الاستفتاءات » ابحث (النظر)
١٤١
السؤال: نظرت الي الكعبة حال طوافي الاول الذي بغير طهارة كثيراً فما حكمه ؟
الجواب: لا يضرالنظر الي الكعبة ان لم تكوني مستقبلة له .
الطواف في الحج
١٤٢
السؤال: هل تترتّب على الصلة من الرضاع ما يترتب على صلة الرحم، فهل يكون الأخ من الرضاع رحماً تجب صلته ويحرم قطيعته؟
الجواب: ليس رحماً، ولا يترتّب عليه أحكام الرحم عدا جواز النظر وحرمة النكاح، وإن كانت صلته حسنة.
الرضاع
١٤٣
السؤال: ماحلية تناول سمك الفيلية المنزوع العظم علما انه مجهول المنشاء ومطروح في اسواقنا وكذلك بالنسبة لسمك التونة وسمك السردين المعلب.
افتونا جزاكم الله خيرا
الجواب: يُشترط في جواز أكل السمك أمران :
١- أن يكون له فلس عرفاً.
٢- أن يستولي الصيّاد عليه حيّاً أو يموت داخل شبكة الصيد أو حيظرته.
والسمك المستورد من البلاد غير الإسلامية الذي يوجد بيد المسلم أو في أسواق المسلمين يمكن الإطمئنان بأنّه قد توفّر فيه الأمر الثاني بالنظر إلى أن الكميّات التجارية من السمك إنّما يتم صيدها بالسفن الحديثة التي يعتمد اخراج السمك من الماء حيّاً وقلّما يختلط بها شيٌ من الميتة.
فيبقى إحراز الأمر الأول أي كون السمك ذا فلسٍ وهو متيسّر إذا لم يكن منزوع الجلد ، وأمّا إذا لم يكن عليه جلده ـــ كما في المعلّب ـــ فإن كان قد سجّل على الغلاف أنّه من النوع ذي الفلس كالتونة والسردين وكان البلد المصدّر يطبّق قوانين صارمة في مطابقة المواصفات المسجّلة على الغلاف كما في داخله فربّما يمكن إحراز أنّه من النوع المحلّل. وأمّا في غير هذا فإن احتُمِل إحتمالاً معتداً به بأنّ ذا اليد المسلم أو البائع في سوق المسلمين قد احرز كونه ذا فلس بأن لم يكن ممن يستحلّون السمك وإن كان فاقداً للفلس ـــ كاخواننا من أهل السنّة ـــ ولم يكن من الذين لا يبالون بتطبيق الضوابط الشرعية فبالإمكان الإعتماد على يده والمعاملة مع السمك الذي يعرضه للأكل معاملة المذكّى الذي يجوز أكله.
السمك
١- أن يكون له فلس عرفاً.
٢- أن يستولي الصيّاد عليه حيّاً أو يموت داخل شبكة الصيد أو حيظرته.
والسمك المستورد من البلاد غير الإسلامية الذي يوجد بيد المسلم أو في أسواق المسلمين يمكن الإطمئنان بأنّه قد توفّر فيه الأمر الثاني بالنظر إلى أن الكميّات التجارية من السمك إنّما يتم صيدها بالسفن الحديثة التي يعتمد اخراج السمك من الماء حيّاً وقلّما يختلط بها شيٌ من الميتة.
فيبقى إحراز الأمر الأول أي كون السمك ذا فلسٍ وهو متيسّر إذا لم يكن منزوع الجلد ، وأمّا إذا لم يكن عليه جلده ـــ كما في المعلّب ـــ فإن كان قد سجّل على الغلاف أنّه من النوع ذي الفلس كالتونة والسردين وكان البلد المصدّر يطبّق قوانين صارمة في مطابقة المواصفات المسجّلة على الغلاف كما في داخله فربّما يمكن إحراز أنّه من النوع المحلّل. وأمّا في غير هذا فإن احتُمِل إحتمالاً معتداً به بأنّ ذا اليد المسلم أو البائع في سوق المسلمين قد احرز كونه ذا فلس بأن لم يكن ممن يستحلّون السمك وإن كان فاقداً للفلس ـــ كاخواننا من أهل السنّة ـــ ولم يكن من الذين لا يبالون بتطبيق الضوابط الشرعية فبالإمكان الإعتماد على يده والمعاملة مع السمك الذي يعرضه للأكل معاملة المذكّى الذي يجوز أكله.
