الكتب الفتوائية » منهاج الصالحين ـ الجزء الثالث (الطبعة المصححة 1445 هـ.)
البحث في:
كتاب الطـلاق » تكميل في أحكام الرجعة ←
→ كتاب الطـلاق » 3. شروط الطلاق
كتاب الطـلاق » الفصل الثاني في أقسام الطلاق وبعض أحكامه
مسألة 510: الطلاق على قسمين:
القسم الأوّل: الطلاق البِدْعيّ، وهو : الطلاق غير الجامـع للشرائـط المتقدّمة كطلاق الحائض الحائل أو النفساء حال حضور الزوج مع إمكان معرفة حالها أو مع غيبته كذلك.
والطلاق في طهر المواقعة مع عدم كون المطلَّقة يائسة أو صغيرة أو مستبينة الحمل، والطلاق المعلّق، وطلاق المسترابة قبل انتهاء ثلاثة أشهر من انعزالها، والطلاق بلا إشهاد عدلين، وطلاق المُكْرَه وطلاق الثلاث وغير ذلك.
والجميع باطل عند الإماميّة - إلّا طلاق الثلاث على تفصيل يأتي فيه - ولكن غيرهم من أصحاب المذاهب الإسلاميّة يرون صحّتها كلّاً أو بعضاً.
مسألة 511: من أقسام الطلاق البدعيّ - كما مرّ - طلاق الثلاث، إمّا مُرسلاً بأن يقول: (هي طالق ثلاثاً)، وإمّا ولاءً بأن يكرّر صيغة الطلاق ثلاث مرّات كأن يقول: (هي طالق، هي طالق، هي طالق) من دون تخلّل رجعة في البين قاصداً تعدّد الطلاق.
وفي النحو الثاني يقع الطلاق واحداً ويلغى الآخران، وأمّا في النحو الأوّل فإن أراد به ما هو ظاهره من إيقاع ثلاث طلقات حكم ببطلانه وعدم وقوع طلاق به أصلاً، وكذا إذا قصد به إيقاع البينونة الحاصلة بالطلاق ثلاث مرّات أي الموجبة للحرمة حتّى تنكح زوجاً غيره، وأمّا إذا أراد إيقاع الطلاق بقوله: (هي طالق) أوّلاً ثُمَّ اعتباره بمثابة ثلاث طلقات بقوله: (ثلاثاً) ثانياً - بأن احتوت هذه الكلمة انشاءً مستقلّاً عن انشاء الطلاق قبلها بقوله: (هي طالق) - فيقع به طلاق واحد.
مسألة 512: إذا طلّق غير الإماميّ زوجته بطلاق صحيح على مذهبه فاسد حسب مذهبنا جاز للإماميّ - إقراراً له على مذهبه - أن يتزوّج مطلَّقته بعد انقضاء عدّتها إذا كانت ممّن تجب عليها العدّة في مذهبه، كما يجوز للمطلَّقة نفسها إذا كانت من الإماميّة أن تتزوّج من غيره كذلك.
وهكذا إذا طلّق غير الإماميّ زوجته ثلاثاً وهو يرى وقوعه ثلاثاً وحرمتها عليه حتّى تنكح زوجاً غيره أُقِرَّ على مذهبه، فلو رجع إليها حكم ببطلان رجوعه، فيجوز للإماميّ أن يتزوّج مطلَّقته بعد انقضاء عدّتها إذا كانت ممّن تجب عليها العدّة في مذهبه، كما يجوز لمطلَّقته الإماميّة أن تتزوّج من غيره كذلك.
مسألة 513: إذا طلّق غير الإماميّ زوجته بطلاق صحيح على مذهبه فاسد عندنا ثُمَّ رجع إلى مذهبنا يلزمه ترتيب آثار الصحّة على طلاقه السابق، وكذا زوجته غير الإماميّة ترتب عليه آثار الطلاق الصحيح وإن رجعت إلى مذهبنا، فلو كان الطلاق رجعيّاً على تقدير وجدانه للشرائط المعتبرة عندنا جاز له الرجوع إليها في العدّة ولا يجوز له ذلك بعدها إلّا بعقد جديد.
