الكتب الفتوائية » الفقه للمغتربين
البحث في:
الشؤون الطبية ←
→ العمل وحركة رأس المال
العلاقات الإجتماعية
الفصل الخامس: العلاقات الإجتماعية
ـ مقدمة
ـ بعض الأحكام المتعلقة بالعلاقات الإجتماعية
ـ بعض الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث الشريفة الناظرة للعلاقات الإجتماعية
ـ إستفتاءات تخصّ العلاقات الإجتماعية
لكل مجتمع ظروفه الاجتماعية الخاصة به ، وله تقاليده وأعرافه وقيمه وعاداته ، وطبيعي أن تختلف ظروف وقيم وعادات المجتمعات في بلد المهجر عن ظروف وقيم وعادات مجتمعاتنا الإسلامية ، مما يجعل المسلم في تساؤل مستمرعمّا يجوزله فعله وما لا يجوز ، وهو يعيش ضمن هذه المجتمعات الجديدة ذات القيم المتباينة مع قيم مجتمعه الذي ولد فيه وعاش.
هذا من جهة ، ومن جهة أخرى فإن العيش في مجتمعات ذات قيم غريبة تفرض على المهاجرين اليها من أبناء المجتمعات الإسلامية مقاومة الإنصهار في بوتقة القيم الطارئة وحماية أنفسهم وأبنائهم من الذوبان التدريجي فيها ، مما يتحتم عليهم بذل جهود إضافية لتحصين أنفسهم وعوائلهم وأبنائهم من اَثارها المدمرة.
لذا أفضل أن أبيِّن هنا الأحكام الشرعية التالية :
م ـ 294 : صلة الرحم واجبة على المسلم ، وقطيعته من الكبائر ، وإذا كانت صلة الرحم واجبة وقطيعته من الكبائر التي توعّد الله عليها النار ، فإن شدة الحاجة الى صلة الرحم في الغربة أهمَّ ، ومراعاتها أولى في بلدان يقلَّ فيها الإخوان ، وتتفكك فيها العوائل ، وتتاَكل فيها الأواصر الدينية ، وتطغى عليها قيم المادة.
وقد نهى الله سبحانه وتعالى عن قطيعة الرحم فقال في محكم كتابه الكريم(فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمَّهم وأعمى أبصارهم )(1).
وقال الإمام علي (عليه السلام ) «إنَّ أهل البيت ليجتمعون ويتواسون وهم فجرة فيرزقهم الله ، وإن أهل البيت ليتفرقون ويقطع بعضهم بعضا فيحرمهم الله وهم أتقياء »(2).
وروي عن الإمام الباقر (عليه السلام )) أنه قال : «في كتاب علي ثلاث خصال لا يموت صاحبهن أبداً حتى يرى وبالهن : البغي وقطيعة الرحم ، واليمين الكاذبة يبارز الله بها ، وإن أعجل الطاعة ثواباً لَصلةُ الرحم ، إن القوم ليكونون فجَّاراً فيتواصلون فتنمى أموالهم ويثرون ، وإن اليمين الكاذبة وقطيعة الرحم لتذران الديار بلاقع من أهلها»(3).
م ـ 295 : تحرم قطيعة الرحم ، حتى لو كان ذلك الرحم قاطعا للصلة تاركا للصلاة ، أو شاربا للخمر ، أو مستهينا ببعض أحكام الدين ، كخلع الحجاب وغير ذلك بحيث لا يجدي معه الوعظ والإرشاد والتنبيه ، شرط أن لا تكون تلك الصلة موجبة لتأييده على فعل الحرام.
قال نبينا الكريم محمد (صلى الله علىه وسلم): «أفضل الفضائل : أن تصل من قطعك ، وتعطي من حرمك ، وتعفوعمن ظلمك »(4).
وقال (صلى الله عليه وسلم ) : «لا تقطع رحمك وان قطعك »(5).
م ـ 296 : لعل أدنى عمل يقوم به المسلم لصلة أرحامه مع الامكان والسهولة ، هو أن يزورهم فيلتقي بهم ، أو أن يتفقد أحوالهم بالسؤال ، ولو من بعد.
قال نبينا الكريم محمد (صلى الله عليه وسلم) «إنَّ أعجل الخير ثوابا صلة الرحم »(6).
وقال أمير المؤمنين (علىه السلام) : «صلوا أرحامكم ولو بالتسليم ، يقول الله سبحانه وتعالى( واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إنَّ الله كان عليكم رقيبا)(7)».
وعن الإمام الصادق (علىه السلام) : «إن صلة الرحم والبرِّ ليهوّنان الحساب ويعصمان من الذنوب ، فصلوا أرحامكم وبرّوا باخوانكم ، ولو بحسن السلام ورد الجواب »(8).
م ـ 297 : أشد أنواع قطيعة الرحم عقوق الوالدين الذين أوصى الله عزّ وجلّ ببرّهم والإحسان اليهم ، قال عزّ من قاثل في كتابه الكريم: (وقضى ربك ألأ تعبدوا إلا إيَّاه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أفّ ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما)(9).
وقال الإمام (علىه السلام) : «أدنى العقوق أف ، ولو علم الله عز وجلَّ شيئا أهون منه لنهى عنه »(10) وقال الإمام أبو جعفر (عليه السلام ): «إنّ أبي (عليه السلام ) نظر الى رجل ومعه ابنه يمشي والابن متكىء على ذراع الأب ، فما كلّمه أبي مقتا حتى فارق الدنيا»(11).
وقال الإمام جعفر الصادق (علىه السلام) : «من نظر الى أبويه نظر ماقت وهما ظالمان له لم يقبل الله له صلاة» (12)، وغير هذه الأحاديث كثير(13).
م ـ 298 : وفي مقابل ذلك ( برُ الوالدين) فهو من أفضل القربات لله تعالى ، قال عزَّ من قائل في كتابه الكريم : ( واخفض لهما جناح الذلِّ من الرحمة وقل ربّ ارحمهما كما ربياني صغيرا )(14).
وروى إبراهيم بن شعيب قال: «قلت لأبي عبد الله (علىه السلام) إنَّ أبي قد كبر جدا وضعف فنحن نحمله إذا أراد الحاجة ، فقال : إن استطعت أن تلي ذلك منه فافعل ولقِّمه بيدك فإنَّه جنُة لك غدا»(15).
وقد ورد في الأحاديث الشريفة التأكيد على صلة الأم قبل الأب ، فعن الإمام الصادق (عليه السلام ) أنه قال : «جاء رجل الى النبي محمد (صلى الله علىه وسلم)فقال : يارسول الله من أبر؟ قال أمك ، قال : ثم من؟ قال : أمك ، قال : ثم من؟ قال أمك ، قال : ثم من؟ قال : أباك »(*) ، (أنظر الإستفتاءات الملحقة بهذا الفصل).
م ـ 299 : ورد في بعض الروايات حق لكبير الأخوة على صغيرهم يحسن مراعاته وحفظه والاهتمام به شداً لعرى التكاتف والتآزر والتوادد داخل الأسرة الواحدة ، وضمانا لديمومتها متماسكة قوية في الظروف الاستثنائية التي ربما تمر بها فقد روي عن النبي محمد (صلى الله علىه وسلم)قوله : «حق كبير الأخوة على صغيرهم كحق الوالد على ولده »(16).
م ـ 300 : لا يجوز لغير ولي الطفل أو المأذون من قبله أن يضرب الطفل لتأديبه إذا ارتكب فعلاً محرماً أو سبَّب أذى للآخرين ، ويجوز للولي وللمأذوِن من قبله أن يضرب الطفل للتأديب ضربا خفيفا غير مبرح لا يؤدي الى إحمرار جلد الطفل ، بشرط أن لا يتجاوز ثلاث ضربات ، وذلك فيما إذا توقف التأديب عليه ، وعليه فلا يحق للأخ الشاب أن يضرب أخاه الطفل إلا إذا كان ولياً أو مأذونا من قبل الولي ، ولا يجوز ضرب التلميذ في المدرسة بدون إذن وليه أو المأذون من قبله بتاتا (أنظر الإستفتاءات الملحقة بهذا الفصل).
م ـ 301: الأحوط وجوباً عدم ضرب البالغ مطلقاً.
مـ 302 : توقير الشيخ الكبير : دعانا النبي الكريم محمد (صلى الله علىه وسلم)الى توقير الشيخ الكبير وإجلاله فقال (صلى الله علىه وسلم): «من عرف فضل شيخ كبيرفوقره لسنه اَمنه الله من فزع يوم القيامة(17)».
وقال (صلى الله علىه وسلم)أيضاً : «من تعظيم الله عزّ وجلّ إجلال ذي الشيبة المؤمن (18)»
م ـ 303 : ورد في العديد من الروايات الشريفة عن النبي (صلى الله علىه وسلم)والأئمة (عليهم السلام ) الحث الشديد على التزاور ، والتالف ، والمودة بين المؤمنين ، وإدخال السرور على قلوبهم ، وقضاء حوائجهم ، وعيادة مرضاهم ، وتشييع جنائزهم ، ومواساتهم في السراء والضراء ، قال الإمام الصادق (عليه السلام ): «من زار أخاه في الله قال الله عز وجل إياي زرت ، وثوابك عليّ ، ولست أرضى لك ثوابا دون الجنة»(19).
وقال (عليه السلام ) لخيثمة : «أبلغ موالينا السلام ، وأوصهم بتقوى الله العظيم ، وأن يعود غنيهم على فقيرهم ، وقويهم على ضعيفهم ، وأن يشهد حيهم جنازة ميتهم ، وأن يتلاقوا في بيوتهم»(20).
م ـ 304 : حق الجوار قريب من حق الرحم ، يستوي في ذلك الحق الجار المسلم والجار غير المسلم ، فقد أثبت رسول الله (صلى الله علىه وسلم)للجارغير المسلم هذا الحق حيث قال (صلى الله علىه وسلم): «الجيران ثلاثة : فمنهم من له ثلاث حقوق : حق الإسلام ، وحق الجوار ، وحق القرابة ، ومنهم له حقان : حق الإسلام ، وحق الجوار ، ومنهم من له واحد : «الكافر له حق ا لجوار(21)».
وقال (صلى الله علىه وسلم): «أحسن مجاورة من جاورك تكن مؤمناً»(22).
وقد أوصى الإمام علي الإمامين الحسن والحسين بالجيران بعدما ضربه اللعين ابن ملجم فقال (علىه السلام) : «الله الله في جيرانكم فإنهم وصية نبيكم ما زال يوصي بهم حتى ظننا أنه سيورثهم (23)» .
وقال الإمام الصادق (عليه السلام ): «ملعون ملعون من اَذى جاره »(24) ، وقال (عليه السلام ): «ليس منا من لم يحسن مجاورة من جاوره » (25)، (أنظر الإستفتاءات الملحقة بهذا الفصل).
م ـ 305 : من صفات المؤمنين الصالحين التحلي بمكارم الأخلاق تأسِّياً بالنبي الكريم محمد (صلى الله علىه وسلم)الذي وصفه الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم بقوله ( وإنك لعلى خلق عظيم )(26).
فقد قال رسول الله (صلى الله علىه وسلم)«ما يوضع في ميزان يوم القيامة أفضل من حسن الخلق » (27)، وروي أنه قيل له (صلى الله عليه وسلم ) «أي المؤمنين أفضلهم إيمانا؟ قال : أحسنكم خلقا»(28).
م ـ 306 : ومن صفات المؤمنين الصالحين كذلك : الصدق في القول والعمل ، والوفاء بالوعد ، فقد أثنى الله سبحانه وتعالى على نبيه إسماعيل (عليه السلام ) فقال فيه : ( إنَّه كان صادق الوعد وكان رسولاً نبيا (29)).
وقال الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم ) : « من كان يؤمن بالله وباليوم الاخر فليفِ إذا وعد»(30).
وتبدو أهمية الصدق والوفاء بالوعد إذا عرفنا أن كثيرا من غير المسلمين يحكمون على الإسلام من خلال سلوك المسلمين ، فما أكثر ما أحسن مسلم عرض إسلامه لغير المسلمين من خلال سلوكه الحسن ، وما أكثر ما أساء مسلم لإسلامه من خلال سلوكه السيء.
