سِواكَ، وَلَمْ يَلْجَأوا اِلى غَيْرِكَ، اَنْتَ الْمُوْنِسُ لَهُمْ حَيْثُ اَوْحَشَتْهُمُ الْعَوالِمُ، وَاَنْتَ الَّذى هَدَيْتَهُمْ حَيْثُ اسْتَبانَتْ لَهُمُ الْمَعالِمُ، ماذا وَجَدَ مَنْ فَقَدَكَ، وَمَا الَّذى فَقَدَ مَنْ وَجَدَكَ، لَقَدْ خابَ مَنْ رَضِىَ دُونَكَ بَدَلاً، وَلَقَدْ خَسِرَ مَنْ بَغى عَنْكَ مُتَحَوِّلاً، كَيْفَ يُرْجى سِواكَ وَاَنْتَ ما قَطَعْتَ الاِْحْسانَ، وَكَيْفَ يُطْلَبُ مِنْ غَيْرِكَ وَاَنْتَ ما بَدَّلْتَ عادَةَ الاِْمْتِنانِ، يا مَنْ اَذاقَ اَحِبّآءَهُ حَلاوَةَ الْمُؤانَسَةِ، فَقامُوا بَيْنَ يَدَيْهِ مُتَمَلِّقينَ، وَيا مَنْ اَلْبَسَ اَوْلِياءَهُ مَلابِسَ هَيْبَتِهِ، فَقامُوا بَيْنَ يَدَيْهِ مُسْتَغْفِرينَ، اَنْتَ الذّاكِرُ قَبْلَ الذّاكِرينَ، وَاَنْتَ الْبادى بِالاِْحْسانِ قَبْلَ تَوَجُّهِ الْعابِدينَ، وَاَنْتَ الْجَوادُ بِالْعَطآءِ قَبْلَ طَلَبِ الطّالِبينَ، وَاَنْتَ الْوَهّابُ ثُمَّ لِما وَهَبْتَ لَنا مِنَ الْمُسْتَقْرِضينَ، اِلهى اُطْلُبْنى بِرَحْمَتِكَ حَتّى اَصِلَ اِلَيْكَ، وَاجْذِبْنى بِمَنِّكَ حَتّى اُقْبِلَ عَلَيْكَ، اِلهى اِنَّ رَجآئى لا يَنْقَطِعُ عَنْكَ وَاِنْ عَصَيْتُكَ، كَما اَنَّ خَوْفى لا يُزايِلُنى وَاِنْ اَطَعْتُكَ، فَقَدْ دَفَعْتَنِى الْعَوالِمُ اِلَيْكَ، وَقَدْ اَوْقَعَنى عِلْمى بِكَرَمِكَ عَلَيْكَ، اِلهى كَيْفَ اَخيبُ وَاَنْتَ اَمَلى، اَمْ كَيْفَ اُهانُ وَعَلَيْكَ مُتَكَّلى، اِلهى كَيْفَ اَسْتَعِزُّ وَفِى الذِّلَّةِ اَرْكَزْتَنى، اَمْ كَيْفَ لا اَسْتَعِزُّ وَاِلَيْكَ نَسَبْتَنى، اِلهى كَيْفَ لا اَفْتَقِرُ وَاَنْتَ الَّذى فِى الْفُقَرآءِ اَقَمْتَنى، اَمْ كَيْفَ اَفْتَقِرُ وَاَنْتَ الَّذى بِجُودِكَ اَغْنَيْتَنى، وَاَنْتَ الَّذى لا اِلهَ غَيْرُكَ تَعَرَّفْتَ لِكُلِّ شَىء فَما جَهِلَكَ شَىءُ، وَاَنْتَ الَّذى تَعَرَّفْتَ اِلَىَّ فى كُلِّ شَىء، فَرَاَيْتُكَ ظاهِراً فى كُلِّ شَىء، وَاَنْتَ الظّاهِرُ لِكُلِّ شَىء، يا مَنِ اسْتَوى بِرَحْمانِيَّتِهِ فَصارَ الْعَرْشُ غَيْباً فى ذاِتِهِ، مَحَقْتَ الاْثارَ بِالاْثارِ، وَمَحَوْتَ الاَْغْيارَ بِمُحيطاتِ اَفْلاكِ الاَْنْوارِ، يا مَنِ احْتَجَبَ فى سُرادِقاتِ عَرْشِهِ عَنْ اَنْ تُدْرِكَهُ الاَْبْصارُ، يا مَنْ تَجَلّى بِكَمالِ بَهآئِهِ، فَتَحَقَّقتْ عَظَمَتُهُ مَنْ الاِْسْتِوآءَ، كَيْفَ تَخْفى وَاَنْتَ الظّاهِرُ، اَمْ كَيْفَ تَغيبُ وَاَنْتَ الرَّقيبُ الْحاضِرُ، اِنَّكَ عَلى كُلِّ شَىء قَدير، وَالْحَمْدُ للهِ وَحْدَهُ .
وعلى أيّ حال فقد وردت ادعية وأعمال كثيرة في هذا اليوم لمن وفّق فيه لحضور عرفات وأفضل أعمال هذا اليوم الشّريف الدّعاء وهو قد امتاز بالدّعاء امتيازاً وينبغي الاكثار فيه من الدّعاء للاخوان المؤمنين أحياءً وأمواتاً، والرّواية الواردة في شأن عبد الله بن جندب (رحمه الله) في الموقف بعرفات ودعاؤه لاخوانه المؤمنين مشهورة، ورواية زيد النرسي في شأن الثّقة الجليل معاوية بن وهب في الموقف ودعاؤه في حقّ اخوانه في الافاق واحداً واحداً وروايته عن الصّادق (عليه السلام) في فضل هذا العمل فيما ينبغي الاطّلاع عليه والتدبّر فيه، والرّجاء الواثق من اخواني المؤمنين أن يجعلوا هؤلاء العظماء قدوة يقتدون بهم فيؤثرون على أنفسهم اخوانهم المؤمنين بالدّعاء ويعدونني في زمرتهم، وأنا العاصي الذي سوّدت وجهي الذّنوب فلا ينسُوني من الدّعاء حيّاً وميّتاً، واقرأ في هذا اليوم الزّيارة الجامعة الثّالثة وقل في آخر نهار عرفة : يا رَبِّ انَّ ذُنُوبى لا تَضُرُّكَ، وَاِنَّ مَغْفِرَتَكَ لى لا تَنْقُصُكَ، فَاَعْطِنى ما لا يَنْقُصُكَ، وَاغْفِرْ لى ما لا يَضُرُّكَ وقل أيضاً : اَللّـهُمَّ لا تَحْرِمْنى خَيْرَ ما عِنْدَكَ لِشَرِّ ما عِنْدى فَاِنْ اَنْتَ لَمْ تَرْحَمْنى بِتَعَبى وَنَصَبى فَلا تَحْرِمْنى اَجْرَ الْمُصابِ عَلى مُصيبَتِهِ.
ومنه: دعاء الإمام علي بن الحسين عليه السلام(2) يوم عرفة
اَلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ بَدِيعَ السَّمَاوَاتِ وَالارْضِ ذَا الْجَلالِ وَالاكْرَامِ رَبَّ الارْبَابِ وَإِلَهَ كُلِّ مَأَلُوهٍ وَخَالِقَ كُلِّ مَخْلُوقٍ وَوَارِثَ كُلِّ شَيءٍ {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ} وَلا يَعْزُبُ عَنْهُ عِلْمُ شَيءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيءٍ مُحِيطٌ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ رَقِيبٌ أَنْتَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ الاحَدُ الْمُتَوَحِّدُ الْفَرْدُ الْمُتَفَرِّدُ وَأَنْتَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ الْكَرِيمُ الْمُتَكَرِّمُ الْعَظِيمُ الْمُتَعَظِّمُ الْكَبِيرُ الْمُتَكَبِّرُ وَأَنْتَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ الْعَلِيُّ الْمُتَعَالِ الشَّدِيدُ الْمِحَالِ وَأَنْتَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ وَأَنْتَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ الْقَدِيمُ الْخَبِيرُ وَأَنْتَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ الْكَرِيمُ الاكْرَمُ الدَّآئِمُ الادْوَمُ وَأَنْتَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ الاوَّلُ قَبْلَ كُلِّ أَحَدٍ وَالآخِرُ بَعْدَ كُلِّ عَدَدٍ وَأَنْتَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ الدَّانِي فِي عُلُوِّهِ وَالْعَالِي فِي دُنُوِّهِ وَأَنْتَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ ذُو الْبَهَآءِ وَالْمَجْدِ وَالْكِبْرِيَآءِ وَالْحَمْدِ وَأَنْتَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ الَّذِي أَنْشَأْتَ الاشْيَآءَ مِنْ غِيرِ سِنْخٍ وَصَوَّرْتَ مَا صَوَّرْتَ مِنْ غَيْرِ مِثَالٍ وَابْتَدَعْتَ الْمُبْتَدَعَاتِ بِلا احْتِذَآءٍ أَنْتَ الَّذِي قَدَّرْتَ كُلَّ شَيءٍ تَقْدِيراً وَيَسَّرْتَ كُلَّ شَيءٍ تَيْسِيراً وَدَبَّرْتَ مَا دُونَكَ تَدْبِيرَا أَنْتَ الَّذِي لَمْ يُعِنْكَ عَلَى خَلْقِكَ شَرِيكٌ وَلَمْ يُوَازِرْكَ فِي أَمْرِكَ وَزِيرٌ وَلَمْ يَكُنْ لَكَ مُشَاهِدٌ وَلا نَظِيرٌ أَنْتَ الَّذِي أَرَدْتَ فَكَانَ حَتْماً مَآ أَرَدْتَ وَقَضَيْتَ فَكَانَ عَدْلاً مَا قَضَيْتَ وَحَكَمْتَ فَكَانَ نِصْفاً مَا حَكَمْتَ أَنْتَ الَّذِي لا يَحْوِيكَ مَكَانٌ وَلَمْ يَقُمْ لِسُلْطَانِكَ سُلْطَانٌ وَلَمْ يُعْيِكَ بُرْهَانٌ وَلا بَيَانٌ أَنْتَ الَّذِي أَحْصَيْتَ كُلَّ شَيءٍ عَدَداً وَجَعَلْتَ لِكُلِّ شَيءٍ أَمَداً وَقَدَّرْتَ كُلَّ شَيءٍ تَقْدِيراً أَنْتَ الَّذِي قَصُرَتِ الاوْهَامُ عَنْ ذَاتِيَّتِكَ وَعَجَزَتِ الافْهَامُ عَنْ كَيْفِيَّتِكَ وَلَمْ تُدْرِكِ الابْصَارُ مَوْضِعَ أَيْنِيَّتِكَ أَنْتَ الَّذِي لا تُحَّدُّ فَتَكُونَ مَحْدُوداً ولَمْ تُمَثَّلْ فَتَكُونَ مَوْجُوداً وَلَمْ تَلِدْ فَتَكُونَ مَوْلُوداً أَنْتَ الَّذِي لا ضِدَّ مَعَكَ فَيُعَانِدَكَ وَلا عِدْلَ لَكَ فَيُكَاثِرَكَ وَلا نِدَّ لَكَ فَيُعَارِضَكَ أَنْتَ الَّذِي ابْتَدَأَ وَاخْتَرَعَ وَاسْتَحْدَثَ وَابْتَدَعَ وَأَحْسَنَ صُنْعَ مَا صَنَعَ سُبْحَانَكَ مَآ أَجَلَّ شَأْنَكَ! وَأسْنَى فِي الامَاكِنِ مَكَانَكَ! وَأَصْدَعَ بِالْحَقِّ فُرْقَانَكَ!