١٤٤
السؤال: تعاني بعض النساء من كثرة نموّ الشعر في جسمهنّ ممّا يسبّب تعباً شديداً في إلازالة ، وإحراجاً للمرأة وتعباً نفسيّاً، فهل يجوز إزالة الشعر باللّيزر وإزالة شعر المنطقة الحسّاسة ؟
مع العلم انّ التي ستزيل الشعر ستضطر الى النظر واللّمس.
الجواب: تجوز إزالة الشعر الزائد باللّيزر ولكن لا يجوز تمكين الطبيبة من النظر واللّمس المحرّمين لإزالته به إلاّ في حال الضرورة، ويبعد تحقّقها عادة ً بالنسبة إلى الشعر النابت في ( المنطقة الحسّاسة ) للتمكّن من إزالته بغير ذلك إلاّ إذا فُرِضَ كونه ضرريّاً أو موجباً للوقوع في الحرج البالغ الذي لا يُتحمّل عادةً.
الليزر
١٤٥
السؤال: هل يجوز أخذ بويضة من إمرأة أخرى مع أخذ نطفة من زوجي لإجراء عمليّة أطفال الأنابيب، لأنّني كبيرة في العمر وليس لديّ بيوض؟
الجواب: إذا لم تكن صاحبة البويضة من محارم الزوج ــ كالأخت ــ فالعمليّة في حدّ ذاتها جائزة، ولكن إجراؤها يتوقّف في العادة على التمكين من النظر المحرّم، ولا ترتفع الحرمة إلّا في حال الضرورة.
يبقى هنا أمر آخر وهو أنّ الأم النسبيّة للولد عند بعض الفقهاء هي صاحبة الرحم وعند آخرين هي صاحبة البويضة، ولا يفتي سماحة السيد بأيٍّ من الرأيين، ويمكن لمقلّده الرجوع في ذلك إلى فقيه آخر.
التلقيح الصناعي
يبقى هنا أمر آخر وهو أنّ الأم النسبيّة للولد عند بعض الفقهاء هي صاحبة الرحم وعند آخرين هي صاحبة البويضة، ولا يفتي سماحة السيد بأيٍّ من الرأيين، ويمكن لمقلّده الرجوع في ذلك إلى فقيه آخر.
١٤٦
السؤال: يفتي معظم الفقهاء بأنّه: (لا عبرة برؤية الهلال بالعين المسلّحة سواء بالنسبة إلى الرائي وغيره)، ويسأل البعض عن وجه هذه الفتوى مع أنّ الرؤية المذكورة في النصوص ـ صُمْ للرؤية وأفطِر للرؤية ـ تعمّ بإطلاقها الرؤية بالعين المجرّدة والعين المسلّحة، ومجرّد عدم كون الرؤية بالعين المسلّحة متيسّرة في عصر المعصومين (عليهم السلام) لا يمنع من شمول الإطلاق لها، فأيّ وجهٍ لعدم الاعتماد على الأجهزة الحديثة في رؤية الهلال مع أنّه تتمّ الاستعانة بها في تشخيص سائر الموضوعات الشرعية؟
الجواب: هذا بحث تخصّصي وليس متاحاً في بعض جوانبه إلّا لأهل الاختصاص، ولكن نذكر ما ربما يسع استيعابه لغيرهم أيضاً.
فنقول: إنّ القرآن الكريم قد دلّ على أنّ أهلّة الشهور إنّما جعلت مواقيت يعتمد عليها الناس في أمور دينهم ودنياهم، قال تعالى: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ) وما يصلح أن يكون ميقاتاً لعامّة الناس هو الهلال الذي يظهر على الأفق المحلّي بنحو قابل للرؤية بالعين المجرّدة، وأمّا ما لا يرى إلّا بالأدوات المقرّبة فهو لا يصلح أن يكون ميقاتاً للناس عامّةً.