م ـ 307: من صفات المرأة الصالحة عدم إيذاء زوجها والإساءة اليه وازعاجه ، ومن صفات الزوج الصالح عدم إيذاء زوجته والإساءة اليها وإزعاجها ، قال رسول الله (صلى الله علىه وسلم): «من كانت له امرأة تؤذيه لم يقبل الله صلاتها ولا حسنة من أعمالها حتى تعينه وترضيه وإن صامت الدهر وقامت ، وأعتقت الرقاب وأنفقت الأ موال في سبيل الله وكانت
أول من ترد النار» ، ثم قال (صلى الله علىه وسلم): «وعلى الرجل مثل ذلك الوزر والعذاب إذا كان مؤذيا ظالما»(31).
م ـ 308 : يحق للمسلم أن يتخذ معارف وأصدقاء من غير المسلمين ، يخلص لهم ويخلصون له ، ويستعين بهم ويستعينون به على قضاء حوائج هذه الدنيا ، فقد قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم : (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبرُّوهم وتُقسطوا اليهم إنَّ الله يحبُّ المقسطين)(32).
إن صداقات كهذه إذا استثمرت استثمارا جيداً كفيلة بأن تعرف الصديق غير المسلم ، والجار غير المسلم ، والرفيق ، والشريك ، على قيم وتعاليم الإسلام فتجعله أقرب لهذا الدين القويم مما كان عليه من قبل ، فقد قال رسول الله (صلى الله علىه وسلم)لعلي (عليه السلام ): «لئن يهدي الله بك عبداً من عباده خيرلك مما طلعت عليه الشمس من مشارقها الى مغاربها»(33) ، (أنظر الإستفتاءات الملحقة بهذا الفصل ).
م ـ 309: يجوز تهنئة الكتابيين من يهود ومسيحيين وغيرهم ، وكذلك غير الكتابيين من الكفار ، بالمناسبات التي يحتفلون بها أمثال : عيد رأس السنة الميلادية ، وعيد ميلاد السيد المسيح (عليه السلام ) ، وعيد الفصح.
م ـ 310 : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان عباديان على كل مؤمن ومؤمنة متى ما توفرت شروطهما ، قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم : (ولتكن منكم أمة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون )(34).
وقال جلَّ وعلا : (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر)(35).
وقال نبينا الكريم محمد (صلى الله علىه وسلم): «لا تزال أمتي بخير ما أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر وتعاونوا على البر ، فاذا لم يفعلوا ذلك نزعت عنهم البركات ، وسلط بعضهم على بعض ، ولم يكن لهم ناصر في الأرض ولا في السماء»(36).
وروي عن الإمام جعفر بن محمد الصادق (علىه السلام ) عن جده رسول الله (صلى الله علىه وسلم)قوله : «كيف بكم إذا فسدت نساؤكم وفسق شبابكم ، ولم تأمروا بالمعروف ولم تنهوا عن المنكر؟ فقيل له : ويكون ذلك يارسول الله؟ فقال : نعم وشر من ذلك ، كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر ونهيتم عن المعروف؟ فقيل له يارسول الله ويكون ذلك؟ قال : نعم وشرٌّ من ذلك ، كيف بكم إذا رأيتم المعروف منكرا والمنكر معروفا »(37) .
«وهذان الواجبان يتأكدان أكثر إذا كان تارك المعروف أو فاعل المنكر واحدا من أهلك ، فقد تجد بين أهلك من يتسامح ببعض الواجبات أو يتهاون ، قد تجد فيهم من لا يتوضأ بالشكل الصحيح ، ولا يتيمم بالشكل الصحيح ، ولا يغتسل غسل الجنابة بالشكل الصحيح ، ولا يطهر جسده وملابسه بالشكل الصحيح ، ولا يقرأ السورتين والأذكار الواجبة في الصلاة بالشكل الصحيح ، ولا يخمِّس ماله ولا يزكيه وماله متعلق للخمس أو الزكاة.
قد تجد في أهلك مثلا من يرتكب بعض المحرمات ، يمارس العادة السرية مثلا ، أويلعب القمار ، أويستمع الى الغناء ، أويشرب الخمر ، أويأكل الميتة ، أو يأكل أموال الناس بالباطل ، أو يغشّ ، أويسرق.
قد تجدفي النساء من أهلك من لا تتحجب ، ولا تغطي شعرها ، وقد تجد فيهن من لا تزيل أثر صبغة الأظافر عن أظافرها عندما تتوضأ أو تغتسل.
قد تجد فيهن من تتعطر لغير زوجها من الرجال ، ومن لا تستر شعرها وجسدها عن أنظار ابن عمها أو ابن عمتها ، أو ابن خالها ، أو ابن خالتها ، أو أخي زوجها ، أو صديقه ، بحجة أنه يعيش معها في بيت واحد فهو كأخيها ، أو غير ذلك من الأعذار الواهية الأخرى.
قد تجد في أهلك من يكذب ، ويغتاب ، ويعتدي على الآخرين ، ويبذر أمواله ، ويعين الظالمين على ظلمهم ، ويؤذي جاره ، قد تجد .. وتجد .. وتجد.
إذا وجدت شيئا من ذلك فأمر بالمعروف ، وانه عن المنكر ، مبتدئا بالمرتبتين الأولى والثانية .. إظهار الكراهة والإنكار باللسان ، منتقلا إذا لم ينفع ذلك الى المرتبة الثالثة بعد استحصال الإذن من الحاكم الشرعي ، وهي اتخاذ الإجراءات العملية متدرجا فيها من الأخفِّ الى الأ شد»(38).
وإذا كان جاهلأ بالحكم الشرعي وجب عليك تعليمه الحكم وحثه على الالتزام به.
م ـ 311: مداراة الناس ، كل الناس ، من المستحبات الشرعية التي حث عليها ديننا القويم ، فقد قال رسول الله (صلى الله علىه وسلم)«أمرني ربي بمداراة الناس كما أمرني بأداء الفرائض » ، وقال (صلى الله علىه وسلم)أيضاً « ثلاث من لم يكن فيه لم يتم له عمل : درع يحجزه عن معاصي الله ، وخلق يداري به الناس ، وحلم يرد به جهل الجاهل (39)».
وليست مدارة الناس مقصورة على المسلمين وحدهم دون سواهم فقد ورد عن الإمام علي (علىه السلام) أنه صاحب رجلاً من غيرالمسلمين جمعهما طريق مشترك نحو الكوفة ، وحين وصل الرجل غير المسلم الى نقطة يفترق طريقه بها عن طريق أمير المؤمنين (علىه السلام) مشى معه أميرالمؤمنين هنيئة ليشيعه قبل افتراقه عنه ، فسأله الرجل عن ذلك ، فأجابه (علىه السلام) «هذا من تمام الصحبة ، أن يشيع الرجل صاحبه هنيئة إذا فارقه وكذ لك أمرنا نبينا» (40)، فأسلم الرجل لذلك.
ومن طريف ما رواه الشعبي عن عدل أمير المؤمنين مع رعاياه من غير المسلمين قال : «خرج علي بن أبي طالب رضي الله عنه الى السوق فإذا هو بنصراني يبيع درعاً ، قال : فعرف علي رضي الله عنه الدرع ، فقال : هذه درعي ، بيني وبينك قاضي المسلمين ، قال : كان قاضي المسلمين شريح ، كان علي استقضاه ... فقال شريح : ما تقول يا أمير المؤمنين ، قال : فقال علي رضي الله عنه : هذه درعي ذهبت مني منذ زمان ، قال : فقال شريح : ما تقول يا نصراني؟ قال : فقال النصراني : ما أكذب أمير المؤمنين ، الدرع هي درعي ، قال : فقال شريح : ما أرى أن تخرج من يده ، فهل من بيّنة؟ فقال علي رضي الله عنه : صدق شريح ، قال : فقال النصراني : أما أنا أشهد أن هذه أحكام الأنبياء ، أمير المؤمنين يجيء الى قاضيه ، وقاضيه يقضي عليه ، هي والله يا أمير المؤمنين درعك اتبعتك من الجيش وقد زالت عن جملك الأورق فأخذتها ، فإني أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله ، قال : فقال علي : أمّا إذا أسلمت فهي لك ، وحمله على فرس عتيق ، فقال الشعبي : لقد رأيته يقاتل المشركين ، هذا لفظ حديث أبي زكريا (41)» .
كما ورد عن أمير المؤمنين (علىه السلام) ما يعدُّ سبقاً تاريخياً لقوانين الضمان الاجتماعي المعمول بها في الدول الغربية الآن ، حيث لم يميز (عليه السلام ) بين المسلم وغيره في دولة الإسلام ، يقول الراوي : «مرّ شيخ مكفوف كبير يسأل ، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام ) ) ما هذا؟ فقالوا : يا أمير المؤمنين : نصراني ، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام ) : تستعملوه حتى إذا كبر وعجز منعتموه ، أنفقوا عليه من بيت المال (42)».
كما ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام ) قوله «وإن جالسك يهودي فأحسن مجالسته »(43) .
م ـ 312 : للإصلاح بين الناس ، وحل خلافاتهم ، وتحبيب بعضهم لبعض ، وردم شقة الخلاف بينهم ، ثواب عظيم ، فكيف إذا كان ذلك الإصلاح في بلد الغربة حيث النأي عن الديار والأهل والمعارف والأحباب ، فقد أوصى الإمام علي (عليه السلام ) ولديه الإمامين الحسن والحسين (عليه السلام ) قبيل وفاته بعدما ضربه الخارجي ابن ملجم المرادي بوصايا عدة منها : تقوى الله ، ونظم الأمر ، وصلاح ذات البين ، فقال : (عليه السلام ) «أوصيكما وجميع ولدي وأهلي ومن بلغه كتابي بتقوى الله ونظم أمركم وصلاح ذات بينكم فإني سمعت جدكما (صلى الله علىه وسلم)يقول : صلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة والصيام »(44).
م ـ 313: النصيحة ، أو إرادة بقاء نعمة الله على الأخوان المؤمنين ، وكراهة وصول الشرِّ إليهم ، والسعي لإرشادهم إلى ما فيه سعادتهم وخيرهم ومصلحتهم ، من الأعمال المحبوبة لله عز وجل ، والأ خبار والروايات الواردة في النصيحة والحاثّة عليها أكثر من أن تحصى ، من ذلك ما قاله رسول الله (صلى الله علىه وسلم)«إن أعظم الناس منزلة عند الله يوم القيامة أمشاهم في أرضه بالنصيحة لخلقه »(45).
وروي عن الإمام الباقر (عليه السلام ) أنه قال : «قال رسول الله (صلى الله علىه وسلم)لينصح الرجل منكم أخاه كنصيحته لنفسه »(46).
وقال الإمام الصادق (عليه السلام ): «يجب للمؤمن على المؤمن النصيحة له في المشهد والمغيب »(47).
وقال (عليه السلام ) «عليك بالنصح لله في خلقه فلن تلقاه بعمل أفضل منه »(48).
م ـ 314: التجسس ، أو تتبع ما استتر من أمور المسلمين للاطلاع عليه ، وهتك الأمور التي سترها أهلها ، محرم في الشريعة الإسلامية ، قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم ( يا أيها الذين اَمنوا اجتنبوا كثيراً من الظنِّ إن بعض الظنِّ إثم ولا تجسسوا(49)).
يقول إسحاق بن عمار أحد أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام ): «سمعت أبا عبد الله (عليه السلام ) يقول : قال رسول الله (صلى الله علىه وسلم): يا معشر من أسلم بلسانه ولم يخلص الايمان إلى قلبه لا تذموا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فإن من تتبع عوراتهم تتبع الله عورته ، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في بيته (50)».
م ـ 315 : الغيبة وهي «أن يذكر المؤمن بعيب في غَيبته ، سواء أكان بقصد الانتقاص أم لم يكن ، وسواء أكان العيب في بدنه ، أم في نسبه ، أم في خلقه ، أم في فعله ، أم في قوله ، أمِ في دينه ، أم في دنياه ، أم في غير ذلك ، مما يكون عيباً مستوراً عن الناس ، كما لا فرق في الذكر بين أن يكون بالقول ، أم بالفعل الحاكي عن وجود العيب »(51)
وقد ذمّها الله عزَّ وجل في كتابه الكريم وصوّرها في صورة تقشعر منها النفوس والأبدان ، فقال جل وعلا (ولا يغتب بعضكم بعضاً أيحبُّ أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه )(52).
وقال (صلى الله علىه وسلم): «إياكم والغيبة فإن الغيبة أشد من الزنا ، فإن الرجل قد يزني فيتوب إلى الله ، فيتوب الله عليه ، وصاحب الغيبة لا يغفرله حتى يغفر له صاحبه (53)» .
ولا يحسن بالمؤمن أن يستمع إلى غيبة أخيه المؤمن ، بل « قد يظهر من الروايات عن النبي والأئمة عليهم أفضل الصلاة والسلام أنه : يجب على سامع الغيبة أن ينصر المغتاب ويرد عنه ، وأنه إذا لم يرد ، خذله الله تعالى في الدنيا والآخرة ، وأنه كان عليه كوزر من اغتاب (54)»
م ـ 316 : وحين يرد ذكر الغيبة يرد في ذهن المؤمن عادة مصطلح شرعي اَخر حرمه الإسلام كذلك ، وشدّد بالنكير على فاعليه صيانة للمجتمع من التفكك وهو (النميمة) ، كأن يقال لشخص ما : فلان تكلم فيك بكذا وكذا ، مكدِّراً صفو العلاقات بين المؤمنين أو معمِّقاً درجة الكدر بينهم.
وقد ورد عن رسول الله (صلى الله علىه وسلم)قوله : «ألا أنبئكم بشراركم؟ قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : المشاؤون بالنميمة ، المفرقون بين الأحبة»(55).
وقال الإمام الباقر (عليه السلام ) «الجنة محرمة على المغتابين المشائين بالنميمة»(56).
وقال الامام الصادق (عليه السلام ): «لا يدخل الجنة سفاك للدماء ، ولا مدمن للخمر ، ولا مشاء بنميم » (57).
م ـ 317 : سوء الظن : نهانا الله سبحانه وتعالى عن سوء الظن ، فقال في محكم كتابه الكريم (يا أيها الذي اَمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم)(58).
وبموجب هذه الآية القراَنية الكريمة لا يحلُّ للمؤمن أن يظن بأخيه الظن السيء دون دليل واضح ، وبيّنة وبرهان ، فدخائل النفوس لا يعلمها إلاّ الله سبحانه وتعالى ، وما دام يمكن حمل فعل المؤمن على الصحة فإنا نحمله على الصحة حتى يثبت لنا غيرذلك.
يقول الإمام علي (عليه السلام ) «ضع أمر أخيك على أحسنه حتى يأتيك ما يغلبك منه ، ولا تظنَن بكلمة خرجت من أخيك سوءً ، وأنت تجد لها في الخيرمحملا»(59)
م ـ 318 : الإسراف والتبذير : سلوكان ذمهما الله سبحانه وتعالى ، فقال عزَّ من قائل : (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين)(60).
وقال جلّ وعلا في ذمِّ المبذرين (إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا)(61).
وقد كتب الإمام علي (عليه السلام ) كتاباً لزياد فيِ ذم الإسراف جاء فيه قوله (عليه السلام ) «فدع الإسراف مقتصداً ، واذكر في اليوم غدا ، وامسك عن المال بقدر ضرورتك ، وقدِّم الفضل ليوم حاجتك ، أترجو أن يعطيك الله أجر المتواضعين وأنت عنده من المتكبرين ، وتطمع ، وأنت متمرغ في النعيم تمنعه الضعيف والأرملة ، أن يوجب لك ثواب المتصدقين؟ وإنما المرء مجزي بما أسلف وقادم على ما قدم(62) ».
م ـ 319 : الإنفاق في سبيل الله : حثنا الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم على الإنفاق في سبيله ووصفه بأنه تجارة لن تبور ، فقال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم : (إن الذينِ يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سراً وعلانية يرجون تجارة لن تبور ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفورشكور)(63) ، وقال جلّ وعلا في سورة أخرى (من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه له وله أجر كريم ، يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم)(64)
وذكّرنا الله سبحانه وتعالى في اَية ثالثة بالإسراع في الإنفاق قبل فوات الأوان فقال : (وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول ربِّ لولا أخَّرتني الى أجل قريب فأصَّدَّق وأكن من الصالحين ولن يؤخر الله نفسأ إذا جاء أجلها والله خبيربما تعملون (65)
ثم بيّن لنا سبحانه تعالى مصيرأولئك الذين يجمعون المال فوق المال فيكنزونه ولا ينفقونه في سبيل الله ، فوصفه بما يرهب ويخيف ، فقال في محكم كتابه المجيد (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم ، يوم يحمى عليها في نارجهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون)(66)
وقد مثّل الإمام علي (عليه السلام ) مبادئ الإسلام العظيمة وجسّدها فأنفق ما وسعته يداه زهداً في هذه الدنيا الفانية وإعراضاً عن زخرفها وزينتها يوم كانت تحت يده موارد بيت مال المسلمين بأجمعها ، فقال أمير المؤمنين واصفاً حاله «ولو شئت لاهتديت الطريق الى مصفّى هذا العسل ، ولباب هذا القمح ، ونسائج هذا القزّ ، ولكن هيهات أن يغلبني هواي ، ويقودني جشعي ، الىَ تخَير الأطعمة ، ولعل بالحجاز أو اليمامة من لا طمع له في القرص ، ولا عهد له بالشبعِ. أوَأبيت مبطاناً ، وحولي بطون غرثى ، وأكباد حرَّى ، أو أكون كما قال القائل :
وحسبك داء أن تبيت ببطنة وحولك أكباد تحنُّ الى القدّ(67)»
وقد وردت أحاديث عن النبي (صلى الله علىه وسلم)والأ ئمة (عليه السلام ) تصرِّح بآثار ومنافع يجنيها المنفق ، وهو بعد في دار الدنيا ، زيادة على ما ينتظره من عظيم الأجر (يوم لا ينفع مال ولا بنون).
فمما يجنيه المنفق ، الرزق ، قال النبي (صلى الله علىه وسلم): «استنزلوا الرزق بالصدقة»(68)
ومما يجنيه ، علاج المرض ، فعن النبي (صلى الله علىه وسلم)أنه قال : «داووا مرضاكم بالصدقة»(69)
ومما يجنيه المنفق ، زيادة العمر ، ودفع ميتة السوء ، فعن الإمام الباقر (عليه السلام ) أنه قال «إن البرَّ والصدقة ينفيان الفقر ويزيدان العمر ويدفعان عن صاحبهما سبعين ميتة من السوء»(70)
ومما يجنيه ، قضاء الدين ، والبركة ، فعن الإمام الصادق (عليه السلام ) أنه قال «إن الصدقة تقضي الدين وتخلِّف البركة (71)»
ومما يجنيه المتصدق ، حسن الخلافة على أولاده ، فعن الإمام الصادق (عليه السلام ) أنه قال «ما أحسن عبد الصدقة في الدنيا إلاّ أحسن الله الخلافة على ولده من بعده (72)»
كما قال الإمام الباقر (عليه السلام ) «ولأن أعول أهل بيت من المسلمين وأشبع جوعتهم وأكسو عريهم وأكف وجوههم عن الناس أحبُّ إليَّ من أن أحج حجة وحجة وحجة ، حتى انتهى الى عشرة مثلها ، ومثلها حتى انتهى الى سبعين (73)».
والإنفاق في سبيل الله باب واسع لا تلمُّ جوانبه هذه العجالة(74).
------------------------------
م ـ 320 : حث رسول الله (صلى الله علىه وسلم)أرباب الأسر على حمل الهدايا الى عيالهم وإدخال السرور على قلوبهم بها ، فقد روى ابن عباس أن رسول الله (صلى الله علىه وسلم)قال : «من دخل السوق ، فاشترى تحفة ، فحملها الى عياله ، كان كحامل صدقة الى قوم محاويج »(75).
م ـ 321: من الأمور التي دعت اليها الشريعة الإسلامية وحثت عليها ، مسألة الاهتمام بأمور المسلمين ، فقد قال رسول الله (صلى الله علىه وسلم)«من أصبح ولم يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم (76)»
وقال (صلى الله علىه وسلم)أيضاً «من أصبح لا يهتم بأمور المسلمين فليس منهم(77) »
وهناك أحاديث أخر لا يسع المجال لذكرها هنا(78).
وهذه بعض الإستفتاءات الخاصة بهذا الفصل وأجوبة سماحة سيدنا (دام ظله) عنها:
م ـ 322 : هل يجوز السير في موكب جنازة غير مسلم لتشييعه ، إذا كان جاراً مثلا؟
* إذا لم يكن هو ، ولا أصحاب الجنازة ، معروفين بمعاداتهم للإسلام والمسلمين ، فلا بأس بالمشاركة في تشييعه ، ولكن الأفضل المشي خلف الجنازة ، لا أمامها.
م ـ 323: هل يجوز تبادل الودِّ والمحبة مع غير المسلم ، إذا كان جاراً أو شريكاً في عمل أو ماشابه؟
* إذا لم يكن يظهر المعاداة للاسلام والمسلمين بقول أو فعل ، فلا بأس بالقيام بما يقتضيه الودّ والمحبة من البر والإحسان اليه ، قال تعالى (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا اليهم إن الله يحب المقسطين ).
م ـ 324 : هل يجوز دخول أصحاب الديانات السابقة من الكتابيين ، ودخول الكفار من غيرهم ، المساجد ودور العبادة الإسلامية؟ وهل يجب علينا إلزام غير المحجبات بارتداء الحجاب ، ثم الدخول إذا كان دخولهن جائزاً؟
* لا يجوز على الأحوط دخولهم في المساجد ، وأما دخولهم في دور العبادة وغيرها ، فلا بأس به ، وتلزم النساء بالتحجب ، إذا لزم من تركه الهتك.
م ـ 325 : هل يجوز إزعاج الجار اليهودي ، أو الجار المسيحي ، أو الجار الذي لا يؤمن بدين أصلاً؟
* لا يجوز إزعاجه من دون مبرّر.
م ـ 326 : هل يجوز التصدق على الكفار الفقراء كتابيين كانوا أو غير كتابيين؟ وهل يثاب المتصدِّق على فعله هذا؟
* لا بأس بالتصدق على من لم ينصب العداوة للحق وأهله ، ويثاب المتصدِّق على فعله ذلك.
م ـ 327 : هل يجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إذا كان المأمور ليس موالياً لأهل البيت (عليه السلام ) ، أو كان من الكتابيين الذين يحتمل التأثير فيهم مع الأمن من الضرر؟
* نعم يجبان مع توفر بقية شروط وجوبهما ، ومنها أن لا يكون الفاعل معذوراً في ارتكاب المنكر أو ترك المعروف ، ومن غير المعذور الجاهل المقصر فيرشد الى الحكم أولاً ، ثم يؤمر أو ينهى إن أراد مخالفته.
هذا ولو كان المنكر مما أحرز أن الشارع لا يرضى بوقوعه مطلقاً ، كالإفساد في الأرض وقتل النفس المحترمة ونحو ذلك ، فلا بدَّ من الردع عنه ، ولو كان الفاعل جاهلاً قاصراً.
م ـ 328 : مدرسة أوربية في ملاكها مدرسون لا يؤمنون بدين ينكرون أمام التلاميذ وجود الله ، فهل يجوز إبقاء الطلاب المسلمين بها ، رغم أن تأثرهم بأساتذتهم محتمل جداً؟
* لا يجوز ، وولي الطفل يتحمل كامل المسؤولية عن ذلك.
م ـ 329 : هل يجوز اختلاط الجنسين في المدارس المتوسطة والثانوية إذا علم الإنسان أنَّ ذلك الإختلاط سيؤدي حتماً في يوم ما الى وقوع محرم لطالب أو طالبة ، ولو كان بالنظر المحرم؟
* لا يجوز في الصورة المذ كورة.
م ـ 330 : هل يجوز للرجل المسلم أن يذهب الى المسابح المختلطة ، خصوصاً وإنهنَّ قد ألقين جلباب العفاف عن أنفسهن ، وممن لا ينتهين إذا نهين؟
* النظر من دون ريبة ولا تلذذ شهوي الى المكشفات اللائي لا ينتهين إذا نهين عن التكشف وإن كان جائزاً ، ولكن الحضور في هذه الأماكن الخلاعية غير جائز مطلقاً على الأحوط.
مـ 331 : هل يجوز للساكنين في الغرب إرسال بناتهم المحجبات الى مدارس مختلطة للتعلم في ظل إلزامية التعليم أو عدمها مع وجود مدارس غير مختلطة ولكنها غالية أو بعيدة أو ضعيفة المستوى؟
* لا يجوز إذا كانت تفسد أخلاقهن فضلاً عما إذا كانت تضر بعقائدهن والتزامهن الديني كما هو كذلك عادة.
م ـ 332 : هل يجوز اصطحاب الفتيات اللواتي يدرسن مع الشاب المسلم في الجامعات الأجنبية لغرض التنزه في السفرات السياحية وغيرها؟
* لا يجوز ، إلاّ مع الأمن من الوقوع في الحرام.
م ـ 333 : هل يجوز مشاهدة مشهد غرامي على الطبيعة في الشارع؟
* لا يجوز النظر اليه بتلذذ شهوي أو مع الريبة ، بل الأحوط تركه مطلقاً.
م ـ 334 : هل يجوز الذهاب الى السينما المختلطة وأماكن اللهو غير المشروع ، مع عدم الاطمئنان بالوقوع في المحرم؟
* لا يجوز.
م ـ 335 : هل تجوز السباحة في مسبح مختلط من دون أن يكون القصد من السباحة هو التلذذ؟
* لا يجوز الذهاب الى أماكن الفساد مطلقا على ا لأحوط.
م ـ 336 : هل يجوز قصد سواحل البحر والحدائق العامة في الأيام المشمسة للتنزُّه ، وفيها مشاهد مخلَّة بالآداب العامة؟
* لا يجوز مع عدم الأمن من الوقوع في الحرام.
م ـ 337 : في الدول الأوربية تبنى المرافق الصحية وفقا لاعتبارات خاصة ، ليس من بينها بالتأكيد وجه القبلة كما هو الحال في الدول الإسلامية.
فهل يحق لنا استخدامها ونحن لا ندري أين هي من القبلة؟ ثم إذا علمنا أنها مقابلة للقبلة فهل يجوزلنا استخدامها ، وإذا كان لا يحق لنا ذلك فما العمل؟
* في الصورة الأولى لا يجوز - على الأحوط - استخدامها الاّ بعد اليأس من معرفة جهة القبلة ، وعدم إمكان الانتظار ، أو كون الانتظار حرجياً أو ضررياً.
وأما في الصورة الثانية فيلزم على الأحوط التجنب عن استقبال القبلة أو استدبارها حال استخدامها.
ومع الاضطرار فالأحوط اختيار الاستدبار.
م ـ 338 : إذا وجد المسلم في بلدان أوروبا وأمريكا وأضرابها حقيبة ملابس ذات علامة تدل على صاحبها ، أو غير ذات علامة ، فماذا يجب عليه ان يفعل بها؟
* حقيبة الملابس تكون عادة مما لها علامة يمكن التوصل بها الى صاحبها ، فإن علم أنها لبعض المسلمين أومن بحكمهم من محترمي المال ، أو احتمل ذلك - احتمالاً معتدّاً به ـ لزمه التعريف بها عاماً واحداً ، والتصدق بها مع اليأس من معرفة صاحبها على الأحوط وجوباً ، وأما إذا علم أنها لغير المسلمين ومن بحكمهم ، فيجوز له تملكها ما لم يكن متعهداً حسب شرط نافذ عليه شرعاً
ـ بالتعريف بما يلتقطه من ذلك البلد أو تسليمه الى جهة معينة ، أو نحو ذلك ، فإنه لا يجوز له عندئذٍ تملك لقطته ، بل يلزمه العمل وفق تعهده.
م ـ 339 : لو وجدت كمية من المال في دولة أوروبية دون علامة مميزة ، فهل يحق لي تملكها؟
* إذا لم تكن لها علاقة يمكن التوصل بها الى صاحبها - ولو من جهة كميتها - جاز له تملكها ، إلاّ فيما أشير اليه اَنفاً.
م ـ 340 : يعرض البعض في الغرب حاجات ثمينة بأسعار زهيدة ، مما يجعل المشتري يقرِّب جداً أنها مسروقة ، فهل يجوز شراؤها على تقديري العلم أو الظن القوي بسرقتها من مسلم ، أو كافر ، سواء أكان بائعها مسلما ، أم كافرا؟
* إذا علم أو اطمأن بسرقتها من محترم المال ، مسلماً كان أو غيره ، لم يجز الشراء والتملك.
م ـ 341 : أسعار الدخان مرتفعة في الدول الغربية ، فهل يحرم شراؤها من باب الإسراف والتبذير إذا علم صاحبها أنها ليست نافعة؟ بل ضارة؟
* يجوز شراؤها ، ولا يحرم استعمالها لمجرد ما ذكر ، نعم إذا كان التدخين يلحق ضرراً بليغاً بالمدخن ، ولم يكن في تركه ضرر عليه ، أو كان أقل ضرراً ، لزمه التجنب عنه.
م ـ 342 : هناك أجهزة لتسجيل المكالمات الهاتفية بدون علم المتحدث ، فهل يجوز تسجيل صوت أحد دون علمه للاحتجاج به عليه ، أو الاستشهاد به عند الحاجة؟
* لا يجب على المتحدث له استيذان المتحدث من تسجيل صوته المسموع عبر جهاز الهاتف.
ولكن لا يجوز له نشره وإطلاع الآخرين ، إذا كان في ذلك إهانة للمؤمن أو إفشاء لسرّه ، ما لم يزاحمه واجب مساوٍ أو أهم.
م ـ 343 : مصور يدعى لتصوير حفلة زواج يُشرب فيها الخمر ، فهل يجوز له ذلك؟
* لا يجوز تصوير مظاهر شرب الخمر ونحوه من المحرمات.
م ـ 344 : ما هي حدود طاعة الأب والأم؟
* الواجب على الولد تجاه أبويه أمران :
(الأول ) : الإحسان اليهما ، بالانفاق عليهما إن كانا محتاجين ، وتأمين حوائجهما المعيشيّة ، وتلبية طلباتهما ، فيما يرجع الى شؤون حياتهما في حدود المتعارف والمعمول حسبما تقتضيه الفطرة السليمة ، ويعدُّ تركها تنكراً لجميلهما عليه ، وهو أمر يختلف سعة وضيقاً بحسب اختلاف حالهما من القوة والضعف.
(الثاني): مصاحبتهما بالمعروف ، بعدم الإساءة اليهما قولاً أو فعلاً ، وان كانا ظالمين له ، وفي النص : «وإن ضرباك فلا تنهرهما وقل : غفرالله لكما».
هذا فيما يرجع الى شؤونهما.
وأما فيما يرجع الى شؤون الولد نفسه ، مما يترتب عليه تأذي أحد أبويه فهو على قسمين :
أ ـ أن يكون تأذيه ناشئاً من شفقته على ولده ، فيحرم التصرف المؤدي اليه ، سواء نهاه عنه أم لا.
ب ـ أن يكون تأذيه ناشئاً من اتصافه ببعض الخصال الذميمة كعدم حبه الخير لولده دنيوياً كان أم اَخروياً.
ولا أثر لتأذي الوالدين إذا كان من هذا القبييل ، ولا يجب على الولد التسليم لرغباتهما من هذا النوع.
وبذلك يظهر أن إطاعة الوالدين في أوامرهما ونواهيهما الشخصية غير واجبة في حدِّ ذاتها ، والله العالم.
م ـ 345 : يخشى بعض الاباء على أبنائهم من أن يأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر ، فهل تجب طاعتهما في ذلك ، علماً بأن الابن يحتمل التأثير ولايخشى الضرر؟
* إذا وجب ذلك - بشروطه - على الابن ، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
م ـ 346 : يتناقش الولد مع والده أو الأم مع بنتها في أمر حيوي يومي نقاشاً حاداً يضجر الوالدين ، فهل يجوز للأولاد ذلك ، وما هو الحدُّ الذي لا يجب على الولد تخطية مع والده؟
* يجوز للولد أن يناقش والديه فيما لا يعتقد بصحته من آرائهما ، ولكن عليه أن يراعي الهدوء والأدب في مناقشته ، فلا يحدّ النظر اليهما ، ولا يرفع صوته فوق صوتهما ، فضلاً عن استخدام الكلمات الخشنة.
م ـ 347 : إذا أمرت الوالدة ولدها بتطليق زوجته لخلافها مع الزوجة ، فهل يجب طاعتها في ذلك؟ وماذا لو قالت (أنت ولد عاق إن لم تطلق)؟
* لا تجب طاعتها في ذلك ، ولا أثر للقول المذكور ، نعم يلزمه التجنب عن الإساءة اليها بقول أو فعل كما تقدم.
م ـ 348 : ضرب أب ابنه ضربة شديدة اسودّ لها جلد الولد أو احمر ، فهل تجب على والده الديهَ؟ وهل يختلف الحكم لو كان الضارب غير الأب؟
* تجب الدية على الضارب أباً كان أم غيره.
م ـ 349 : إذا اطمأن المسلم بعدم رضا والده قلبا عن سفره للخارج ، من دون أن يسمع المنع من لسان أبيه ، فهل يجوزله السفر إذا كان الابن يرى مصلحته في ذلك؟
* إذا كان الإحسان الى الوالد - بالحدود المشار اليها في جواب السؤال (المتقدم) يقتضي أن يكون بالقرب منه ، أو كان يتأذى بسفره شفقة عليه ، لزمه ترك السفر ما لم يتضرر بسببه ، وإلاّ لم يلزمه ذلك.
م ـ 350 : هل من البرِّ للزوجة خدمة أب وأم وأخ وأخت الزوج؟ وهل من البرِّ للزوج الاعتناء بأب وأم وأخ وأخت الزوجة خاصة في بلاد الغربة؟
* لا إشكال في كونه براً وإحساناً الى الزوج أو الزوجة ولكنه غير واجب.
ـ مقدمة
ـ بعض الأحكام المتعلقة بالعلاقات الإجتماعية
ـ بعض الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث الشريفة الناظرة للعلاقات الإجتماعية
ـ إستفتاءات تخصّ العلاقات الإجتماعية
لكل مجتمع ظروفه الاجتماعية الخاصة به ، وله تقاليده وأعرافه وقيمه وعاداته ، وطبيعي أن تختلف ظروف وقيم وعادات المجتمعات في بلد المهجر عن ظروف وقيم وعادات مجتمعاتنا الإسلامية ، مما يجعل المسلم في تساؤل مستمرعمّا يجوزله فعله وما لا يجوز ، وهو يعيش ضمن هذه المجتمعات الجديدة ذات القيم المتباينة مع قيم مجتمعه الذي ولد فيه وعاش.
هذا من جهة ، ومن جهة أخرى فإن العيش في مجتمعات ذات قيم غريبة تفرض على المهاجرين اليها من أبناء المجتمعات الإسلامية مقاومة الإنصهار في بوتقة القيم الطارئة وحماية أنفسهم وأبنائهم من الذوبان التدريجي فيها ، مما يتحتم عليهم بذل جهود إضافية لتحصين أنفسهم وعوائلهم وأبنائهم من اَثارها المدمرة.
لذا أفضل أن أبيِّن هنا الأحكام الشرعية التالية :
م ـ 294 : صلة الرحم واجبة على المسلم ، وقطيعته من الكبائر ، وإذا كانت صلة الرحم واجبة وقطيعته من الكبائر التي توعّد الله عليها النار ، فإن شدة الحاجة الى صلة الرحم في الغربة أهمَّ ، ومراعاتها أولى في بلدان يقلَّ فيها الإخوان ، وتتفكك فيها العوائل ، وتتاَكل فيها الأواصر الدينية ، وتطغى عليها قيم المادة.
وقد نهى الله سبحانه وتعالى عن قطيعة الرحم فقال في محكم كتابه الكريم(فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمَّهم وأعمى أبصارهم )(1).
وقال الإمام علي (عليه السلام ) «إنَّ أهل البيت ليجتمعون ويتواسون وهم فجرة فيرزقهم الله ، وإن أهل البيت ليتفرقون ويقطع بعضهم بعضا فيحرمهم الله وهم أتقياء »(2).
وروي عن الإمام الباقر (عليه السلام )) أنه قال : «في كتاب علي ثلاث خصال لا يموت صاحبهن أبداً حتى يرى وبالهن : البغي وقطيعة الرحم ، واليمين الكاذبة يبارز الله بها ، وإن أعجل الطاعة ثواباً لَصلةُ الرحم ، إن القوم ليكونون فجَّاراً فيتواصلون فتنمى أموالهم ويثرون ، وإن اليمين الكاذبة وقطيعة الرحم لتذران الديار بلاقع من أهلها»(3).
م ـ 295 : تحرم قطيعة الرحم ، حتى لو كان ذلك الرحم قاطعا للصلة تاركا للصلاة ، أو شاربا للخمر ، أو مستهينا ببعض أحكام الدين ، كخلع الحجاب وغير ذلك بحيث لا يجدي معه الوعظ والإرشاد والتنبيه ، شرط أن لا تكون تلك الصلة موجبة لتأييده على فعل الحرام.