سُبْحَانَكَ مِنْ لَطِيفٍ مَآ أَلْطَفَكَ! وَرَءُوفٍ مَآ أَرْأَفَكَ! وَحَكِيمٍ مَآ أَعْرَفَكَ! سُبْحَانَكَ مِنْ مَلِيكٍ مَآ أَمْنَعَكَ! وَجَوَادٍ مَآ أَوْسَعَكَ! وَرَفِيعٍ مَآ أَرْفَعَكَ! ذُو الْبَهَآءِ وَالْمَجْدِ وَالْكِبْرِيَآءِ وَالْحَمْدِ سُبْحَانَكَ بَسَطْتَ بِالْخَيْرَاتِ يَدَكَ وَعُرِفَتِ الْهِدَايَةُ مِنْ عِنْدِكَ فَمَنِ الْتَمَسَكَ لِدِينٍ أَوْ دُنْيَا وَجَدَكَ سُبْحَانَكَ خَضَعَ لَكَ مَنْ جَرَى فِي عِلْمِكَ وَخَشَعَ لِعَظَمَتِكَ مَا دُونَ عَرْشِكَ وَانْقَادَ لِلتَّسْلِيمِ لَكَ كُلُّ خَلْقِكَ سُبْحَانَكَ لا تُحَسُّ وَلا تُجَسُّ وَلا تُمَسُّ وَلا تُكَادُ وَلا تُمَاطُ وَلا تُنَازَعُ وَلا تُجَارَى وَلا تُمَارَى وَلا تُخَادَعُ وَلا تُمَاكَرُ سُبْحَانَك سَبِيلُكَ جَدَدٌ وَأَمْرُكَ رَشَدٌ وَأَنْتَ حَيٌّ صَمَدٌ سُبْحَانَكَ قَوْلُكَ حُكْمٌ وَقَضَآؤُكَ حَتْمٌ وَإِرَادَتُك عَزْمٌ سُبْحَانَكَ لا رَادَّ لِمَشِيَّتِكَ وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِكَ سُبْحَانَكَ بَاهِرَ الآيَاتِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ بَارِئَ النَّسَمَاتِ لَكَ الْحَمْدُ حَمْداً يَدُومُ بِدَوَامِكَ وَلَكَ الْحَمْدُ حَمْداً خَالِداً بِنِعْمَتِكَ وَلَكَ الْحَمْدُ حَمْداً يُوَازِي صُنْعَكَ وَلَك الْحَمْدُ حَمْداً يَزِيدُ عَلَى رِضَاكَ وَلَكَ الْحَمْدُ حَمْداً مَعَ حَمْدِ كُلِّ حَامِدٍ وَشُكْراً يَقْصُرُ عنْهُ شُكْرُ كُلِّ شَاكِرٍ حَمْداً لا يَنْبَغِي إِلا لَكَ وَلا يُتَقَرَّبُ بِهِ إِلا إِلَيْكَ حَمْداً يُسْتَدَامُ بِهِ الاوَّلُ وَيُسْتَدْعَى بِهِ دَوَامُ الآخِرِ حَمْداً يَتَضَاعَفُ عَلَى كُرُورِ الازْمِنَةِ وَيَتَزَايَدُ أَضْعَافاً مُتَرَادِفَةً حَمْداً يَعْجِزُ عَنْ إِحْصَآئِهِ الْحَفَظَةُ وَيَزِيدُ عَلَى مَآ أَحْصَتْهُ فِي كِتَابِكَ الْكَتَبَةُ حَمْداً يُوَازِنُ عَرْشَكَ الْمَجِيدَ وَيُعَادِلُ كُرْسِيَّكَ الرَّفِيعَ حَمْداً يَكْمُلُ لَدَيْكَ ثَوَابُهُ وَيَسْتَغْرِقُ كُلَّ جَزَآءٍ جَزَآؤُهُ حَمْداً ظَاهِرُهُ وَفْقٌ لِبَاطِنِهِ وَبَاطِنُهُ وَفْقٌ لِصِدْقِ النِّيَّةِ فِيهِ حَمْداً لَمْ يَحْمَدْكَ خَلْقٌ مِثْلَهُ وَلا يَعْرِفُ أَحَدٌ سِوَاكَ فَضْلَهُ حَمْداً يُعَانُ مَنِ اجْتَهَدَ فِي تَعْدِيدِهِ وَيُؤَيَّدُ مَنْ أَغْرَقَ نَزْعاً فِي تَوْفِيَتِهِ حَمْداً يَجْمَعُ مَا خَلَقْتَ مِنَ الْحَمْدِ وَيَنْتَظِمُ مَآ أَنْتَ خَالِقُهُ مِنْ بَعْدُ حَمْداً لا حَمْدَ أَقْرَبُ إِلَى قَوْلِكَ مِنْهُ وَلا أَحْمَدَ مِمَّنْ يَحْمَدُكَ بِهِ حَمْداً يُوجِبُ بِكَرَمِكَ الْمَزِيدَ بِوُفُورِهِ و تَصِلُهُ بِمَزِيدٍ بَعْدَ مَزِيدٍ طَوْلاً مِنْكَ حَمْداً يَجِبُ لِكَرَمِ وَجْهِكَ وَيُقَابِلُ عِزَّ جَلالِكَ رَبِّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ الْمُنْتَجَبِ الْمُصْطَفَى الْمُكَرَّمِ الْمُقَرَّبِ أَفْضَلَ صَلَوَاتِكَ وَبَارِكْ عَلَيْهِ أَتَمَّ بَرَكَاتِكَ وَتَرَحَّمْ عَلَيْهِ أَمْتَعَ رَحَمَاتِكَ رَبِّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ صَلاةً زَاكِيَةً لا تَكُونُ صَلاةٌ أَزْكَى مِنْهَا وَصَلِّ عَلَيْهِ صَلاةً نَامِيَةً لا تَكُونُ صَلاةٌ أَنْمَى مِنْهَا وَصَلِّ عَلَيْهِ صَلاةً رَاضِيَةً لا تَكُونُ صَلاةٌ فَوْقَهَا رَبِّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ صَلاةً تُرْضِيهُ وَتَزِيدُ عَلَى رِضَاهُ وَصَلِّ عَلَيْهِ صَلاةً تُرْضِيكَ وَتَزِيدُ عَلَى رِضَاكَ لَهُ وَصَلِّ عَلَيْهِ صَلاةً لا تَرْضَى لَهُ إِلا بِهَا وَلا تَرَى غَيْرَهُ لَهَآ أَهْلاً رَبِّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ صَلاةً تُجَاوِزُ رِضْوَانَكَ وَيَتَّصِلُ اتِّصَالُهَا بِبَقَآئِكَ وَلا يَنْفَدُ كَمَا لا تَنْفَدُ كَلِمَاتُكَ رَبِّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ صَلاةً تَنْتَظِمُ صَلَوَاتِ مَلائِكَتِكَ وَأَنْبِيَآئِكَ وَرُسُلِكَ وَأَهْلِ طَاعَتِكَ وَتَشْتَمِلُ عَلَى صَلَوَاتِ عِبَادِكَ مِنْ جِنِّكَ وَإِنْسِكَ وَأَهْلِ إِجَابَتِكَ وَتَجْتَمِعُ عَلَى صَلاةِ كُلِّ مَنْ ذَرَأْتَ وَبَرَأْتَ مِنْ أَصْنَافِ خَلْقِكَ رَبِّ صَلِّ عَلَيْهِ وَآلِهِ صَلاةً تُحِيطُ بِكُلِّ صَلاةٍ سَالِفَةٍ وَمُسْتَأْنَفَةٍ وَصَلِّ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ صَلاةً مَرْضِيَّةً لَكَ وَلِمَنْ دُونَكَ وَتُنْشِئُ مَعَ ذَلِكَ صَلَوَاتٍ تُضَاعِفُ مَعَهَا تِلْكَ الصَّلَوَاتِ عِنْدَهَا وَتَزِيدُهَا عَلَى كُرُورِ الايَّامِ زِيَادَةً فِي تَضَاعِيفَ لا يَعُدُّهَا غَيْرُكَ رَبِّ صَلِّ عَلَى أَطَآئِبِ أَهْلِ بَيْتِهِ الَّذِينَ اخْتَرْتَهُمْ لِأَمْرِكَ وَجَعَلْتَهُمْ خَزَنَةَ عِلْمِكَ وَحَفَظَةَ دِينِكَ وَخُلَفَآءَكَ فِي أَرْضِكَ وَحُجَجَكَ عَلَى عِبَادِكَ وَطَهَّرْتَهُمْ مِنَ الرِّجْسِ وَالدَّنَسِ تَطْهِيراً بِإِرَادَتِكَ وَجَعَلْتَهُمُ الْوَسِيلَةَ إِلَيْكَ وَالْمَسْلَكَ إِلَى جَنَّتِكَ رَبِّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ صَلاةً تُجْزِلُ لَهُمْ بِهَا مِنْ نِحَلِكَ وَكَرَامَتِكَ وَتُكْمِلُ لَهُمُ الاشْيَآءَ مِنْ عَطَايَاكَ وَنَوَافِلِكَ وَتُوَفِّرُ عَلَيْهِمُ الْحَظَّ مِنْ عَوَآئِدِكَ وَفَوَآئِدِكَ رَبِّ صَلِّ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ صَلاةً لا أَمَدَ فِي أَوَّلِهَا وَلا غَايَةَ لِأَمَدِهَا وَلا نِهَايَةَ لِآخِرِهَا رَبِّ صَلِّ عَلَيْهِمْ زِنَةَ عَرْشِكَ وَمَا دُونَهُ وَمِلْءَ سَمَاوَاتِكَ وَمَا فَوْقَهُنَّ وَعَدَدَ أَرَضِيكَ وَمَا تَحْتَهُنَّ وَمَا بَيْنَهُنَّ صَلاةً تُقَرِّبُهُمْ مِنْكَ زُلْفَى وَتَكُونُ لَكَ وَلَهُمْ رِضًى وَمُتَّصِلَةً بِنَظَآئِرهِنَّ أَبَداً اللَّهُمَّ إِنَّكَ أَيَّدْتَ دِينَكَ فِي كُلِّ أَوَانٍ بِإِمَامٍ أَقَمْتَهُ عَلَماً لِعِبَادِكَ وَمَنَاراً فِي بِلادِكَ بَعْدَ أَنْ وَصَلْتَ حَبْلَهُ بِحَبْلِكَ وَجَعَلْتَهُ الذَّرِيعَةَ إِلَى رِضْوَانِكَ وَافْتَرَضْتَ طَاعَتَهُ وَحَذَّرْتَ مَعْصِيَتَهُ وَأَمَرْتَ بِامْتِثَالِ أَوَامِرِهِ وَالِانْتِهَآءِ عِنْدَ نَهْيِهِ وَأَن لا يَتَقَدَّمَهُ مُتَقَدِّمٌ وَلا يَتَأَخَّرَ عَنْهُ مُتَأَخِّرٌ فَهُوَ عِصْمَةُ اللائِذِينَ وَكَهْفُ الْمُؤْمِنِينَ وَعُرْوَةُ الْمُتَمَسِّكِينَ وَبَهَآءُ الْعَالَمِينَ اللَّهُمَّ فَأَوْزِعْ لِوَلِيّكَ شُكْرَ مَآ أَنْعَمْتَ بِهِ عَلَيْهِ وَأَوْزِعْنَا مِثْلَهُ فِيهِ وَآتِهِ مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَاناً نَصِيراً وَافْتَحْ لَهُ فَتْحاً يَسِيراً وَأَعِنْهُ بِرُكْنِكَ الاعَزِّ وَاشْدُدْ أَزْرَهُ وَقَوِّ عَضُدَهُ وَرَاعِهِ بِعَيْنِكَ وَاحْمِهِ بِحِفْظِكَ وَانْصُرْهُ بِمَلائِكَتِكَ وَامْدُدْهُ بِجُنْدِكَ الاغْلَبِ وَأَقِمْ بِهِ كِتَابَكَ وَحُدُودَكَ وَشَرَآئِعَكَ وَسُنَنَ رَسُولِكَ صَلَوَاتُكَ اللَّهُمَّ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَأَحْيِ بِهِ مَآ أَمَاتَهُ الظَّالِمُونَ مِنْ مَعَالِمِ دِينِكَ وَاجْلُ بِهِ صَدَآءَ الْجَوْرِ عَنْ طَرِيقَتِكَ وَأَبِنْ بِهِ الضَّرَّآءَ مِنْ سَبِيلِكَ وَأَزِلْ بِهِ النَّاكِبِينَ عَنْ صِرَاطِكَ وَامْحَقْ بِهِ بُغَاةَ قَصْدِكَ عِوَجاً وَأَلِنْ جَانِبَهُ لِأَوْلِيَآئِكَ وَابْسُطْ يَدَهُ عَلَى أَعْدَآئِكَ وَهَبْ لَنَا رَأْفَتَهُ وَرَحْمَتَهُ وَتَعَطُّفَهُ وَتَحَنُّنَهُ وَاجْعَلْنَا لَهُ سَامِعِينَ مُطِيعِينَ وَفِي رِضَاهُ سَاعِينَ وَإِلَى نُصْرَتِهِ وَالْمُدَافَعَةِ عَنْهُ مُكْنِفِينَ وَإِلَيْك وَإِلَى رَسُولِكَ صَلَوَاتُكَ اللَّهُمَّ عَلَيْهِ وَآلِهِ بِذَلِكَ مُتَقَرِّبِينَ اللَّهُمَّ وَصَلِّ عَلَى أَوْلِيَآئِهِمُ الْمُعْتَرِفِينَ بِمَقَامِهِمُ الْمُتَّبِعِينَ مَنْهَجَهُمُ الْمُقْتَفِينَ آثَارَهُمُ الْمُسْتَمْسِكِينَ بِعُرْوَتِهِمُ الْمُتَمَسِّكِينَ بِوِلايَتِهِمُ الْمُؤْتَمِّينَ بِإِمَامَتِهِمُ الْمُسَلِّمِينَ لِأَمْرِهِمُ الْمُجْتَهِدِينَ فِي طَاعَتِهِمُ الْمُنْتَظِرِينَ أَيَّامَهُمُ الْمَآدِّينَ إِلَيْهِمْ أَعْيُنَهُمُ الصَّلَوَاتِ الْمُبَارَكَاتِ الزَّاكِيَاتِ النَّامِيَاتِ الْغَادِيَاتِ الرَّآئِحَاتِ وَسَلِّمْ عَلَيْهِمْ وَعَلَى أَرْوَاحِهِمْ وَاجْمَعْ عَلَى التَّقْوَى أَمْرَهُمْ وَأَصْلِحْ لَهُمْ شُؤُونَهُمْ وَتُبْ عَلَيْهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ وَخَيْرُ الْغَافِرِينَ وَاجْعَلْنَا مَعَهُمْ فِي دَارِ السَّلامِ بِرَحْمَتِكَ يَآ أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ اللَّهُمَّ هَذَا يَوْمُ عَرَفَةَ يَوْمٌ شَرَّفْتَهُ وَكَرَّمْتَهُ وَعَظَّمْتَهُ نَشَرْتَ فِيهِ رَحْمَتَكَ وَمَنَنْتَ فِيهِ بِعَفْوِكَ وَأَجْزَلْتَ فِيهِ عَطِيَّتَكَ وَتَفَضَّلْتَ بِهِ عَلَى عِبَادِكَ اللَّهُمَّ وَأَنَا عَبْدُكَ الَّذِي أَنْعَمْتَ عَلَيْهِ قَبْلَ خَلْقِكَ لَهُ وَبَعْدَ خَلْقِكَ إِيَّاهُ فَجَعَلْتَهُ مِمَّنْ هَدَيْتَهُ لِدِينِكَ وَوَفَّقْتَهُ لِحَقِّكَ وَعَصَمْتَهُ بِحَبْلِكَ وَأَدْخَلْتَهُ فِي حِزْبِكَ وَأَرْشَدْتَهُ لِمُوَالاةِ أَوْلِيَآئِكَ وَمُعَادَاةِ أَعْدَآئِكَ ثُمَّ أَمَرْتَهُ فَلَمْ يَأْتَمِرْ وَزَجَرْتَهُ فَلَمْ يَنْزَجِرْ وَنَهَيْتَهُ عَنْ مَعْصِيَتِكَ فَخَالَفَ أَمْرَكَ إِلَى نَهْيِكَ لا مُعَانَدَةً لَكَ وَلا اسْتِكْبَاراً عَلَيْكَ بَلْ دَعَاهُ هَوَاهُ إِلَى مَا زَيَّلْتَهُ وَإِلَى مَا حَذَّرْتَهُ وَأَعَانَهُ عَلَى ذَلِكَ عَدُوُّكَ وَعَدُوُّهُ فَأَقْدَمَ عَلَيْهِ عَارِفاً بِوَعِيدِكَ رَاجِياً لِعَفْوِكَ وَاثِقاً بِتَجَاوُزِكَ وَكَانَ أَحَقَّ عِبَادِكَ مَعَ مَا مَنَنْتَ عَلَيْهِ أَلا يَفْعَلَ وَهَآ أَنَا ذَا بَيْنَ يَدَيْكَ صَاغِراً ذَلِيلاً خَاضِعاً خَاشِعاً خَآئِفاً مُعْتَرِفاً بِعَظِيمٍ مِنَ الذُّنُوبِ تَحَمَّلْتُهُ وَجَلِيلٍ مِنَ الْخَطَايَا اجْتَرَمْتُهُ مُسْتَجِيراً بِصَفْحِكَ لائِذاً بِرَحْمَتِكَ مُوقِناً أَنَّهُ لا يُجِيرُنِي مِنْكَ مُجِيرٌ وَلا يَمْنَعُنِي مِنْكَ مَانِعٌ فَعُدْ عَلَيَّ بِمَا تَعُودُ بِهِ عَلَى مَنِ اقْتَرَفَ مِنْ تَغَمُّدِكَ وَجُدْ عَلَيَّ بِمَا تَجُودُ بِهِ عَلَى مَنْ أَلْقَى بِيَدِهِ إِلَيْكَ مِنْ عَفْوِكَ وَامْنُنْ عَلَيَّ بِمَا لا يَتَعَاظَمُكَ أَنْ تَمُنَّ بِهِ عَلَى مَنْ أَمَّلَكَ مِنْ غُفْرَانِكَ وَاجْعَلْ لِي فِي هَذَا الْيَوْمِ نَصِيباً أَنَالُ بِهِ حَظّاً مِنْ رِضْوَانِكَ وَلا تَرُدَّنِي صِفْراً مِمَّا يَنْقَلِبُ بِهِ الْمُتَعَبِّدُونَ لكَ مِنْ عِبَادِكَ وَإِنِّي وَإِنْ لَمْ أُقَدِّمْ مَا قَدَّمُوهُ مِنَ الصَّالِحَاتِ فَقَدْ قَدَّمْتُ تَوْحِيدَكَ وَنَفْيَ الاضْدَادِ وَالانْدَادِ وَالاشْبَاهِ عَنْكَ وَأَتَيْتُكَ مِنَ الابْوَابِ الَّتِي أَمَرْتَ أَنْ تُؤْتَى مِنْهَا وَتَقَرَّبْتُ إِلَيْكَ بِمَا لا يَقْرُبُ بِهِ أَحَدٌ مِنْكَ إِلا بِالتَّقَرُّبِ بِهِ ثُمَّ أَتْبَعْتُ ذَلِكَ بِالانَابَةِ إِلَيْكَ وَالتَّذَلُّلِ وَالِاسْتِكَانَةِ لَكَ وَحُسْنِ الظَّنِّ بِكَ وَالثِّقَةِ بِمَا عِنْدَكَ وَشَفَعْتُهُ بِرَجَآئِكَ الَّذِي قَلَّ مَا يَخِيبُ عَلَيْهِ رَاجِيكَ وَسَأَلْتُكَ مَسْأَلَةَ الْحَقِيرِ الذَّلِيلِ الْبَآئِسِ الْفَقِيرِ الْخَآئِفِ الْمُسْتَجِيرِ وَمَعَ ذَلِكَ خِيفَةً وَتَضَرُّعاً وَتَعَوُّذَا وَتَلَوُّذاً لا مُسْتَطِيلاً بِتَكَبُّرِ الْمُتَكَبِّرِينَ وَلا مُتعَالِياً بِدَآلَّةِ الْمُطِيعِينَ وَلا مُسْتَطِيلاً بِشَفَاعَةِ الشَّافِعِينَ وَأَنَا بَعْدُ أَقَلُّ الاقَلِّينَ وَأَذَلُّ الاذَلِّينَ وَمِثْلُ الذَّرَّةِ أَوْ دُونَهَا فَيَا مَنْ لَمْ يُعَاجِلِ الْمُسِيئِينَ وَلا يَنْدَهُ الْمُتْرَفِينَ وَيَا مَنْ يَمُنُّ بِإِقَالَةِ الْعَاثِرِينَ وَيَتَفَضَّلُ بِإِنْظَارِ الْخَاطِئِينَ أَنَا الْمُسِيءُ الْمُعْتَرِفُ الْخَاطِئُ الْعَاثِرُ أَنَا الَّذِي أَقْدَمَ عَلَيْكَ مُجْتَرِئاً أَنَا الَّذِي عَصَاكَ مُتَعَمِّداً أَنَا الَّذِي اسْتَخْفَى مِنْ عِبَادِكَ وَبَارَزَكَ أَنَا الَّذِي هَابَ عِبَادَكَ وَأَمِنَكَ أَنَا الَّذِي لَمْ يَرْهَبْ سَطْوَتَكَ وَلَمْ يَخَفْ بَأْسَكَ أنَا الْجَانِي عَلَى نَفْسِهِ أنَا الْمُرْتَهَنُ بِبَلِيَّتِهِ أنَا الْقَلِيلُ الْحَيَآءِ أَنَا الطَّوِيلُ الْعَنَآءِ بِحَقِّ مَنِ انْتَجَبْتَ مِنْ خَلْقِكَ وَبِمَنِ اصْطَفَيْتَهُ لِنَفْسِكَ بِحَقِّ مَنِ اخْتَرْتَ مِنْ بَرِيَّتِكَ وَمَنِ اجْتَبَيْتَ لِشَأْنِكَ بِحَقِّ مَنْ وَصَلْتَ طَاعَتَهُ بِطَاعَتِكَ وَمَنْ جَعَلْتَ مَعْصِيَتَهُ كَمَعْصِيَتِكَ بِحَقِّ مَنْ قَرَنْتَ مُوَالاتَهُ بِمُوَالاتِكَ وَمَنْ نُطْتَ مُعَادَاتَهُ بِمُعَادَاتِكَ تَغَمَّدْنِي فِي يَوْمِي هَذَا بِمَا تَتَغَمَّدُ بِهِ مَنْ جَأَرَ إِلَيْكَ مُتَنَصِّلاً وَعَاذَ بِاسْتِغْفَارِكَ تَآئِباً وَتَوَلَّنِي بِمَا تَتَوَلَّى بِهِ أَهْلَ طَاعَتِكَ وَالزُّلْفَى لَدَيْكَ وَالْمَكَانَةِ مِنْكَ وَتَوَحَّدْنِي بِمَا تَتَوَحَّدُ بِهِ مَنْ وَفَى بِعَهْدِكَ وَأَتْعَبَ نَفْسَهُ فِي ذَاتِكَ وَأَجْهَدَهَا فِي مَرْضَاتِكَ وَلا تُؤَاخِذْنِي بِتَفْرِيطِي فِي جَنْبِكَ وَتَعَدِّي طَوْرِي فِي حُدُودِكَ وَمُجَاوَزَةِ أَحْكَامِكَ وَلا تَسْتَدْرِجْنِي بِإِمْلائِكَ لِي اسْتِدْرَاجَ مَنْ مَنَعَنِي خَيْرَ مَا عِنْدَهُ وَلَمْ يَشْرَكْكَ فِي حُلُولِ نِعْمَتِهِ بِي وَنَبِّهْنِي مِنْ رَقْدَةِ الْغَافِلِينَ وَسِنَةِ الْمُسْرِفِينَ وَنَعْسَةِ الْمَخْذُولِينَ وَخُذْ بِقَلْبِي إِلَى مَا اسْتَعْمَلْتَ بِهِ الْقَانِتِينَ وَاسْتَعْبَدْتَ بِهِ الْمُتَعَبِّدِينَ وَاسْتَنْقَذْتَ بِهِ الْمُتَهَاوِنِينَ وَأَعِذْنِي مِمَّا يُبَاعِدُنِي عَنْكَ وَيَحُولُ بَيْنِي وَبَيْنَ حَظِّي مِنْكَ وَيَصُدُّنِي عَمَّآ أُحَاوِلُ لَدَيْكَ وَسَهِّلْ لِي مَسْلَكَ الْخَيْرَاتِ إِلَيْكَ وَالْمسَابَقَةَ إِلَيْهَا مِنْ حَيْثُ أَمَرْتَ وَالْمُشَآحَّةَ فِيهَا عَلَى مَآ أَرَدْتَ وَلا تَمْحَقْنِي فِي مَنْ تَمْحَقُ مِنَ الْمُسْتَخِفِّينَ بِمَآ أَوْعَدْتَ وَلا تُهْلِكْنِي مَعَ مَنْ تُهْلِكُ مِنَ الْمُتَعَرِّضِينَ لِمَقْتِكَ وَلا تُتَبِّرْنِي فِي مَنْ تُتَبِّرُ مِنَ الْمُنْحَرِفِينَ عَنْ سُبُلِكَ وَنَجِّنِي مِنْ غَمَرَاتِ الْفِتْنَةِ وَخَلِّصْنِي مِنْ لَهَوَاتِ الْبَلْوَى وَأَجِرْنِي مِنْ أَخْذِ الامْلاءِ وَحُلْ بَيْنِي وَبَيْنَ عَدُوٍّ يُضِلُّنِي وَهَوًى يُوبِقُنِي وَمَنْقَصَةٍ تَرْهَقُنِي وَلا تُعْرِضْ عَنِّي إِعْرَاضَ مَنْ لا تَرْضَى عَنْهُ بَعْدَ غَضَبِكَ وَلا تُؤْيِسْنِي مِنَ الامَلِ فِيكَ فَيَغْلِبَ عَلَيَّ الْقُنُوطُ مِنْ رَحْمَتِكَ وَلا تَمْتَحِنِّي بِمَا لا طَاقَةَ لِي بِهِ فَتَبْهَظَنِي مِمَّا تُحَمِّلُنِيهِ مِنْ فَضْلِ مَحَبَّتِكَ وَلا تُرْسِلْنِي مِنْ يَدِكَ إِرْسَالَ مَنْ لا خَيْرَ فِيهِ وَلا حَاجَةَ بِكَ إِلَيْهِ وَلا إِنَابَةَ لَهُ وَلا تَرْمِ بِي رَمْيَ مَنْ سَقَطَ مِنْ عَيْنِ رِعَايَتِكَ وَمَنِ اشْتَمَلَ عَلِيهِ الْخِزْيُ مِنْ عِنْدِكَ بَلْ خُذْ بِيَدِي مِنْ سَقْطَةِ الْمُتَرَدِّينَ وَوَهْلَةِ الْمُتَعَسِّفِينَ وَزَلَّةِ الْمَغْرُورِينَ وَوَرْطَةِ الْهَالِكِينَ وَعَافِنِي مِمَّا ابْتَلَيْتَ بِهِ طَبَقَاتِ عَبِيدِكَ وَإِمَآئِكَ وَبَلِّغْنِي مَبَالِغَ مَنْ عُنِيتَ بِهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ وَرَضِيتَ عَنْهُ فَأَعَشْتَهُ حَمِيداً وَتَوَفَّيْتَهُ سَعِيدَا وَطَوِّقْنِي طَوْقَ الاقْلاعِ عَمَّا يُحْبِطُ الْحَسنَاتِ وَيَذْهَبُ بِالْبَرَكَاتِ وَأَشْعِرْ قَلْبِيَ الِازْدِجَارَ عَنْ قَبَآئِحِ السَّيِّئَاتِ وَفَوَاضِحِ الْحَوْبَاتِ وَلا تَشْغَلْنِي بِمَا لا أُدْرِكُهُ إِلا بِكَ عَمَّا لا يُرْضِيكَ عَنِّي غَيْرُهُ وَأَنْزِعْ مِنْ قَلْبِي حُبَّ دُنْيَا دَنِيَّةٍ تَنْهَى عَمَّا عِنْدَكَ وَتَصُدُّ عَنِ ابْتِغَآءِ الْوَسِيلَةِ إِلَيْكَ وَتُذْهِلُ عَنِ التَّقَرُّبِ مِنْكَ وَزَيِّنْ لِيَ التَّفَرُّدَ بِمُنَاجَاتِكَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهَبْ لِي عِصْمَةً تُدْنِينِي مِنْ خَشْيَتِكَ وَتَقْطَعُنِي عَنْ رُكُوبِ مَحَارِمِكَ وَتَفُكُّنِي مِنْ أَسْرِ الْعَظَآئِمِ وَهَبْ لِيَ التَّطْهِيرَ مِنْ دَنَسِ الْعِصْيَانِ وَأَذْهِبْ عَنِّي دَرَنَ الخَطَايَا وَسَرْبِلْنِي بِسِرْبَالِ عَافِيَتِكَ وَرَدِّنِي رِدَآءَ مُعَافَاتِكَ وَجَلِّلْنِي سَوَابِغَ نَعْمَآئِكَ وَظَاهِرْ لَدَيَّ فَضْلَكَ وَطَوْلَكَ وَأَيِّدْنِي بِتَوْفِيقِكَ وَتَسْدِيدِكَ وَأَعِنِّي عَلَى صَالِحِ النِّيَّةِ وَمَرْضِيِّ الْقَوْلِ وَمُسْتَحْسَنِ الْعَمَلِ وَلا تَكِلْنِي إِلَى حَوْلِي وَقُوَّتِي دُونَ حَوْلِكَ وَقُوَّتِكَ وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ تَبْعَثُنِي لِلِقَآئِكَ وَلا تَفْضَحْنِي بَيْنَ يَدَيْ أَوْلِيَآئِكَ وَلا تُنْسِنِي ذِكْرَكَ وَلا تُذْهِبْ عَنِّي شُكْرَكَ بَلْ أَلْزِمْنِيهِ فِي أَحْوَالِ السَّهْوِ عِنْدَ غَفَلاتِ الْجَاهِلِينَ لِآلائِكَ وَأَوْزِعْنِي أَنْ أُثْنِيَ بِمَآ أَوْلَيْتَنِيهِ وَأَعْتَرِفَ بِمَآ أَسْدَيْتَهُ إِلَيَّ وَاجْعَلْ رَغْبَتِي إِلَيْكَ فَوْقَ رَغْبَةِ الرَّاغِبِينَ وَحَمْدِي إِيَّاكَ فَوْقَ حَمْدِ الْحَامِدِينَ وَلا تَخْذُلْنِي عِنْدَ فَاقَتِي إِلَيْكَ وَلا تُهْلِكْنِي بِمَآ أَسْدَيْتُهُ إِلَيْكَ وَلا تَجْبَهْنِي بِمَا جَبَهْتَ بِهِ الْمُعَانِدِينَ لَكَ فَإِنِّي لَكَ مُسَلِّمٌ أَعْلَمُ أَنَّ الْحُجَّةَ لَكَ وَأَنَّكَ أَوْلَى بِالْفَضْلِ وَأَعْوَدُ بِالاحْسَانِ وَأَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ وَأَنَّكَ بِأَنْ تَعْفُوَ أَوْلَى مِنْكَ بِأَنْ تُعَاقِبَ وَأَنَّكَ بِأَنْ تَسْتُرَ أَقْرَبُ مِنْكَ إِلَى أَنْ تَشْهَرَ فَأَحْيِنِي حَيَاةً طَيِّبَةً تَنْتَظِمُ بِمَآ أُرِيدُ وَتَبْلُغُ مَآ أُحِبُّ مِنْ حَيْثُ لا آتِي مَا تَكْرَهُ وَلا أَرْتَكِبُ مَا نَهَيْتَ عَنْهُ وَأَمِتْنِي مِيتَةَ مَنْ يَسْعَى نُورُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَعَنْ يَمِينِهِ وَذَلِّلْنِي بَيْنَ يَدَيْكَ وَأَعِزَّنِي عِنْدَ خَلْقِكَ وَضَعْنِي إِذَا خَلَوْتُ بِكَ وَارْفَعْنِي بَيْنَ عِبَادِكَ وَأَغْنِنِي عَمَّنْ هُوَ غَنِيٌّ عَنِّي وَزِدْنِي إِلَيْكَ فَاقَةً وَفَقْراً وَأَعِذْنِي مِنْ شَمَاتَةِ الاعْدَآءِ وَمِنْ حُلُولِ الْبَلاءِ وَمِنَ الذُّلِّ وَالْعَنَآءِ تَغَمَّدْنِي فِي مَا اطَّلَعْتَ عَلَيْهِ مِنِّي بِمَا يَتَغَمَّدُ بِهِ الْقَادِرُ عَلَى الْبَطْشِ لَولا حِلْمُهُ وَالآخِذُ عَلَى الْجَرِيرَةِ لَوْلا أَنَاتُهُ وَإِذَآ أَرَدْتَ بِقَوْمٍ فِتْنَةً أَوْ سُوءاً فَنَجِّنِي مِنْهَا لِوَاذاً بِكَ وَإِذْ لَمْ تُقِمْنِي مَقَامَ فَضِيحةٍ فِي دُنْيَاكَ فَلا تُقِمْنِي مِثْلَهُ فِي آخِرَتِكَ وَاشْفَعْ لِي أَوَآئِلَ مِنَنِكَ بِأَوَاخِرهَا وَقَدِيمَ فَوَآئِدِكَ بِحَوَادِثِهَا وَلا تَمْدُدْ لِي مَدّاً يَقْسُو مَعَهُ قَلْبِي وَلا تَقْرَعْنِي قَارِعَةً يَذْهَبُ لَهَا بَهَآئِي وَلا تَسُمْنِي خَسِيسَةً يَصْغُرُ لَهَا قَدْريَ وَلا نَقِيصَةً يُجْهَلُ مِنْ أَجْلِهَا مَكَانِي وَلا تَرُعْنِي رَوْعَةً أُبْلِسُ بِهَا وَلا خِيفَةً أُوجِسُ دُونَهَا اجْعَلْ هَيْبَتِي فِي وَعِيدِكَ وَحَذَرِي مِنْ إِعْذَارِكَ وَإِنْذَارِكَ وَرَهْبَتِي عِنْدَ تِلاوَةِ آيَاتِكَ وَاعْمُرْ لَيْلِي بِإِيقَاظِي فِيهِ لِعِبَادَتِكَ وَتَفَرُّدِي بِالتَّهَجُّدِ لَكَ وَتَجَرُّدِي بِسُكُونِي إِلَيْكَ وَإِنْزَالِ حَوَآئِجِي بِكَ وَمُنَازَلَتِي إِيَّاكَ فِي فَكَاكِ رَقَبَتِي مِنْ نَارِكَ وَإِجَارَتِي مِمَّا فِيهِ أَهْلُهَا مِنْ عَذَابِكَ وَلا تَذَرْنِي فِي طُغْيَانِي عَامِهاً وَلا فِي غَمْرَتِي سَاهِياً حَتَّى حِينٍ وَلا تَجْعَلْنِي عِظَةً لِمَنِ اتَّعَظَ وَلا نَكَالاً لِمَنِ اعْتَبَرَ وَلا فِتْنَةً لِمَنْ نَظَرَ وَلا تَمْكُرْ بِي فِي مَنْ تَمْكُرُ بِهِ وَلا تَسْتَبْدِلْ بِي غَيْرِي وَلا تُغَيِّرْ لِي اسْماً وَلا تُبَدِّلْ لِي جِسْماً وَلا تَتَّخِذْنِي هُزُواً لِخَلْقِكَ وَلا سُخْرِيّاً لَكَ وَلا تَبَعاً إِلا لِمَرْضَاتِكَ وَلا مُمْتَهَناً إِلا بِالِانْتِقَامِ لَكَ وَأَوْجِدْنِي بَرْدَ عَفْوِكَ وحَلاوَةَ رَحْمَتِكَ وَرَوْحِكَ وَرَيْحَانِكَ وَجَنَّةِ نَعِيمِكَ وَأَذِقْنِي طَعْمَ الْفَرَاغِ لِمَا تُحِبُّ بِسَعَةٍ مِنْ سَعَتِكَ وَالِاجْتِهَادِ فِيمَا يُزْلِفُ لَدَيْكَ وَعِنْدَكَ وَأَتْحِفْنِي بِتُحْفَةٍ مِنْ تُحُفَاتِكَ وَاجْعَلْ تِجَارَتِي رَابِحَةً وَكَرَّتِي غَيْرَ خَاسِرَةٍ وَأَخِفْنِي مَقَامَكَ وَشَوِّقْنِي لِقَآءَكَ وَتُبْ عَلَيَّ تَوْبَةً نَصُوحاً لا تُبْقِ مَعَهَا ذُنُوباً صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً وَلا تَذَرْ مَعَهَا عَلانِيَةً وَلا سَرِيرَةً وَانْزَعِ الْغِلَّ مِنْ صَدْرِي لِلْمُؤْمِنِينَ وَأَعْطِفْ بِقَلْبِي عَلَى الْخَاشِعِينَ وَكُنْ لِي كَمَا تَكُونُ لِلصَّالِحِينَ وَحَلِّنِي حِلْيَةَ الْمُتَّقِينَ وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْغَابِرِينَ وَذِكْراً نَامِياً فِي الآخِرِينَ وَوَافِ بِي عَرْصَةَ الاوَّلِينَ وَتَمِّمْ سُبُوغَ نِعْمَتِكَ عَلَيَّ وَظَاهِرْ كَرَامَاتِهَا لَدَيَّ وَامْلأ مِنْ فَوَآئِدِكَ يَدَيَّ وَسُقْ كَرَآئِمَ مَوَاهِبِكَ إِلَيَّ وَجَاوِرْ بِيَ الاطْيَبِينَ مِنْ أَوْلِيَآئِكَ فِي الْجِنَانِ الَّتِي زَيَّنْتَهَا لِأَصْفِيَآئِكَ وَجَلِّلْنِي شَرَآئِفَ نِحَلِكَ فِي الْمَقَامَاتِ الْمُعَدَّةِ لِأَحِبَّآئِكَ وَاجْعَلْ لِي عِنْدَكَ مَقِيلاً آوِي إِلَيْهِ مُطْمَئِنّاً وَمَثَابَةً أَتَبَوُّءُهَا وَأَقَرُّ عَيْناً وَلا تُقَايِسْنِي بِعَظِيمَاتِ الْجَرَآئِرِ وَلا تُهْلِكْنِي يَوْمَ تُبْلَى السَّرَآئِرُ وَأَزِلْ عَنِّي كُلَّ شَكٍّ وَشُبْهَةٍ وَاجْعَلْ لِي فِي الْحَقِّ طَرِيقاً مِنْ كُلِّ رَحْمَةٍ وَأَجْزِلْ لِي قِسَمَ الْمَوَاهِبِ مِنْ نَوَالِكَ وَوَفِّرْ عَلَيَّ حُظُوظَ الاحْسَانِ مِنْ إِفْضَالِكَ وَاجْعَلْ قَلْبِي وَاثِقاً بِمَا عِنْدَكَ وَهَمِّي مُسْتَفْرَغاً لِمَا هُوَ لَكَ وَاسْتَعْمِلْنِي بِمَا تَسْتَعْمِلُ بِهِ خَالِصَتَكَ وَأَشْرِبْ قَلْبِي عِنْدَ ذُهُولِ الْعُقولِ طَاعَتَكَ وَاجْمَعْ لِيَ الْغِنَى وَالْعَفَافَ وَالدَّعَةَ وَالْمُعَافَاةَ وَالصِّحَّةَ وَالسَّعَةَ وَالطُّمَأْنِينَةَ وَالْعَافِيَةَ وَلا تُحْبِطْ حَسَنَاتِي بِمَا يَشُوبُهَا مِنْ مَعْصِيَتِكَ وَلا خَلَوَاتِي بِمَا يَعْرِضُ لِي مِنْ نَزَغَاتِ فِتْنَتِكَ وَصُنْ وَجْهِي عَنِ الطَّلَبِ إِلَى أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ وَذُبَّنِي عَنِ الْتِمَاسِ مَا عِنْدَ الْفَاسِقِينَ وَلا تَجْعَلْنِي لِلظَّالِمِينَ ظَهِيراً وَلا لَهُمْ عَلَى مَحْوِ كِتَابِكَ يَداً وَنَصِيراً وَحُطْنِي مِنْ حَيْثُ لا أَعْلَمُ حِيَاطَةً تَقِينِي بِهَا وَافْتَحْ لِي أَبْوَابَ تَوْبَتِكَ وَرَحْمَتِكَ وَرَأْفَتِكَ وَرِزْقِكَ الْوَاسِعِ إِنِّي إِلَيْكَ مِنَ الرَّاغِبِينَ وَأَتْمِمْ لِي إِنْعَامَكَ إِنَّكَ خَيْرُ الْمُنْعِمِينَ وَاجْعَلْ بَاقِيَ عُمْرِي فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ ابْتِغَآءَ وَجْهِكَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ وَالسَّلامُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ أَبَدَ الآبِدِينَ.