مسألة 514: إذا طلّق غير الإماميّ زوجته طلاق الثلاث بأحد الأنواع الثلاثة المتقدّمة معتقداً تحقّق البينونة الحاصلة بطلاق الثلاث به - أي الموجبة للحرمة المؤقّتة حتّى تنكح زوجاً غيره - ثُمَّ رجع إلى مذهبنا لم يلزمه عندئذ إلّا ترتيب آثار طلاق واحد صحيح عليه، ولا يلزمه حكم طلاق الثلاث الواجد للشرائط عندنا لكي لا يسعه الرجوع إليها إلّا بمحلّل.
القسم الثاني: الطلاق السنّيّ بالمعنى الأعمّ، وهو الطلاق الجامع للشرائط المتقدّمة، وهو على قسمين: بائن ورجعيّ.
والأوّل: ما ليس للزوج الرجوع إلى المطلّقة بعده سواء أكانت لها عدّة أم لا.
والثاني: ما يكون للزوج الرجوع إليها في العدّة سواء رجع إليها أم لا، وسواء أكانت العدّة بالأقراء أم بالشهور أم بوضع الحمل.
وهناك قسم ثالث يسمّى بـ (الطلاق العدّيّ) وهو مركب من القسمين الأوّلين على ما سيأتي تفصيله.
كما أنّ هناك مصطلحين آخرين للطلاق السنّيّ غير ما تقدّم.
أحدهما: (الطلاق السنّيّ) في مقابل الطلاق العدّيّ ويراد به: أن يطلق الزوجة ثمَّ يراجعها في العدّة من دون جماع.
والثاني: (الطلاق السنّيّ بالمعنى الأخصّ) ويقصد به أن يطلّق الزوجة ولا يراجعها حتّى تنقضي عدّتها ثُمَّ يتزوّجها من جديد.
مسألة 515: الطلاق البائن على أقسام:
1. طلاق الصغيرة التي لم تبلغ التسع وإن دخل بها عمداً أو اشتباهاً.
2. طلاق اليائسة.
3. الطلاق قبل الدخول.
وهذه الثلاث ليس لها عدّة كما سيأتي.
4. الطلاق الذي سبقه طلاقان إذا وقع منه رجوعان - أو ما بحكمها - في البين دون ما لو وقعت الثلاث متوالية كما تقدّم.
5. طلاق الخلع والمباراة مع عدم رجوع الزوجة فيما بذلت، وإلّا كانت له الرجعة كما سيأتي.
6. طلاق الحاكم الشرعيّ زوجة الممتنع عن الطلاق وعن أداء حقوقها الزوجيّة في الموارد المتقدّمة في المسألة (356) وما بعدها، وكذلك طلاق الزوج نفسه بأمر الحاكم الشرعيّ في المورد المتقدّم في المسألة (356) أيضاً.
هذه أقسام الطلاق البائن، وأمّا غيرها فهو طلاق رجعيّ يحقّ للمطلِّق أن يراجع المطلّقة مادامت في العدّة.
مسألة 516: إذا طلّق زوجته غير المدخول بها ولكنّها كانت حاملاً منه بدخول مائه في قُبُلِها بعلاج أو بدونه كان طلاقها رجعيّاً وتعتدّ منه عدّة الحامل.
مسألة 517: المطلّقة بائناً بمنزلة الأجنبيّة من مطلّقها لانقطاع العصمة بينهما تماماً بمجرّد الطلاق، فلا يجب عليها إطاعته أثناء العدّة ولا يحرم عليها الخروج من بيتها بغير إذنه ولا تستحقّ عليه النفقة، نعم إذا كانت حاملاً منه استحقّت النفقة عليه حتّى تضع حملها كما تقدّم في المسألة (418).
وأمّا المطلّقة رجعيّاً فهي زوجة حقيقة أو حكماً مادامت في العدّة، فيجب عليها تمكينه من نفسها فيما يستحقّه من الاستمتاعات الزوجيّة، ويجوز بل يستحبّ لها إظهار زينتها له، ولا يجوز لها الخروج من بيته بغير إذنه - على ما سيأتي - وتستحقّ عليه النفقة إذا لم تكن ناشزة، ويكون كفنها وفطرتها عليه، ولا يجوز له النكاح من أُختها أو من الخامسة قبل انقضاء عدّتها، ويتوارثان إذا مات أحدهما أثناءها، وغير ذلك من الأحكام الثابتة للزوجة أو عليها.