قال نبينا الكريم محمد (صلى الله علىه وسلم): «أفضل الفضائل : أن تصل من قطعك ، وتعطي من حرمك ، وتعفوعمن ظلمك »(4).
وقال (صلى الله عليه وسلم ) : «لا تقطع رحمك وان قطعك »(5).
م ـ 296 : لعل أدنى عمل يقوم به المسلم لصلة أرحامه مع الامكان والسهولة ، هو أن يزورهم فيلتقي بهم ، أو أن يتفقد أحوالهم بالسؤال ، ولو من بعد.
قال نبينا الكريم محمد (صلى الله عليه وسلم) «إنَّ أعجل الخير ثوابا صلة الرحم »(6).
وقال أمير المؤمنين (علىه السلام) : «صلوا أرحامكم ولو بالتسليم ، يقول الله سبحانه وتعالى( واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إنَّ الله كان عليكم رقيبا)(7)».
وعن الإمام الصادق (علىه السلام) : «إن صلة الرحم والبرِّ ليهوّنان الحساب ويعصمان من الذنوب ، فصلوا أرحامكم وبرّوا باخوانكم ، ولو بحسن السلام ورد الجواب »(8).
م ـ 297 : أشد أنواع قطيعة الرحم عقوق الوالدين الذين أوصى الله عزّ وجلّ ببرّهم والإحسان اليهم ، قال عزّ من قاثل في كتابه الكريم: (وقضى ربك ألأ تعبدوا إلا إيَّاه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أفّ ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما)(9).
وقال الإمام (علىه السلام) : «أدنى العقوق أف ، ولو علم الله عز وجلَّ شيئا أهون منه لنهى عنه »(10) وقال الإمام أبو جعفر (عليه السلام ): «إنّ أبي (عليه السلام ) نظر الى رجل ومعه ابنه يمشي والابن متكىء على ذراع الأب ، فما كلّمه أبي مقتا حتى فارق الدنيا»(11).
وقال الإمام جعفر الصادق (علىه السلام) : «من نظر الى أبويه نظر ماقت وهما ظالمان له لم يقبل الله له صلاة» (12)، وغير هذه الأحاديث كثير(13).
م ـ 298 : وفي مقابل ذلك ( برُ الوالدين) فهو من أفضل القربات لله تعالى ، قال عزَّ من قائل في كتابه الكريم : ( واخفض لهما جناح الذلِّ من الرحمة وقل ربّ ارحمهما كما ربياني صغيرا )(14).
وروى إبراهيم بن شعيب قال: «قلت لأبي عبد الله (علىه السلام) إنَّ أبي قد كبر جدا وضعف فنحن نحمله إذا أراد الحاجة ، فقال : إن استطعت أن تلي ذلك منه فافعل ولقِّمه بيدك فإنَّه جنُة لك غدا»(15).
وقد ورد في الأحاديث الشريفة التأكيد على صلة الأم قبل الأب ، فعن الإمام الصادق (عليه السلام ) أنه قال : «جاء رجل الى النبي محمد (صلى الله علىه وسلم)فقال : يارسول الله من أبر؟ قال أمك ، قال : ثم من؟ قال : أمك ، قال : ثم من؟ قال أمك ، قال : ثم من؟ قال : أباك »(*) ، (أنظر الإستفتاءات الملحقة بهذا الفصل).
م ـ 299 : ورد في بعض الروايات حق لكبير الأخوة على صغيرهم يحسن مراعاته وحفظه والاهتمام به شداً لعرى التكاتف والتآزر والتوادد داخل الأسرة الواحدة ، وضمانا لديمومتها متماسكة قوية في الظروف الاستثنائية التي ربما تمر بها فقد روي عن النبي محمد (صلى الله علىه وسلم)قوله : «حق كبير الأخوة على صغيرهم كحق الوالد على ولده »(16).
م ـ 300 : لا يجوز لغير ولي الطفل أو المأذون من قبله أن يضرب الطفل لتأديبه إذا ارتكب فعلاً محرماً أو سبَّب أذى للآخرين ، ويجوز للولي وللمأذوِن من قبله أن يضرب الطفل للتأديب ضربا خفيفا غير مبرح لا يؤدي الى إحمرار جلد الطفل ، بشرط أن لا يتجاوز ثلاث ضربات ، وذلك فيما إذا توقف التأديب عليه ، وعليه فلا يحق للأخ الشاب أن يضرب أخاه الطفل إلا إذا كان ولياً أو مأذونا من قبل الولي ، ولا يجوز ضرب التلميذ في المدرسة بدون إذن وليه أو المأذون من قبله بتاتا (أنظر الإستفتاءات الملحقة بهذا الفصل).
م ـ 301: الأحوط وجوباً عدم ضرب البالغ مطلقاً.
مـ 302 : توقير الشيخ الكبير : دعانا النبي الكريم محمد (صلى الله علىه وسلم)الى توقير الشيخ الكبير وإجلاله فقال (صلى الله علىه وسلم): «من عرف فضل شيخ كبيرفوقره لسنه اَمنه الله من فزع يوم القيامة(17)».
وقال (صلى الله علىه وسلم)أيضاً : «من تعظيم الله عزّ وجلّ إجلال ذي الشيبة المؤمن (18)»
م ـ 303 : ورد في العديد من الروايات الشريفة عن النبي (صلى الله علىه وسلم)والأئمة (عليهم السلام ) الحث الشديد على التزاور ، والتالف ، والمودة بين المؤمنين ، وإدخال السرور على قلوبهم ، وقضاء حوائجهم ، وعيادة مرضاهم ، وتشييع جنائزهم ، ومواساتهم في السراء والضراء ، قال الإمام الصادق (عليه السلام ): «من زار أخاه في الله قال الله عز وجل إياي زرت ، وثوابك عليّ ، ولست أرضى لك ثوابا دون الجنة»(19).
وقال (عليه السلام ) لخيثمة : «أبلغ موالينا السلام ، وأوصهم بتقوى الله العظيم ، وأن يعود غنيهم على فقيرهم ، وقويهم على ضعيفهم ، وأن يشهد حيهم جنازة ميتهم ، وأن يتلاقوا في بيوتهم»(20).
م ـ 304 : حق الجوار قريب من حق الرحم ، يستوي في ذلك الحق الجار المسلم والجار غير المسلم ، فقد أثبت رسول الله (صلى الله علىه وسلم)للجارغير المسلم هذا الحق حيث قال (صلى الله علىه وسلم): «الجيران ثلاثة : فمنهم من له ثلاث حقوق : حق الإسلام ، وحق الجوار ، وحق القرابة ، ومنهم له حقان : حق الإسلام ، وحق الجوار ، ومنهم من له واحد : «الكافر له حق ا لجوار(21)».
وقال (صلى الله علىه وسلم): «أحسن مجاورة من جاورك تكن مؤمناً»(22).
وقد أوصى الإمام علي الإمامين الحسن والحسين بالجيران بعدما ضربه اللعين ابن ملجم فقال (علىه السلام) : «الله الله في جيرانكم فإنهم وصية نبيكم ما زال يوصي بهم حتى ظننا أنه سيورثهم (23)» .
وقال الإمام الصادق (عليه السلام ): «ملعون ملعون من اَذى جاره »(24) ، وقال (عليه السلام ): «ليس منا من لم يحسن مجاورة من جاوره » (25)، (أنظر الإستفتاءات الملحقة بهذا الفصل).
م ـ 305 : من صفات المؤمنين الصالحين التحلي بمكارم الأخلاق تأسِّياً بالنبي الكريم محمد (صلى الله علىه وسلم)الذي وصفه الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم بقوله ( وإنك لعلى خلق عظيم )(26).
فقد قال رسول الله (صلى الله علىه وسلم)«ما يوضع في ميزان يوم القيامة أفضل من حسن الخلق » (27)، وروي أنه قيل له (صلى الله عليه وسلم ) «أي المؤمنين أفضلهم إيمانا؟ قال : أحسنكم خلقا»(28).
م ـ 306 : ومن صفات المؤمنين الصالحين كذلك : الصدق في القول والعمل ، والوفاء بالوعد ، فقد أثنى الله سبحانه وتعالى على نبيه إسماعيل (عليه السلام ) فقال فيه : ( إنَّه كان صادق الوعد وكان رسولاً نبيا (29)).
وقال الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم ) : « من كان يؤمن بالله وباليوم الاخر فليفِ إذا وعد»(30).
وتبدو أهمية الصدق والوفاء بالوعد إذا عرفنا أن كثيرا من غير المسلمين يحكمون على الإسلام من خلال سلوك المسلمين ، فما أكثر ما أحسن مسلم عرض إسلامه لغير المسلمين من خلال سلوكه الحسن ، وما أكثر ما أساء مسلم لإسلامه من خلال سلوكه السيء.
م ـ 307: من صفات المرأة الصالحة عدم إيذاء زوجها والإساءة اليه وازعاجه ، ومن صفات الزوج الصالح عدم إيذاء زوجته والإساءة اليها وإزعاجها ، قال رسول الله (صلى الله علىه وسلم): «من كانت له امرأة تؤذيه لم يقبل الله صلاتها ولا حسنة من أعمالها حتى تعينه وترضيه وإن صامت الدهر وقامت ، وأعتقت الرقاب وأنفقت الأ موال في سبيل الله وكانت
أول من ترد النار» ، ثم قال (صلى الله علىه وسلم): «وعلى الرجل مثل ذلك الوزر والعذاب إذا كان مؤذيا ظالما»(31).
م ـ 308 : يحق للمسلم أن يتخذ معارف وأصدقاء من غير المسلمين ، يخلص لهم ويخلصون له ، ويستعين بهم ويستعينون به على قضاء حوائج هذه الدنيا ، فقد قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم : (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبرُّوهم وتُقسطوا اليهم إنَّ الله يحبُّ المقسطين)(32).
إن صداقات كهذه إذا استثمرت استثمارا جيداً كفيلة بأن تعرف الصديق غير المسلم ، والجار غير المسلم ، والرفيق ، والشريك ، على قيم وتعاليم الإسلام فتجعله أقرب لهذا الدين القويم مما كان عليه من قبل ، فقد قال رسول الله (صلى الله علىه وسلم)لعلي (عليه السلام ): «لئن يهدي الله بك عبداً من عباده خيرلك مما طلعت عليه الشمس من مشارقها الى مغاربها»(33) ، (أنظر الإستفتاءات الملحقة بهذا الفصل ).
م ـ 309: يجوز تهنئة الكتابيين من يهود ومسيحيين وغيرهم ، وكذلك غير الكتابيين من الكفار ، بالمناسبات التي يحتفلون بها أمثال : عيد رأس السنة الميلادية ، وعيد ميلاد السيد المسيح (عليه السلام ) ، وعيد الفصح.
م ـ 310 : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان عباديان على كل مؤمن ومؤمنة متى ما توفرت شروطهما ، قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم : (ولتكن منكم أمة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون )(34).
وقال جلَّ وعلا : (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر)(35).
وقال نبينا الكريم محمد (صلى الله علىه وسلم): «لا تزال أمتي بخير ما أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر وتعاونوا على البر ، فاذا لم يفعلوا ذلك نزعت عنهم البركات ، وسلط بعضهم على بعض ، ولم يكن لهم ناصر في الأرض ولا في السماء»(36).
وروي عن الإمام جعفر بن محمد الصادق (علىه السلام ) عن جده رسول الله (صلى الله علىه وسلم)قوله : «كيف بكم إذا فسدت نساؤكم وفسق شبابكم ، ولم تأمروا بالمعروف ولم تنهوا عن المنكر؟ فقيل له : ويكون ذلك يارسول الله؟ فقال : نعم وشر من ذلك ، كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر ونهيتم عن المعروف؟ فقيل له يارسول الله ويكون ذلك؟ قال : نعم وشرٌّ من ذلك ، كيف بكم إذا رأيتم المعروف منكرا والمنكر معروفا »(37) .
«وهذان الواجبان يتأكدان أكثر إذا كان تارك المعروف أو فاعل المنكر واحدا من أهلك ، فقد تجد بين أهلك من يتسامح ببعض الواجبات أو يتهاون ، قد تجد فيهم من لا يتوضأ بالشكل الصحيح ، ولا يتيمم بالشكل الصحيح ، ولا يغتسل غسل الجنابة بالشكل الصحيح ، ولا يطهر جسده وملابسه بالشكل الصحيح ، ولا يقرأ السورتين والأذكار الواجبة في الصلاة بالشكل الصحيح ، ولا يخمِّس ماله ولا يزكيه وماله متعلق للخمس أو الزكاة.