وبعبارة أخرى: حكم الهلال في الليلة الأولى والليالي اللاحقة من الشهر حكم عقارب الساعة، فكما أنّ عقاربها تحكي بحركتها الدوريّة عن أوقات الليل والنهار كذلك القمر بأوضاعه المختلفة ـ حيث يزداد جزؤه المضيء ليلة بعد أخرى ثمّ يبدأ بالتناقص حتّى يدخل في المحاق ـ تحكي عن عدد الليالي في الشهر القمري، ومعنى جعل الأهلّة مواقيت للناس هو أنّ ظهورها بمراحلها المختلفة بمثابة عدّاد سماوي مشهود لعامّة الناس يمكنهم الرجوع إليه لمعرفة أيّام الشهر القمري لتنظيم شؤون دينهم ودنياهم، وهذا يقتضي أن تكون العبرة في رؤيته بما يتيسّر التأكّد منه لعامّة الناس لا لخصوص من يمتلك جهازاً صناعيّاً يكشف عن وجود الهلال في الأفق في الوقت الذي لا يتيسّر التحقّق من ذلك لغيره، فإنّ هذا لا ينسجم مع كون الأهلّة مواقيت للناس عامّة.
ومن هنا يُعلم أنّ عدم الأخذ بالرؤية بالتلسكوب ونحوه في إثبات الهلال ليس من جهة الإحجام عن الاستعانة بالأجهزة الحديثة في تشخيص موضوع الحكم الشرعي، بل من جهة أنّ ما جُعل موضوعاً له إنّما هو من قبيل ما يعتبر أن يكون قابلاً للتحقّق من وجوده لعامّة الناس ممّن يملك عيناً سليمة حتّى أهل الأرياف وسكنة البراري والجبال ممّن لا طريق لهم للتحقّق من ظهور الهلال في الأفق إلّا أعينهم.
ونظير المقام ـ من وجهٍ ـ أنّ من موجبات الجنابة هو خروج السائل المنوي من الرجل، وعندما تجرى له عملية استئصال غدّة البروستات يؤدّي ذلك عند المقاربة ـ كما يقول أهل الاختصاص ـ إلى رجوع المني إلى المثانة وخروجه مستهلكاً في البول، فإذا أخذت عيّنة من بوله واكتشف في المختبر بالمجهر اشتمالها على بعض الحيوانات المنويّة لم يحكم على صاحبها بوجوب الغُسل، لأنّ ما يوجبه هو خروج المني وهو ما لم يحصل، وأمّا إحراز وجود حيوانات منويّة فيما يخرج من البول بالأجهزة الحديثة فهو ممّا لا أثر له، لعدم تحقّق موضوع وجوب الغُسل بذلك.
ونظيره أيضاً ما إذا خرج من وطنه وابتعد عنه بحيث لا يراه من يسكن فيه إلّا بالمنظار ونحوه، أو لا يسمع هو صوت الأذان المرفوع فيه إلّا ببعض الآلات المعدّة لالتقاط الأصوات من الأمكنة البعيدة، فإنّه لا يتأخّر وصوله إلى حدّ الترخّص بهذا المقدار بل يصل إليه إذا لم يكن يراه أهل بلده بالعين المجرّدة ــ وعلى رأيٍ إذا لم يكن يسمع الأذان المرفوع فيه بأذُنه المتعارفة ــ لأنّ ما هو موضوع الحكم بوجوب التقصير في الصلاة والترخيص في الإفطار في شهر رمضان هو الابتعاد عن الوطن بهذا المقدار وليس عدم الرؤية أو عدم السماع بعنوانهما.
وهكذا أيضاً ما إذا نظّف السمكة ممّا فيها من الدم ــ وهو ما يحرم أكله وإن كان طاهراً ــ ولكن لاحظ بالمجهر بقاء جزيئات صغيرة جدّاً من الدم فيها بحيث لا ترى بالعين المجرّدة، فإنّه لا يضرّ ذلك بجواز أكلها، لأنّ موضوع حرمة الأكل هو ما يعدّ دماً بالنظر العرفي، وتلك الجزيئات لا تعدّ كذلك.