مسألة 518: لا يجوز لمن طلّق زوجته رجعيّاً أن يخرجها من دار سكناها عند الطلاق حتّى تنقضي عدّتها، إلّا أن تأتي بفاحشة مبيّنة وأبرزها الزناء، وكذا لا يجوز لها الخروج منها بدون إذنه إلّا لضرورة أو لأداء واجب مضيّق.
مسألة 519: قد ظهر ممّا تقدّم أنّه لا توارث بين الزوجين في الطلاق البائن مطلقاً، وفي الطلاق الرجعيّ بعد انقضاء العدّة، ولكنّه إذا كان الطلاق في حال مرض الزوج ومات وهو على هذا الحال قبل انقضاء السنة - أي اثني عشر شهراً هلاليّاً - من حين الطلاق ورثت الزوجة منه على تفصيل سيأتي في المسألة (1062) من كتاب الإرث إن شاء الله تعالى.
مسألة 520: إذا طلّق الرجل زوجته ثلاثاً مع تخلّل رجعتين أو ما بحكمهما حرمت عليه - ولو بعقد جديد - حتّى تنكح زوجاً غيره، سواء واقعها بعد كلّ رجعة وطلّقها في طهر آخر غير طهر المواقعة أم لم يواقعها، وسواء وقع كلّ طلاق في طهر أم وقع الجميع في طهر واحد، فلو طلّقها مع الشرائط ثُمَّ راجعها ثُمَّ طلّقها ثُمَّ راجعها ثُمَّ طلقها في مجلس واحد حرمت عليه فضلاً عمّا إذا طلّقها ثُمَّ راجعها ثُمَّ تركها حتّى حاضت وطهرت ثُمَّ طلّقها وراجعها ثُمَّ تركها حتّى حاضت وطهرت ثُمَّ طلّقها.
مسألة 521: العقد الجديد بحكم الرجوع في الطلاق، فلو طلّقها ثلاثاً بينها عقدان مستأنفان حرُمت عليه حتّى تنكح زوجاً غيره، سواء لم تكن لها عدّة - كما إذا طلّقها قبل الدخول ثُمَّ عقد عليها ثُمَّ طلّقها ثُمَّ عقد عليها ثُمَّ طلّقها - أم كانت ذات عدّة وعقد عليها بعد انقضاء العدّة.
مسألة 522: المطلّقة ثلاثاً إذا نكحت زوجاً آخر وفارقها بموت أو طلاق حلّت للزوج الأوّل وجاز له العقد عليها بعد انقضاء العدّة من الزوج الثاني، فإذا طلّقها ثلاثاً أُخرى حرمت عليه أيضاً حتّى تنكح زوجاً آخر وإن كان ذاك الزوج الثاني المحلِّل في الثلاث الأُولى، فإذا فارقها حلّت للأوّل، فإذا عقد عليها وطلّقها ثلاثاً فالمشهور بين الفقهاء (رضوان الله تعالى عليهم) أنّها تحلّ له أيضاً إذا نكحت زوجاً غيره.
وهكذا تحرم عليه بعد كلّ طلاق ثالث وتحلّ له بنكاح الغير بعده وإن طلّقت مائة مرّة إلّا إذا طلّقت تسعاً بالطلاق العدّيّ، وذلك بأن يطلّقها ثّمَّ يراجعها قبل خروجها من العدّة فيواقعها ثُمَّ يطلّقها في طهر آخر ثُمَّ يراجعها ويواقعها ثُمَّ يطلّقها في طهر آخر، فتحرم عليه حتّى تنكح زوجاً آخر فإذا نكحت وخلت منه فتزوّجها الأوّل فطلّقها ثلاثاً على نهج الثلاث الأُولى ثُمَّ حلّت له بمحلّل ثُمَّ عقد عليها ثُمَّ طلّقها ثلاثاً كالأُوليين حرمت عليه مؤبّداً.
فالنتيجة إنّ الطلاق التسع لا يوجب الحرمة الأبديّة على المشهور إلّا فيما إذا وقع الطلاق العدّيّ ثلاث مرات، ويعتبر فيه أمران:
1. تخلّل رجعتين فلا يكفي وقوع عقدين مستأنفين ولا وقوع رجعة وعقد مستأنف في البين.
2. وقوع المواقعة بعد كلّ رجعة.
فالطلاق العدّيّ مركّب من ثلاث طلقات اثنتان منها رجعيّة وواحدة منها بائنة، فإذا وقعت ثلاثة منه حتّى كملت تسع طلقات حرمت عليه مؤبّداً.