قد تجد في أهلك مثلا من يرتكب بعض المحرمات ، يمارس العادة السرية مثلا ، أويلعب القمار ، أويستمع الى الغناء ، أويشرب الخمر ، أويأكل الميتة ، أو يأكل أموال الناس بالباطل ، أو يغشّ ، أويسرق.
قد تجدفي النساء من أهلك من لا تتحجب ، ولا تغطي شعرها ، وقد تجد فيهن من لا تزيل أثر صبغة الأظافر عن أظافرها عندما تتوضأ أو تغتسل.
قد تجد فيهن من تتعطر لغير زوجها من الرجال ، ومن لا تستر شعرها وجسدها عن أنظار ابن عمها أو ابن عمتها ، أو ابن خالها ، أو ابن خالتها ، أو أخي زوجها ، أو صديقه ، بحجة أنه يعيش معها في بيت واحد فهو كأخيها ، أو غير ذلك من الأعذار الواهية الأخرى.
قد تجد في أهلك من يكذب ، ويغتاب ، ويعتدي على الآخرين ، ويبذر أمواله ، ويعين الظالمين على ظلمهم ، ويؤذي جاره ، قد تجد .. وتجد .. وتجد.
إذا وجدت شيئا من ذلك فأمر بالمعروف ، وانه عن المنكر ، مبتدئا بالمرتبتين الأولى والثانية .. إظهار الكراهة والإنكار باللسان ، منتقلا إذا لم ينفع ذلك الى المرتبة الثالثة بعد استحصال الإذن من الحاكم الشرعي ، وهي اتخاذ الإجراءات العملية متدرجا فيها من الأخفِّ الى الأ شد»(38).
وإذا كان جاهلأ بالحكم الشرعي وجب عليك تعليمه الحكم وحثه على الالتزام به.
م ـ 311: مداراة الناس ، كل الناس ، من المستحبات الشرعية التي حث عليها ديننا القويم ، فقد قال رسول الله (صلى الله علىه وسلم)«أمرني ربي بمداراة الناس كما أمرني بأداء الفرائض » ، وقال (صلى الله علىه وسلم)أيضاً « ثلاث من لم يكن فيه لم يتم له عمل : درع يحجزه عن معاصي الله ، وخلق يداري به الناس ، وحلم يرد به جهل الجاهل (39)».
وليست مدارة الناس مقصورة على المسلمين وحدهم دون سواهم فقد ورد عن الإمام علي (علىه السلام) أنه صاحب رجلاً من غيرالمسلمين جمعهما طريق مشترك نحو الكوفة ، وحين وصل الرجل غير المسلم الى نقطة يفترق طريقه بها عن طريق أمير المؤمنين (علىه السلام) مشى معه أميرالمؤمنين هنيئة ليشيعه قبل افتراقه عنه ، فسأله الرجل عن ذلك ، فأجابه (علىه السلام) «هذا من تمام الصحبة ، أن يشيع الرجل صاحبه هنيئة إذا فارقه وكذ لك أمرنا نبينا» (40)، فأسلم الرجل لذلك.
ومن طريف ما رواه الشعبي عن عدل أمير المؤمنين مع رعاياه من غير المسلمين قال : «خرج علي بن أبي طالب رضي الله عنه الى السوق فإذا هو بنصراني يبيع درعاً ، قال : فعرف علي رضي الله عنه الدرع ، فقال : هذه درعي ، بيني وبينك قاضي المسلمين ، قال : كان قاضي المسلمين شريح ، كان علي استقضاه ... فقال شريح : ما تقول يا أمير المؤمنين ، قال : فقال علي رضي الله عنه : هذه درعي ذهبت مني منذ زمان ، قال : فقال شريح : ما تقول يا نصراني؟ قال : فقال النصراني : ما أكذب أمير المؤمنين ، الدرع هي درعي ، قال : فقال شريح : ما أرى أن تخرج من يده ، فهل من بيّنة؟ فقال علي رضي الله عنه : صدق شريح ، قال : فقال النصراني : أما أنا أشهد أن هذه أحكام الأنبياء ، أمير المؤمنين يجيء الى قاضيه ، وقاضيه يقضي عليه ، هي والله يا أمير المؤمنين درعك اتبعتك من الجيش وقد زالت عن جملك الأورق فأخذتها ، فإني أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله ، قال : فقال علي : أمّا إذا أسلمت فهي لك ، وحمله على فرس عتيق ، فقال الشعبي : لقد رأيته يقاتل المشركين ، هذا لفظ حديث أبي زكريا (41)» .
كما ورد عن أمير المؤمنين (علىه السلام) ما يعدُّ سبقاً تاريخياً لقوانين الضمان الاجتماعي المعمول بها في الدول الغربية الآن ، حيث لم يميز (عليه السلام ) بين المسلم وغيره في دولة الإسلام ، يقول الراوي : «مرّ شيخ مكفوف كبير يسأل ، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام ) ) ما هذا؟ فقالوا : يا أمير المؤمنين : نصراني ، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام ) : تستعملوه حتى إذا كبر وعجز منعتموه ، أنفقوا عليه من بيت المال (42)».
كما ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام ) قوله «وإن جالسك يهودي فأحسن مجالسته »(43) .
م ـ 312 : للإصلاح بين الناس ، وحل خلافاتهم ، وتحبيب بعضهم لبعض ، وردم شقة الخلاف بينهم ، ثواب عظيم ، فكيف إذا كان ذلك الإصلاح في بلد الغربة حيث النأي عن الديار والأهل والمعارف والأحباب ، فقد أوصى الإمام علي (عليه السلام ) ولديه الإمامين الحسن والحسين (عليه السلام ) قبيل وفاته بعدما ضربه الخارجي ابن ملجم المرادي بوصايا عدة منها : تقوى الله ، ونظم الأمر ، وصلاح ذات البين ، فقال : (عليه السلام ) «أوصيكما وجميع ولدي وأهلي ومن بلغه كتابي بتقوى الله ونظم أمركم وصلاح ذات بينكم فإني سمعت جدكما (صلى الله علىه وسلم)يقول : صلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة والصيام »(44).
م ـ 313: النصيحة ، أو إرادة بقاء نعمة الله على الأخوان المؤمنين ، وكراهة وصول الشرِّ إليهم ، والسعي لإرشادهم إلى ما فيه سعادتهم وخيرهم ومصلحتهم ، من الأعمال المحبوبة لله عز وجل ، والأ خبار والروايات الواردة في النصيحة والحاثّة عليها أكثر من أن تحصى ، من ذلك ما قاله رسول الله (صلى الله علىه وسلم)«إن أعظم الناس منزلة عند الله يوم القيامة أمشاهم في أرضه بالنصيحة لخلقه »(45).
وروي عن الإمام الباقر (عليه السلام ) أنه قال : «قال رسول الله (صلى الله علىه وسلم)لينصح الرجل منكم أخاه كنصيحته لنفسه »(46).
وقال الإمام الصادق (عليه السلام ): «يجب للمؤمن على المؤمن النصيحة له في المشهد والمغيب »(47).
وقال (عليه السلام ) «عليك بالنصح لله في خلقه فلن تلقاه بعمل أفضل منه »(48).
م ـ 314: التجسس ، أو تتبع ما استتر من أمور المسلمين للاطلاع عليه ، وهتك الأمور التي سترها أهلها ، محرم في الشريعة الإسلامية ، قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم ( يا أيها الذين اَمنوا اجتنبوا كثيراً من الظنِّ إن بعض الظنِّ إثم ولا تجسسوا(49)).
يقول إسحاق بن عمار أحد أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام ): «سمعت أبا عبد الله (عليه السلام ) يقول : قال رسول الله (صلى الله علىه وسلم): يا معشر من أسلم بلسانه ولم يخلص الايمان إلى قلبه لا تذموا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فإن من تتبع عوراتهم تتبع الله عورته ، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في بيته (50)».
م ـ 315 : الغيبة وهي «أن يذكر المؤمن بعيب في غَيبته ، سواء أكان بقصد الانتقاص أم لم يكن ، وسواء أكان العيب في بدنه ، أم في نسبه ، أم في خلقه ، أم في فعله ، أم في قوله ، أمِ في دينه ، أم في دنياه ، أم في غير ذلك ، مما يكون عيباً مستوراً عن الناس ، كما لا فرق في الذكر بين أن يكون بالقول ، أم بالفعل الحاكي عن وجود العيب »(51)
وقد ذمّها الله عزَّ وجل في كتابه الكريم وصوّرها في صورة تقشعر منها النفوس والأبدان ، فقال جل وعلا (ولا يغتب بعضكم بعضاً أيحبُّ أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه )(52).
وقال (صلى الله علىه وسلم): «إياكم والغيبة فإن الغيبة أشد من الزنا ، فإن الرجل قد يزني فيتوب إلى الله ، فيتوب الله عليه ، وصاحب الغيبة لا يغفرله حتى يغفر له صاحبه (53)» .
ولا يحسن بالمؤمن أن يستمع إلى غيبة أخيه المؤمن ، بل « قد يظهر من الروايات عن النبي والأئمة عليهم أفضل الصلاة والسلام أنه : يجب على سامع الغيبة أن ينصر المغتاب ويرد عنه ، وأنه إذا لم يرد ، خذله الله تعالى في الدنيا والآخرة ، وأنه كان عليه كوزر من اغتاب (54)»
م ـ 316 : وحين يرد ذكر الغيبة يرد في ذهن المؤمن عادة مصطلح شرعي اَخر حرمه الإسلام كذلك ، وشدّد بالنكير على فاعليه صيانة للمجتمع من التفكك وهو (النميمة) ، كأن يقال لشخص ما : فلان تكلم فيك بكذا وكذا ، مكدِّراً صفو العلاقات بين المؤمنين أو معمِّقاً درجة الكدر بينهم.
وقد ورد عن رسول الله (صلى الله علىه وسلم)قوله : «ألا أنبئكم بشراركم؟ قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : المشاؤون بالنميمة ، المفرقون بين الأحبة»(55).
وقال الإمام الباقر (عليه السلام ) «الجنة محرمة على المغتابين المشائين بالنميمة»(56).
وقال الامام الصادق (عليه السلام ): «لا يدخل الجنة سفاك للدماء ، ولا مدمن للخمر ، ولا مشاء بنميم » (57).
م ـ 317 : سوء الظن : نهانا الله سبحانه وتعالى عن سوء الظن ، فقال في محكم كتابه الكريم (يا أيها الذي اَمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم)(58).
وبموجب هذه الآية القراَنية الكريمة لا يحلُّ للمؤمن أن يظن بأخيه الظن السيء دون دليل واضح ، وبيّنة وبرهان ، فدخائل النفوس لا يعلمها إلاّ الله سبحانه وتعالى ، وما دام يمكن حمل فعل المؤمن على الصحة فإنا نحمله على الصحة حتى يثبت لنا غيرذلك.
يقول الإمام علي (عليه السلام ) «ضع أمر أخيك على أحسنه حتى يأتيك ما يغلبك منه ، ولا تظنَن بكلمة خرجت من أخيك سوءً ، وأنت تجد لها في الخيرمحملا»(59)
م ـ 318 : الإسراف والتبذير : سلوكان ذمهما الله سبحانه وتعالى ، فقال عزَّ من قائل : (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين)(60).
وقال جلّ وعلا في ذمِّ المبذرين (إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا)(61).
وقد كتب الإمام علي (عليه السلام ) كتاباً لزياد فيِ ذم الإسراف جاء فيه قوله (عليه السلام ) «فدع الإسراف مقتصداً ، واذكر في اليوم غدا ، وامسك عن المال بقدر ضرورتك ، وقدِّم الفضل ليوم حاجتك ، أترجو أن يعطيك الله أجر المتواضعين وأنت عنده من المتكبرين ، وتطمع ، وأنت متمرغ في النعيم تمنعه الضعيف والأرملة ، أن يوجب لك ثواب المتصدقين؟ وإنما المرء مجزي بما أسلف وقادم على ما قدم(62) ».