فهذه الموارد تختلف عن موارد أخرى يمكن أن يكون للأجهزة الحديثة دور في تحقّق موضوع الحكم الشرعي أو إحراز تحقّقه، ومن أمثلته:
١ـ ما إذا شكّ في وقوع شيء من النجاسة في كأس من الماء، فنظر بعينه المجرّدة فلم يجد شيئاً ثمّ نظر بالمجهر فوجد فيه ذرّة من النجاسة لا تُرى بالعين المجرّدة، فإنّه يحكم فيه بتنجّس الماء، لأنّ موضوع الحكم بالتنجّس هو الملاقاة مع النجاسة ولو بمقدار ذرّة منها وقد أمكن إحرازها ولو بالمجهر.
٢ـ ما إذا نظر إلى ما يحرم النظر إليه ــ كبدن غير المحارم من النساء ــ بالمنظار أو نحوه، فإنّه يحكم بكونه آثماً، لأنّ موضوع الحرمة هو النظر وقد تحقّق ولو بالآلة.
٣ـ ما إذا تجسّس على الغير بآلات التنصّت الحديثة، فإنّه يكون مرتكباً للحرام، لصدق التجسّس الذي هو موضوع الحكم بالحرمة ولا خصوصية للتنصّت بلا واسطة.
٤ـ ما إذا مات زوج الحامل وأريد تقسيم تركته على سائر الورثة بعد عزل مقدار نصيب الحمل، فإن استعين بالسونار ــ مثلاً ــ للتعرّف على حاله من أنّه واحد أو متعدّد ذكر أو أنثى أخذ بمقتضاه، لأنّ موضوع الحكم بوجوب عزل مقدار نصيب الحمل من تركة المتوفّى قبل تقسيمها هو ما يحتمل أن يكون عليه من الوحدة والتعدّد والذكورة والأنوثة، فإن تيسّر تشخيص ذلك بالأجهزة الحديثة لزم العمل بذلك.
٥ـ ما إذا شُكّ في مولود أنّه ابن فلان أو لا، فأجري عليه فحص الحمض النووي (DNA) فكشف عن التطابق بينهما في الجينات الوراثية، فإنّه يؤخذ بمقتضاه، لأنّ موضوع الحكم ببنوّة المولود لرجلٍ هو تكوّنه من حيمنه، وهو ما أمكن إحرازه بالفحص المذكور حسب الفرض، فتترتب عليه أحكامها.
والحاصل: إنّ التفريق بين الموارد بإمكان الاستعانة في بعضها بالأجهزة الحديثة للرؤية أو الاستماع أو نحوها وعدم العبرة بها في البعض الآخر إنّما هو من حيث اختلاف الموارد فيما هو موضوع الحكم الشرعي، وليس للفقيه إلّا التقيّد بذلك حسب ما يستفيده من الأدلّة.
وفي مورد الهلال استفاد معظم الفقهاء من جعل الأهلّة مواقيت للناس ــ كما نصّت عليه الآية المباركة ــ أنّها مقياس زمني يتاح لعامّة الناس الرجوع إليه وتنظيم أمورهم المعيشية والدينية بذلك، لا أنّه مقياس لا يتسنّى إلّا للبعض منهم خاصّةً بحيث لا يستفيد منه الآخرون إلّا بالرجوع إلى ذلك البعض الذي يملك الآلة المقرّبة لرؤية الهلال.
وبذلك يُعرف أنّه لو كان العلماء قد توصّلوا إلى صنع التلسكوبات في عصر المعصومين لما كانوا (عليهم السلام) يأخذون برؤية الهلال بها، ليس استنكافاً عن الاستعانة بالأجهزة الحديثة، بل لأنّ الهلال الذي لا يكون ظاهراً لعامّة الناس لم يجعل ميقاتاً لهم.
وبهذه القرينة يتعيّن أن تكون الرؤية المذكورة في نصوص الصيام والإفطار طريقاً إلى ظهور الهلال في الأفق المحلّي بحيث يكون قابلاً للرؤية بالعين المجرّدة لعامّة الناس، ولا إطلاق لها لتشمل الرؤية بالأدوات المقرّبة.