ومنه: ما في صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: إنما تعجل الصلاة وتجمع بينهما لتفرغ نفسك للدعاء، فإنه يوم دعاء ومسألة، ثم تأتي الموقف وعليك السكينة والوقار فاحمد الله، وهلله ومجده وأثن عليه، وكبره مائة مرة، واحمده مائة مرة، وسبحه مائة مرة، واقرأ قل هو الله أحد مائة مرة، وتخير لنفسك من الدعاء ما أحببت، واجتهد فإنه يوم دعاء ومسألة، وتعوذ بالله من الشيطان، فإن الشيطان لن يذهلك في موطن قط أحب إليه من أن يذهلك في ذلك الموطن، وإياك أن تشتغل بالنظر إلى الناس، وأقبل قبل نفسك، وليكن فيما تقول:
((اللهم إني عبدك فلا تجعلني من أخيب وفدك، وأرحم مسيري إليك من الفج العميق )).
وليكن فيما تقول:
((اللهم رب المشاعر كلها فك رقبتي من النار، وأوسع علي من رزقك الحلال، وادرأ عني شر فسقة الجن والإنس )).
وتقول:
((اللهم لا تمكر بي ولا تخدعني ولا تستدرجني )).
وتقول:
((اللهم إني أسألك بحولك وجودك وكرمك ومنك وفضلك، يا أسمع السامعين، ويا أبصر الناظرين، ويا أسرع الحاسبين، ويا أرحم الراحمين، أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تفعل بي كذا وكذا )). وتذكر حوائجك.
وليكن فيما تقول وأنت رافع رأسك إلى السماء:
((اللهم حاجتي إليك التي إن أعطيتنيها لم يضرني ما منعتني، والتي إن منعتنيها لم ينفعني ما أعطيتني، أسألك خلاص رقبتي من النار )).
وليكن فيما تقول:
((اللهم إني عبدك وملك يدك، ناصيتي بيدك، وأجلي بعلمك، أسألك أن توفقني لما يرضيك عني وأن تسلم مني مناسكي التي أريتها خليلك إبراهيم ودللت عليها نبيك محمدا صلى الله عليه وآله)).
وليكن فيما تقول:
((اللهم اجعلني ممن رضيت عمله وأطلت عمره وأحييته بعد الموت حياة طيبة )).
ومن الأدعية المأثورة ما علمه رسول الله صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام على ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: فتقول: (( لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، ويميت ويحيي، وهو حي لا يموت، بيده الخير، وهو على كل شئ قدير. اللهم لك الحمد، أنت كما تقول، وخيرا مما يقول القائلون. اللهم لك صلاتي وديني ومحياي ومماتي، ولك تراثي، وبك حولي، ومنك قوتي. اللهم إني أعوذ بك من الفقر، ومن وسواس الصدر، ومن شتات الأمر، ومن عذاب النار، ومن عذاب القبر. اللهم إني أسألك من خير ما تأتي به الرياح، وأعوذ بك من شر ما تأتي به الرياح، وأسألك خير الليل وخير النهار)).
ومن تلك الأدعية ما رواه عبد الله بن ميمون، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وقف بعرفات فلما همت الشمس أن تغيب قبل أن يندفع قال: ((اللهم إني أعوذ بك من الفقر، ومن تشتت الأمر، ومن شرما يحدث بالليل والنهار، أمسى ظلمي مستجيرا بعفوك، وأمسى خوفي مستجيرا بأمانك، وأمسى ذلي مستجيرا بعزك، وأمسى وجهي الفاني مستجيرا بوجهك الباقي، يا خير من سئل ويا أجود من أعطى، جللني برحمتك، وألبسني عافيتك، واصرف عني شر جميع خلقك)).
وروى أبو نصير عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: إذا غربت الشمس يوم عرفة فقل: ((اللهم لا تجعله آخر العهد من هذا الموقف، وارزقنيه من قابل أبدا ما أبقيتني، واقلبني اليوم مفلحا منجحا مستجابا لي، مرحوما مغفورا لي، بأفضل ما ينقلب به اليوم أحد من وفدك وحجاج بيتك الحرام، واجعلني اليوم من أكرم وفدك عليك، وأعطني أفضل ما أعطيت أحدا منهم من الخير والبركة والرحمة والرضوان والمغفرة، وبارك لي فيما أرجع إليه من أهل أو مال قليل أو كثير، وبارك لهم في )).
آداب الوقوف بالمزدلفة
وهي أيضا كثيرة نذكر بعضها:
( 1 ) الإفاضة من عرفات على سكينة ووقار مستغفرا، فإذا انتهى إلى الكثيب الأحمر عن يمين الطريق يقول:
((اللهم ارحم موقفي، وزد في عملي، وسلم لي ديني، وتقبل مناسكي)).
( 2 ) الإقتصاد في السير.
( 3 ) تأخير العشاءين إلى المزدلفة، والجمع بينهما بأذان وإقامتين وإن ذهب ثلث الليل.
( 4 ) نزول بطن الوادي عن يمين الطريق قريبا من المشعر، ويستحب للصرورة وطء المشعر برجله.
( 5 ) إحياء تلك الليلة بالعبادة والدعاء بالمأثور وغيره، ومن المأثور أن يقول: ((اللهم هذه جمع، اللهم إني أسألك أن تجمع لي فيها جوامع الخير، اللهم لا تؤيسني من الخير الذي سألتك أن تجمعه لي في قلبي، وأطلب إليك أن تعرفني ما عرفت أولياءك في منزلي هذا، وأن تقيني جوامع الشر)).
( 6 ) أن يصبح على طهر فيصلي الغداة ويحمد الله عز وجل ويثني عليه، ويذكر من آلائه وبلائه ما قدر عليه ويصلي على النبي صلى الله عليه وآله، ثم يقول: ((اللهم رب المشعر الحرام فك رقبتي من النار، وأوسع علي من رزقك الحلال، وادرأ عني شر فسقة الجن والإنس. اللهم أنت خير مطلوب إليه وخير مدعو وخير مسؤول، ولكل وافد جائزة، فاجعل جائزتي في موطني هذا أن تقيلني عثرتي وتقبل معذرتي وأن تجاوز عن خطيئتي، ثم اجعل التقوى من الدنيا زادي)).
( 7 ) التقاط حصى الجمار من المزدلفة وعددها سبعون.
( 8 ) السعي السير السريع إذا مر بوادي محسر، وقدر للسعي مائة خطوة، ويقول:
((اللهم سلم لي عهدي، واقبل توبتي، وأجب دعوتي، واخلفني بخير فيمن تركت بعدي)).
آداب رمي الجمرات
يستحب في رمي الجمرات أمور، منها:
( 1 ) أن يكون على طهارة حال الرمي.
( 2 ) أن يقول إذا أخذ الحصيات بيده.
((اللهم هذه حصياتي فأحصهن لي وارفعهن في عملي)).
( 3 ) أن يقول عند كل رمية:
((الله أكبر، اللهم ادحر عني الشيطان، اللهم تصديقا بكتابك وعلى سنة نبيك، اللهم اجعله حجا مبرورا وعملا مقبولا وسعيا مشكورا وذنبا مغفورا)).
( 4 ) أن يقف الرامي على بعد من جمرة العقبة بعشرة أذرع، أو خمس عشرة ذراعا.
( 5 ) أن يرمي جمرة العقبة متوجها إليها مستدبر القبلة، ويرمي الجمرتين الأولى والوسطى مستقبل القبلة.
( 6 ) أن يضع الحصاة على إبهامه ويدفعها بظفر السبابة.
( 7 ) أن يقول إذا رجع إلى منزله في منى:
((اللهم بك وثقت وعليك توكلت، فنعم الرب ونعم المولى ونعم النصير )).
آداب الهدي
يستحب في الهدي أمور، منها:
( 1 ) أن يكون بدنة أو بقرة وإلا فكبشا فحلا.
( 2 ) أن يكون سمينا.
( 3 ) أن يقول عند الذبح أو النحر:
((وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين، اللهم منك ولك، بسم الله والله أكبر، اللهم تقبل مني)).
( 4 ) أن يباشر الذبح بنفسه، فإن لم يتمكن فليضع السكين بيده، ويقبض الذابح على يده فيذبح، وإلا فليشهد ذبحه، ولا بأس بأن يضع يده على يد الذابح.
آداب الحلق
( 1 ) يستحب في الحلق أن يبتدئ فيه من الطرف الأيمن، وأن يقول حين الحلق:
((اللهم أعطني بكل شعرة نورا يوم القيامة)).
( 2 ) أن يدفن شعره في خيمته في منى.
( 3 ) أن يأخذ من لحيته وشاربه ويقلم أظافيره بعد الحلق.
آداب طواف الحج والسعي
ما ذكرناه من الآداب في طواف العمرة، وصلاته والسعي فيها يجري هنا أيضا. ويستحب الاتيان بالطواف يوم العيد، فإذا قام على باب المسجد يقول:
((اللهم أعني على نسكك وسلمني له وسلمه لي، أسألك مسألة العليل الذليل المعترف بذنبه، أن تغفر لي ذنوبي، وأن ترجعني بحاجتي، اللهم إني عبدك، والبلد بلدك، والبيت بيتك، جئت أطلب رحمتك وأؤم طاعتك، متبعا لأمرك، راضيا بقدرك، أسألك مسألة المضطر إليك، المطيع لأمرك، المشفق من عذابك، الخائف لعقوبتك، أن تبلغني عفوك، وتجيرني من النار برحمتك )).
ثم يأتي الحجر الأسود فيستلمه ويقبله، فإن لم يستطع استلم بيده وقبلها، وإن لم يستطع من ذلك أيضا استقبل الحجر وكبر وقال كما قال حين طاف بالبيت يوم قدم مكة. وقد مر ذلك في صفحة ( 242 ).
آداب منى
يستحب المقام بمنى أيام التشريق، وعدم الخروج منها ولو كان الخروج للطواف المندوب. ويستحب التكبير فيها بعد خمس عشر صلاة: أولها ظهر يوم النحر، وبعد عشر صلوات في سائر الأمصار، والأولى في كيفية التكبير أن يقول:
((الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر على ما هدانا، الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام، والحمد لله على ما أبلانا )).
ويستحب أن يصلي فرائضه ونوافله في مسجد الخيف، روى أبو حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: من صل في مسجد الخيف بمنى مائة ركعة قبل أن يخرج منه عدلت عبادة سبعين عاما، ومن سبح الله فيه مائة تسبيحة كتب له كأجر عتق رقبة، ومن هلل الله فيه مائة تهليلة عدلت أجر إحياء نسمة، ومن حمد الله فيه مائة تحميدة عدلت أجر خراج العراقين يتصدق به في سبيل الله عز وجل.
آداب مكة المعظمة
يستحب فيها أمور، منها:
( 1 ) الاكثار من ذكر الله وقراءة القرآن.
( 2 ) ختم القرآن فيها.
( 3 ) الشرب من ماء زمزم، ثم يقول:
((اللهم اجعله علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء وسقم )).
ثم يقول: ((بسم الله وبالله والشكر لله)).
( 4 ) الاكثار من النظر إلى الكعبة.
( 5 ) الطواف حول الكعبة عشر مرات: ثلاثة في أول الليل، وثلاثة في آخره، وطوافان بعد الفجر، وطوافان بعد الظهر.
( 6 ) أن يطوف أيام إقامته في مكة ثلاثمائة وستين طوافا، فإن لم يتمكن فاثنين وخمسين طوافا، فإن لم يتمكن أتى بما قدر عليه.