م ـ 319 : الإنفاق في سبيل الله : حثنا الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم على الإنفاق في سبيله ووصفه بأنه تجارة لن تبور ، فقال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم : (إن الذينِ يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سراً وعلانية يرجون تجارة لن تبور ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفورشكور)(63) ، وقال جلّ وعلا في سورة أخرى (من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه له وله أجر كريم ، يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم)(64)
وذكّرنا الله سبحانه وتعالى في اَية ثالثة بالإسراع في الإنفاق قبل فوات الأوان فقال : (وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول ربِّ لولا أخَّرتني الى أجل قريب فأصَّدَّق وأكن من الصالحين ولن يؤخر الله نفسأ إذا جاء أجلها والله خبيربما تعملون (65)
ثم بيّن لنا سبحانه تعالى مصيرأولئك الذين يجمعون المال فوق المال فيكنزونه ولا ينفقونه في سبيل الله ، فوصفه بما يرهب ويخيف ، فقال في محكم كتابه المجيد (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم ، يوم يحمى عليها في نارجهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون)(66)
وقد مثّل الإمام علي (عليه السلام ) مبادئ الإسلام العظيمة وجسّدها فأنفق ما وسعته يداه زهداً في هذه الدنيا الفانية وإعراضاً عن زخرفها وزينتها يوم كانت تحت يده موارد بيت مال المسلمين بأجمعها ، فقال أمير المؤمنين واصفاً حاله «ولو شئت لاهتديت الطريق الى مصفّى هذا العسل ، ولباب هذا القمح ، ونسائج هذا القزّ ، ولكن هيهات أن يغلبني هواي ، ويقودني جشعي ، الىَ تخَير الأطعمة ، ولعل بالحجاز أو اليمامة من لا طمع له في القرص ، ولا عهد له بالشبعِ. أوَأبيت مبطاناً ، وحولي بطون غرثى ، وأكباد حرَّى ، أو أكون كما قال القائل :
وحسبك داء أن تبيت ببطنة وحولك أكباد تحنُّ الى القدّ(67)»
وقد وردت أحاديث عن النبي (صلى الله علىه وسلم)والأ ئمة (عليه السلام ) تصرِّح بآثار ومنافع يجنيها المنفق ، وهو بعد في دار الدنيا ، زيادة على ما ينتظره من عظيم الأجر (يوم لا ينفع مال ولا بنون).
فمما يجنيه المنفق ، الرزق ، قال النبي (صلى الله علىه وسلم): «استنزلوا الرزق بالصدقة»(68)
ومما يجنيه ، علاج المرض ، فعن النبي (صلى الله علىه وسلم)أنه قال : «داووا مرضاكم بالصدقة»(69)
ومما يجنيه المنفق ، زيادة العمر ، ودفع ميتة السوء ، فعن الإمام الباقر (عليه السلام ) أنه قال «إن البرَّ والصدقة ينفيان الفقر ويزيدان العمر ويدفعان عن صاحبهما سبعين ميتة من السوء»(70)
ومما يجنيه ، قضاء الدين ، والبركة ، فعن الإمام الصادق (عليه السلام ) أنه قال «إن الصدقة تقضي الدين وتخلِّف البركة (71)»
ومما يجنيه المتصدق ، حسن الخلافة على أولاده ، فعن الإمام الصادق (عليه السلام ) أنه قال «ما أحسن عبد الصدقة في الدنيا إلاّ أحسن الله الخلافة على ولده من بعده (72)»
كما قال الإمام الباقر (عليه السلام ) «ولأن أعول أهل بيت من المسلمين وأشبع جوعتهم وأكسو عريهم وأكف وجوههم عن الناس أحبُّ إليَّ من أن أحج حجة وحجة وحجة ، حتى انتهى الى عشرة مثلها ، ومثلها حتى انتهى الى سبعين (73)».
والإنفاق في سبيل الله باب واسع لا تلمُّ جوانبه هذه العجالة(74).
------------------------------
م ـ 320 : حث رسول الله (صلى الله علىه وسلم)أرباب الأسر على حمل الهدايا الى عيالهم وإدخال السرور على قلوبهم بها ، فقد روى ابن عباس أن رسول الله (صلى الله علىه وسلم)قال : «من دخل السوق ، فاشترى تحفة ، فحملها الى عياله ، كان كحامل صدقة الى قوم محاويج »(75).
م ـ 321: من الأمور التي دعت اليها الشريعة الإسلامية وحثت عليها ، مسألة الاهتمام بأمور المسلمين ، فقد قال رسول الله (صلى الله علىه وسلم)«من أصبح ولم يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم (76)»
وقال (صلى الله علىه وسلم)أيضاً «من أصبح لا يهتم بأمور المسلمين فليس منهم(77) »
وهناك أحاديث أخر لا يسع المجال لذكرها هنا(78).
وهذه بعض الإستفتاءات الخاصة بهذا الفصل وأجوبة سماحة سيدنا (دام ظله) عنها:
م ـ 322 : هل يجوز السير في موكب جنازة غير مسلم لتشييعه ، إذا كان جاراً مثلا؟
* إذا لم يكن هو ، ولا أصحاب الجنازة ، معروفين بمعاداتهم للإسلام والمسلمين ، فلا بأس بالمشاركة في تشييعه ، ولكن الأفضل المشي خلف الجنازة ، لا أمامها.
م ـ 323: هل يجوز تبادل الودِّ والمحبة مع غير المسلم ، إذا كان جاراً أو شريكاً في عمل أو ماشابه؟
* إذا لم يكن يظهر المعاداة للاسلام والمسلمين بقول أو فعل ، فلا بأس بالقيام بما يقتضيه الودّ والمحبة من البر والإحسان اليه ، قال تعالى (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا اليهم إن الله يحب المقسطين ).
م ـ 324 : هل يجوز دخول أصحاب الديانات السابقة من الكتابيين ، ودخول الكفار من غيرهم ، المساجد ودور العبادة الإسلامية؟ وهل يجب علينا إلزام غير المحجبات بارتداء الحجاب ، ثم الدخول إذا كان دخولهن جائزاً؟
* لا يجوز على الأحوط دخولهم في المساجد ، وأما دخولهم في دور العبادة وغيرها ، فلا بأس به ، وتلزم النساء بالتحجب ، إذا لزم من تركه الهتك.
م ـ 325 : هل يجوز إزعاج الجار اليهودي ، أو الجار المسيحي ، أو الجار الذي لا يؤمن بدين أصلاً؟
* لا يجوز إزعاجه من دون مبرّر.
م ـ 326 : هل يجوز التصدق على الكفار الفقراء كتابيين كانوا أو غير كتابيين؟ وهل يثاب المتصدِّق على فعله هذا؟
* لا بأس بالتصدق على من لم ينصب العداوة للحق وأهله ، ويثاب المتصدِّق على فعله ذلك.
م ـ 327 : هل يجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إذا كان المأمور ليس موالياً لأهل البيت (عليه السلام ) ، أو كان من الكتابيين الذين يحتمل التأثير فيهم مع الأمن من الضرر؟
* نعم يجبان مع توفر بقية شروط وجوبهما ، ومنها أن لا يكون الفاعل معذوراً في ارتكاب المنكر أو ترك المعروف ، ومن غير المعذور الجاهل المقصر فيرشد الى الحكم أولاً ، ثم يؤمر أو ينهى إن أراد مخالفته.
هذا ولو كان المنكر مما أحرز أن الشارع لا يرضى بوقوعه مطلقاً ، كالإفساد في الأرض وقتل النفس المحترمة ونحو ذلك ، فلا بدَّ من الردع عنه ، ولو كان الفاعل جاهلاً قاصراً.
م ـ 328 : مدرسة أوربية في ملاكها مدرسون لا يؤمنون بدين ينكرون أمام التلاميذ وجود الله ، فهل يجوز إبقاء الطلاب المسلمين بها ، رغم أن تأثرهم بأساتذتهم محتمل جداً؟
* لا يجوز ، وولي الطفل يتحمل كامل المسؤولية عن ذلك.
م ـ 329 : هل يجوز اختلاط الجنسين في المدارس المتوسطة والثانوية إذا علم الإنسان أنَّ ذلك الإختلاط سيؤدي حتماً في يوم ما الى وقوع محرم لطالب أو طالبة ، ولو كان بالنظر المحرم؟
* لا يجوز في الصورة المذ كورة.
م ـ 330 : هل يجوز للرجل المسلم أن يذهب الى المسابح المختلطة ، خصوصاً وإنهنَّ قد ألقين جلباب العفاف عن أنفسهن ، وممن لا ينتهين إذا نهين؟
* النظر من دون ريبة ولا تلذذ شهوي الى المكشفات اللائي لا ينتهين إذا نهين عن التكشف وإن كان جائزاً ، ولكن الحضور في هذه الأماكن الخلاعية غير جائز مطلقاً على الأحوط.
مـ 331 : هل يجوز للساكنين في الغرب إرسال بناتهم المحجبات الى مدارس مختلطة للتعلم في ظل إلزامية التعليم أو عدمها مع وجود مدارس غير مختلطة ولكنها غالية أو بعيدة أو ضعيفة المستوى؟
* لا يجوز إذا كانت تفسد أخلاقهن فضلاً عما إذا كانت تضر بعقائدهن والتزامهن الديني كما هو كذلك عادة.
م ـ 332 : هل يجوز اصطحاب الفتيات اللواتي يدرسن مع الشاب المسلم في الجامعات الأجنبية لغرض التنزه في السفرات السياحية وغيرها؟
* لا يجوز ، إلاّ مع الأمن من الوقوع في الحرام.
م ـ 333 : هل يجوز مشاهدة مشهد غرامي على الطبيعة في الشارع؟
* لا يجوز النظر اليه بتلذذ شهوي أو مع الريبة ، بل الأحوط تركه مطلقاً.
م ـ 334 : هل يجوز الذهاب الى السينما المختلطة وأماكن اللهو غير المشروع ، مع عدم الاطمئنان بالوقوع في المحرم؟
* لا يجوز.
م ـ 335 : هل تجوز السباحة في مسبح مختلط من دون أن يكون القصد من السباحة هو التلذذ؟
* لا يجوز الذهاب الى أماكن الفساد مطلقا على ا لأحوط.
م ـ 336 : هل يجوز قصد سواحل البحر والحدائق العامة في الأيام المشمسة للتنزُّه ، وفيها مشاهد مخلَّة بالآداب العامة؟
* لا يجوز مع عدم الأمن من الوقوع في الحرام.
م ـ 337 : في الدول الأوربية تبنى المرافق الصحية وفقا لاعتبارات خاصة ، ليس من بينها بالتأكيد وجه القبلة كما هو الحال في الدول الإسلامية.
فهل يحق لنا استخدامها ونحن لا ندري أين هي من القبلة؟ ثم إذا علمنا أنها مقابلة للقبلة فهل يجوزلنا استخدامها ، وإذا كان لا يحق لنا ذلك فما العمل؟
* في الصورة الأولى لا يجوز - على الأحوط - استخدامها الاّ بعد اليأس من معرفة جهة القبلة ، وعدم إمكان الانتظار ، أو كون الانتظار حرجياً أو ضررياً.
وأما في الصورة الثانية فيلزم على الأحوط التجنب عن استقبال القبلة أو استدبارها حال استخدامها.
ومع الاضطرار فالأحوط اختيار الاستدبار.
م ـ 338 : إذا وجد المسلم في بلدان أوروبا وأمريكا وأضرابها حقيبة ملابس ذات علامة تدل على صاحبها ، أو غير ذات علامة ، فماذا يجب عليه ان يفعل بها؟
* حقيبة الملابس تكون عادة مما لها علامة يمكن التوصل بها الى صاحبها ، فإن علم أنها لبعض المسلمين أومن بحكمهم من محترمي المال ، أو احتمل ذلك - احتمالاً معتدّاً به ـ لزمه التعريف بها عاماً واحداً ، والتصدق بها مع اليأس من معرفة صاحبها على الأحوط وجوباً ، وأما إذا علم أنها لغير المسلمين ومن بحكمهم ، فيجوز له تملكها ما لم يكن متعهداً حسب شرط نافذ عليه شرعاً
ـ بالتعريف بما يلتقطه من ذلك البلد أو تسليمه الى جهة معينة ، أو نحو ذلك ، فإنه لا يجوز له عندئذٍ تملك لقطته ، بل يلزمه العمل وفق تعهده.
م ـ 339 : لو وجدت كمية من المال في دولة أوروبية دون علامة مميزة ، فهل يحق لي تملكها؟
* إذا لم تكن لها علاقة يمكن التوصل بها الى صاحبها - ولو من جهة كميتها - جاز له تملكها ، إلاّ فيما أشير اليه اَنفاً.