هذا، ولكن الأحوط لزوماً الاجتناب عن المطلّقة تسعاً مطلقاً وإن لم يكن الجميع طلاقاً عدّيّاً.
مسألة 523: تقدّم أنَّ المطلَّقة ثلاثاً تحرم على المطلِّق حتّى تنكح زوجاً غيره، ويعتبر في زوال التحريم أُمور :
1. أن يكون العقد دائماً لا متعة.
2. أن يطأها الزوج الثاني، والأحوط وجوباً أن يكون الوطء في القُبُل، ويكفي فيه الوطء الموجب للغسل بغيبوبة الحشفة أو ما يصدق به الدخول من مقطوعها، ولا يعتبر فيه الإنزال وإن كان أحوط استحباباً.
3. أن يكون الزوج الثاني بالغاً حين الوطء فلا يكفي كونه مراهقاً على الأحوط لزوماً.
4. أن يفارقها الزوج الثاني بموت أو طلاق.
5. انقضاء عدّتها من الزوج الثاني.
مسألة 524: الطلقات الثلاث إنّما توجب التحريم إذا لم تتزوّج المطلَّقة في أثنائها من رجل آخر بعقد دائم ويدخل بها وإلّا انهدم حكم الطلاق السابق عليه وتكون كأنّها غير مطلّقة، فلو طلّق مرّة أو مرّتين فتزوّجت المطلّقة زوجاً آخر ودخل بها ثُمَّ فارقته بموت أو طلاق فتزوّجها الأوّل لم تحرم عليه إذا طلّقها الثالثة بل يتوقّف التحريم على ثلاث تطليقات مستأنفة.
مسألة 525: إذا طلّقها ثلاثاً وانقضت مدّة فادّعت أنّها تزوّجت وفارقها الزوج الثاني ومضت العدّة فإن لم تكن متّهمة في دعواها صُدّقت فيجوز للزوج الأوّل أن ينكحها بعقد جديد من غير فحص وتفتيش، وإن كانت متّهمة فيما تدّعي فالأحوط لزوماً عدم العقد عليها قبل الفحص عن حالها.
مسألة 526: إذا دخــل المحــلّل فادّعــت الدخــول ولم يكذّبها صُدّقــتْ وحلّــت للــزوج الأوّل، وإن كذّبها فيحتمل قبول قولها أيضاً ولكن الأحوط الاقتصار على صورة حصول الاطمئنان بصدقها، ولو ادّعت الإصابة ثُمَّ رجعت عن قولها، فإن كان قبل أن يعقد الأوّل عليها لم تحلّ له، وإن كان بعد العقد عليها لم يقبل رجوعها.
مسألة 527: لا فرق في الوطء المعتبر في المحلِّل بين المحرَّم والمحلَّل، فلو وطئها مُحرَّماً كالوطء في حال الإحرام أو في الصوم الواجب أو في الحيض ونحو ذلك كفى في حصول التحليل للزوج الأوّل.
مسألة 528: لو شكّ الزوج في إيقاع أصل الطلاق على زوجته لم يلزمه الطلاق، بل يحكم ظاهراً ببقاء علقة النكاح، ولو علم بأصل الطلاق وشكّ في عدده بنى على الأقلّ، سواء أكان الطرف الأكثر الثلاث أم التسع أم غيرهما، فلا يحكم مع الشكّ بالحرمة غير المؤبّدة في الأوّل ولا بالحرمة الأبديّة في الثاني، ولو شكّ بين الثلاث والتسع بنى على الأوّل فتحلّ له بالمحلِّل.
مسألة 529: إذا ادّعت الزوجة أنّ زوجها طلّقها وأنكر كان القول قوله بيمينه، وإن انعكس بأن ادّعى الزوج أنّه طلّقها وأنكرت كان القول قولها بيمينها، ولو كان نزاعهما في زمان وقوع الطلاق بعد ثبوته أو اتّفاقهما عليه بأن ادّعى أنّه طلّقها قبل سنة مثلاً حتّى لا تستحقّ عليه النفقة وغيرها من حقوق الزوجة في تلك المدّة وادّعت هي تأخّره فلا إشكال في تقديم قولها بيمينها.