مضافاً إلى أنّه لو بني على كون المناط في دخول الشهر بظهور الهلال في الأفق بنحو قابل للرؤية ولو بأقوى التلسكوبات والأدوات المقرّبة لاقتضى ذلك أنّ صيام النبي (صلّى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) وفطرهم وحجّهم وسائر أعمالهم التي لها أيّام خاصّة من الشهور لم تكن تقع في كثير من الحالات في أيّامها الحقيقية، لوضوح أنّهم (عليهم السلام) كانوا يعتمدون على الرؤية المتعارفة في تعيين بدايات الأشهر الهلالية، مع أنّهم ــ وكذلك كثير من أهل النباهة في عصرهم ــ كانوا على علمٍ بأنّه قلّما يُرى الهلال بالعين المجرّدة واضحاً ومرتفعاً في ليلة إلّا ويكون في الليلة السابقة عليها قابلاً للرؤية بأداة مقرّبة قويّة لو كانت متوفّرة، فلماذا لم يعهد منهم ولا من غيرهم التعويل على ذلك في عدّ الهلال لليلتين عندما يرى لأوّل مرّة واضحاً ومرتفعاً؟!
رؤية الهلال
فنقول: إنّ القرآن الكريم قد دلّ على أنّ أهلّة الشهور إنّما جعلت مواقيت يعتمد عليها الناس في أمور دينهم ودنياهم، قال تعالى: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ) وما يصلح أن يكون ميقاتاً لعامّة الناس هو الهلال الذي يظهر على الأفق المحلّي بنحو قابل للرؤية بالعين المجرّدة، وأمّا ما لا يرى إلّا بالأدوات المقرّبة فهو لا يصلح أن يكون ميقاتاً للناس عامّةً.
وبعبارة أخرى: حكم الهلال في الليلة الأولى والليالي اللاحقة من الشهر حكم عقارب الساعة، فكما أنّ عقاربها تحكي بحركتها الدوريّة عن أوقات الليل والنهار كذلك القمر بأوضاعه المختلفة ـ حيث يزداد جزؤه المضيء ليلة بعد أخرى ثمّ يبدأ بالتناقص حتّى يدخل في المحاق ـ تحكي عن عدد الليالي في الشهر القمري، ومعنى جعل الأهلّة مواقيت للناس هو أنّ ظهورها بمراحلها المختلفة بمثابة عدّاد سماوي مشهود لعامّة الناس يمكنهم الرجوع إليه لمعرفة أيّام الشهر القمري لتنظيم شؤون دينهم ودنياهم، وهذا يقتضي أن تكون العبرة في رؤيته بما يتيسّر التأكّد منه لعامّة الناس لا لخصوص من يمتلك جهازاً صناعيّاً يكشف عن وجود الهلال في الأفق في الوقت الذي لا يتيسّر التحقّق من ذلك لغيره، فإنّ هذا لا ينسجم مع كون الأهلّة مواقيت للناس عامّة.
ومن هنا يُعلم أنّ عدم الأخذ بالرؤية بالتلسكوب ونحوه في إثبات الهلال ليس من جهة الإحجام عن الاستعانة بالأجهزة الحديثة في تشخيص موضوع الحكم الشرعي، بل من جهة أنّ ما جُعل موضوعاً له إنّما هو من قبيل ما يعتبر أن يكون قابلاً للتحقّق من وجوده لعامّة الناس ممّن يملك عيناً سليمة حتّى أهل الأرياف وسكنة البراري والجبال ممّن لا طريق لهم للتحقّق من ظهور الهلال في الأفق إلّا أعينهم.
ونظير المقام ـ من وجهٍ ـ أنّ من موجبات الجنابة هو خروج السائل المنوي من الرجل، وعندما تجرى له عملية استئصال غدّة البروستات يؤدّي ذلك عند المقاربة ـ كما يقول أهل الاختصاص ـ إلى رجوع المني إلى المثانة وخروجه مستهلكاً في البول، فإذا أخذت عيّنة من بوله واكتشف في المختبر بالمجهر اشتمالها على بعض الحيوانات المنويّة لم يحكم على صاحبها بوجوب الغُسل، لأنّ ما يوجبه هو خروج المني وهو ما لم يحصل، وأمّا إحراز وجود حيوانات منويّة فيما يخرج من البول بالأجهزة الحديثة فهو ممّا لا أثر له، لعدم تحقّق موضوع وجوب الغُسل بذلك.