( 7 ) دخول الكعبة للصرورة، ويستحب له أن يغتسل قبل دخوله، وأن يقول عند دخوله:
(( اللهم إنك قلت: ومن دخله كان آمنا، فآمني من عذاب النار)).
ثم يصلي ركعتين بين الأسطوانتين على الرخامة الحمراء، يقرأ بعد الفاتحة في الركعة الأولى سورة حم السجدة، وفي الثانية بعد الفاتحة خمسا وخمسين آية.
( 8 ) أن يصلي في كل زاوية من زوايا البيت، وبعد الصلاة يقول:
((اللهم من تهيأ أو تعبأ أو أعد أو استعد لوفادة إلى مخلوق رجاء رفده وجائزته ونوافله وفواضله، فإليك يا سيدي تهيئتي وتعبئتي وإعدادي واستعدادي رجاء رفدك، ونوافلك وجائزتك، فلا تخيب اليوم رجائي، يا من لا يخيب عليه سائل، ولا ينقصه نائل، فإني لم آتك اليوم ثقة بعمل صالح قدمته، ولا شفاعة مخلوق رجوته، ولكني أتيتك مقرا بالظلم والإساءة على نفسي، فإنه لا حجة لي ولا عذر، فأسألك يا من هو كذلك أن تصلي على محمد وآله وتعطيني مسألتي وتقيلني عثرتي وتقلبني برغبتي، ولا تردني مجبوها ممنوعا ولا خائبا، يا عظيم يا عظيم يا عظيم أرجوك للعظيم، أسألك يا عظيم أن تغفر لي الذنب العظيم، لا إله إلا أنت )).
ويستحب التكبير ثلاثا عند خروجه من الكعبة وأن يقول:
((اللهم لا تجهد بلاءنا، ربنا ولا تشمت بنا أعداءنا، فإنك أنت الضار النافع )).
ثم ينزل ويستقبل الكعبة، ويجعل الدرجات على جانبه الأيسر، ويصلي ركعتين عند الدرجات.
طواف الوداع
يستحب لمن أراد الخروج من مكة أن يطوف طواف الوداع، وأن يستلم الحجر الأسود والركن اليماني في كل شوط، وأن يأتي بما تقدم في ص (304) من المستحبات عند الوصول إلى المستجار، وأن يدعو الله بما شاء، ثم يستلم الحجر الأسود ويلصق بطنه بالبيت، ويضع إحدى يديه على الحجر والأخرى نحو الباب، ثم يحمد الله ويثني عليه، ويصلي على النبي وآله، ثم يقول:
((اللهم صل على محمد عبدك ورسولك ونبيك وأمينك وحبيبك ونجيك وخيرتك من خلقك، اللهم كما بلغ رسالاتك وجاهد في سبيلك وصدع بأمرك وأوذي في جنبك وعبدك حتى أتاه اليقين، اللهم أقلبني مفلحا منجحا مستجابا لي بأفضل ما يرجع به أحد من وفدك من المغفرة والبركة والرحمة والرضوان والعافية)).
ويستحب له الخروج من باب الحناطين ويقع قبال الركن الشامي ويطلب من الله التوفيق لرجوعه مرة أخرى.
ويستحب أن يشتري عند الخروج مقدار درهم من التمر ويتصدق به على الفقراء.
[زيارة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله]
يستحب للحاج استحبابا مؤكدا أن يكون رجوعه من طريق المدينة المنورة، ليزور الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، والصديقة الطاهرة سلام الله عليها، وأئمة البقيع سلام الله عليهما أجمعين.
وكيفية زيارة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله أن يقول:
((السلام على رسول الله صلى الله عليه وآله، السلام عليك يا حبيب الله، السلام عليك يا صفوة الله، السلام عليك يا أمين الله، أشهد أنك قد نصحت لأمتك وجاهدت في سبيل الله وعبدته حتى أتاك اليقين، فجزاك الله أفضل ما جزى نبيا عن أمته، اللهم صل على محمد وآل محمد أفضل ما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد)).
[زيارة الصديقة الزهراء سلام الله عليها]
(( يا ممتحنة امتحنك الله الذي خلقك قبل أن يخلقك فوجدك لما امتحنك صابرة، وزعمنا أنا لك أولياء ومصدقون وصابرون لكل ما أتانا به أبوك وأتانا به وصيه، فإنا نسألك إن كنا صدقناك إلا ألحقتنا بتصديقنا لهما (( بالبشرى / خ ل ))، لنبشر أنفسنا بأنا قد طهرنا بولايتك )).
[الزيارة الجامعة لأئمة البقيع عليهم السلام]
((السلام على أولياء الله وأصفيائه، السلام على أمناء الله وأحبائه، السلام على أنصار الله وخلفائه، السلام على محال معرفة الله، السلام على مساكن ذكر الله، السلام على مظهري أمر الله ونهيه، السلام على الدعاة إلى الله، السلام على المستقرين في مرضاة الله، السلام على الممحصين في طاعة الله، السلام على الأدلاء على الله، السلام على الذين من والاهم فقد والى الله ومن عاداهم فقد عادى الله، ومن عرفهم فقد عرف الله ومن جهلهم فقد جهل الله، ومن اعتصم بهم فقد اعتصم بالله ومن تخلى منهم فقد تخلى من الله، أشهد الله أني سلم لمن سالمكم وحرب لمن حاربكم، مؤمن بسركم وعلانيتكم، مفوض في ذلك كله إليكم، لعن الله عدو آل محمد من الجن والإنس من الأولين والآخرين، وأبرأ إلى الله منهم، وصلى الله على محمد وآله)).
والحمد لله أولا وآخرا
خاتمة الملحق في أحكام متفرقة
خاتمة الملحق في أحكام متفرقة
في شؤون التقليد والطهارة والصلاة والأماكن في الحج
شؤون التقليد في الحج
1- فرع في المراد بالاحوط الاولى
السؤال: هل المراد بالأحوط الأولى أينما ذكر في المناسك وغيره هو الإحتياط الإستحبابي؟
الجواب : نعم .
2- فروع في تعليم الحملدارية الحجاج وتهيئة الخدمات لهم
السؤال1: إذا كان العرف السائد في البلد هو تحمل الحملدار المسؤولية الشرعية عن صحة مناسك كل واحد من افراد الحملة فهل هذا العرف ممضى في شرع الله المقدس؟
الجواب: إذا كان ما يتم استئجار الحملدار عليه هو نقل الحاج إلى الاماكن المقدسة مقيداً بارشاده إلى وظائفه الشرعية في أداء المناسك ولو بالاستعانة بمرشدين دينيين فمع تخلف الحملدار عن أداء مهمة الارشاد على وجهها لا يستحق شيئاً على عمله، واما إذا كان الارشاد إلى مناسك الحج شرطاً على الحملدار في ضمن الاتفاق المبرم معه فمع تخلفه عنه يحق للحاج فسخ العقد وعليه حينئذ اجرة المثل للخدمات التي أداها له الحملدار، وفي كل الاحوال إذا أدّى الخلل في عمل الحاج – ولو من جهة تقصير الحملدار في ارشاده إلى وظيفته – إلى بطلان الحج فهو لا يكون مبرءاً لذمته وعليه الاعادة في عام لاحق إذا كان حجة الإسلام أو نحوها.
السؤال2: انني من الحملدارية اقوم بإنجاز معاملات الحجاج الادارية وتوفير الخدمات لهم اضافة إلى ارشادهم إلى مناسك حجهم ولكن بعض الحجاج لا يحسن أداء واجباته رغم التوجيه المتواصل له فقد يخطئ في الوضوء أو الصلاة أو الطواف وهكذا فما هو حكمه، هل انا مسؤول شرعاً عن خطأه؟
الجواب: لا شيء عليك مع قيامك بما تعهدت القيام به من توجيه الحجاج وارشادهم ومساعدتهم في الاتيان بالعمل الصحيح على الوجه المتعارف.
السؤال3: المتعهد بتوفير حوائج الحجاج في سفرهم ازاء مبلغ مقطوع هل يجوز ان يكون ما يوفره لهم دون المستوى المطلوب؟
الجواب: بل يجب ان يكون ما يهيئه من المسكن والطعام وسائر الخدمات وفق المتعارف الذي ينصرف اليه اطلاق العقد المبرم بين الجانبين.
3- فروع في تعليم المرشد الديني فتاوى المقلد للحجّاج
السؤال1: إذا سئل المرشد الديني عن حكم مسألة فهل عليه ان يسأل الحاج عن مرجع تقليده ليجيب وفق فتواه؟
الجواب: نعم إذا كان ظاهر حال السائل انه يطلب فتوى مقلَّده كما هوكذلك عادة، ولو وجدت قرينة على انه يطلب فتوى من تكون فتواه حجة في حقه باعتقاد المرشد الديني اجاب بمقتضى اعتقاده في ذلك.
السؤال2: المرشد الديني في الحملة هل يلزمه ان يذكر للحجاج فتاوى جميع من يرجعون اليهم في التقليد ام يكفي ان لا يوقعهم فيما يخالف فتوى مقلَّدهم وان كان مخالفاً لاحتياطاتهم الوجوبية إذا كان من المراجع الآخرين من يفتي بالحكم الترخيصي في مواردها؟
الجواب: لا يكفي ذلك إلاّ إذا احرز انهم يرجعون إلى من يفتي بالحكم الترخيصي ويعتبرون فتواه حجة في موارد الاحتياط الوجوبي لمرجعهم في التقليد.
السؤال3: إذا سأل الحاج عن حكم وكان مرجعه في التقليد غير جامع لشروط الفتيا بحسب اعتقاد المرشد الديني فماذا يصنع؟
الجواب: يمكنه بيان فتواه بنحو لا يستفيد منه تقريره على تقليده.
السؤال4: طالب العلم إذا ذهب إلى الحج قد يصادف من يسأله عن بعض مسائله وقد يكون السائل مقلداً لغير من يقلّده المسؤول وقد يرى المسؤول خطأ السائل في تقليده وقد لا يعرف رأي مرجعه وقد لا يكون السائل مقلداً لمرجع اصلاً فما هو تكليف طالب العلم في هذه الموارد؟
الجواب: إذا وجدت قرينة على ان السائل يطلب فتوى مقلَّده جاز له بيانها بنحو لا يستفاد منه تقريره على تقليده ان كان على خطأ فيه، وان وجدت قرينة على انه يطلب فتوى من تكون فتواه حجة في حقه باعتقاد المسؤول اجابه بمقتضى اعتقاده في ذلك، وفي
الصورتين إذا لم يعلم الفتوى المطلوبة توقف عن الجواب، واذا لم توجد قرينة على ما تقدم فله ان يجيب بموجب فتوى من يرى حجية فتواه في حق السائل وليس له ان يجيب بموجب فتوى من يرى ان عمله بها يكون على خلاف وظيفته الشرعية إلاّ مع اقامة القرينة على ذلك.
السؤال5: إذا سئل الامامي في ايام الحج من قبل بعض ابناء السنة عن بعض مسائله فهل يجيبه وفق مذهبه ام وفق مذهبهم؟
الجواب: يجيبه على طبق مذهبهم أو يضم اليه ما هو مقتضى مذهبنا، نعم إذا ظهر منه ارادة الحصول على الجواب وفق مذهبنا فلا بأس بالاقتصار على الجواب وفقه فقط.
السؤال6: هل يجوز اخذ الاجرة على تعليم الحجاج مناسك حجهم؟
الجواب: الأحوط لزوماً عدم الجواز وحرمة الأجرة إلاّ فيما لا يكون محلاً للابتلاء من الأحكام، ويمكن التخلص من الاشكال باخذ الأجرة على المقدمات كالحضور في مكان التعليم ونحو ذلك.
2- فرعان في مراعاة القوانين
السؤال1: المعروف عنكم عدم الترخيص في مخالفة القوانين المجعولة رعاية للمصلحة العامة مما تطبق فيه العدالة بين الناس كقانون تحديد الحجاج في المملكة، ولكن الحكومة بنفسها لا تشدّد في تطبيقه وتكتفي بالتحديد الذي يحصل بسبب سنّ القانون والتزام كثير من الناس بعدم التخلف عنه مثلاً إذا كانت السيارة مليئة بالحجاج السعوديين الفاقدين للتصريح تمنعهم من مواصلة السير واما إذا كان في السيارة اثنان أو ثلاثة فاقدين للتصريح فلا يتعرض لهم، إلاّ ان مقتضى ما ذكرتم حرمة مخالفتهم للقانون المذكور أيضاً.
وهكذا تقوم الحكومة باصدار تصاريح لعدد من العاملين والمرشدين في كل حملة وفق ما يطلبه الحملدار مع علمها بانه لا يحتاج إلى تمام العدد المطلوب من المذكورين ولكنها تتغاضى عن ذلك، إلاّ ان مقتضى ما ذكرتم لزوم تقيّد الحملدار بمقدار الحاجة، فهل هناك ما يخفف الوطأة عن المؤمنين؟
الجواب: إذا كان المسؤول المعني بتطبيق القانون يتغاضى عن تطبيقه بموجب الصلاحيات الممنوحة له قانوناً فلا اشكال.