ثُمَّ إنّ تقديم قول الزوج أو الزوجة مع اليمين في هذه الموارد منوط بعدم كونه مخالفاً للظاهر وإلّا قدّم قول خصمه بيمينه إذا لم يكن كذلك كما مرّ في نظائرها.
كتاب الطـلاق » تكميل في أحكام الرجعة ←
→ كتاب الطـلاق » 3. شروط الطلاق
القسم الأوّل: الطلاق البِدْعيّ، وهو : الطلاق غير الجامـع للشرائـط المتقدّمة كطلاق الحائض الحائل أو النفساء حال حضور الزوج مع إمكان معرفة حالها أو مع غيبته كذلك.
والطلاق في طهر المواقعة مع عدم كون المطلَّقة يائسة أو صغيرة أو مستبينة الحمل، والطلاق المعلّق، وطلاق المسترابة قبل انتهاء ثلاثة أشهر من انعزالها، والطلاق بلا إشهاد عدلين، وطلاق المُكْرَه وطلاق الثلاث وغير ذلك.
والجميع باطل عند الإماميّة - إلّا طلاق الثلاث على تفصيل يأتي فيه - ولكن غيرهم من أصحاب المذاهب الإسلاميّة يرون صحّتها كلّاً أو بعضاً.
مسألة 511: من أقسام الطلاق البدعيّ - كما مرّ - طلاق الثلاث، إمّا مُرسلاً بأن يقول: (هي طالق ثلاثاً)، وإمّا ولاءً بأن يكرّر صيغة الطلاق ثلاث مرّات كأن يقول: (هي طالق، هي طالق، هي طالق) من دون تخلّل رجعة في البين قاصداً تعدّد الطلاق.
وفي النحو الثاني يقع الطلاق واحداً ويلغى الآخران، وأمّا في النحو الأوّل فإن أراد به ما هو ظاهره من إيقاع ثلاث طلقات حكم ببطلانه وعدم وقوع طلاق به أصلاً، وكذا إذا قصد به إيقاع البينونة الحاصلة بالطلاق ثلاث مرّات أي الموجبة للحرمة حتّى تنكح زوجاً غيره، وأمّا إذا أراد إيقاع الطلاق بقوله: (هي طالق) أوّلاً ثُمَّ اعتباره بمثابة ثلاث طلقات بقوله: (ثلاثاً) ثانياً - بأن احتوت هذه الكلمة انشاءً مستقلّاً عن انشاء الطلاق قبلها بقوله: (هي طالق) - فيقع به طلاق واحد.
مسألة 512: إذا طلّق غير الإماميّ زوجته بطلاق صحيح على مذهبه فاسد حسب مذهبنا جاز للإماميّ - إقراراً له على مذهبه - أن يتزوّج مطلَّقته بعد انقضاء عدّتها إذا كانت ممّن تجب عليها العدّة في مذهبه، كما يجوز للمطلَّقة نفسها إذا كانت من الإماميّة أن تتزوّج من غيره كذلك.
وهكذا إذا طلّق غير الإماميّ زوجته ثلاثاً وهو يرى وقوعه ثلاثاً وحرمتها عليه حتّى تنكح زوجاً غيره أُقِرَّ على مذهبه، فلو رجع إليها حكم ببطلان رجوعه، فيجوز للإماميّ أن يتزوّج مطلَّقته بعد انقضاء عدّتها إذا كانت ممّن تجب عليها العدّة في مذهبه، كما يجوز لمطلَّقته الإماميّة أن تتزوّج من غيره كذلك.
مسألة 513: إذا طلّق غير الإماميّ زوجته بطلاق صحيح على مذهبه فاسد عندنا ثُمَّ رجع إلى مذهبنا يلزمه ترتيب آثار الصحّة على طلاقه السابق، وكذا زوجته غير الإماميّة ترتب عليه آثار الطلاق الصحيح وإن رجعت إلى مذهبنا، فلو كان الطلاق رجعيّاً على تقدير وجدانه للشرائط المعتبرة عندنا جاز له الرجوع إليها في العدّة ولا يجوز له ذلك بعدها إلّا بعقد جديد.
مسألة 514: إذا طلّق غير الإماميّ زوجته طلاق الثلاث بأحد الأنواع الثلاثة المتقدّمة معتقداً تحقّق البينونة الحاصلة بطلاق الثلاث به - أي الموجبة للحرمة المؤقّتة حتّى تنكح زوجاً غيره - ثُمَّ رجع إلى مذهبنا لم يلزمه عندئذ إلّا ترتيب آثار طلاق واحد صحيح عليه، ولا يلزمه حكم طلاق الثلاث الواجد للشرائط عندنا لكي لا يسعه الرجوع إليها إلّا بمحلّل.