ونظيره أيضاً ما إذا خرج من وطنه وابتعد عنه بحيث لا يراه من يسكن فيه إلّا بالمنظار ونحوه، أو لا يسمع هو صوت الأذان المرفوع فيه إلّا ببعض الآلات المعدّة لالتقاط الأصوات من الأمكنة البعيدة، فإنّه لا يتأخّر وصوله إلى حدّ الترخّص بهذا المقدار بل يصل إليه إذا لم يكن يراه أهل بلده بالعين المجرّدة ــ وعلى رأيٍ إذا لم يكن يسمع الأذان المرفوع فيه بأذُنه المتعارفة ــ لأنّ ما هو موضوع الحكم بوجوب التقصير في الصلاة والترخيص في الإفطار في شهر رمضان هو الابتعاد عن الوطن بهذا المقدار وليس عدم الرؤية أو عدم السماع بعنوانهما.
وهكذا أيضاً ما إذا نظّف السمكة ممّا فيها من الدم ــ وهو ما يحرم أكله وإن كان طاهراً ــ ولكن لاحظ بالمجهر بقاء جزيئات صغيرة جدّاً من الدم فيها بحيث لا ترى بالعين المجرّدة، فإنّه لا يضرّ ذلك بجواز أكلها، لأنّ موضوع حرمة الأكل هو ما يعدّ دماً بالنظر العرفي، وتلك الجزيئات لا تعدّ كذلك.
فهذه الموارد تختلف عن موارد أخرى يمكن أن يكون للأجهزة الحديثة دور في تحقّق موضوع الحكم الشرعي أو إحراز تحقّقه، ومن أمثلته:
١ـ ما إذا شكّ في وقوع شيء من النجاسة في كأس من الماء، فنظر بعينه المجرّدة فلم يجد شيئاً ثمّ نظر بالمجهر فوجد فيه ذرّة من النجاسة لا تُرى بالعين المجرّدة، فإنّه يحكم فيه بتنجّس الماء، لأنّ موضوع الحكم بالتنجّس هو الملاقاة مع النجاسة ولو بمقدار ذرّة منها وقد أمكن إحرازها ولو بالمجهر.
٢ـ ما إذا نظر إلى ما يحرم النظر إليه ــ كبدن غير المحارم من النساء ــ بالمنظار أو نحوه، فإنّه يحكم بكونه آثماً، لأنّ موضوع الحرمة هو النظر وقد تحقّق ولو بالآلة.
٣ـ ما إذا تجسّس على الغير بآلات التنصّت الحديثة، فإنّه يكون مرتكباً للحرام، لصدق التجسّس الذي هو موضوع الحكم بالحرمة ولا خصوصية للتنصّت بلا واسطة.
٤ـ ما إذا مات زوج الحامل وأريد تقسيم تركته على سائر الورثة بعد عزل مقدار نصيب الحمل، فإن استعين بالسونار ــ مثلاً ــ للتعرّف على حاله من أنّه واحد أو متعدّد ذكر أو أنثى أخذ بمقتضاه، لأنّ موضوع الحكم بوجوب عزل مقدار نصيب الحمل من تركة المتوفّى قبل تقسيمها هو ما يحتمل أن يكون عليه من الوحدة والتعدّد والذكورة والأنوثة، فإن تيسّر تشخيص ذلك بالأجهزة الحديثة لزم العمل بذلك.
٥ـ ما إذا شُكّ في مولود أنّه ابن فلان أو لا، فأجري عليه فحص الحمض النووي (DNA) فكشف عن التطابق بينهما في الجينات الوراثية، فإنّه يؤخذ بمقتضاه، لأنّ موضوع الحكم ببنوّة المولود لرجلٍ هو تكوّنه من حيمنه، وهو ما أمكن إحرازه بالفحص المذكور حسب الفرض، فتترتب عليه أحكامها.
والحاصل: إنّ التفريق بين الموارد بإمكان الاستعانة في بعضها بالأجهزة الحديثة للرؤية أو الاستماع أو نحوها وعدم العبرة بها في البعض الآخر إنّما هو من حيث اختلاف الموارد فيما هو موضوع الحكم الشرعي، وليس للفقيه إلّا التقيّد بذلك حسب ما يستفيده من الأدلّة.