السؤال2: بعض الشركات تمنح الموظف لديها اجازة لموسم الحج لمرة واحدة فقط طيلة مدة التعامل معه فإذا كان هذا الموظف قد حج مسبقاً فما حكم اخذ هذه الاجازة مع عدم نية استغلالها في أداء الحج؟
الجواب: إذا كانت الاجازة تمنح - بموجب عقد التوظيف - لخصوص من يريد الاتيان بالحج فليس للموظف استغلالها في غير ذلك، وان كانت غير مقيدة بذلك فله استغلالها فيما يشاء.
* لاحظ ما تقدّم في مباحث الاستطاعة (الأمر الأول: السعة في الوقت ص14).
شؤون الطهارة في الحج
1- فرع في الطهارة من الخبث في الحجّ
السؤال: إذا تنجس موضع من المسجد الحرام يقوم المسؤلون بإزالة عين النجاسة عنه ثم مسحه بقطع من القماش المبللة بالماء وبعض المنظفات ومعلوم أن هذا لا يكفي في تطهير المحل، ثم أن الرطوبة المتخلفة فيه تسري إلى سائر مواضع المسجد نتيجة لتنقلات الناس وعبورهم على المواضع المرطوبة وهذا مما يورث العلم العادي بتنجس معظم مواضع المسجد، وفي هذه الحالة هل يجوز السجود على أرض المسجد الحرام اختيارا أم لا يجوز إلا في حال التقية، وما حكم الطائف إذا لاقى بدنه المطاف برطوبة مسرية هل يصح طوافه أم يلزمه إعادته؟
الجواب: حصول العلم بتنجس معظم المسجد - كما جاء في السؤال - نادر، ولا ينبغي الإعتناء بالظن بالنجاسة فضلاً عن احتمالها.
2- فروع في الوضوء في الحجّ
السؤال1: هل يجوز الوضوء بالمياه المبردة المخصصة للشرب في مكة والمدينة؟
الجواب: إذا كانت مخصصة للشرب لم يجز الوضوء بها.
السؤال2: ما حكم من توضأ منها سابقاً جهلاً منه بالحكم؟
الجواب: يصحّ وضوؤه على الأظهر.
السؤال3: يحكى عنكم عدم جواز الوضوء من ماء زمزم المعدّ للشرب مع تنصيص الفقهاء على استحباب الأخذ من ماء زمزم وصبّه على الرأس والظهر والبطن، فليس هو مخصصاً للشرب فكيف التوفيق بين الامرين؟
الجواب: الذي ذكرناه هوان الماء المخصص للشرب فقط – كماء البرادات – لا يجوز استعماله في غيره ولا فرق في هذا بين ان يكون مصدره ماء زمزم أو غيره، ولا ينافي ذلك استحباب الاخذ من ماء زمزم وصبه على الرأس والبدن، واما إذا كان الماء المسمى بـ( ماء زمزم ) معدّاً للاعمّ من الشرب فلا اشكال في جواز التوضئ به، ويمكن احراز ذلك من جهة جريان العادة في استعماله في غير الشرب من دون منع احد.
السؤال4: هل يجوز التوضئ بالمياه الموجودة في المباني والمؤسسات الحكومية في الدول الإسلامية؟
الجواب: نعم ما لم يعلم بكونها مغصوبة.
شؤون الصلاة في الحج
1- القبلة
1- فرع في حكم الصلاة في الباص
السؤال: هل يجوز للمسافر أن يؤدي الصلاة الفريضة وهو على مقعده في الباص إذا كان السائق لا يمهله الفرصة الكافية لأداء الصلاة خارج الباص؟
الجواب: نعم ولكن الإتيان بالصلاة قائماً مقدم عليه وعلى التقديرين يلزمه رعاية الإستقبال في جميع حالات الصلاة إن أمكن وإلا ففي حال تكبيرة الإحرام مع التمكن منه وإلا يسقط شرطية الإستقبال، كما أنه مع التمكن من الإتيان بالركوع والسجود الإختياريين يتعين الإتيان بهما - كما لو تمكن من الصلاة في الممر الوسطاني للباص - وأما مع عدم التمكن منهما فإن تمكن من الإنحناء بمقدار يصدق اسميهما لزم وتعين ويراعى في السجود وضع جبهته على المسجد ولو برفعه، ومع عدم التمكن من الإنحناء بالمقدار المزبور يومي بدلاً عنهما.
2- مكان المصلي
1- فرعان في حكم المحاذاة بين الرجل والمرأة والصلاة في حجر إسماعيل(عليه السلام)
السؤال1: إذا وقف الرجل ليصلي فجائت المرأة ووقفت محاذية له أو متقدمة عليه وشرعت في الصلاة فهل تبطل بذلك صلاة المرأة فقط أم تبطل صلاة الرجل أيضا، وما هو الحكم في عكس المسألة؟
الجواب: تبطل الصلاتان معاً على الأحوط وجوباً فإن المختار أن مانعية المحاذاة أو تقدم المرأة لا يختص بصلاة من شرع فيها لاحقاً.
* مرّ في ذيل صلاة الطواف فرعان في تقدم المرأة على الرجل في مكة المكرمة عند الزحام فيها.
السؤال2: هل يصح ما يقال من أنه لا تجوز الصلاة في حجر إسماعيل؟
الجواب: لا أساس له.
2- فروع في فضيلة الصلاة في المسجدين
السؤال1: ما ورد في فضل الصلاة في المسجد الحرام والمسجد النبوي هل يشمل الإمتدادات الجديدة للمسجدين؟ وكذا سائر الأحكام المترتبة عليهما؟
الجواب: نعم إذا عدت توسعة للمسجدين لا إضافة مسجد أو مرفق إليهما.
السؤال2: هل الطابق الارضي في المسجد الحرام عند بئر زمزم يعد من المسجد وتجري عليه احكامه؟
الجواب: نعم.
السؤال3: أداء الصلاة في التوسعة المستحدثة لمسجد النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) هل له من الفضل ما للصلاة في المسجد الاصلي؟
الجواب: لا تبعد افضلية الصلاة في المسجد الاصلي الذي كان على عهد رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) كما ان الصلاة في بعض مواضعه افضل من الصلاة في الباقي كالروضة المطهرة وبعض ما أدخل فيه لاحقاً كبيت علي وفاطمة(عليها السلام).
السؤال4: ايهما اكثر ثواباً الصلاة في المسجد الحرام والمسجد النبوي بعد مضي وقت الفضيلة أو الصلاة في وقت الفضيلة في خارج المسجدين الشريفين؟
الجواب: لم يثبت اولوية أداء الصلاة فيهما في خارج وقت الفضيلة من ادائها في وقت الفضيلة في غيرهما من الاماكن بل لا يبعد العكس.
السؤال5: لو دار الامر بين أداء الفريضة في اول وقتها ولكن في غير مسجد النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) وبين ادائها في مسجده(صلى الله عليه وآله وسلم) ولكن بعد فوات وقت الفضيلة فما هو المقدم؟
الجواب: الصلاة في وقت الفضيلة افضل، واما افضلية الصلاة في اول وقت الفضيلة من الصلاة في المسجد النبوي بعد مضي اول الوقت ولكن مع بقاء وقت الفضيلة فغير معلومة.
السؤال6: ايهما افضل الصلاة في المسجد الحرام والمسجد النبوي فرادى أو الصلاة في المنزل جماعة؟
الجواب: الصلاة في المسجدين افضل.
السؤال7: أيهما اكثر ثواباً الطواف بالبيت أو الصلاة في المسجد الحرام؟
الجواب: الطواف بالبيت افضل بالنسبة إلى غير اهل مكة ومن بحكمهم.
3- أفعال الصلاة
4- فروع في السجود على التربة والحصيرة والبلاط والسجاد في المسجدين وسائر الأمكنة
السؤال1: هل يجوز السجود على التربة أو الحصيرة أو نحوهما في مساجد مكة والمدينة إذا كان على خلاف التقية بحيث يوجب الاضرار بسمعة الطائفة، وما حكم الصلاة في هذه الصورة؟
الجواب: لا يجوز ذلك، ولكن الصلاة صحيحة.
السؤال2: هل يجوز السجود على البلاط المستعمل في أرضية المسجد الحرام علماً أنه يتميز بطرده للحرارة فلا يتأثر بأشعة الشمس ويقال أنه حجر صناعي وليس طبيعياً؟
الجواب: كونه صناعياً لا يمنع من جواز السجود عليه إذا كانت المواد المستعملة في صناعته مما يصح السجود عليها أو كان الخليط من غيرها مستهلكاً عرفاً، هذا في غير حال التقية وأما في حال التقية فيجوز السجود عليه وإن كان مصنوعاً مما لا يصح السجود عليه.
السؤال3: هل يجوز السجود على السجاد في المسجد النبوي أم لا؟
الجواب: يجوز إذا اقتضته التقية ولا يجب التخلص منها بالذهاب إلى مكان آخر، كما لا يجب تأخير الصلاة إلى زوال موجب التقية.
السؤال4: ما حكم الصلاة الفريضة أو النافلة في المسجد النبوي الشريف إذا كان استخدام ما يصح السجود عليه يعرض المصلي للاشكال، وهل يجب الانتقال من الروضة المطهرة مثلاً للمكان الخالي من السجاد لاداء الصلاة وان كان ملفتاً لأنظارهم؟
الجواب: إذا كان استخدام ما يصح السجود عليه على خلاف المداراة معهم والتآلف بين المسلمين وكذلك الانتقال لاداء الصلاة إلى الموضع الخالي من السجاد تجوز الصلاة مع السجود على السجاد سواء في الفريضة والنافلة.
السؤال5: ما حكم الصلاة في المسجد والروضة الشريفة المباركة في المدينة المنورة إذا لم يتوفر لدينا ما يصح السجود عليه، وهل يختلف الحكم إذا كانت الصلاة نافلة؟
الجواب: إذا لم يوجد في المسجد مكان يتيسّر ان يسجد فيه على ما يصح السجود عليه من دون مخالفة التقية – وان كانت مداراتية – جاز السجود على الفراش ولا يجب الانتقال إلى خارج المسجد واما مع تيسّر السجود عليه في مكان آخر في المسجد من دون منافاته للمداراة فلابد من اختياره وان كان خارج الروضة الشريفة، نعم لا بأس بالاتيان بالصلاة النافلة رجاءً في الروضة الشريفة مع السجود على الفراش وان تيسّر الاتيان بها في مكان آخر من المسجد مع السجود على ما يصح السجود عليه.
السؤال6: الروضة الشريفة هل تعد مكاناً مستقلاً عن سائر المسجد النبوي بحيث لو امكن المصلي السجود في غيرها على ما يصح السجود عليه لم يجب عليه الانتقال اليه؟
الجواب: الروضة المباركة جزء من المسجد الشريف وان كانت من افضل اماكنه فان وجد المؤمن في غيرها من المسجد مكاناً يمكن أداء الصلاة فيه مع السجود على ما يصح السجود عليه من دون مخالفة التقية – حتى المداراتية – لم يجتزئ بالصلاة فيها مع السجود على الفراش ونحوه بلا فرق في ذلك بين الفريضة والنافلة نعم لا بأس بالاتيان بالنافلة رجاءاً.
4- أحكام الجماعة
1- فروع في صلاة الجماعة مع المسلمين
السؤال1: هل تصح صلاة الإمامي إذا اقتدى فيها ببعض أهل السنة في الصورتين التاليتين:
أ - أن يكون ذلك بإقتضاء التقية؟
ب - أن يكون ذلك بإقتضاء بعض المصالح العامة كالتآلف معهم لأجل الحفاظ على الوحدة الإسلامية.
الجواب: تجوز الصلاة خلفهم ولكن لابد للمأموم أن يقرأ لنفسه إخفاتاً إن أمكنه وإلا يقرأ في نفسه ويجوز له التكتف إذا اقتضته التقية كما يجوز له السجود على ما لا يصح السجود عليه عندنا إذا لم يتيسر في مكانه ما يصح السجود عليه كالبارية فإن تيسر وجب اختياره.
السؤال2: هل في الصلاة خلف غير الامامي لرعاية التآلف بين المسلمين يقصد الامامي الائتمام وتترتب أحكام الجماعة؟
الجواب: لا ضير في نية الاقتداء بالامام منهم ولكن من دون ترتيب أحكام الجماعة.
السؤال3: هل تجوز اقامة الجماعة في فنادق مكة المكرمة والمدينة المنورة؟
الجواب: إذا لم يكن على خلاف التقية فلا مانع منه ولكن المشاركة في جماعة المسلمين لغرض التآلف بينهم أفضل.
السؤال4: يلاحظ احياناً خروج بعض ابناء الطائفة من المسجدين الشريفين حين اقامة الجماعة فيهما فما هو رأيكم؟
الجواب: هذا العمل غير مناسب، بل ربما لا يجوز لبعض العناوين الثانوية كالاساءة إلى سمعة المذهب ونحو ذلك.