القسم الثاني: الطلاق السنّيّ بالمعنى الأعمّ، وهو الطلاق الجامع للشرائط المتقدّمة، وهو على قسمين: بائن ورجعيّ.
والأوّل: ما ليس للزوج الرجوع إلى المطلّقة بعده سواء أكانت لها عدّة أم لا.
والثاني: ما يكون للزوج الرجوع إليها في العدّة سواء رجع إليها أم لا، وسواء أكانت العدّة بالأقراء أم بالشهور أم بوضع الحمل.
وهناك قسم ثالث يسمّى بـ (الطلاق العدّيّ) وهو مركب من القسمين الأوّلين على ما سيأتي تفصيله.
كما أنّ هناك مصطلحين آخرين للطلاق السنّيّ غير ما تقدّم.
أحدهما: (الطلاق السنّيّ) في مقابل الطلاق العدّيّ ويراد به: أن يطلق الزوجة ثمَّ يراجعها في العدّة من دون جماع.
والثاني: (الطلاق السنّيّ بالمعنى الأخصّ) ويقصد به أن يطلّق الزوجة ولا يراجعها حتّى تنقضي عدّتها ثُمَّ يتزوّجها من جديد.
مسألة 515: الطلاق البائن على أقسام:
1. طلاق الصغيرة التي لم تبلغ التسع وإن دخل بها عمداً أو اشتباهاً.
2. طلاق اليائسة.
3. الطلاق قبل الدخول.
وهذه الثلاث ليس لها عدّة كما سيأتي.
4. الطلاق الذي سبقه طلاقان إذا وقع منه رجوعان - أو ما بحكمها - في البين دون ما لو وقعت الثلاث متوالية كما تقدّم.
5. طلاق الخلع والمباراة مع عدم رجوع الزوجة فيما بذلت، وإلّا كانت له الرجعة كما سيأتي.
6. طلاق الحاكم الشرعيّ زوجة الممتنع عن الطلاق وعن أداء حقوقها الزوجيّة في الموارد المتقدّمة في المسألة (356) وما بعدها، وكذلك طلاق الزوج نفسه بأمر الحاكم الشرعيّ في المورد المتقدّم في المسألة (356) أيضاً.
هذه أقسام الطلاق البائن، وأمّا غيرها فهو طلاق رجعيّ يحقّ للمطلِّق أن يراجع المطلّقة مادامت في العدّة.
مسألة 516: إذا طلّق زوجته غير المدخول بها ولكنّها كانت حاملاً منه بدخول مائه في قُبُلِها بعلاج أو بدونه كان طلاقها رجعيّاً وتعتدّ منه عدّة الحامل.
مسألة 517: المطلّقة بائناً بمنزلة الأجنبيّة من مطلّقها لانقطاع العصمة بينهما تماماً بمجرّد الطلاق، فلا يجب عليها إطاعته أثناء العدّة ولا يحرم عليها الخروج من بيتها بغير إذنه ولا تستحقّ عليه النفقة، نعم إذا كانت حاملاً منه استحقّت النفقة عليه حتّى تضع حملها كما تقدّم في المسألة (418).
وأمّا المطلّقة رجعيّاً فهي زوجة حقيقة أو حكماً مادامت في العدّة، فيجب عليها تمكينه من نفسها فيما يستحقّه من الاستمتاعات الزوجيّة، ويجوز بل يستحبّ لها إظهار زينتها له، ولا يجوز لها الخروج من بيته بغير إذنه - على ما سيأتي - وتستحقّ عليه النفقة إذا لم تكن ناشزة، ويكون كفنها وفطرتها عليه، ولا يجوز له النكاح من أُختها أو من الخامسة قبل انقضاء عدّتها، ويتوارثان إذا مات أحدهما أثناءها، وغير ذلك من الأحكام الثابتة للزوجة أو عليها.
مسألة 518: لا يجوز لمن طلّق زوجته رجعيّاً أن يخرجها من دار سكناها عند الطلاق حتّى تنقضي عدّتها، إلّا أن تأتي بفاحشة مبيّنة وأبرزها الزناء، وكذا لا يجوز لها الخروج منها بدون إذنه إلّا لضرورة أو لأداء واجب مضيّق.