م ـ 340 : يعرض البعض في الغرب حاجات ثمينة بأسعار زهيدة ، مما يجعل المشتري يقرِّب جداً أنها مسروقة ، فهل يجوز شراؤها على تقديري العلم أو الظن القوي بسرقتها من مسلم ، أو كافر ، سواء أكان بائعها مسلما ، أم كافرا؟
* إذا علم أو اطمأن بسرقتها من محترم المال ، مسلماً كان أو غيره ، لم يجز الشراء والتملك.
م ـ 341 : أسعار الدخان مرتفعة في الدول الغربية ، فهل يحرم شراؤها من باب الإسراف والتبذير إذا علم صاحبها أنها ليست نافعة؟ بل ضارة؟
* يجوز شراؤها ، ولا يحرم استعمالها لمجرد ما ذكر ، نعم إذا كان التدخين يلحق ضرراً بليغاً بالمدخن ، ولم يكن في تركه ضرر عليه ، أو كان أقل ضرراً ، لزمه التجنب عنه.
م ـ 342 : هناك أجهزة لتسجيل المكالمات الهاتفية بدون علم المتحدث ، فهل يجوز تسجيل صوت أحد دون علمه للاحتجاج به عليه ، أو الاستشهاد به عند الحاجة؟
* لا يجب على المتحدث له استيذان المتحدث من تسجيل صوته المسموع عبر جهاز الهاتف.
ولكن لا يجوز له نشره وإطلاع الآخرين ، إذا كان في ذلك إهانة للمؤمن أو إفشاء لسرّه ، ما لم يزاحمه واجب مساوٍ أو أهم.
م ـ 343 : مصور يدعى لتصوير حفلة زواج يُشرب فيها الخمر ، فهل يجوز له ذلك؟
* لا يجوز تصوير مظاهر شرب الخمر ونحوه من المحرمات.
م ـ 344 : ما هي حدود طاعة الأب والأم؟
* الواجب على الولد تجاه أبويه أمران :
(الأول ) : الإحسان اليهما ، بالانفاق عليهما إن كانا محتاجين ، وتأمين حوائجهما المعيشيّة ، وتلبية طلباتهما ، فيما يرجع الى شؤون حياتهما في حدود المتعارف والمعمول حسبما تقتضيه الفطرة السليمة ، ويعدُّ تركها تنكراً لجميلهما عليه ، وهو أمر يختلف سعة وضيقاً بحسب اختلاف حالهما من القوة والضعف.
(الثاني): مصاحبتهما بالمعروف ، بعدم الإساءة اليهما قولاً أو فعلاً ، وان كانا ظالمين له ، وفي النص : «وإن ضرباك فلا تنهرهما وقل : غفرالله لكما».
هذا فيما يرجع الى شؤونهما.
وأما فيما يرجع الى شؤون الولد نفسه ، مما يترتب عليه تأذي أحد أبويه فهو على قسمين :
أ ـ أن يكون تأذيه ناشئاً من شفقته على ولده ، فيحرم التصرف المؤدي اليه ، سواء نهاه عنه أم لا.
ب ـ أن يكون تأذيه ناشئاً من اتصافه ببعض الخصال الذميمة كعدم حبه الخير لولده دنيوياً كان أم اَخروياً.
ولا أثر لتأذي الوالدين إذا كان من هذا القبييل ، ولا يجب على الولد التسليم لرغباتهما من هذا النوع.
وبذلك يظهر أن إطاعة الوالدين في أوامرهما ونواهيهما الشخصية غير واجبة في حدِّ ذاتها ، والله العالم.
م ـ 345 : يخشى بعض الاباء على أبنائهم من أن يأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر ، فهل تجب طاعتهما في ذلك ، علماً بأن الابن يحتمل التأثير ولايخشى الضرر؟
* إذا وجب ذلك - بشروطه - على الابن ، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
م ـ 346 : يتناقش الولد مع والده أو الأم مع بنتها في أمر حيوي يومي نقاشاً حاداً يضجر الوالدين ، فهل يجوز للأولاد ذلك ، وما هو الحدُّ الذي لا يجب على الولد تخطية مع والده؟
* يجوز للولد أن يناقش والديه فيما لا يعتقد بصحته من آرائهما ، ولكن عليه أن يراعي الهدوء والأدب في مناقشته ، فلا يحدّ النظر اليهما ، ولا يرفع صوته فوق صوتهما ، فضلاً عن استخدام الكلمات الخشنة.
م ـ 347 : إذا أمرت الوالدة ولدها بتطليق زوجته لخلافها مع الزوجة ، فهل يجب طاعتها في ذلك؟ وماذا لو قالت (أنت ولد عاق إن لم تطلق)؟
* لا تجب طاعتها في ذلك ، ولا أثر للقول المذكور ، نعم يلزمه التجنب عن الإساءة اليها بقول أو فعل كما تقدم.
م ـ 348 : ضرب أب ابنه ضربة شديدة اسودّ لها جلد الولد أو احمر ، فهل تجب على والده الديهَ؟ وهل يختلف الحكم لو كان الضارب غير الأب؟
* تجب الدية على الضارب أباً كان أم غيره.
م ـ 349 : إذا اطمأن المسلم بعدم رضا والده قلبا عن سفره للخارج ، من دون أن يسمع المنع من لسان أبيه ، فهل يجوزله السفر إذا كان الابن يرى مصلحته في ذلك؟
* إذا كان الإحسان الى الوالد - بالحدود المشار اليها في جواب السؤال (المتقدم) يقتضي أن يكون بالقرب منه ، أو كان يتأذى بسفره شفقة عليه ، لزمه ترك السفر ما لم يتضرر بسببه ، وإلاّ لم يلزمه ذلك.
م ـ 350 : هل من البرِّ للزوجة خدمة أب وأم وأخ وأخت الزوج؟ وهل من البرِّ للزوج الاعتناء بأب وأم وأخ وأخت الزوجة خاصة في بلاد الغربة؟
* لا إشكال في كونه براً وإحساناً الى الزوج أو الزوجة ولكنه غير واجب.
(1) سورة محمد : اَية 22.
(2) الأصول من الكافي لمحمد بن يعقوب الكليني : 2 | 348.
(3) المصدر السابق : 2 | 347 .
(4) جامع السعادات للنراقي : 2 | 260.
(5) الأصول من الكافي للكليني : 2 | 347 ، وأنظر من لا يحضره الفقيه لمحمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي : 4 | 267.
(6) المصدر السابق : 2 | 152.
(7) المصدر السابق : 2 | 155.
(8) الأصول من الكافي لمحمد بن يعقوب الكليني : 2 | 157.
(9) سورة الاسراء : اَية 23.
(10) الأصول من الكافي للكليني : 2 | 348.
(11) المصدر السا بق : 2 | 349.
(12) المصدز نفسه.
(13) أنظر جامع السعادات للنراقي : 2 | 262 وما بعدها ، والذنوب الكبيرة للسيد دستغيب : 1 | 138 وما بعدها.
(14) سورة الإسراء : اَية 24.
(15) الأصول من الكافي للكليني : 2 | 162
(*) الأصول من الكافي للكليني : 2 | 160.
(16) جامع السعادات للنراقي : 2 | 267.
(17) ثواب الأعمال وعقاب الأعمال للصدوق : 225.
(18) المصدر السابق.
(19) الأصول من الكافي للكليني : 2 | 176.
(20) المصدر السابق نفسه : 2 | 176 ، وللمزيد من الاطلاع أنظر : باب قضاء حوائج المؤمن 2 | 192 ، والسعي في حاجة المؤمن : 2 | 196 ، وتفريج كرب المؤمن : 2 | 199 من كتاب الأصول من الكافي للكليني.
(21) مستدرك الوسائل للنوري ـ كتاب الحج ـ باب 72.
(22) جامع السعادات للنراقي : 2 | 267 ، وأنظر باب حق الجوار من كتاب الأصول من الكافي للكليني : 2 | 666.
(23) نهج البلاغة للإمام علي باعتناء صبحي الصالح ، ص 422.
(24) مستدرك الوسائل - ا - باب 72.
(25) جامع السعادات للنراقي : 2 | 268.
(26) سورة القلم : الايات ( 4 - 5 ـ 6) ، للتشرف بالاطلاع على أخلاقه (ص) أنظر مكارم الأخلاق للطبرسي ، ص 15 وما بعدها ، وكتب السيرة والحديث وهي كثيرة جداً.
(27) جامع السعادات للنراقي : 1 | 443.
(28) جامع السعادات للنراقي : 2 | 268 ، وأنظر الأصول من الكافي للكليني : 2 | 99 ، واستحباب التخلق بمكارم الأخلاق من كتاب تفصيل وسائل الشيعة للحر العاملي : 15 | 198.
(29) سورة مريم : آية 54.
(30) المصدر السابق ، وأنظر باب خلف الوعد من كتاب الأصول من الكافي للكليني : 2| 363.
(31) تفصيل وسائل الشيعة للحر العاملي : 20| 82 ، وأنظر الذنوب الكبيرة لعبد الحسين دستغيب : 2 | 296 - 297.
(32) سورة الممتحنة : أية 8.
(33) مستدرك الوسائل لحسين النوري : 12 | 241.
(34) سورة آل عمران : اَية 104.
(35) التوبة : 71 ، وأنظر اَل عمران : 115.
(36) تفصيل وساثل الشيعة للحر العاملي : 16 | 396.
(37) المصدر السابق : 16 | 122.
(38) الفتاوى الميسرة للمؤلف ، ص 268 - 275.
(39) تفصيل وسائل الشيعة : 12| 200.
(40) المصدر السابق : 12 | 135.
(41) قادتنا كيف نعرفهم للسيد الميلاني نقلاً عن السنن الكبرى للبيهقي : 4 | 135.
(42) التهذيب للشيخ الطوسي : 6 | 292.
(43) تفصيل وسائل الشيعة للحر العاملي : 12 | 201.
(44) نهج البلاغة للإمام علي بن أبي طالب (ع ) ، باعتناء صبحي الصالح : 421.
(45) الكافي للكليني : 2 | 208.
(46) ألمصدر السابق ، وأنظر جامع السعادات للنراقي : 2 | 213.
(47) المصدر نفسه.
(48) المصدر نفسه : 2 | 164 ، ولزيادة الاطلاع أنظر باب «وجوب نصيحة المؤمن» وباب تحريم ترك - نصيحة المؤمن ومناصحته» من كتاب تفصيل وسائل الشيعة للحر العاملي : 16 | 381 ـ 384.
(49) الحجرات : اَية 12.
(50) تفصيل وسائل الشيعة للحر العاملي : 12 | 275.
(51) منهاج الصالحين للسيد السيستاني : 1 | 17.
(52) سورة الحجرات : آية 12.
(53) جامع السعادات للنراقي : 2 | 203.
(54) منهاج الصالحين للسيد السيستاني : 1 | 17.
(55) جامع السعادات للنراقي : 2 | 276.
(56) الأصول من الكافي للكليني : 2 | 369.
(57) ثواب الأعمال وعقاب الأعمال للصدوق : 262.
(58) سورة الحجرات : اَية 12.
(59) تفصيل وسائل الشيعة للحر العاملي : 8 | باب 161.
(60) سورة الأعراف : اَية 31.
(61) سورة الإسراء : اَية 27.
(62) نهج البلاغة للإمام علي ، باعتناء صبحي الصالح ، ص 377.
(63) سورة فاطر : آية 29 - 30.
(64) سورة الحديد : آية 11 - 12.
(65) سورة المنافقون : اَية 10 - 11.
(66) سورة التوبة : أية 34 - 35.
(67) نهج البلاغة للإمام علي ، باعتناء صبحي الصالح ، ص 417 - 418.
(68) البحارللمجلسي : 19 | 118.
(69) قرب الاسناد للحميري ، ص 74.
(70) الخصال للصدوق : 1 | 25.
(71) تفصيل وسائل الشيعة للحر العاملي : 6 | 255.
(72) المصدر السابق : 19 | 118.
(73) ثواب الأعمال وعقاب الأعمال للصدوق ، ص 172.
(74) للمزيد من الاطلاع أنظر الانفاق في سبيل الله للسيد عز الدين بحر العلوم.
(75) ثواب الأعمال وعقاب الأعمال للصدوق ، ص 239.
(76) جامع السعادات للنراقي : 2 | 229.
(77) المصدر السابق.
(78) أنظر الأصول من الكافي للكليني ، باب الاهتمام بأمور المسلمين.