شروط صحة الجماعة والاجتزاء بها
2- فروع في الصلاة في الطابق العلوي وبالاستدارة حول الكعبة ومع التأمين وقبل الوقت وفي صلاة الجمعة
السؤال1: هل يجوز ان يشترك في الجماعة التي تقام في المسجد الحرام من الطابق العلوي؟
الجواب: إذا كان عدد من اهل السنة يقتدون بالامام من الطابق العلوي جاز للامامي اللحوق بهم مع الاتيان بوظيفة المنفرد البتة.
السؤال2: في صلوات الجماعة التي تقام في المسجد الحرام والمسجد النبوي يصعد بعض الناس إلى الطابق العلوي ويأتمون بالإمام من هناك مع أنهم لا يرون الإمام ولا شيئاً من صفوف الجماعة في صحن المسجد لطول الجدران فهل يجوز للإمامي الإلتحاق بهؤلاء في الطابق العلوي؟
الجواب: يجوز له ذلك ولكن يراعى في صلاته ما يعتبر في الصلاة خلف غير الإمامي.
السؤال3: هل تصح الصلاة جماعة بالاستدارة حول الكعبة المشرفة؟
الجواب: تشكل صلاة من كان متقدماً في موقفه على الإمام ولكن يجوز للمؤمنين الاشتراك في الجماعات المستديرة التي تقام في العصر الحاضر في المسجد الحرام مع مراعاة الشروط المعتبرة في الصلاة خلف غير الامامي.
السؤال4: جرت السيرة في صلوات الجماعة التي تقام في مكة المكرمة والمدينة المنورة أن يقنت الإمام بعد الركعة الثانية في الصبح وبعد الثالثة في المغرب ويؤمن المأمومون على كل فقرة من فقرات الدعاء الذي يقرأه في قنوته فهل يجوز للمؤمنين المشاركين في هذه الجماعات التأمين مع سائر المأمومين؟
الجواب: التأمين المبطل للصلاة إنما هو ما يؤتى به بعد الفراغ من قراءة الحمد - على التفصيل المذكور في الرسالة - وأما ما يؤتى به في سائر مواضع الصلاة فلا بأس به إذا قصد به الدعاء نعم إذا أمّن المأموم تبعاً لغيره جهلاً منه بمعناه كان من المبطل لصلاته.
السؤال5: ما حكم الصلاة خلفهم إذا أقاموها قبل دخول الوقت؟
الجواب: لا يجتزي بها حينئذ.
السؤال6: ما حكم صلاة الامامي خلف الامام غير الامامي إذا كان شروعه فيها قبل دخول الوقت الشرعي عندنا؟
الجواب: لا يجتزأ بها.
سؤال 7: إذا كان الإقتداء بهم في صلاة الجمعة فهل يجب الإتيان بصلاة الظهر بعدها؟
الجواب: نعم يجب ذلك.
السؤال8: هل للامامي ان يشترك في صلاة الجمعة التي تقام في المسجدين الشريفين؟
الجواب: إذا كان ذلك لغرض التآلف بين المسلمين فلا بأس به ولكن لا بد من أداء الظهر بعد ذلك إلا إذا كان مسافراً وحكمه القصر فإن بإمكانه أن يشترك في صلاتهم وينوي بها الظهر ويقرأ لنفسه إخفاتاً.
5- أحكام صلاة المسافر في الحجّ
1- فروع في تخيير المسافر في مكّة والمدينة
السؤال1: هل التخيير بين القصر والاتمام في مكة والمدينة أو المسجدين فيهما ابتدائي أو استمراري؟
الجواب: استمراري.
السؤال 2: هل التخيير بين القصر والتمام للمسافر يختص بالمناطق القديمة في مكة المكرمة والمدينة المنورة أم يشمل الإمتدادات الجديدة أيضا؟
الجواب : يشمل الإمتدادات الحديثة أيضا.
السؤال3: التخيير بين القصر والتمام للمسافر هل يختص بالمدينة القديمة ام يشمل الاحياء المستحدثة فيها، وعلى تقدير الاختصاص فلو اختلف اهل المنطقة في تحديد حدود المدينة القديمة سعة وضيقاً فما هو الواجب؟
الجواب: يعم الاحياء المستحدثة أيضاً، وعلى القول بالاختصاص يقتصر في التمام على القدر المتيقن.
السؤال4: بساتين النخيل التي تحيط بالمدينة المنورة قد بلغتها بيوتها اليوم وصارت متصلة بها فهل يلحقها حكم المدينة المنورة؟
الجواب: إذا كانت بحيث تعد عرفاً جزءاً من المدينة المنورة تشملها الأحكام الثابتة للمدينة بعنوانها واما إذا عدت من اطرافها وتوابعها فلا تشملها تلك الأحكام.
السؤال5: من كان من اهالي المدينة المنورة واراد أداء العمرة المفردة فهل يصلي في مسجد الشجرة في ذي الحليفة قصراً ام تماماً؟ علماً انه قد اتسع العمران كثيراً؟
الجواب: إذا كانت منطقة ذي الحليفة لا تعد جزءاً من المدينة المنورة وان اتصل العمران بينهما فحكمه فيها القصر إذا كانت المسافة بينها وبين حدود المدينة تزيد على حد الترخص.
2- فروع في الإقامة بمكة
السؤال1: إذا اقام الحاج في مكة المكرمة عشرة ايام واراد الخروج إلى المشاعر فما حكم صلاته فيها علماً انه لا يبلغ المسافة الشرعية ولو ملفقة وقد ترك امتعته في مكة لغرض العود اليها وهل يختلف الحكم بين قصده الرجوع إلى مكة من حيث انها محل اقامته وبين قصده ان تكون محطة من محطات سفره بعد الانتهاء من المناسك؟
الجواب: حكمه التمام فيما هو المفروض من عدم قصد المسافة الشرعية، ولو كان قصده العود إلى مكة من حيث كونها منزلاً من منازل سفره الجديد فحكمه القصر في الطريق والمقصد وكذلك في مكة عند العود اليها وان كان يجوز فيها التمام من حيث انه من أماكن التخيير.
السؤال2: إذا نوى المسافر الإقامة في مكة المكرمة عشرة أيام ثم خرج بعد مضي العشرة إلى عرفات ثم ذهب إلى المشعر ثم إلى منى ثم عاد إلى مكة فما حكم صلاته من جهة القصر والتمام في عرفات والمشعر ومنى؟
الجواب: إذا كانت المسافة من نهاية مكة الحالية إلى عرفات ثم المشعر ثم منى فمكة أربعة وأربعين كيلومتراً أو أكثر قصّر في صلاته في هذه الأماكن وإلا أتمّ فيها، نعم في الصورة الثانية إذا كان ناوياً للسفر من عرفات وكان رجوعه إلى مكة لا من جهة كونها محل إقامته بل من جهة وقوعها في طريقه كان حكمه القصر من مشعر ومنى وأما في مكة فيتخير بين القصر والتمام لأنه من مواطن التخيير للمسافر.
السؤال3: وما هو حكم من ذهب إلى عرفات - في مفروض السؤال السابق قبل إتمام العشرة لمانع منعه من البقاء فيها إلى تمام العشرة - بعد أن صلى في مكة صلاة رباعية بنية الإقامة؟
الجواب: الحكم فيه كسابقه.
السؤال4: في مفروض السؤال المتقدم إذا رجع إلى مكة يوم العيد ثم عاد منها إلى منى للمبيت بها أو عاد إلى مكة يوم الثاني عشر وهو لا ينوي المقام بها عشرة أيام فما هو حكم صلاته في منى وفي مكة هل يقصّر أويتمّ؟
الجواب: إذا كانت المسافة من نهاية مكة الحالية إلى عرفات ثم مزدلفة ثم منى فمكة أربعة وأربعين كيلومتراً أو أكثر قصّر في صلاته في مكة وفي منى - كما يقصر في عرفات والمزدلفة - نعم يجوز له التمام في مكة لأنها من مواطن التخيير وأما إذا لم تكن المسافة المشار إليها بالمقدار المذكور فوظيفته التمام في الجميع إلا في مورد جواب السؤال 2 المتقدم.
3- فرعان في حكم المسؤولين عن حملات الحج
السؤال1: المسؤولون عن حملات الحج والمرشدون للحجاج الذين يمارسون عملهم سنوياً هل حكمهم القصر أو التمام؟
الجواب: إذا كانت فترة عملهم قصيرة كثلاثة أسابيع كان حكمهم القصر وإن كانت طويلة كثلاثة أشهر كان حكمهم التمام وفي موارد الإشتباه والشك في كونهم من كثير السفر أم لا فالأحوط وجوباً لهم الجمع بين القصر والتمام.
السؤال2: الحملدارية الذين يمارسون عملهم في أوان الحج ويتكرر منهم السفر إلى العتبات المقدسة في العراق وايران وسوريا عدة مرات في السنة ايضاً وفي كل مرة يستغرق السفر ما بين عشرة ايام إلى اسبوعين فما هو حكمهم في الصلاة والصيام؟
الجواب: حكمهم في مفروض السؤال اتمام الصلاة ويصح منهم الصوم ايضاً.
* مرّ شؤون أخرى للصلاة في تضاعيف الفروع السابقة(منها) حكم اهداء ثواب الصلاة وغيرها إلى الوالدين غير المسلمين(في ذيل المسألة 109)
6- سائر أحكام المساجد والأمكنة في الحجّ
1- فرع في خروج المعتكف من المسجد الحرام لاداء الاعمال
السؤال: إذا قصد الاعتكاف في المسجد الحرام أيجوز ان يحرم من التنعيم قبل أذان الفجر ويأتي بالاعمال في حال الاعتكاف مع ان المسعى خارج من المسجد؟
الجواب: خروجه من المسجد لاجل الاتيان بالسعي لا بد ان يكون عن حاجة لا بد منها كأن يكون بقاؤه في حال الإحرام طيلة ايام الاعتكاف حرجياً عليه وشاقاً.
2- فرع في دعاء الحائض في مقام جبرائيل بالمسجد النبوي
السؤال: في بعض النصوص ما يستفاد منه محبوبية الدعاء عند مقام جبرائيل للمرأة الحائض، فما هو المقصود بالحائض وهل هذا استثناء من عموم الحكم بحرمة دخول الحائض في المسجد النبوي الشريف؟
الجواب: المستفاد من معتبرة عمر بن يزيد وكذلك صحيحة معاوية بن عمار ان مقام جبرئيل عليه السلام كان يقع في خارج المسجد، فكان يجوز للحائض - أي ذات الدم - ان تقف فيه وتدعو لينقطع عنها الدم حتى يتسنى لها دخول المسجد.
3- فرع في استعمال دورات المياه المبنية في توسعة مسجد القبلتين
السؤال: مسجد القبلتين في المدينة المنورة شملته التوسعة الحديثة فجعلوا من الدور الأرضي كله دورات للمياه واصبح المسجد فوق الدور الأرضي فما هو حكم التخلي في دورات المياه فيه؟
الجواب: إذا كانت دورات المياه في الطابق الأرضي من ارض المسجد سابقاً لم يجز استعمالها لذلك.
4- فرعان في منذورات المساجد والمراقد الشريفة
السؤال1: ما يصنع بمنذورات الحرمين الشريفين وما هو مصرف ما نذر للكعبة المقدسة وضريح الرسول الاعظم(صلى الله عليه وآله وسلم) والبقيع؟
الجواب: يصرف في الحجّاج والزوّار المحتاجين.
السؤال2: شخص نذر مبلغاً من المال للمساجد السبعة في المدينة المنورة وقد تحقق المعلق عليه ولا يعرف كيف يفي بنذره لعدم التمكن من إيصال المال لما يعود بالفائدة على المساجد المذكورة فما هو تكليفه؟
الجواب: يصرف في معونة روادها ممن قصرت نفقتهم أو تعرضوا لطارئ آخر.
5- فروع في الأخذ من الأماكن(من أستار الكعبة أو أحجار الصفا والمروة وكسرها أو أجزاء من جبل عرفة والمزدلفة ومنى)
السؤال1: من أخذ شيئاً من أستار الكعبة المشرفة فهل يلزمه إرجاعه ولمن يرجعه؟
الجواب: إذا أعطي له من قبل المسؤولين عن شؤون الكعبة المعظمة جاز له الإستفادة منه ببيعه أوهبته أو جعله مصلى أو تغليف مصحفه به ونحو ذلك وأما إذا أخذه اختلاساً ونحوه فالأحوط لزوماً مراجعة المسؤولين هناك بشأنه.
السؤال2: هل يجوز الأخذ من أحجار الصفا والمروة أو كسرها؟
الجواب: لا يجوز الكسر، واما أخذ الاجزاء المنفصلة منهما بكسر أو غيره فلا بأس به في حد ذاته.
السؤال3: هل يجوز ان يأخذ الحاج اجزاءاً من جبل عرفة أو حصى المزدلفة أومن منى أومن جبلي الصفا والمروة ويذهب بها إلى بلاده بقصد التبرك؟
الجواب: يجوز في حد ذاته.