مسألة 519: قد ظهر ممّا تقدّم أنّه لا توارث بين الزوجين في الطلاق البائن مطلقاً، وفي الطلاق الرجعيّ بعد انقضاء العدّة، ولكنّه إذا كان الطلاق في حال مرض الزوج ومات وهو على هذا الحال قبل انقضاء السنة - أي اثني عشر شهراً هلاليّاً - من حين الطلاق ورثت الزوجة منه على تفصيل سيأتي في المسألة (1062) من كتاب الإرث إن شاء الله تعالى.
مسألة 520: إذا طلّق الرجل زوجته ثلاثاً مع تخلّل رجعتين أو ما بحكمهما حرمت عليه - ولو بعقد جديد - حتّى تنكح زوجاً غيره، سواء واقعها بعد كلّ رجعة وطلّقها في طهر آخر غير طهر المواقعة أم لم يواقعها، وسواء وقع كلّ طلاق في طهر أم وقع الجميع في طهر واحد، فلو طلّقها مع الشرائط ثُمَّ راجعها ثُمَّ طلّقها ثُمَّ راجعها ثُمَّ طلقها في مجلس واحد حرمت عليه فضلاً عمّا إذا طلّقها ثُمَّ راجعها ثُمَّ تركها حتّى حاضت وطهرت ثُمَّ طلّقها وراجعها ثُمَّ تركها حتّى حاضت وطهرت ثُمَّ طلّقها.
مسألة 521: العقد الجديد بحكم الرجوع في الطلاق، فلو طلّقها ثلاثاً بينها عقدان مستأنفان حرُمت عليه حتّى تنكح زوجاً غيره، سواء لم تكن لها عدّة - كما إذا طلّقها قبل الدخول ثُمَّ عقد عليها ثُمَّ طلّقها ثُمَّ عقد عليها ثُمَّ طلّقها - أم كانت ذات عدّة وعقد عليها بعد انقضاء العدّة.
مسألة 522: المطلّقة ثلاثاً إذا نكحت زوجاً آخر وفارقها بموت أو طلاق حلّت للزوج الأوّل وجاز له العقد عليها بعد انقضاء العدّة من الزوج الثاني، فإذا طلّقها ثلاثاً أُخرى حرمت عليه أيضاً حتّى تنكح زوجاً آخر وإن كان ذاك الزوج الثاني المحلِّل في الثلاث الأُولى، فإذا فارقها حلّت للأوّل، فإذا عقد عليها وطلّقها ثلاثاً فالمشهور بين الفقهاء (رضوان الله تعالى عليهم) أنّها تحلّ له أيضاً إذا نكحت زوجاً غيره.
وهكذا تحرم عليه بعد كلّ طلاق ثالث وتحلّ له بنكاح الغير بعده وإن طلّقت مائة مرّة إلّا إذا طلّقت تسعاً بالطلاق العدّيّ، وذلك بأن يطلّقها ثّمَّ يراجعها قبل خروجها من العدّة فيواقعها ثُمَّ يطلّقها في طهر آخر ثُمَّ يراجعها ويواقعها ثُمَّ يطلّقها في طهر آخر، فتحرم عليه حتّى تنكح زوجاً آخر فإذا نكحت وخلت منه فتزوّجها الأوّل فطلّقها ثلاثاً على نهج الثلاث الأُولى ثُمَّ حلّت له بمحلّل ثُمَّ عقد عليها ثُمَّ طلّقها ثلاثاً كالأُوليين حرمت عليه مؤبّداً.
فالنتيجة إنّ الطلاق التسع لا يوجب الحرمة الأبديّة على المشهور إلّا فيما إذا وقع الطلاق العدّيّ ثلاث مرات، ويعتبر فيه أمران:
1. تخلّل رجعتين فلا يكفي وقوع عقدين مستأنفين ولا وقوع رجعة وعقد مستأنف في البين.
2. وقوع المواقعة بعد كلّ رجعة.
فالطلاق العدّيّ مركّب من ثلاث طلقات اثنتان منها رجعيّة وواحدة منها بائنة، فإذا وقعت ثلاثة منه حتّى كملت تسع طلقات حرمت عليه مؤبّداً.