وفي مورد الهلال استفاد معظم الفقهاء من جعل الأهلّة مواقيت للناس ــ كما نصّت عليه الآية المباركة ــ أنّها مقياس زمني يتاح لعامّة الناس الرجوع إليه وتنظيم أمورهم المعيشية والدينية بذلك، لا أنّه مقياس لا يتسنّى إلّا للبعض منهم خاصّةً بحيث لا يستفيد منه الآخرون إلّا بالرجوع إلى ذلك البعض الذي يملك الآلة المقرّبة لرؤية الهلال.
وبذلك يُعرف أنّه لو كان العلماء قد توصّلوا إلى صنع التلسكوبات في عصر المعصومين لما كانوا (عليهم السلام) يأخذون برؤية الهلال بها، ليس استنكافاً عن الاستعانة بالأجهزة الحديثة، بل لأنّ الهلال الذي لا يكون ظاهراً لعامّة الناس لم يجعل ميقاتاً لهم.
وبهذه القرينة يتعيّن أن تكون الرؤية المذكورة في نصوص الصيام والإفطار طريقاً إلى ظهور الهلال في الأفق المحلّي بحيث يكون قابلاً للرؤية بالعين المجرّدة لعامّة الناس، ولا إطلاق لها لتشمل الرؤية بالأدوات المقرّبة.
مضافاً إلى أنّه لو بني على كون المناط في دخول الشهر بظهور الهلال في الأفق بنحو قابل للرؤية ولو بأقوى التلسكوبات والأدوات المقرّبة لاقتضى ذلك أنّ صيام النبي (صلّى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) وفطرهم وحجّهم وسائر أعمالهم التي لها أيّام خاصّة من الشهور لم تكن تقع في كثير من الحالات في أيّامها الحقيقية، لوضوح أنّهم (عليهم السلام) كانوا يعتمدون على الرؤية المتعارفة في تعيين بدايات الأشهر الهلالية، مع أنّهم ــ وكذلك كثير من أهل النباهة في عصرهم ــ كانوا على علمٍ بأنّه قلّما يُرى الهلال بالعين المجرّدة واضحاً ومرتفعاً في ليلة إلّا ويكون في الليلة السابقة عليها قابلاً للرؤية بأداة مقرّبة قويّة لو كانت متوفّرة، فلماذا لم يعهد منهم ولا من غيرهم التعويل على ذلك في عدّ الهلال لليلتين عندما يرى لأوّل مرّة واضحاً ومرتفعاً؟!
١٤٧
السؤال: قد يقال: إنّ في زمن النبي (صلّى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) كانت قوّة البصر أقوى بمراحل من هذا الزمن وكان صفاء السماء وقلّة التلوّث يسمحان بالرؤية بالعين المجرّدة، أمّا في زماننا هذا فليس الأمر كذلك، فلماذا لا يتمّ البناء على كفاية الرؤية بالأدوات المقرّبة؟
الجواب: لا دليل على أنّ العيون كانت فيما مضى أقوى بمراحل، بل في زماننا هذا يمكن استخدام النظارة الطبية لمن يعاني من قصر النظر حيث لا يرى الأشياء البعيدة بوضوح، ولم يكن هذا متاحاً في الأزمنة السابقة.
وأمّا التلوّث البيئي فيختلف مستواه من منطقة إلى أخرى، فإذا تأكّد المكلّف في مكان معيّن أنّ المانع من رؤية الهلال بالعين المجرّدة الاعتيادية هو وجود الملوّثات الجوّية في ذلك المكان فلا بأس بالبناء على دخول الشهر الجديد فيه، وأمّا جعل ذلك ذريعةً للاعتماد على التلسكوب والمناظير بصورة عامّة ــ وهي التي تفوق إمكانيتها لرؤية الأشياء البعيدة عشرات المرّات ما يتسبّب فيه التلوّث الجوّي من حاجب عن الرؤية البصرية غير المسلّحة ــ فهو ممّا لا مجال له.