هذا، ولكن الأحوط لزوماً الاجتناب عن المطلّقة تسعاً مطلقاً وإن لم يكن الجميع طلاقاً عدّيّاً.
مسألة 523: تقدّم أنَّ المطلَّقة ثلاثاً تحرم على المطلِّق حتّى تنكح زوجاً غيره، ويعتبر في زوال التحريم أُمور :
1. أن يكون العقد دائماً لا متعة.
2. أن يطأها الزوج الثاني، والأحوط وجوباً أن يكون الوطء في القُبُل، ويكفي فيه الوطء الموجب للغسل بغيبوبة الحشفة أو ما يصدق به الدخول من مقطوعها، ولا يعتبر فيه الإنزال وإن كان أحوط استحباباً.
3. أن يكون الزوج الثاني بالغاً حين الوطء فلا يكفي كونه مراهقاً على الأحوط لزوماً.
4. أن يفارقها الزوج الثاني بموت أو طلاق.
5. انقضاء عدّتها من الزوج الثاني.
مسألة 524: الطلقات الثلاث إنّما توجب التحريم إذا لم تتزوّج المطلَّقة في أثنائها من رجل آخر بعقد دائم ويدخل بها وإلّا انهدم حكم الطلاق السابق عليه وتكون كأنّها غير مطلّقة، فلو طلّق مرّة أو مرّتين فتزوّجت المطلّقة زوجاً آخر ودخل بها ثُمَّ فارقته بموت أو طلاق فتزوّجها الأوّل لم تحرم عليه إذا طلّقها الثالثة بل يتوقّف التحريم على ثلاث تطليقات مستأنفة.
مسألة 525: إذا طلّقها ثلاثاً وانقضت مدّة فادّعت أنّها تزوّجت وفارقها الزوج الثاني ومضت العدّة فإن لم تكن متّهمة في دعواها صُدّقت فيجوز للزوج الأوّل أن ينكحها بعقد جديد من غير فحص وتفتيش، وإن كانت متّهمة فيما تدّعي فالأحوط لزوماً عدم العقد عليها قبل الفحص عن حالها.
مسألة 526: إذا دخــل المحــلّل فادّعــت الدخــول ولم يكذّبها صُدّقــتْ وحلّــت للــزوج الأوّل، وإن كذّبها فيحتمل قبول قولها أيضاً ولكن الأحوط الاقتصار على صورة حصول الاطمئنان بصدقها، ولو ادّعت الإصابة ثُمَّ رجعت عن قولها، فإن كان قبل أن يعقد الأوّل عليها لم تحلّ له، وإن كان بعد العقد عليها لم يقبل رجوعها.
مسألة 527: لا فرق في الوطء المعتبر في المحلِّل بين المحرَّم والمحلَّل، فلو وطئها مُحرَّماً كالوطء في حال الإحرام أو في الصوم الواجب أو في الحيض ونحو ذلك كفى في حصول التحليل للزوج الأوّل.
مسألة 528: لو شكّ الزوج في إيقاع أصل الطلاق على زوجته لم يلزمه الطلاق، بل يحكم ظاهراً ببقاء علقة النكاح، ولو علم بأصل الطلاق وشكّ في عدده بنى على الأقلّ، سواء أكان الطرف الأكثر الثلاث أم التسع أم غيرهما، فلا يحكم مع الشكّ بالحرمة غير المؤبّدة في الأوّل ولا بالحرمة الأبديّة في الثاني، ولو شكّ بين الثلاث والتسع بنى على الأوّل فتحلّ له بالمحلِّل.
مسألة 529: إذا ادّعت الزوجة أنّ زوجها طلّقها وأنكر كان القول قوله بيمينه، وإن انعكس بأن ادّعى الزوج أنّه طلّقها وأنكرت كان القول قولها بيمينها، ولو كان نزاعهما في زمان وقوع الطلاق بعد ثبوته أو اتّفاقهما عليه بأن ادّعى أنّه طلّقها قبل سنة مثلاً حتّى لا تستحقّ عليه النفقة وغيرها من حقوق الزوجة في تلك المدّة وادّعت هي تأخّره فلا إشكال في تقديم قولها بيمينها.
ثُمَّ إنّ تقديم قول الزوج أو الزوجة مع اليمين في هذه الموارد منوط بعدم كونه مخالفاً للظاهر وإلّا قدّم قول خصمه بيمينه إذا لم يكن كذلك كما مرّ في نظائرها.