رؤية الهلال
وأمّا التلوّث البيئي فيختلف مستواه من منطقة إلى أخرى، فإذا تأكّد المكلّف في مكان معيّن أنّ المانع من رؤية الهلال بالعين المجرّدة الاعتيادية هو وجود الملوّثات الجوّية في ذلك المكان فلا بأس بالبناء على دخول الشهر الجديد فيه، وأمّا جعل ذلك ذريعةً للاعتماد على التلسكوب والمناظير بصورة عامّة ــ وهي التي تفوق إمكانيتها لرؤية الأشياء البعيدة عشرات المرّات ما يتسبّب فيه التلوّث الجوّي من حاجب عن الرؤية البصرية غير المسلّحة ــ فهو ممّا لا مجال له.
١٤٨
السؤال: هل يجوز تغيير جنس الإنسان من رجل إلى أنثى ؟
لإدلاء سؤال جديد اضغط هنا
الجواب: إذا كان المقصود من تغيير الذكر إلى أنثى إجراء عملية جراحية لقطع القضيب والأنثيين وإيجاد فتحتين إحداهما لمجرى البول والأخرى لممارسة الجنس، وإعطاء الشخص جرعات من الهرمونات الأنثوية التي تؤثر في ظهوره بمظهر الأنثى في بروز الثديين وعدم نبات شعر اللحية ونحو ذلك، والمقصود من تغيير الأنثى إلى ذكر أن يزرع لها قضيب صناعي وتعطى جرعات من الهرمونات الذكورية لتظهر بمظهر الرجال في عدم بروز الثديين ونبات اللحية ونحو ذلك، فهذا كله مما لا أثر له، ولا تتحول الأنثى إلى ذكر ولا الذكر إلى الأنثى بشيء من ذلك، مضافاً إلى ما تستلزمه العمليات المذكورة من النظر إلى العورة ولمسها من دون مسوغ شرعي. وأما إذا كان المقصود بتحويل الذكر إلى أنثى وبالعكس التحويل بحسب الأجهزة التناسلية الداخلية والخارجية التي هي المناط في تمييز أحد الجنسين عن الآخر فالظاهر عدم تحققه إلى زماننا هذا، والذي يتحقق هو الأمر الأول عادة. نعم، ربما تجري بعض العمليات الجراحية لمن يكون له تشوه جسدي في جهازه التناسلي، كأن يتوهم أنه أنثى لعدم ظهور قضيبه وخصيتيه، فيتبين بعد الكشف الطبي أنه لا يملك الجهاز الأنثوي الداخلي بل يملك قضيباً وخصيتين مضمرتين ـ مثلاً ـ فيقوم الطبيب بإجراء عملية جراحية لإظهارهما أو يكون له شبه القضيب والخصيتين فيتوهم أنه ذكر وبعد الفحص الطبي يتبين أنه يمتلك الجهاز التناسلي الأنثوي من المبيض والرحم، فيقوم الطبيب بقطع اللحمة الزائدة وإزالة ما يشبه القضيب ـ مثلاً ـ وهذا لا مانع منه في حدّ ذاته وليس ذلك تغييراً للذكر إلى أنثى أو بالعكس حقيقة، إلا أن ارتفاع الحرمة عن مقدماته ومقارناته فمنوط بحصول أحد العناوين الثانوية كالاضطرار والحرج الذي لا يتحمل عادةً. هذا وأما من يعاني من اضطراب نفسي في هويته الجنسية (مثل من يكون ذكراً في الواقع ويستشعر الانثوية أو بالعكس) من غير ان يكون هناك أي تشوه جسدي في الاعضاء التناسلية كالذي يكون ذكراً بحسب جسده ولكنه يستشعر الانوثة فلا يجوز له بتاتاً ان يقوم بتغيير مظهره الجنسي الخارجي إلى مظهر الجنس الآخر، كما لا يترتب على هذا التغيير لو وقع أي اثر شرعي، فيبقى الرجل على احكامه الشرعية الخاصة بجنسه والمرأة على احكامها. نعم يُمكنه مراجعة أهل الخبرة والتخصص لمعالجة الاضطراب النفسي وانحراف المشاعر لديه لتكون منسجمة مع هويته الجنسية الواقعية، وأن يتعامل معه كما يتعامل مع سائر الأمراض النفسية
تغيير الجنسيّة